أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3497
التاريخ: 8-04-2015
4320
التاريخ: 8-04-2015
3650
التاريخ: 26-6-2019
5153
|
أما نتائج الحركة كلها - إذا نظرنا إليها نظرة واسعة - فهي أنجح للقضية التي كان ينصرها من مبايعة يزيد.
فقد صرع الحسين عام خروجه، ولحق به يزيد بعد ذلك بأقل من أربع سنوات.
ولم تنقضِ ست سنوات على مصرع الحسين حتى حاق الجزاء بكل رجل أصابه في كربلاء، فلم يكد يسلم منهم أحد من القتل والتنكيل مع سوء السمعة ووسواس الضمير.
ولم تعمر دولة بني أمية بعدها عمر رجل واحد مديد الأجل، فلم يتم لها بعد مصرع الحسين نَيِّفٌ وستون سنة! وكان مصرع الحسين هو الداء القاتل الذي سكن في جثمانها حتى قضى عليها، وأصبحت ثارات الحسين نداء كل دولة تفتح لها طريقًا إلى الأسماع والقلوب.
ولإصابة هذه الحركة في نتائجها الواسعة دخل في رُوع بعض المؤرخين أنها تدبيرٌ من الحسين (رضي لله عنه) ، توخَّاه منذ اللحظة الأولى وعلم موعد النصر فيه؛ فلم يخامره الشك في مقتله ذلك العام، ولا في عاقبة هذه الفعلة التي ستحيق لا محالة بقاتليه بعد أعوام.
فقال ماريين الألماني في كتابه (السياسة الاسلامية) : إن حركة الحسين في خروجه على يزيد إنما كانت عزمة قلب كبير عَزَّ عليه الإذعان وعز عليه النصر العاجل، فخرج بأهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الآجل بعد موته، ويحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة .
فإن لم يكن رأي الكاتب حقٍّا كله، فبعضه على الأقل حق لا شك فيه، ويصدق ذلك - في رأينا - على حركة الحسين بعد أن حِيل بينه وبين الذهاب لوجهه الذي يرتضيه، فآثر الموت كيفما كان ولم يجهل ما يحيق ببني أمية من جراء قتله … فهو بالغ منهم بانتصارهم عليه ما لم يكن ليبلغه بالنجاة من وقعة كربلاء.
وقد جرى ذكر الموت على لسان الحسين من خطوته الأولى، وهو يتهيأ للرحيل، ويودِّع أصحابه في الحجاز. فقال لهم : إن الموت حق على ولد آدم . ولم يخْفَ عليه أنه يركب الخطة التي لا يبالي راكبها ما يصيبه من ذلك القضاء.
لكنه لم يكن ييأس من إقناع الناس والتفافهم به منذ خطوته الأولى. ولم يعقد عزمه على ملاقاة الموت حتى ساموه الرغم، وأَبَوْا عليه أن ينصرف إلى أي منصرف قبل التسليم المبين - مسوقًا على الكره منه - إلى عبيد لله بن زياد.
وتتباين آراء المتأخرين خاصة في خروج الحسين بنسائه وأبنائه، أكان هو الأحزم والأكرم أم كان الأحزم والأكرم أن يخرج بمفرده حتى يرى ما يكون من استجابة الناس له أو إعراضهم عنه وضعفهم في تأييده.
وليس للمتأخرين أن يقضوا في مسألة كهذه بعقولهم وعاداتهم؛ لأنها مسألة يُقضى فيها بحكم العقل العربي وعاداته في أشباه هذه المواقف. وقد كان اصطحاب النساء والأبناء عادة عربية في البعوث التي يتصدَّى لها المرء متعمدًا القتال دون غيره فضلًا عن البعوث التي قد تشتبك في القتال، وقد تنتهي بسلام كبعثة الحسين.
فكان المقاتلون في وقعة ذي قار يصطحبون حلائلهم وذراريهم، ويقطعون وضن الرواحل – أي أحزمتها - قبل خوض المعركة، وكان المسلمون والمشركون معًا يصطحبون الحلائل والذراري في غزوات النبي (صلى الله عليه [واله] وسلم)، وكان مع المسلمين في حرب الروم صفوة نساء قريش وعقائل بيوتاتها، وكان النبي (صلى الله عليه [واله] وسلم) يصطحب زوجة أو أكثر من زوجة في غزواته وحروبه، وحكم الواحدة هنا حكم الكثيرات، وهي عادة عربية عريقة يقصدون بها الإشهاد على غاية العزم وصدق النية فيما هم مقبلون عليه، وفي معلقة ابن كلثوم إشارة مجملة إلى معنى هذه العادة العربية من قديم عصورها حيث يقول:
على آثارنا بيض حسان ... نحاذر أن تقسم أو تهونا
يقتن جيادنا ويقلن لستم ... بعولتنا إذا لم تمنعونا
وقد كان الحسين (رضي الله عنه) يندب الناس لجهاد يخوضونه إن قضي عليهم أن يخوضوه فلا يبالون ما يصيبهم في أنفسهم وفي أبنائهم وأموالهم؛ لأنهم يطلبون به ما هو أعز على المؤمن من النفس والولد والمال، فليس من المروءة أن يندبهم لأمر ولا يكون قدوة لهم فيه .
وكان على الحسين - وقد أزمع الخروج - أن يجمع له أقوى حجة في يديه، ويجمع على خصومه أقوى حجة تنقلب عليهم، إذا غلبوه وأخفق في مسعاته، فيكون أقوى ما يكون وهو منتصر، ويكونون أبغض ما يكونون وهو مخذول.
والمسلم الذي ينصر الحسين لنسبه الشريف أولى أن ينصره غاية نصره وهو بين أهله وعشيرته، وإلا فما هو بناصره على الإطلاق، وتنقلب الآية في حالة الخذلان، فينال المنتصر من البغضاء والنقمة على قدر انتصاره الذي يوشك أن ينقلب عليه.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|