أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2014
![]()
التاريخ: 15-10-2014
![]()
التاريخ: 6-03-2015
![]()
التاريخ: 22-3-2016
![]() |
مـن الاسرائيليات الظاهرة البطلان ، التي ولع بذكرها بعض المفسرين والأخباريين ، عند ذكر الـجـبـاريـن : قـصة عوج بن عوق ، وأنه كان طوله ثلاثة آلاف ذراع ، وانه كان يمسك الحوت ، فـيـشويه في عين الشمس ، وأن طوفان نوح لم يصل الى ركبتيه (2) ، وانه امتنع عن ركوب السفينة مع نـوح ، وان مـوسـى كـان طوله عشرة اذرع وعصاه عشرة اذرع ، ووثب في الهواء عشرة أذرع ، فأصاب كعب عُوج فقتله ، فكان جسراً لأهل النيل سنة ، الى نحو ذلك من الخرافات ، والاباطيل التي تصادم العقل والنقل ، وتخالف سنن اللّه في الخليقة .
فـمـن تلك الروايات الباطلة المخترعة ما رواه ابن جرير بسنده عن اسباط ، عن السُدّيّ ، في قصة ذكـرهـا مـن أمـر موسى وبني اسرائيل ، وبعث موسى النقباء الاثني عشر ، وفيها : فلقيهم رجل من الـجـبارين يقال له : عوج ، فأخذ الاثني عشر ، فجعلهم في حجزته (3) ،
وعلى رأسه حملة حـطـب ، وانـطـلـق بهم الى امرأته ، فقال : انظري الى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنّهم يريدون ان يقاتلونا ، فطرحهم بين يديها ، فقال : ألا أطحنهم برجلي ؟ ، فقالت امرأته : بل خل عنهم ، حتى يخبروا قـومـهـم بما رأوا ، ففعل ذلك وكذلك ذكر مثل هذا وأشنع منه غير ابن جرير والسيوطي بعض الـمـفـسـرين والقصّيصين ، وهي كما قال ابن قتيبة :أحاديث خرافة ، كانت مشهورة في الجاهلية ، أُلصقت بالحديث بقصد الافساد (4) .
وإليك ما ذكره الامام الحافظ الناقد ابن كثير في تفسيره ، قال : وقد ذكر كثير من المفسرين هاهنا أخباراً من وضع بني اسرائيل ، في عظمة خلق هؤلاء الجبارين ، وأن منهم عُوج بن عُنق بنت آدم (عليه السلام) ، وانـه كـان طـولـه ثـلاثـة آلاف ذراع وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون ذراعاً ، وثلث ذراع ، تحرير الحساب ، وهذا شيء يُستحى من ذكره ، ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيحين :ان رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم ) قال : (ان اللّه خلق آدم ، وطوله ستون ذراعاً ، ثم لم يزل الخلق ينقص حتى الآن ) (5) ، ثم ذكروا : أن هذا الرجل كان كافراً ، وأنه كان ولد زنية ، وأنه امتنع من ركوب سفينة نوح ، وأن الطوفان لم يصل الى ركبتيه وهذا كذب وافتراء ، فإن اللّه تعالى ذكر : أن نوحاً دعا على أهل الأرض من الكافرين ، فقال : {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا } [نوح: 26] . و قال تعالى {فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (119) ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ} [الشعراء: 119، 120] . و قال تعالى : {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ} [هود: 43] ، واذا كان ابن نوح الكافر غرق ، فكيف يبقى عُوج بن عُنق ، وهو كافر ، وولد زنـية ؟! هذا لا يسوغ في عقل ، ولا شرع ، ثم في وجود رجل يقال له : عوج بن عنق ، نظر ، والله اعلم (6) .
و قال ابن قيم الجوزية ، بعد ان ذكر حديث عوج : (و ليس العجب من جرأة من وضع هذا الحديث ، وكذب على اللّه ، و انما العجب ممن يدخل هذا في كتب العلم من التفسير وغيره ، فكل ذلك من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء ، والسخرية بالرسل واتباعهم ).
قال ابو شهبة : وسواء أكان عُوج بن عُوق شخصية وجدت حقيقة ، او شخصية خيالية ، فالذي ننكره هو : ما أضفوه عليه من صفات وما حاكوه حوله من أثواب الزور والكذب والتجرُّؤ ، على أن يفسر كـتاب اللّه بهذا الهراء . وليس في نص القرآن ما يشير الى ما حكوه وذكروه ، ولو من بعد ، او وجه الاحـتـمـال ، ثـم أين زمن نوح من زمن موسى (عليهما السلام) وما يدل عليه آية : {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا} [المائدة: 22] كان في زمن موسى قطعاً ، ولا مرية في هـذا ، فـهـل طـالـت الحياة بعوج حتى زمن موسى ؟! بل قالوا : إن موسى هو الذي قتله ، ألا لعن الله اليهود ، فكم من علم أفسدوا وكم من خرافات وأباطيل وضعوا (7) .
قلت : وسامح الله أولئك الذين نقلوا هذه الأساطير ودبجوها في مدوناتهم !!
____________________
1- منهم من يقول : ابن عوق ، ومنهم من يقول : ابن عنق كما ذكر ابن كثير ، وفي القاموس : " وعُوج بن عُوق رجل ولد في منزل آدم فعاش الى زمن موسى ، وذكر من عظم خلقه شناعة " .
2- لعله كان اشمخ من أعلى الجبال على الأرض !!
3- الحجزة : موضع التكة من السروال .
4- تأويل مختلف الحديث ، ص284 ؛ روح المعاني للآلوسي ، ج6 ، ص95.
5- هذا أيضاً حديث باطل ! وقد نبهنا عليه في التفسير .
6- تفسير ابن كثير ، ج2 ، ص38.
7- الإسرائيليات والموضوعات ، ص187.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|