المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

السيد عز الدين أبو عبد الله حسين بن السيد حيدر بن علي بن قمر الحسيني
8-6-2017
Penetration and shielding
11-2-2016
تعريف اكمال نطاق العقد
5-5-2016
النواحي القانونية والمسؤولية
1-7-2016
السمع في اللغة والاصطلاح
2024-03-21
يوسف بن أبي بكر بن محمد
21-08-2015


زهده في الدنيا  
  
3657   04:22 مساءاً   التاريخ: 30-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص92-93.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016 3657
التاريخ: 30-3-2016 3975
التاريخ: 11-04-2015 3373
التاريخ: 11-04-2015 3958

ظاهرة أخرى من نزعات الإمام النفسية و هي الزهد في الدنيا و عدم الاعتناء بأي مبهج من مباهجها لقد اعتصم الإمام بالزهد و الاعراض الكامل عن الدنيا فلم تفتنه و لم تخدعه فقد عرف واقعها و حقيقتها و علم أن الإنسان مهما تقلب في الطيبات و المناعم لا بد أن يتحول عن هذه الحياة و لا يجد بين يديه إلا ما عمل من خير و قد شاع في عصره أنه من أزهد الناس و قد سئل الزهري عن أزهد الناس فقال : علي بن الحسين‏ و قد رأى (عليه السلام) سائلا يبكي فتأثر منه و راح يقول : لو أنّ الدنيا كانت في كف هذا ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكى عليها ؛ إن زهد الإمام لم يكن استكانة للفقر أو استسلاما للعجز أو قناعة بغير عمل و إنما كان قائما على التقوى و الورع عن محارم اللّه و الاحتياط الشديد في أمور الدين شأنه في ذلك شأن جده و أبيه اللذين طلقا الدنيا و لم يحفلا بأي شأن من شئونها سوى ما يتصل بالحق و تأييد الفضيلة.

و نظرا لزهد الإمام (عليه السلام) و إعراضه الكامل عن الدنيا فقد عده الصوفيون من أعلامهم و ترجموا له ترجمة وافية و جعله الكلاباذي ممن نطق بعلومهم و نشر مقاماتهم و وصف احوالهم قولا و فعلا بعد الصحابة و هذا الرأي فيما اعتقد ليس موضوعيا و إنما هو سطحي للغاية فإن منهج الصوفيين رفض الحياة الدنيا رفضا كاملا و العيش في ظلمات الكهوف و لبس أخشن الثياب و أكل الجشب من الطعام و غير ذلك من الأمور التي‏ لم تتفق مع واقع الدين الذي لم يقنن أي حكم فيه حرجا أو ضيقا على الناس لقد كانت الحياة التي عاشها الإمام زين العابدين (عليه السلام) تتجافى مع التصوف فقد كان يلبس افخر الثياب و يقول الرواة : أنه كان يلبس جبة خز و مطرف‏ خز و عمامة خز و فند بعض الباحثين عن التصوف الرأي القائل أنه من الصوفية يقول : فزهد علي بن الحسين نفسي و عقلي باطني و ذلك اجدى من الزهد القائم على الجوع و لبس الصوف لأن الأول يمليه الادراك و تقيمه الفطرة العميقة إلى الحياة أما اللباس ففيه تظاهر .

إن سيرة أئمة أهل البيت (عليهم السلام) صريحة واضحة في رفض المناهج الصوفية يقول المؤرخون: ان الإمام الرضا (عليه السلام)  لما بويع بولاية العهد قال له بعض الصوفية : إن الإمامة تحتاج إلى من يأكل الجشب و يلبس الخشن و كان الإمام متكئا فاستوى جالسا فرد عليه هذا المقال الرخيص قائلا له: كان يوسف بن يعقوب نبيا فلبس أقبية الديباج المزررة بالذهب و القباطي المنسوجة بالذهب و إنما يراد من الإمام قسط و عدل إن اللّه لم يحرم ملبوسا و لا مطعما و تلا قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] .

إن هذه السيرة الندية لا تلتقي بأي حال مع التصوف الذي لا يحمل أي طابع اسلامي.

و من الصفات التي طبع عليها كراهته للهو فقد كان يبغض الحياة التافهة و يمجها و لا يميل إليها فلم ير في جميع فترات حياته لاهيا و لا ضاحكا و قد قال (عليه السلام) : من ضحك ضحكة مجّ من العلم مجة و كان في يثرب رجل بطال يضحك منه الناس فقال: قد اعياني هذا الرجل- يعني الإمام زين العابدين- ان اضحكه و اجتاز عليه الإمام و خلفه موليان له فبادر الرجل فانتزع الرداء منه و ولى هاربا فلم يلتفت له الإمام و سارع من كان مع الإمام فأخذوا الرداء منه و طرحوه عليه فقال (عليه السلام)  لهم: من هذا؟ فقالوا: إنه بطال يضحك أهل المدينة منه فقال (عليه السلام)  قولوا له: ان للّه يوما يخسر فيه المبطلون‏ .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.