المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



امتناع مسلم من اغتيال ابن زياد  
  
3702   04:39 مساءاً   التاريخ: 28-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج2, ص362-367.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

ذهب معظم المؤرّخين إلى أنّ شريك بن الأعور مرض مرضاً شديداً في بيت هانئ بن عروة أو في بيته  فانتهى خبره إلى ابن زياد فأرسل إليه رسولاً يعلمه أنّه آت لعيادته فاغتنم شريك هذه الفرصة فقال لمسلم : إنّما غايتك وغاية شيعتك هلاك هذا الطاغية وقد أمكنك الله منه وهو صائر إليّ ليعودني فقم فادخل الخزانة حتّى إذا أطمأنّ عندي فاخرج إليه فاقتله ثمّ صر إلى قصر الإمارة فاجلس فيه ؛ فإنّه لا ينازعك فيه أحد مِن الناس وإنْ رزقني الله العافية صرت إلى البصرة فكفيتك أمرها وبايع لك أهلها ؛ وكره هانئ أنْ يُقتل ابن زياد في داره ؛ تمسّكاً بالعادات العربية التي لا تبيح قتل الضيف والقاصد إليها في بيوتها  فقال له : ما أحبّ أنْ يُقتل في داري.

فقال له شريك : ولِمَ؟! فوالله إنّ قتله لقربان إلى الله , ولم يعنَ شريك بهانئ والتفت إلى مسلم يحثّه على اغتيال ابن زياد قائلاً له : لا تقصّر في ذلك , وبينما هم في الحديث وإذا بالضجّة على الباب فقد أقبل ابن مرجانة مع حاشيته فقام مسلم ودخل الخزانة مختفياً بها ودخل ابن زياد فجعل يسأل شريكاً عن مرضه وشريك يجيبه ولمّا استبطأ شريك خروج مسلم جعل يقول :

ما الانتظارُ بسلمى أنْ تحيّوها       حيّوا سُليمى وحيّوا مَنْ يُحيّها

كأس المنيّةِ بالتعجيل فاسقوها

ورفع صوته ليُسمعَ مسلماً قائلاً : لله أبوك! أسقنيها وإنْ كانت فيها نفسي .

وغفل ابن زياد عن مراده وظنّ أنّه يهجر فقال لهانئ : أيهجر؟

ـ نعم أصلح الله الأمير لمْ يزل هكذا منذ أصبح .

وفطن مهران مولى ابن زياد وكان ذكيّاً إلى ما دُبّرَ لسيّده فغمزه ونهض به سريعاً فقال له شريك : أيّها الأمير إنّي اُريد أنْ اُوصي إليك , فقال له ابن زياد : إنّي أعود إليك.

والتفت مهران وهو مذعور إلى ابن زياد فقال له : إنّه أراد قتلك , فبهر ابن زياد وقال : كيف مع إكرامي له؟! وفي بيت هانئ ويد أبي عنده! ولمّا ولّى الطاغية خرج مسلم مِن الحجرة فالتفت إليه شريك وقلبه يذوب أسىً وحسراتٍ قال له : ما منعك مِنْ قتله؟! .

فقال مسلم : منعني منه خلّتان : إحداهما كراهية هانئ لقتله في ما تنظرون بسلمى عند فرصتِها

فقد ونى ودّها واستوسقَ الصّرمُ منزله والاُخرى : قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الإيمان قيد الفتك ؛ لا يفتك مؤمن.

فقال له شريك : أما والله لو قتلته لاستقام لك أمرك واستوسق لك سلطانك  ؛ ولم يلبث شريك بعد الحادثة إلاّ ثلاثة أيّام حتّى توفي فصلّى عليه ابن زياد ودفنه بالثوية , ولمّا تبين له ما دبّره له شريك طفق يقول : والله لا أصلّي على جنازة عراقي ولولا أنْ قبر زياد فيهم لنبشت شريكاً .

يتساءل الكثيرون مِنْ الناس عن موقف مسلم فيلقون عليه اللوم والتقريع ويحمّلونه مسؤولية ما وقع مِن الأحداث ؛ فلو اغتال الطاغية لأنقذ المسلمين مِنْ شرٍّ عظيمٍ وما مُنِيَ المسلمون بتلك الأزمات الموجعة التي أغرقتهم في المحن والخطوب , أمّا هذا النقد فليس موضوعيّاً ولا يحمل أي طابع مِن التوازن والتحقيق ؛ وذلك لعدم التقائه بسيرة مسلم ولا بواقع شخصيته فقد كان الرجل فذّاً مِنْ أفذاذ الإسلام في ورعه وتقواه وتحرّجه في الدين فقد تربى في بيت عمّه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وحمل اتّجاهاته الفكرية واتّخذ سيرته المشرقة منهاجاً يسير على أضوائه في حياته , وقد بنى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) واقع حياته على الحقّ المحض الذي لا التواء فيه وتحرّج كأعظم ما يكون التحرّج في سلوكه , فلمْ يرتكب أيّ شيء شذّ عن هدي الإسلام وواقعه وهو القائل : قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونها حاجز مِنْ تقوى الله , وعلى ضوء هذه السيرة بنى ابن عقيل حياته الفكرية وتكاد أنْ تكون هذه السيرة هي المنهاج البارز في سلوك العلويين.

يقول الدكتور محمّد طاهر دروش : كان للهاشميين مجال يحيون فيه ولا يعرفون سواه فهم منذ جاهليتهم للرياسة الدينية قد طُبعوا على ما توحي به مِن الإيمان والصراحة والصدق والعفّة والشرف والفضيلة والترفّع والخلائق المثالية والمزايا الأديبة والشمائل الدينية والآداب النّبوية .

إنّ مسلماً لمْ يقدم على اغتيال عدوّه الماكر ؛ لأنّ الإيمان قيد الفتك ؛ لا يفتك مؤمن , وعلّق هبة الدين على هذه الكلمة بقوله : كلمة كبيرة المغزى بعيدة المدى ؛ فإنّ آل علي مِنْ قوّة تمسّكهم بالحقّ والصدق نبذوا الغدر والمكر حتّى لدى الضرورة واختاروا النصر الآجل بقوّة الحقّ على النصر العاجل بالخديعة , شنشنة فيهم معروفة عن أسلافهم وموروثة في أخلاقهم كأنّهم مخلوقون لإقامة حكم العدل والفضيلة في قلوب العرفاء الأصفياء وقد حفظ التاريخ لهم الكراسي في القلوب , ويقول الشيخ أحمد فهمي : فهذا عبيد الله بن زياد وهو مَنْ هو في دهائه وشدّة مراسه أمكنت مسلماً الفرصة منه إذ كان بين يديه ورأسه قريب المنال منه  وكان في استطاعته قتله ولو أنّه فعل ذلك لحرم يزيد نفساً جبّارةً ويداً فتّاكةً وقوّةً لا يُستهان بها ولكنّ مسلماً متأثر بهدي ابن عمّه عاف هذا المسلك وصان نفسه مِنْ أنْ يقتله غيلةً ومكراً , وإنّ مهمّة مسلم التي عُهِدَ بها إليه هي أخذ البيعة مِن الناس والتعرّف على مجرّبات الأحداث ولمْ يُعهد إليه بأكثر مِنْ ذلك ولو قام باغتيال الطاغية لخرج عن حدود مسؤولياته , على أنّ الحكومة التي جاء مُمثّلاً لها إنّما هي حكومة دينية تعني قبل كلّ شيء بمبادئ الدين والالتزام بتطبيق سننه وأحكامه وليس مِن الإسلام في شيء القيام بعملية الاغتيال , وقد كان أهل البيت (عليهم السّلام) يتحرّجون كأشدّ ما يكون التحرّج مِن السلوك في المنعطفات وكانوا ينعون على الاُمويِّين شذوذ أعمالهم التي لا تتّفق مع نواميس الدين , وما قام الحُسين بنهضته الكبرى إلاّ لتصحيح الأوضاع الراهنة وإعادة المنهج الإسلامي إلى الناس , وماذا يقول مسلم للأخيار والمتحرّجين في دينهم لو قام بهذه العملية التي لا يقرّها الدين؟ وعلى أيّ حالٍ فقد استمسك مسلم بفضائل دينه وشرفه مِن اغتيال ابن زياد وكان تحت قبضته , وإنّ مِنْ أهزل الأقوال وأوهنها القول بأنّ عدم فتكه به ناشئ عن ضعفه وخوره فإنّ هذا أمر لا يمكن أنْ يُصغى إليه ؛ فقد أثبت في مواقفه البطولية في الكوفة حينما غدر به أهلها ما لمْ يُشاهد التاريخ له نظيراً في جميع مراحله فقد صمد أمام ذلك الزحف الهائل مِن الجيوش فقابلها وحده ولمْ تظهر عليه أيّ بادرة مِن الخوف والوهن , فقد قام بعزم ثابت يحصد الرؤوس ويحطّم الجيوش حتّى ضجّت الكوفة مِنْ كثرة مَنْ قُتِلَ منها فكيف يتّهم بطل هاشم وفخر عدنان بالوهن والضعف؟!.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.