القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
أثر الوظيفة المحجوزة على مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة
المؤلف:
علي مالك كامل الفتلاوي
المصدر:
التنظيم القانوني للوظيفة المحجوزة في القانون العراقي
الجزء والصفحة:
ص96-99
2025-02-15
247
مبدأ المساواة في تولي الوظيفة العامة يمثل الإطار الذي يحكم نظام الخدمة المدنية ويضمن فاعلية كافة الأنظمة الفرعية التي تدخل ضمنه، إذ يعد هذا المبدأ حجر الزاوية في تنظيم كافة الحقوق والحريات العامة فهو يمثل روح الديمقراطية وبغيره ينتفي أي معنى لها وينهار كل مدلول للحق والحرية(1).
بصفة عامة فأن مبدأ المساواة يعني تساوي الأفراد أمام القانون والمرافق العامة وفي شغل الوظيفة العامة أو بالأحرى في الحصول على فرصة عمل تمهيدًا للحصول على العيش الكريم، بمعنى على السلطة العامة أن تتعامل مع جميع الأفراد على قدم المساواة في إمكانية شغلهم للوظيفة العامة بغض النظر عن أي تمييز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو الدين أو اللغة أو المركز الاجتماعي في اكتساب الحقوق وممارستها وتحمل الالتزامات وأدائها (2)، وتعني أيضا عدم التمييز بين أبناء الدولة الواحدة عند تطبيق أحكام القانون عليهم، وتتحقق المساواة أمام القانون حينما تكون قواعد القانون قواعد عامة مجردة، ومن ثم الغاء جميع الفوارق التي من شأنها التمييز بينهم؛ لكون أن القاعدة القانونية التي تطبق عليهم هي قاعدة واحدة وستكون المعاملة القانونية بينهم واحدة سيما إذا كانوا في أوضاع متشابهة(3).
المساواة في تولي الوظائف العامة تعني أن لكل فرد من مواطني الدولة الحق في أن تتاح له الفرصة مع الأغيار لتولي الوظيفة العامة على قدم المساواة مع الآخرين من المواطنين دون التفرقة أو التمييز بينهم في تولي الوظائف العامة، إلا لأسباب تتعلق بالجدارة والكفاءة والقدرة على توليها والقيام بأعبائها (4).
يمكن للباحث تعريف المساواة في تولي الوظائف العامة هو : (ضمانة من شأنها أن تجعل المرشحين لتولي الوظيفة العامة في مركز قانوني متماثل من حيث العلاقة بالسلطة المختصة بالتعيين فتتم المفاضلة بينهم بحسب مؤهلاتهم وقدراتهم وخبراتهم ).
فرنسا تُعدّ من أوائل الدول في العالم التي تبنت مبدأ المساواة في تولي الوظائف العامة، وقد ورد ذلك في إعلان حقوق الأنسان والمواطن الفرنسي والصادر عام (1789) بأنه:" يولد البشر أحراراً ومتساوين في الحقوق ويبقون كذلك، والاختلافات الاجتماعية لا يمكن ان تقوم إلا على اساس المنفعة العامة (5) ، ونص الدستور الفرنسي (1958) بأنه: "فرنسا جمهورية لا تتجزأ علمانية، ديمقراطية اجتماعية، وهي تضمن المساواة أمام القانون لجميع المواطنين دون تمييز بسبب الأصل أو الجنس أو الدين (6) ، وتلك المساواة هي مساواة قانونية عامة تشمل التساوي في كافة الحقوق والتي من بينها المساواة في الشغل الوظيفة العامة.
كما وقد تضمن دستور مصر الحالي هذا المبدأ والذي عده مقوما لسيادة الشعب الذي يمارس على أساس مبدأ المساواة، إذ نصت المادة (4) " السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها، وهو السلطات مصدر ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين في الدستور (7)"
وجدير بالذكر فقد استقرت المحكمة الإدارية العليا في مصر على أن مبدا المساواة يعني أن يكفل القانون عدم التمييز بين أصحاب المراكز المتماثلة في الحقوق وأن تكفل جهة الإدارة عند أدائها لواجبتها ومباشرتها لاختصاصاتها عدم إجراء أي تمييز بينهم وإلا كان قرارها الذي يكرس هذا التمييز مشوبا بمخالفة جسيمة تجعله منعدما لمخالفته لمبدأ من المبادئ الأساسية الحاكمة للنظام العام الدستوري والإداري(8).
كما أن المشرع الفلسطيني تميز بتخصيص مواد قانونية لحماية مبدأ المساواة إذ نص على :" الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا تمييز بسبب العرق أو الجنس، أو اللون، أو الدين، أو الرأي السياسي، أو الإعاقة (9)، فالمساواة هذه تقتضي الالتزام بالمساواة بين المواطنين كافة في شغل الوظائف العامة، وبذلك التعيين في الوظيفة العامة لا يُعدّ امتيازا لطبقة معينة أو لفئة
من الناس، بل يتمتع بشغلها كل مواطن تتوافر فيه الشروط المقررة لشغل هذه الوظائف(10). أيضا أن دستور جمهورية العراق النافذ هو الآخر قد نص على مبدأ المساواة، إذ عده من المبادئ السامية، ويقصد به أن الأفراد أمام القانون سواء دوان تمييز؛ بسبب الأصل أو الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاجتماعي أو الاقتصادي، ويشمل أيضا المساواة في تنولي الوظائف العامة (11)، كما وقد أرسى المشرع العراقي قواعد من شأنها أن تصون مبدأ المساواة في تولي الوظيفة العامة من خلال إقامة جهة خاصة (12) تتولى مهمة اختيار المتقدمين لشغل تلك الوظائف من خلال وضع قواعد عامة تضمن اختيار الأكفأ من المتقدمين، بعيدًا عن أي تمييز، وأيضًا من خلال وضع شروط موضوعية عامة تتسم بالتجرد، وأيضا هذا ما أخذت به التشريعات محل المقارنة.
يتضح مما تقدم من نصوص الدساتير الوارد ذكرها بأنها تؤكد أن مبدأ المساواة بين أبناء الدولة الواحدة في تولي الوظيفة العامة مبدأ دستوريًا يجب احترامه من كافة السلطات في الدولة؛ لذا يُعد من المبادئ العليا التي ينبغي الالتزام بها ويترتب على مراعاتها في مجال تولي الوظيفة العامة مجانبة كل ما يتعارض وهذا المبدأ، ومن ثم ينبغي على الإدارة فسح المجال لكل المواطنين وفق ضوابط معينة بالتقدم لشغل الوظائف العامة.
لما كان التعيين في الوظيفة المحجوزة، يعني قيام المشرع بحجز بعض الوظائف لبعض الفئات التي يحددها؛ لا يمكن عد هذا الإجراء تمييزا من قبل المشرع لتلك الفئات على حساب الفئات الأخرى وأن كان يوجد ما ذلك يبرر ومن ثم يترتب عليه إخلالاً واضحًا بمبدأ المساواة؛ كونه يجانب ما يحقق ذلك المبدأ، إذ إن المشرع في لجوئه إلى هذا الأسلوب من التوظيف لا يخرق ذلك المبدأ إلا إذا تعددت حالات اللجوء لذلك، وهذا ما يوسع النطاق الوظيفي والشخصي لهذا الأسلوب، وشمول فئات جديدة في كل مرة يلجأ بها المشرع إلى ذلك الأسلوب، وكذلك دخول وظائف جديدة، وقد تكون من الوظائف العليا ضمن ذلك، ولهذا يمكن عد ذلك محاباة من قبل المشرع كون أن الوظائف محل الحجز هي قد أخذت من مجموع الوظائف العامة الشاغرة التي للجميع الحق في التقدم لها، وما ينقص عدد تلك الوظائف ويؤثر على مبدأ المساواة بين جميع أبناء الدولة الواحدة، حتى وأن عد من ضمن الاستثناءات التي وردت في دستور جمهورية العراق الدائم لعام (2005) والدساتير محل المقارنة على المبدأ المساواة .
تستنتج مما تقدم، بأن هذا التنظيم يعد خروج من الأصل العام في المساواة لتقلد الوظائف ومهما كانت مبرراته وإن كانت مقبولة ولها قيمتها ونحن نكن لها كل الاحترام والتقدير ونكون أول من ينادي بضرورة ضمان حياة كريمة وسعيدة لهذه الفئات، ولكن يظل الخروج عن الاصل العام في المساواة استثناء منه وخروجًا عليه، ولا يمكن لتلك الاعتبارات والمبررات أن تحول هذا الاستثناء إلى قاعدة عام.
____________
1- د. شحاتة أبو زيد شحاتة، مبدأ المساواة في الدساتير العربية دار النهضة العربية، القاهرة 2001، ص32.
2- د. اشرف محمد انس التنظيم الدستوري للوظيفة العامة، دراسة مقارنة دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، 2011 ، ص47.
3- د. شحاتة أبو زيد شحاتة، المصدر نفسه، ص32.
4- د. أشرف محمد أنس ،جعفر التنظيم القانوني للوظيفة العامة، مصدر سابق، ص72.
5- المادة الأولى في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن الفرنسي الصادر عام 1789.
6- المادة (2) من الدستوري الفرنسي لعام 1958.
7- تنظر المادة (4) من دستور جمهورية مصر العربية لعام (2014) والمعدل عام (2019).
8- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر رقم (1290) ق لسنة 1991 اشار إليه د . أشرف محمد انس جعفر، التنظيم القانوني للوظيفة العامة، مصدر سابق ، ص47.
9- المادة (9) من القانون الاساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003.
10- أنور أحمد رسلان الرقابة الإدارية على تقارير كفاية الموظف العام دراسة مقارنة، بحث منشور، مجلة الأمن والقانون كلية شروط دبي، سنة 3، عدد 1 يناير، 1995، ص 166.
11- تنظر المادتين (14 و 16 ) من دستور جمهورية العراق لعام (2005).
12- تنظر المادة (9) ثانيًا، من قانون مجلس الخدمة الاتحادي رقم (4) لسنة 2009.