أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2014
13536
التاريخ: 16-10-2014
1650
التاريخ: 16-10-2014
2615
التاريخ: 16-10-2014
3857
|
هـو أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري ولد في قرية من ضواحي نيسابور سنة (376هـ) ومـات أبوه وهو صغير ، فاتجهت به أسرته نحو طلب العلم ، فبرع فيه حسبما دارت رحـى الـعـلـم فـي ذلـك العهد ، في الفقه والحديث والأدب والأصول والتفسير وسار في درب الصوفية على يد أبي الحسن ابن الدقاق المتوفى سنة (405هـ) (1) من كبار مشايخ الصوفية ذلك العهد ، وقـد أشـار عليه أن يحضر حلقات درس أبي بكر الطوسي ، وابن فورك ، والإسفراييني وفي اثناء ذلك كان يحضر مجلس أبي عليّ الدقاق وكان قد زوجه ابنته على كثرة أقاربها ، ولما توفي تردد الى دروس عبدالرحمان السُلمي المتوفى سنة (412هـ) وعاشره (2) حتى اصبح شيخ خراسان في الفقه والكلام ، مع تصدير في الحديث والوعظ والارشاد وتوفي سنة (465هـ) بمدينة نيسابور(3).
وتفسيره هذا امتداد للتفسير الصوفي الباطني ، معتمداً في اكثر الاحيان على تأويلات قد ينبو عنها ظاهر لفظ الآية الكريمة لكنه مع ذلك حاول ان يوفق بين علوم الحقيقة ـ حسب مصطلحهم ـ وعلوم الـشـريـعـة ، قاصداً أن لا تعارض بينهما ، وان أي كلام يناقض ذلك فهو خروج على كليهما ، اذ كل شـريعة غير مؤيدة بالحقيقة فغير مقبول ، وكل حقيقة غير مقيدة بالشريعة فغير محصول ، فالشريعة أن تعبده ، والحقيقة أن تشهده كما جاء في (الرسالة القشيرية) (4) .
حـاول فـي هذا التفسير ان يبرهن على ان كل صغيرة وكبيرة في علوم الصوفية ، فإن لها اصلاً من القرآن. ويتجلى ذلك بصفة خاصة حيثما ورد المصطلح الصوفي صريحاً في النص القرآني ، كالذكر والـتـوكل والرضا ، والولي والولاية والحق ، والظاهر والباطن ، والقبض والبسط فإنك عند خلال قراءة التفسير لا تكاد تملك إلا ان تحكم ان الصوفية قد استمدوا اصولهم وفروعهم من كتاب اللّه الـكـريـم ، وان علومهم ليست غريبة ولا مستوردة ، كما يحلو لكثير من الباحثين ، حين يرون التصوف الإسلامي متأثراً بالتيارات الاجنبية ، اليونان والفرس والهند.
كـذلـك تـلـحـظ عبقرية القشيري ازاء اللفظة او الآية ، حينما لا يكون فيها اصطلاح صوفي ، فإنه يـسـتـخرج لك من آيات الطلاق إشارات في الصحبة والصاحب ، ومن علاقة النبى (صلى الله عليه واله وسلم ) بأصحابه إشـارات عـن الشيخ ومريديه ، ومن مظاهر الطبيعة كالشمس والقمر والمطر والجبال اشارات تتصل اتصالاً وثيقاً بالرياضات والمجاهدات ، او بالمواصلات والكشوفات .
ومن ثم فإنه من أوفق التفاسير الصوفية في الجمع بين الشريعة والطريقة ، وأسلمها عن الخوض في التأويلات البعيدة التي يأباها اللفظ وينفرها ، كما في سائر تفاسيرهم .
ولـذلك فان فيه بعض الشطحات او التأويلات البعيدة ، مما يعد تفسيراً بالرأي الممنوع منه شرعاً ، مثلا عند قوله تعالى : {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } [البقرة: 125] يقول : الأمر في الظاهر بتطهير البيت ، والإشارة من الآية الى تطهير القلوب وتـطـهـير البيت بصونه عن الأدناس والأوضار ، وتطهير القلب بحفظه عن ملاحظة الأجناس والأغيار.
وطـواف الـحـجـاج حـول البيت معلوم بلسان الشرع ، وطواف المعاني معلوم لأهل الحق ، فقلوب العارفين المعاني فيها طائفة ، وقلوب الموحدين الحقائق فيها عاكفة ، فهؤلاء اصحاب التلوين ، وهؤلاء ارباب التمكين (5) .
وقلوب القاصدين بملازمة الخضوع على باب الجود أبداً واقفة .
وقلوب الموحدين على بساط الوصل أبداً راكعة .
وقلوب الواجدين على بساط القرب أبداً ساجدة .
ويـقـال : صواعد نوازع الطالبين بباب الكرم أبداً واقفة ، وسوامي قصود المريدين بمشهد الجود أبداً طائفة ، ووفود همم العارفين بحضرة العز أبداً عاكفة (6) .
وقال في قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ ـ الى قوله ـ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 94، 95] : والإشارة فيه أن من قصد بيتنا فينبغي ان يكون الصيد منه في الامان ، لا يتأذى منه حيوان بحال ، لذا قالوا : البر من لا يؤذي الذر ولا يضمر الشر.
ويـقال : الاشارة في هذا ان من قصدنا فعليه نبذ الاطماع جملة ، ولا ينبغي ان تكون له مطالبة بحال مـن الأحـوال وكـما ان الصيد على المحرم حرام الى ان يتحلل ، فكذلك الطلب والطمع والاختيار على الواجد حرام مادام محرماً بقلبه .
ويقال : العارف صيد الحق ، ولا يكون للصيد صيد.
وإذا قـتـل المحرم الصيد فعليه الكفارة ، واذا لاحظ العارف الأغيار ، او طمع أو رغب في شي او اخـتـار لزمته الكفارة ، و لكن لا يكتفي منه بجزاء المثل ولا بأضعاف امثال ما تصرف فيه او طمع ، ولكن كفارته تجرده على الحقيقة عن كل غير ، قليل او كثير ، صغير او كبير.
قـولـه عـز وجـل : {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ } [المائدة: 96] قـال : حـكم البحر خلاف حكم البر ، واذا غرق العبد في بحار الحقائق سق ط حكمه ، فصيد البحر مباح له ، لانه اذا غرق صار محواً ، فما اليه ليس به ولا منه اذ هو محو ، واللّه غالب على أمره (7) .
وقد تقدم تفسيره للبسملة في كل سورة بمعنى يغاير معناها في سورة أخرى ، وهل هذا مستند الى دليل ، أو مجرد ذوق عرفاني خاص ؟!
______________________
1- نفحات الأنس للجامي ، ص291 .
2- سير أعلام النبلاء ، ج18 ، ص229 .
3- وفيات الأعيان ، ج3 ، ص206 .
4- الرسالة القشيرية ، ص46 ؛ راجع : تفسير القشيري (المقدمة) ،ج1 ، ص18 .
5- التلوين والتمكين لفظان اصطلاحيان : التلوين صفة أرباب الأحوال ، والتمكين صفة أهل الحقائق . فما دام العبد في الطريق فهو صاحب تلوين ؛ لأنه يرتقي من حال الى حال ، وينتقل من وصف الى وصف ، وهو أبداً في الزيادة . أما صاحب التمكين فوصل ثم اتصل ، وأمارة أنه اتصل أنه بالكلية عن كليته بطل ، والتغيير بما يرد على العبد إما لقوة الواردة أو لضعف صاحبه ، ، والسكون إما لقوته أو لضعف الوارد عليه (الرسالة القشيرية ، ص44) .
6- لطائف الإشارات ، ج1 ، ص 136 .
7- لطائف الإشارات ،ج2 ، ص143-144 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|