أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-06-2015
1878
التاريخ: 29-12-2015
4712
التاريخ: 22-7-2016
2603
التاريخ: 10-04-2015
1900
|
هو أبو القاسم عبّاس بن فرناس (1) بن وردوس (ورداس) الأندلسيّ، أصل أهله من بربر تاكرنّا (إقليم رندة-من جنوبيّ الأندلس) و من موالي بني أميّة. ولد في أعقاب القرن الثاني للهجرة (أوائل القرن التاسع للميلاد) ، و قد عاش في بلاط قرطبة، في أيام الحكم الربضيّ (١٨٠-206 ه) و عبد الرحمن الأوسط و محمّد بن عبد الرحمن (٢٣٨-٢٧٣ ه) . و كان مسكنه في الربض (الضاحية) الغربيّ من قرطبة. و يقال إنّه زار العراق.
اشتهر عبّاس بن فرناس بالبراعة في فنون نظريّة و تجريبية فنسب إليه عدد من المخترعات منها صناعة الزّجاج من الحجارة، و منها المنقالة (2). و كان بارعا في الرياضيّات و الفيزياء و الكيمياء و الفلك و الموسيقى. على أنّ أشهر ما عرف به كان محاولته الطيران: فقد كسا جسمه بحرير ملصق عليه ريش كثير و جعل لنفسه منه جناحين متحرّكين ثمّ صعد إلى مكان عال و ألقى بنفسه فطار مسافة يسيرة، و لكنّه كان قد غفل عن أن يجعل لنفسه ذيلا من ريش (مثل زمك الطائر) (3) فوقع على مؤخّرته، و لكنّه نجا من الموت. و يجب أن يكون قد فعل ذلك في أوائل كهولته. و كانت وفاة عبّاس بن فرناس في نحو 274(٨٨٧ م) و قد أسنّ، قيل قد زادت سنّه على ثمانين سنة.
كان عبّاس بن فرناس فيلسوفا حاذقا فعرف بحكيم الأندلس، كما كان عالما ذا عقل مبدع. و كذلك كان من علماء النحو (4) أديبا مشهورا و شاعرا مجيدا. و فنونه المدح (مدح جميع أمراء بني أميّة الذين عاصرهم) و الهجاء، و قد هاجى مؤمن ابن سعيد (5) فأفحش كلّ واحد منهما على خصمه. و له وصف بارع. و مع إجماع الرّواة على جودة شعره و كثرته، فإنّهم لم يحفظوا لنا منه إلاّ عددا من الأبيات.
مختارات من شعره:
- في المحرّم من سنة 240(تمّوز- يوليو 854 م) ثار أهل طليطلة و استنجدوا بملك جلّيقية فجاءتهم جموع كبيرة من الإسبان. فلقيهم الأمير محمّد على وادي سليط (أحد روافد نهر تاجه جنوب طليطلة) و هزمهم هزيمة منكرة قتل فيها من الإسبان نحو عشرين ألفا. فقال عبّاس بن فرناس في ذلك (ابن عذاري ٢:١١١، راجع 94-95 و نفح الطيب 1:350في معركة وادي سليط) :
و مختلف الأصوات مؤتلف الزّحف... لهوم الفلا عبل القنابل ملتفِّ (6)
إذا أومضت فيه الصوارم خلتها ... بروقا تراءى في الجهام و تستخفي (7)
كأنّ ذرى الأعلام في ميلانه... قراقير في يمّ عجزن عن القذف (8)
و إن طحنت أرحاؤها كان قطبها... حجا ملك ندب شمائله عف (9)
سمي ختام الأنبياء محمّد... إذا وصف الأملاك جلّ عن الوصف (10)
بكى جبلا وادي سليط فأعولا... على النفر العبدان و العصبة الغلف (11)
دعاهم صريخ الحين فاجتمعوا له ... كما اجتمع الجعلان للبعر في وقف (12)
فما كان إلاّ أن رماهم ببعضها... فولّوا على أعقاب مهزولة كشف (13)
كأنّ مساعير الموالي عليهم ... شواهين جادت للغرانيق بالنّسف (14)
بنفسي تنانين الوغى حين صمّمت... إلى الجبل المشحون صفّا على صفّ (15)
يقول ابن يوليش لموسى و قد ونى ... أرى الموت قدّامي و تحتي و من خلفي (16)
قتلنا لهم ألفا و ألفا و مثلها ... و ألفا و ألفا بعد ألف إلى ألف
سوى من طواه النهر في مسلحبّه... فأغرق فيه، أو تذأذأ من جرف (17)
- كان محمود بن أبي جميل جوّادا و عاملا للأمير عبد الرحمن بن الحكم على كورة. . . فاتّفق أن عمل قبّة أدم (خيمة كبيرة من جلد) و نصبها عند وادي (نهر) لكّه و أدب فيها مأدبة دعا إليها أشراف الكورة. و بعد المأدبة غنّى أحد بني زرياب:
و لو لم يشقني الظاعنون لشاقني... حمام تداعت في الدّيار وقوعُ (18)
تداعين فاستبكين من كان ذا هوى... نوائح ما تجري لهنّ دموع
فلمّا تقضّى غناء ابن زرياب مدّ عبّاس يده إلى العود فأخذه و غنّى البيتين ثمّ وصلهما (ببيتين) من عنده بديهة فقال:
شددت بمحمود يدا حين خانها... زمان لأسباب الرجاء قطوعُ
بنى لسماع الجود و المجد قبّةً... إليها جميع الأجودين ركوع
- و لمّا ثار أهل طليطلة غزاهم الأمير محمّد ثمّ احتال فهدم القنطرة (الجسر) الذي على نهرها (نهر تاجه) فقال عباس بن فرناس يسوّغ (يبرّر) هدمها:
أضحت طليطلة معطّلة... من أهلها في قبضة الصّقر
تركت بلا أهل تؤهّلها ... مهجورة الأكناف كالقبر
ما كان يبقي اللّه قنطرة... نصبت لحمل كتائب الكفر
- و قال يصف روضة:
ترى وردها و الأقحوان كأنّه... بها شفّةً لعساء (19) ضاحكها ثغرُ
_____________________
١) الفرناس: رئيس الدهاقين (أصحاب الأراضي الواسعة) و الأسد. و الشجاع؛ و الاسم عربي أيضا. فإنّ رجلا من بني سليط العرب كان اسمه فرناسا (راجع في ذلك كلّه القاموس 2:236) .
٢) المنقالة (و يقال: المنقانة) : آلة لحساب الوقت أو ساعة (راجع تعليقا في نفح الطيب 3:374. الحاشية ٢).
3) الزمكّ (بكسر فكسر فتشديد) و الزمكّى (بكسر فكسر فتشديد أيضا) : ذنب الطائر أو أصله و منبته (القاموس 3:305) .
4) بغية الوعاة، ص 276.
5) راجع فوق، ص ١٢٢.
6) مختلف الأصوات (جيش) متعدّد أنواع السلاح (فكلّ نوع من السلاح يحدث صوتا معيّنا) . مؤتلف الزحف: موحّد السير (لأنّه موحّد الهدف) . لهوم: أكول. الفلا: الأرض الواسعة (يقطع المسافات الشاسعة بسرعة) . عبل: مكتنز، شديد العضلات. القنابل: جماعات الخيل. ملتفّ: متقارب، موحّد، منظّم.
7) الصوارم جمع صارم: سيف. خلتها: ظننتها. الجهام: السحاب الذي لا مطر فيه
8) الذرى جمع ذروة (بالكسر أو الضمّ) : الرأس. القمّة (بالكسر) . الأعلام جمع علم: الجبل. في ميلانه: تحرّكه في مسيره. القرقور (بالضمّ) : السفينة الطويلة العظيمة. اليمّ: البحر. القذف: الاندفاع و السير! -هذا الجيش كبير جدّا إلى حدّ أن الجبال ترى كأنّها سفن عائمة فيه.
9) إن طحنت أرحاؤها (الرحى: حجر الطاحون) : إذا بدأت المعركة. القطب: المحور القائم الثابت في الطبق الأسفل من الرحى يدور عليه الطبق الأعلى. القطب (هنا) سيّد القوم، القائد. الحجى: العقل. ندب: ماض حازم في الأمور، عاقل. شمائله: أخلاقه. صفاته (القياس: ندبة شمائله-و التركيب هنا أعسر) . العفّ: العفيف (عن الاعتداء) .
10) الأملاك جمع ملك (بفتح فسكون) : ملك (بفتح فكسر) .
11) أعول: رفع صوته بالبكاء. العبدان: العبيد. الأغلف: الذي لم يختتن (كناية عن الإسبان النصارى. و العبدان كناية عن المسلمين الذين كانوا في جيش ملك الإسبان من الثائرين) .
12) الحين (بالفتح) : الموت. الجعل (بضمّ ففتح) : دويبة سوداء كريهة الرائحة. للبعر: لإلقاء البعر (لإخراج القذر من الجسم) . في وقف: في سطر أو صفّ واحد (؟) .
13) فولّوا (هربوا) على أعقاب (وراء؟) مهزولة (خيل هزيلة، ضعيفة) . كشف (جمع أكشف: الحصان الذي له التواء في ذيله) . و الكشف أيضا: الذين لا سلاح معهم.
14) المسعر (جمعها مساعر) و المسعار (جمعها مساعير) : الذي يوقد (يبدأ) الحرب، الشجاع. الموالي: الموالون (و هي أيضا: المسلمون من غير العرب، في الأندلس) . الشاهين: طائر قويّ تصاد به الطيور. الغرنوق (بضمّ الغين) : طائر مائي جميل ضعيف. النسف: التبديد و التفريق (الإهلاك) . جادت: تكرمت، أعطت (جاءت؟) .
15) التنّين (بكسر التاء) نوع من الزواحف (المقصود هنا: الحيّة العظيمة، الشجاع) . صمّم: اتّجه إلى، سار، قصد. بنفسي (أفدي بنفسي) . صفّا على صفّ (كناية عن كثرة جيوش الأعداء) .
16) موسى بن موسى قائد في الثغور (شماليّ الأندلس) . ابن يوليش (لعلّه القائد الإسباني) . هذه المعركة كانت في أيام أرذون ابن أذفونش (ألفونس) صاحب (ملك) جيليقية (الجانب الشمالي الغربي من إسبانية) . ونى: تعب.
17) المسلحبّ: الطريق الطويل الممتدّ (و المسلئبّ المطر. الكثير) . تذأذأ: اضطرب في مشيه (سقط) . الجرف: شقّ الوادي، صخر فوق هاوية.
18) شاقه الأمر: جعله يشتاق إليه، يرغب فيه. تداعت الحمام: دعا بعضها بعضا (صوّتت إحداها فصوّتت ثانية بعدها و ثالثة إلخ) .
19) الورد: الزهر الأحمر. الأقحوان: زهر بتلاته بيض و وسطه أصفر. اللعساء: السمراء (و كان العرب يحبّون السمرة في الشفاء) . ضاحكها ثغر (الصورة غير واضحة) .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|