المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاسرى النوبيون والسوريون.
2024-05-07
أعمال الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
مخابز المعبد.
2024-05-07
واجبات الوزير رخ مي رع.
2024-05-07
رخ مي رع وعلاقته بمصانع آمون وضياعه.
2024-05-07
{الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يـستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}
2024-05-07

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عبد الله بن العباس بن عبد المطلب .  
  
4588   10:52 مساءاً   التاريخ: 24-12-2015
المؤلف : السيد على خان المدنى.
الكتاب أو المصدر : الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة
الجزء والصفحة : 167.
القسم : الرجال و الحديث والتراجم / أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) /

عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، يكنى أبو العباس، أمه أم الفضل لبانة بنت الحرث ابن حرب الهلالية، ولد في شعب بنى هاشم وهم محصورون فيه قبل الهجرة بثلاث سنين وذكر الطائي ان النبي صلى الله عليه وآله حنكه بريقه حين ولد ودعا له بالحكمة مرتين.

وعن سعيد بن جبير عنه قال بت في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنبي صلى الله عليه وآله سلا فقال من وضع هذا قالت عبد الله قال اللهم علمه التأويل وفقه في الدين، وكان طويلا أبيضا مشربا بحمرة جسيما وسيما صبيح الوجه وكان له وفرة وكان يخضب بالحنا وقيل بالسواد.

وروى أنه قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وانا ابن عشر سنين وفى رواية ثلاث عشر وفى أخرى خمسة عشر، وكان عمر يعظمه ويعتد به ويقدمه مع حداثة سنه وعلمه بميله إلى أمير المؤمنين " ع "، وكان إذا ذكره يقول: ذاكم فتى الكهول له لسان سئول وقلب عقول وقال له لقد علمت علما ما علمناه.

وعن سعد بن أبي وقاص انه قال: ما رأيت أحضر فهما والب لبا ولا أكبر علما ولا أوسع حلما من ابن عباس ولقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات ولا يجاوز قوله وان حوله لأهل بدر.

ـ عن مسروق قال: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس، وإذا نطق قلت أفصح الناس، فإذا تحدث قلت اعلم الناس، وقال مجاهد: ما رأيت أحدا قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وانه لخير هذه الأمة وكان يسمى البحر لكثرة علمه.

 وعن عبيد الله بن عبد الله قال كان ابن عباس قد فاق الناس بخصال بعلم ما سبق إليه وفقه ما احتيج إليه وحلم ونسب ولا رأيت أحدا أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله منه ولا أعلم بشعر ولا أعلم بعربية ولا بتفسير ولا بحساب ولا بفريضة ولا أعلم بما مضى ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنده فيحدثنا بالعشية كلها في النسب والعشية كلها في الشعر.

وعن أبي مليكه قال صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل قام شطرا من الليل يرتل القرآن حرفا حرفا ويكثر من النشيج والنحيب. وعن أبي رجاء قال رأيت ابن عباس وأسفل عينيه مثل الشراك البالي من البكاء وكان يصوم الاثنين والخميس.

وقال العلامة الحلي في (الخلاصة) عبد الله بن عباس رض من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان محبا لعلى " ع " وتلميذه حاله في الجلالة والإخلاص لأمير المؤمنين " ع " أشهر من أن يخفى وقد ذكر الكشي أحاديث تتضمن قدحا فيه وهو اجل من ذلك وقد ذكرناها في كتابنا الكبير واجبنا عنها انتهى. وعن الشهيد الثاني رحمه الله جملة ما ذكره الكشي من الطعن فيه خمسة أحاديث كلها ضعيفة السند والله أعلم بحاله انتهى.

قال القاضي نور الله في (مجالس المؤمنين) أما أنا فاعتقد ايمانه واما أجوبة العلامة في كتابه الكبير فلم اقف عليها والذي سمعناه من بعض الثقاة ان كتابه المذكور ضاع قبل ان يبيض في جملة كتب وأثاث للعلامة رض في الفترة الواقعة بعد وفاة السلطان محمد خدا بنده الماضي والى الآن لم يقف أحد من الأفاضل على نسخة من الكتاب المذكور.

وقال المؤلف: عفى الله عنه الذي اعتقده في ابن عباس رض انه كان من أعظم المخلصين لأمير المؤمنين وأولاده ولا شك في تشيعه وايمانه وستقف على ما نذكره من اخباره على ما تحقق معه ذلك انشاء الله تعالى.

قال السيد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحلي رحمه الله في كتابه (حل الأشكال في معرفة الرجال) عبد الله بن عباس رض حاله في المحبة والإخلاص لمولانا أمير المؤمنين والموالاة والنصرة له والذب عنه والخصام في رضاه والمؤازرة له مما لا شبهة فيه وقد كان يعتمد ذلك مع من يجيب اعتماده معه بعده على ما نطق به لسان السير.

روى الكشي اخبارا شاذة ضعيفة تقتضي قدحا أو جرحا ومثل الحبر رض موضع ان يحسده الناس وينافسوه ويقولوا فيه ويباهتوه، ولو اعتبر العاقل حالة الناس كافة رأى أنه ليس أحد منهم خاليا من متعرض به أو قائل فيه اما مباهتا أو غير مباهت ومعلوم ان ذلك غير جار على قانون الصحة ونمط السداد إذ فيهم من لا شبهة في نزاهته وبرائته:

الرفيع بمظنة حسد المتوسط له ومن دونه فيقولان فيه والمتوسط بمظنة الحسد من المتوسط فيقول فيه والساقط بمنزلة قدح الرفيع والمتوسط حقا فيه وانا مورد ما رواه الكشي في خلاف ما مدحت به ومجيب من ذلك انشاء الله تعالى.

حديث أول يتعلق: بقول صدر فيه من مولانا زين العابدين " ع " من رواية إبراهيم بن عمر الصنعاني وقال ابن الغضائري فيه إبراهيم بن الصنعاني اليماني يكنى أبا إسحاق ضعيف جدا روى عن أبي جعفر " ع " وأبى عبد الله " ع " وله كتاب.

حديث ثاني يتعلق : بغضب الحسن " ع " منه عقيب مقالة قالها تتعلق بافتخاره بالعلم وكأنه كان يعرض به الطريق محمد بن مسعود قال حدثني جعفر بن محمد بن أيوب قال حدثني حمدان بن سليمان أبو الخير قال حدثني أبو محمد عبد الله ابن محمد اليماني قال حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب الكوفي عن أبيه الحسين عن طاووس وفى هذا الحديث من لا نثبت روايته اما من حيث لا نعرف عدالته أو من حيث إن الطعن متوجه إليه.

حديث ثالث: يتعلق بأخذ عبد الله ألفى ألف درهم من مال البصرة، رواه سفيان بن سعيد عن الزهري والمشار إليهما عدوان متهمان.

حديث رابع : يتعلق بمراجعته لعلى " ع " بما سفك من الدماء والحديث مروي عن شيخ من أهل اليمامة بذكر عن معلى بن هلال عن الشعبي وهذا السند ضعيف جدا لا أصل له تارة بجهالة الشيخ اليماني وتارة بما يعرف من حال الشعبي من طرق المخالف واما من طرقنا فالأمر ظاهر ومعلى بن هلال لابد من معرفة عدالته.

وروى حديثا خامسا : يتعلق به وبأخيه عبيد الله شديدا في الطعن لكن طريقه ضعيف لأن من رواته محمد بن سنان يرويه عنه محمد بن عيسى العبيدي

ولو شك العاقل في كل شئ لما شك في حال نفسه عند قول باطل يقال وبهت يبهت به لا أصل له في كلام شاهد بان السلامة من التعرض بعيدة لأن وهو مضعف قال ولو ورد في مثله الف حديث يقبل أمكن ان يعرض للتهمة فكيف مثل هذه الروايات الضعيفة الركيكة انتهى، وهذا حين نذر جملة من أخباره.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس انه كان يقول، يوم الخميس وما يوم الخميس ثم يبكى حتى بل دمعه الحصى فقلنا يا بن عباس وما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وجعه فقال ائتوني بدواة اكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ابدا فتنازعوا فقال إنه لا ينبغي عندي تنازع فقال قائل ما شأنه هجر استفهموه فذهبوا يعيدون عليه فقال دعوني فالذي انا فيه خير مما أنتم فيه.

وفى الصحيحين أيضا أخرجاه معا عن ابن عباس قال: لما احتضر رسول الله صلى الله عليه وآله وفى البيت رجال منهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وآله هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده قال عمر ان رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف القوم واختصموا فمنهم من يقول قربوا إليه يكتب إليكم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول القول ما قاله عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عنده قال لهم قوموا فكان ابن عباس يقول الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين ان يكتب لهم ذلك الكتاب.

قال: بعض العلماء صدق ابن عباس عند كل عاقل مسلم والله لو لبس المسلمون السواد وأقاموا المآتم وبلغوا أعظم الحزن لأجل ما فعل عمر بن الخطاب لكان قليلا.

وروى عبد الله بن عمر قال كنت عند أبي يوما وعنده نفر من الناس فجرى ذكر الشعر فقال من اشعر العرب فقالوا فلان وفلان فطلع عبد الله بن عباس فسلم وجلس فقال عمر قد جائنا الخبير من اشعر العرب يا عبد الله؟ قال زهير بن أبي سلمى قال فأنشدني مما تستجيده له فقال إنه مدح قوما من غطفان يقال لهم بنو سنان:

لو كان يعقد فرق الشمس من شرف * قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا

قوم سنان أبوهم حين تنسبهم * طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا

انس إذا أمنوا جن إذا فزعوا * مرزؤون بها ليل إذا جهدوا

محسدون على من كان من نعم * لا ينزع الله منهم ما له حسدوا

فقال عمر قاتله الله لقد أحسن ولا أرى هذا المدح يصلح إلا لهذا البيت من بنى هاشم لقرابتهم من رسول الله فقال ابن عباس وفقك الله يا أمير المؤمنين فلم تزل موفقا قال ابن عباس أتدري ما منع الناس منكم قال لا؟ قال لكني أدري قال ما هو؟ قال كرهت قريش ان يجتمع لكم الخلافة والنبوة فتجحفوا بالناس جحفا فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ووفقت فأصابت فقال ابن عباس أيميط عنى أمير المؤمنين غضبه قال قل ما تشاء قال أما قولك ان قريشا كرهت فان الله تعالى قال لقوم ذلك بأنهم كرهوا ما انزل الله فأحبط أعمالهم واما قولك كنا تجحف فلو أجحفنا بالخلافة لجحفنا بالقرابة ولكنا قوم أخلاقا مشتقة من أخلاق رسول الله الذي قال الله تعالى له وانك لعلى خلق عظيم وقال له واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وأما قولك ان قريشا اختارت فان الله تعالى يقول وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة وقد علمت أن الله اختار لذلك من اختار فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لو فقت قريش فقال عمر على رسلك يا بن عباس أبت قلوبكم يا بنى هاشم إلا غشا في أمر قريش لا يزول وحقدا عليها لا يحول فقال ابن عباس لا تنسب قلوب بنى هاشم إلى الغش فان قلوبهم من قلب رسول الله صلى الله عليه وآله طهره الله وزكاهم وهم أهل البيت الذين قال الله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واما قولك حقدا فكيف لا يحقد من غصب حقه ويراه في يد غيره فقال عمر اما أنت يا بن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره ان أخبرك به فتزول منزلتك عندي قال ما هو أخبرني به فان يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه وان يك حقا فان منزلتك عندي لا تزول به. قال بلغني انك لا تزل أتقول اخذ هذا الأمر منا حسدا وظلما قال اما قولك حسدا فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنة فنحن بنو آدم المحسود واما قولك ظلما فأنت تعلم صاحب الحق من هو ثم قال ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله صلى الله عليه وآله واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله صلى الله عليه وآله فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وآله من سائر قريش فقال عمر قم الآن وارجع إلى منزلك فقام فلما ولى هتف به عمر أيها المنصرف انى على ما كان منك لراع حقك فالتفت ابن عباس وقال إن لي عليك حقا وعلى كل المسلمين برسول الله صلى الله عليه وآله فمن حفظه فحق نفسه حفظ ومن أضاعه فحق نفسه أضاع فقال عمر لجلسائه واها لابن عباس ما رأيته لاحى أحدا الا خصمه.

وروى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا أبو زيد عمر ابن شبة بإسناد رفعه إلى ابن عباس قال انى أماشي عمر في سكة من سكك المدينة يده في يدي فقال يا بن عباس ما أظن صاحبك إلا مظلوما، فقلت في نفسي والله لا يسبقني بها فقلت يا أمير المؤمنين فاد إليه ظلامته فانتزع يده من يدي ثم مر يهمهم ساعة ثم وقف فلحقته فقال يا بن عباس ما أظن القوم منعهم من صاحبك إلا انهم استصغروه فقلت في نفسي هذه شر من الأولى فقلت والله ما استصغره الله حين امره بأخذ سورة براءة من أبى بكر. وعن ابن عباس قال ماشيت عمر بن الخطاب يوما فقال لي يا بن عباس ما منع قومكم منكم وأنتم أهل البيت خاصة؟ قلت لا أدري قال لكني أدري انكم فضلتموهم بالنبوة فقالوا ان فضلونا بالخلافة مع النبوة لم يبقوا لنا شيئا وان أفضل النصيبين بأيديكم بل ما أخالها إلا مجتمعة فيكم وان نزلت على رغم أنف قريش.

وروى أحمد بن أبي طاهر في كتاب تاريخ بغداد بسنده عن ابن عباس قال: دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقى إليه صاع من تمر على صحفة فدعاني للأكل فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه ثم شرب من جرة كانت عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك ثم قال من ابن جئت يا عبد الله قلت من المسجد قال كيف خلفت ابن عمك فظننته يعنى عبد الله بن جعفر قلت خلفته مع أقرانه يلعب قال لم اعن ذلك انما عنيت عظيمكم أهل البيت قلت خلفته يمتح بالغرب على نخلات له وهو يقرأ القرآن فقال يا عبد الله عليك دماء البدن ان كتمتنيها أبقى في نفسه شئ من أمر الخلافة قلت نعم قال أيزعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله جعلها له قلت نعم وأزيدك سألت أبى عما يدعيه فقال صدق قال عمر لقد كان من رسول الله صلى الله عليه وآله في امره ذرو من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا وقد كان يزيغ في امره وقتا ما ولقد أراد في مرضه ان يصرح باسمه فمنعت من ذلك اشفاقا وحفيظة على الإسلام لا ورب هذه البنية لا تجتمع عليه قريش ابدا ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله انى علمت ما في نفسه فأمسك وأبى الله إلا امضاء ما حتم.

قلت: يشير إلى اليوم الذي قال فيه صلى الله عليه وآله هلم اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر أنه قد غلبه الوجع وقد ذكرنا الحديث آنفا.

وحدث ابن عائشة عن أبيه قال نظر الخطيئة إلى ابن عباس في مجلس عمر وقد برع بكلامه فقال من هذا الذي قد نزل عن القوم في سنه وعلاهم في قوله قالوا هذا ابن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله فأنشأ يقول شعرا.

ان وجدت بيان المرء نافلة * تهدى له ووجدت العمى كالصمم المرء يبلى وتبقى الكلم سائرة * وقد يلام الفتى يوما ولم يلم وعن الشعبي قال: قيل لابن عباس من أين أصبت هذا العلم؟ قال بلسان سؤل وقلب عقول.

وروى أن الناس كلموا ابن عباس ان يحج بهم وعثمان محصور في الدار فدخل عليه فأخبره فأمره ان يحج بهم فحج بالناس فلما قدم رأى عثمان قد قتل وقد بويع أمير المؤمنين " ع ".

قال ابن عباس قدمت من مكة بعد مقتل عثمان بخمسة أيام فجئت عليا " ع " لأدخل عليه فسألت عنه فقيل لي عنده المغيرة بن شعبة فجلست بالباب حتى خرج المغيرة ودخلت على علي " ع " فقال لي أين لقيت طلحة والزبير؟ فقلت بالرصف قال ومن معهما قلت أبو سعيد بن الحرث بن هشام في فتية من قريش فقال " ع " اما انهم لن يدعوا ان يخرجوا فيطلبوا بدم عثمان والله أعلم انهم قتلة عثمان فقلت له أخبرني عن شأن المغيرة ولم خلا بك قال " ع " جائني بعد مقتل عثمان بيومين فقال أخلني ففعلت فقال أنت بقية الناس وانا لك ناصح وإني أشير عليك بترك عمال عثمان عامك هذا فاكتب إليهم بإثباتهم على أعمالهم فإذا بايعوك واطمئن امرك عزلت من أحببت وأبقيت من أحببت فقلت والله لا أداهن في ديني ولا أعطي الرياء في أمري قال فان كنت قد أبيت فانزع من شئت وأقر معاوية فان له جرءة وهو في أهل الشام مسموع منه ولك في ابقائه حجة فقد كان عمر ولاه الشام كلها فقلت والله لا استعملت معاوية ابدا فخرج من عندي بعد ما أشار به ثم عاد فقال إلى أشرت بما أشرت به وأبيت على ثم نظرت فإذا أنت مصيب لا يسعك ان تأخذ أمرك بخدعة ولا ان يكون فيه دلسه فقلت اما أول ما أشار به فقد نصحك فيه وأما الآخر فقد غشك به وانا أشير عليك ان تبقى معاوية فان بايعك فعلى ان أقفله من منزله قال " ع " الله لا أعطيه إلا السيف وتمثل " ع " بهذا البيت:

فما شبة ان رمتها غير عاجز * بعار إذا ما غالت النفس غولها فقلت يا أمير المؤمنين " ع " انك رجل شجاع اما سمعت رسول الله يقول الحرب خدعة فقال بلى فقلت انى والله لأصدرن بهم بعد ورود ولأتركنهم ينظرون في أدبار الأمور ولا يدرون ما وجهها في غير نقض! عليك ولا إثم فقال " ع " يا بن عباس لست من هناتك ولا هنات معاوية في شئ، لك ان تشير على وارى فإذا عصيتك فأطعني فقلت فانا افعل فان أيسر ما عندي لك الطاعة، ثم خرج ابن عباس معه " ع " إلى البصرة وشهد معه وقعة الجمل ولما صار على " ع " إلى البصرة بعث ابن عباس فقال له لا تلقين طلحة فإنك ان تلقه تجده كالثور عاقصا قرنه يركب الصعب ويقول هو الذلول ولكن الق الزبير فإنه ألين عريكة فقل له يقول لك ابن خالك عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا مما بدا قال ابن عباس فأتيت الزبير فقلت له ما قال " ع " فقال انى أريد ما تريد كأنه يقول الملك ولم يزدني على ذلك فرجعت إلى أمير المؤمنين " ع " فأخبرته.

وروى أن أمير المؤمنين " ع " لما أرسل ابن عباس إلى الزبير قال من كان له ابن عم مثل ابن عباس فقد أقر الله عينه.

وأخرج الكشي بإسناده قال، لما هزم علي بن أبي طالب " ع " أصحاب الجمل بعث عبد الله ابن عباس إلى عايشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة قال ابن عباس فأتيتها وهي في قصر بنى خلف في جانب البصرة قال: وطلبت عليها الاذن فلم تأذن فدخلت عليها من غير اذنها فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس وإذا هي من وراء سترين فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رحل عليه طنفسة قال فمددت الطنفسة فجلست عليها، فقالت من وراء الستر يا بن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير إذننا وجلست على متاعنا بغير إذننا، فقال لها ابن عباس نحن أولى بالسنة منك ونحن علماك السنة وانما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله فخرجت منه ظالمة لنفسك غاشة لدينك عانية على ربك عاصية لرسول الله صلى الله عليه وآله فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلا بإذنك ولم نجلس على متاعك إلا بأمرك ان أمير المؤمنين " ع " بعث إليك يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة. فقالت: رحم الله أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطاب فقال ابن عباس هذا والله أمير المؤمنين وان تربدت فيه وجوه ورغمت فيه معاطس اما والله لهو أمير المؤمنين " ع " وأمس برسول الله صلى الله عليه وآله رحما وأقرب قرابة وأقدم سبقا وأكثر علما وأعلى منارا وأكثر آثارا من أبيك ومن عمر فقالت أبيت ذلك فقال اما والله ان كان آباؤك فيه قصير المدة عظيم المشقة ظاهر الشؤم بين النكد، وما كان آباؤك فيه إلا كحلب شاة حتى صرت ما تأمرين ولا تنهين لا ترفعين ولا تضعين وما كان مثلك إلا كمثل ابن الخضرمي بن نجمان أخي بنى أسد حيث يقول:

ما زال اهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب حتى تركتهم كأن قلوبهم * في كل مجمعة طنين ذباب قال: فأراقت دمعتها وأبدت عويلها وتبدي نشيجها ثم قالت اخرج والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إلى من بلد أنتم فيه، فقال ابن عباس فلم والله ماذا بلاؤنا عندك ولا صنيعنا إليك انا جعلناك للمؤمنين اما وأنت بنت أم رومان وجعلنا أباك صديقا وهو ابن أبي قحافة فقالت يا بن عباس تمنون على برسول الله صلى الله عليه وآله فقال: ولم لا نمن عليك لو كان منك قلامة منه مننتنا به ونحن لحمه ودمه ومنه واليه وما أنت إلا حشية من تسع حشايا خلفهن بعده لست بأبيضهن لونا ولا أحسنهن وجها ولا بأرشحهن عرقا ولا بأنضرهن ورقا ولا بأطراهن أصلا فصرت تأمرين فتطاعين وتدعين فتجابين وما مثلك إلا كما قال آخر بنى فهر:

مننت على قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم كفوا العداوة والنكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحجى بكم ان تجمعوا البغي والكفرا قال ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين " ع " فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها فقال " ع " انا اعلم بك حيث بعثتك.

وأقام أمير المؤمنين بعد وقعة الجمل خمسين ليلة ثم اقبل على الكوفة  واستخلف ابن عباس على البصرة.

ولما خرج " ع " إلى صفين لحرب معاوية كتب إلى عماله يستفزهم فكتب إلى ابن عباس وهو عامله على البصرة: أما بعد فاشخص إلى بمن قبلك من المسلمين والمؤمنين وذكرهم بلائي عندهم وعفوي عنهم في الحرب وأعلمهم الذي في ذلك من الفضل والسلام.

فلما وصل كتابه إلى ابن عباس بالبصرة قام في الناس فقرأ عليهم الكتاب وحمد الله وأثنى عليه وقال أيها الناس استعدوا للشخوص إلى إمامكم وانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرؤن القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب ولا يدينون دين الحق مع أمير المؤمنين " ع " وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر والصادع بالحق والمقيم بالهدى والحاكم بحكم الكتاب الذي لا يرتشي في الحكم ولا يداهن الفجار ولا تأخذه في الله لومة لائم فقام إليه الأحنف بن قيس فقال نعم والله لنجيبنك ولنخرجن معك على العسر واليسر والرضا والكره، نحتسب في ذلك الأجر ونامل به من الله العظيم حسن الثواب وأجابه سائر الناس إلى المسير فاستعمل أبا الأسود الدؤلي على البصرة وخرج حتى قدم على أمير المؤمنين " ع " بالنخيلة وهي بضم النون: مصغر نخلة موضع من الكوفة على سمت الشام.

وعن عبد الله بن عوف ابن الأحمران عليا " ع " لم يبرح النخيلة حتى قدم عليه ابن عباس باهل البصرة.

وروى نصر بن مزاحم قال لما اشتد الأمر وعظم البلاء على أهل الشام قال معاوية لعمرو بن العاص ان رأس الناس بعد على " ع " لعبد الله بن عباس فلو كتبت إليه كتابا لعلك تخدعه به ولعله لو قال شيئا لم يخرج على منه وقد أكلتنا الحرب ولا أرانا نصل إلى العراق إلا بهلاك أهل الشام فقال عمرو  ان ابن عباس لا يخدع ولو طمعت فيه لطمعت في علي قال معاوية على ذاك فاكتب فكتب عمرو إليه اما بعد فان الذي نحن فيه وأنتم ليس بأول أمر قاده البلاء وأنت رأس هذا الجمع بعد على " ع " فانظر فيما بقى ودع ما مضى فوالله ما أبقت هذه الحرب لنا ولكم حياء ولا صبرا.

وعلم أن الشام لا تملك إلا بهلاك أهل العراق، وان العراق لا تملك إلا بهلاك أهل الشام فما خيرنا بعد هلاك أعدادنا منكم وما خيركم بعد هلاك أعدادكم منا ولسنا نقول ليت الحرب عادت ولكنا نقول ليتها لم تكن وان فينا من يكره اللقاء كما أن فيكم من يكرهه وانما هو أمير مطاع ومأمور مطيع ومؤتمن مشاور وهو أنت فأما الأشتر الغليظ الطبع القاسي القلب فليس بأهل ان يدعى في الشورى ولا في خواص أهل النجوى وكتب في أسفل الكتاب:

طال البلاء وما يرجى له آسى * بعد الإله سوى رفق ابن عباس

 قولا له قول من يرجو مودته * لا تنس حظك ان الخاسر الناسي

 انظر فداؤك نفسي قبل قاصمة * للظهر ليس لها راق ولا آسى

 ان العراق وأهل الشام لن يجدوا * طعم الحياة مع المستغلق القاسي

 يا بن الذي زمزم سقيا الحجيج له * أعظم بذلك من فخر على الناس

 انى أرى الخير في سلم الشأم لكم * والله يعلم ما بالسلم من بأس

 فيها التقى وأمور ليس يجهلها * إلا الجهول وما نوكى كأكياس

 فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس عرضه على أمير المؤمنين " ع " فقال قاتل الله ابن العاص ما أغراه بك يا عبد الله أجبه وليرد عليه الشعر الفضل ابن العباس فإنه شاعر فكتب ابن عباس إلى عمرو اما بعد فإني لا اعلم أحدا من العرب أقل حياء منك انه مال بك معاوية إلى الهوى فبعته دينك بالثمن اليسير ثم خبطت الناس في عشوة طمعا في الدنيا فأعظمتها إعظام أهل الدنيا ثم تزعم انك  تتنزه عنها تنزه أهل الورع فان كنت صادقا فارجع إلى بيتك ودع الطمع في مصر والركون إلى الدنيا الفانية واعلم أن هذه الحرب ما معاوية فيها كعلى " ع " بدأها على " ع " بالحق وانتهى فيها إلى العذر وبدأها معاوية بالبغي وانتهى فيها إلى السرف وليس أهل العراق فيها كأهل الشام بايع أهل العراق عليا " ع " وهو خير منهم وبايع أهل الشام معاوية وهم خير منه ولست انا وأنت فيها سواء أردت الله تعالى وأردت مصر وقد عرفت الشيء الذي باعدك منى ولا أعرف الشيء الذي قربك من معاوية فان ترد شرا لا نسبقك إليه وان ترد خيرا لا تسبقنا إليه والسلام. ثم دعا أخاه الفضل فقال: يا بن أم أجب عمرا فقال الفضل:

يا عمرو حسبك من مكر ووسواس * فاذهب فليس لداء الجهل من آسى

 الا تواتر طعن في نحوركم * يشجي النفوس ويشقى نخوة الرأس

 اما على فان الله فضله * بفضل ذي شرف عال على الناس

ان تعقلوا الحرب نعقلها مخيسة * أو تبعثوها فانا غير أنكاس

 قتلى العراق بقتلى الشام ذاهبة * هذا بهذا وما بالحق من باس

ثم عرض الشعر والكتاب على علي " ع " فقال لا أراه يجيبك بعدها بشيء ابدا ان كان يعقل وان عاد عدت عليه فلما انتهى الكتاب إلى عمرو ابن العاص عرضه على معاوية فقال إن قلب ابن عباس وقلب على " ع " واحد وكلاهما ولد عبد المطلب وان كان قد خشن فلقد لأن وان كان قد عظم صاحبا فلقد قارب وجنح إلى السلم.

قال نصر وقال معاوية لأكتبن إلى ابن عباس كتابا استعرض فيه عقله وانظر ما في نفسه فكتب إليه: اما بعد فإنكم معشر بنى هاشم لستم إلى أحد أسرع بالماءة منكم إلى أنصار ابن عفان حتى انكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما واستعظامهما ما نيل منه فان يكن ذلك منافسة لبني أمية في السلطان فقد ولياه  عدى وتيم فلم تنافسوهم وأظهرتم لهم الطاعة وقد وقع من الأمر ما ترى وأكلت هذه الحروب بعضها بعضا حتى استوينا فيها فما يطمعكم فينا يطمعنا فيكم وما يؤيسنا منكم يؤيسكم منا ولقد رجونا غير ما كان وخشينا دون ما وقع ولست ملاقينا اليوم بأحد من حد أمس ولا عذابا أحد من حد اليوم وقد قنعنا بما في أيدينا من ملك الشام فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق وأبقوا على قريش فأنما بقى من رجالها ستة رجلان بالشام ورجلان بالعراق ورجلان بالحجاز فأما الرجلان بالشام فانا وعمرو، واما اللذان بالعراق فأنت وعلى، واما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر فاثنان من الستة ناصبان لك واثنان واقفان فيك وأنت رأس هذا الجمع اليوم ولو بايع لك الناس بعد عثمان كنا إليك أسرع منا إلى على والسلام فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس أسخطه وقال حتى متى يخطب ابن هند إلى عقلي وحتى متى أحجم على ما في نفسي فكتب إليه أما بعد فقد أتاني كتابك وقرأته فاما ما ذكرت من سرعتنا إليك بالمساءة والى أنصار ابن عفان وكراهتنا لسلطان أمية فلعمري لقد أدركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره حتى صرت إلى ما صرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك وأخو عثمان وهو الوليد بن عقبه واما طلحة والزبير فإنهما أجلبا عليه وضيقا خناقه ثم خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك فقاتلناهما على النكت كما قاتلناك على البغي واما قولك انه لم يبق من قريش غير ستة فما أكثر رجالها وأحسن بقيتها وقد قاتلك من خيارها من قاتلك ولم يخذلنا إلا من خذلك واما إغراؤك إيانا بعدي وتيم فأن أبا بكر وعمر خير من عثمان كما أن عثمان خير منك وقد بقى لك منا ما ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده واما قولك لو بايع الناس لي لاستقاموا فقد بايع الناس عليا وهو خير منى فلم يستقيموا له وما أنت وذكر الخلافة يا معاوية وانما أنت طليق وابن طليق والخلافة للمهاجرين الأولين وليس الطلقاء منها في شئ والسلام. فلما وصل كتابه إلى معاوية قال هذا عملي بنفسي لا اكتب والله كتابا سنة كاملة وقال شعرا:

 دعوت ابن عباس إلى جل حطة * وكان امرءا أهدى إليه رسائلي

 فاخلف ظني والحوادث جمة * وما زاد أن أغلى على مراجلي

 فقل لابن عباس أراك مخوفا * بجهلك حلمي انني غير غافل

فأبرق وارعد ما استطعت فإنني * إليك بما يشجيك سبط الأنامل

 قال نصر: لما أراد الناس عليا " ع " ان يضع الحكمين قال لهم ان معاوية لم بكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه ونظره من عمرو بن العاص وانه لا يصلح للقرشي الا مثله فعليكم بعبد الله بن عباس فارموه به فان عمرا لا يعقد عقده إلا حلها عبد الله ولا يحل عقدة إلا عقدها ولا يبرم أمرا إلا نقضه ولا ينقض أمرا إلا أبرمه فقال الأشعث والله لا يحكم فينا مضربان حتى تقوم الساعة ولكن اجعل رجلا من أهل اليمن إذا جعلوا رجلا من مضر فقال على " ع " انى أخاف ان يخدع يمنيكم فان عمرا لبس من الله في شئ إذا كان في أمر هوى فقال الأشعث والله لئن يحكمان ببعض ما نكره واحدهما من أهل اليمن أحب إلينا من أن يكون بعض ما نحب وهما مضربان انتهى ثم اختار أهل الشام عمرو بن العاص وقالوا قد رضينا به وقال الأشعث والقراء الذين صاروا خوارج فيما بعد رضينا نحن واخترنا أبا موسى الأشعري فقال لهم على " ع " فإني لا أرضى بأبى موسى ولا أرى ان أوليه قالوا فانا لا ترضى الا به فقال على " ع " فإنه ليس يرضى وقد فارقني وخذل الناس عنى وهرب منى حتى آمنته بعد شهر ولكن هذا ابن عباس أوليه ذلك. قالوا والله لا تبالي إن كنت وابن عباس ولا نريد الا رجلا هو منك ومن معاوية سواء لبس إلى واحد منكما أدنى من الآخر فقال على " ع " قد أبيتم إلا أبا موسى قالوا نعم قال فاصنعوا ما شئتم فبلغ ذلك أهل الشام فبعث أيمن ابن حزيم الأسدي وكان معتزلا لمعاوية وكان هواه ان يكون من أهل العراق بهذه الأبيات:

لو كان للقوم أمر يعصمون به * من الضلال رموكم بابن عباس

 لله در أبيه أيما رجل * ما مثله لفصال الخطب في الناس

 لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن * لا يهتدى ضرب أخماس لأسداس

 ان يخل عمرو به يقذفه في لجج * يهوى به النجم تيسا بين أتياس

 أبلغ لديك عليا غير عاتبه * قول امرئ لا يرى بالحق من باس

 ما الأشعري بمأمون أبا حسن * فاعلم هديت وليس العجز كالرأس

 فاصدع بصاحبك الأدنى برغمهم * ان ابن عمك عباس هو الأسى

 فلما بلغ أهل العراق هذا الشعر طارت أهواء قوم من أولياء على " ع " وشيعته إلى ابن عباس وأبت القراء إلا أبا موسى وكان أيمن بن حزيم هذا رجلا عابدا مجتهدا وقد كان معاوية جعل له فلسطين على أن يبايعه ويشايعه على قتال على " ع " فقال أيمن هذه الأبيات وبعث بها إليه:

ولست مقاتلا رجلا يصلى * على سلطان آخر من قريش

 له سلطانه وعلى إثمي * معاذ الله من سفه وطيش

 أأقتل مسلما في غير جرم * فليس بنافع ما عشت عيشي

 وروى المدائني في كتاب (صفين) والزبير ابن بكار في (الموفقيات) قالا: لما اجتمع أهل العراق على طلب أبى موسى وأحضروه للتحكيم على كره من على " ع " اتاه عبد الله ابن عباس وعنده وجوه الناس والاشراف فقال يا أبا موسى ان الناس لم يرضوا بك ويجتمعوا عليك لفضل لا تشارك فيه وما أكثر أشباهك من المهاجرين والأنصار المتقدمين قبلك ولكن أهل العراق أبوا الا ان يكون الحكم يمانيا ورأوا ان معظم أهل الشام ايمان وأيم الله انى لأظن ذلك شرا لك ولنا فإنه قد ضم إليك داهية العرب وليس في معاوية خلة يستحق بها الخلافة فان تقذف بحقك على باطله تدرك حاجتك منه وان يطمع باطله في حقك يدرك حاجته منك واعلم يا أبا موسى ان معاوية طليق الإسلام وان أباه رأس الأحزاب وانه يدعى الخلافة من غير مشورة ولا بيعة واعلم أن لعمرو مع كل شئ يسرك خبيئا يسوؤك ومما نسيت فلا تنس ان عليا " ع " بايعه القوم  الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وانها بيعة هدى وانه لم يقاتل القاسطين والناكثين فقال أبو موسى رحمك الله والله مالي امام غير على " ع " وإني لواقف عندما رأى وان حق الله أحب إلى من رضى معاوية وأهل الشام وما انا وأنت إلا بالله فقال بعض الشعراء في ذلك:

والله ما كلم الأقوام من بشر * بعد الوصي على كابن عباس

 أوصي ابن قيس بأمر فيه عصمته * لو كان فيها أبو موسى من الناس

 انى أخاف عليه مكر صاحبه * أرجو رجاء مخوف شيب بالياس

 وذكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري في (أماليه) قال قال عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد. حضرت الحكومة فلما كان يوم الفصل جاء عبد الله بن عباس فقعد إلى جانب أبى موسى وقد نشر اذنيه حتى كاد ان ينطق بهما فعلمت ان الأمر لا يتم لنا ما دام هناك وانه يفسد على عمرو حيلته فأعملت المكيدة في امره فجئت حتى قعدت عنده وقد شرع عمرو وأبو موسى في الكلام فكلمت ابن عباس كلمة استطعمته جوابها فلم يجب فكلمته الأخرى فلم يجب فكلمته ثالثة فقال انى لفي شغل عن جوابك الآن فجبهته وقلت يا بنى هاشم لا تتركون بأوكم وكبركم ابدا اما والله لولا مكان النبوة كان لي ولك شأن قال فحمى وغضب واضطرب فكره ورأيه فاسمعني كلاما يسوء سماعة فأعرضت عنه فقمت وقعدت إلى عمرو بن العاص وقلت قد كفيتك التقوا له، انى قد شغلت باله بما دار بيني وبينه فأحكم أنت امرك قال فذهل والله ابن عباس عن الكلام الدائر بين الرجلين حتى قام أبو موسى فخلع عليا.

(وروى) البلاذري في كتاب أنساب الأشراف قال قيل لعبد الله بن العباس ما منع عليا " ع " ان يبعثك يوم التحكيم قال منعه حاجز القدر ومحنة الابتلاء وقصر المدة اما والله لو كنت لقعدت على مدارج أنفاسه ناقضا ما أبرم ومبرما ما نقض أطير إذا سف وأسف إذا طار ولكن سبق قدر وبقى أسف ومع اليوم  غد والآخرة لأمير المؤمنين.

(وروى) ان ابن عباس هو الذي كتب كتاب الصلح بين أمير المؤمنين ومعاوية فلما كتب هذا ما قاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لمعاوية ابن أبي سفيان قال له عمرو ابن العاص امح أمير المؤمنين فانا لا نعرف فلو عرفنا انه أمير المؤمنين ما نازعناه فقال أمير المؤمنين " ع " لابن عباس امحه فقال ابن عباس لا امحوه فمحاه أمير المؤمنين " ع " وقال إن هذا اليوم كيوم الحديبية حينما كتبت الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله هذا ما تصالح عليه محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله وسهيل بن عمرو فقال سهيل لو اعلم انك رسول الله لم أخالف ولم أقاتلك انى إذا لظالم لك ان أمنعك ان تطوف بيت الله وأنت رسوله ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله امحها يا علي فقلت لا أمحو اسم الرسالة عنك فقال يا علي انى لرسول الله ومحمد بن عبد الله ولن يمحو عنى الرسالة كتابي لهم من محمد بن عبد الله فاكتبها فامح ما أراد محوه اما ان لك مثلي ستعطيها وأنت مضطهد، وفى (رواية) وقال على " ع " ان ذلك الكتاب انا كتبته بيننا وبين المشركين واليوم اكتبه إلى أبنائهم كما كان رسول الله كتبه إلى آبائهم شبها ومثلا فقال عمرو سبحان الله أتشبهنا بالكفار ونحن مسلمون فقال أمير المؤمنين " ع " يا بن النابغة ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا فقام عمرو وقال والله لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم فقال على " ع " اما والله انى لأرجو ان يظهر الله عليك وعلى أصحابك.

(ومن مناكير العامة) ما رووه عن عكرمة ان عليا " ع " أحرق أناسا ارتدوا فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت انا لم أحرقهم بالنار وان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله صلى الله عليه وآله من بدل دينه فاقتلوه فبلغ ذلك عليا فقال ويح ابن أم الفضل انه لغواص وندم على احراقهم.

(قال) شيخنا المفيد قدس الله روحه وهذا من أظرف شئ سمع وأعجبه  وذلك أن ابن عباس أحد تلامذته والآخذين العلم عنه وهو الذي يقول كان أمير المؤمنين " ع " يجلس بيننا كأحدنا ويداعبنا ويبسطنا ويقول والله ما ملأت طرفي منه قط هيبة له فكيف يجوز من مثل من وصفناه التقدم على أمير المؤمنين في الفتيا واظهار الخلاف عليه في الدين لا سيما في الحال التي هو مظهر له فيه الاتباع والتعظيم والتبجيل وكيف ندم على احراقهم وقد أحرق في آخر زمانه (" ع ") الاحد عشر الذين ادعوا فيه الربوبية أفتراه ندم على ندمه الأول كلا ولكن الناصبة تتعلق بالهباء المنثور.

(وقال) ابن أبي الحديد وهل اخذ عبد الله بن عباس الفقه وتفسير القرآن إلا عنه عليه السلام.

(وروى) الكشي وغيره ان ابن عباس حمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك عليا " ع " ووقع بين أمير المؤمنين " ع " وبينه مكاتبات شنيعة من اجل ذلك وهي مذكورة في كتاب الكشي وبعضها في نهج البلاغة وأنكر المحققون من العلماء ذلك وقالوا ان ذلك لم يكن ولا فارق عبد الله بن عباس عليا ولا بابنه ولا خالفه ولم يزل أميرا على البصرة إلى أن قتل " ع "، قال ابن أبي الحديد وهذا هو الأمثل عندي والأصوب أي لم يفارق أمير المؤمنين " ع ".

(قال المؤلف) عفا الله عنه : ومما يدل على أن ابن عباس لم يفارق أمير المؤمنين إلى أن قتل ما رواه المؤيد الخوارزمي في مناقبه عن عثمان بن المغيرة قال لما ان دخل شهر رمضان كان " ع " يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين (" ع ") وليلة عند ابن عباس لا يزيد على ثلاث لقم يقول يأتيني أمر الله وانا خميص انما هي ليلة أو ليلتان فأصيب من الليل.

(وروى) ذلك أيضا مصنف كتاب زهد علي بن أبي طالب " ع ".

(روى) أبو الفرج الأصبهاني في كتاب (مقاتل الطالبين) ان عليا ولى غسله ابنه الحسن وعبد الله بن عباس. 

وذكر بعض المؤرخين، ان ابن عباس لما قتل على " ع " حمل مبلغا من بيت المال البصرة ولحق بالحجاز واستخلف على البصرة عبد الله بن الحرث بن نوفل وهذا هو الصحيح ويدل عليه ان ابن الزبير عيره بذلك كما سيأتي.

روى المدائني قال: وفد عبد الله بن عباس على معاوية مرة فقال معاوية لابنه يزيد وزياد بن سمية وعتبة بن أبي سفيان ومروان بن الحكم وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحكم انه قد طال العهد بعبد الله بن عباس وما كان شجر بيننا وبينه وبين ابن عمه ولقد كان رضيه للتحكيم فدفع عنه فحركوه للكلام لنبلغ حقيقة صفته وتقف على كنه معرفته ونعرف ما صرف عنا من شبا حده وزوى عنا من دهاء رأيه فربما وصف المرء بغير ما فيه هو أعطى من النعت والاسم ما لا يستحقه ثم أرسل إلى عبد الله بن عباس فلما دخل واستقر به المجلس ابتدأه ابن أبي سفيان فقال يا بن عباس ما منع عليا ان يوجه بك حكما فقال والله لو فعل لقرنت عمرا بصعبة من الإبل يوجع كتفيه مراسها ولا ذهلت عقله واجرضته بريقه وقدحت في سويداء قلبه فلم يبرم أمرا ولم ينقض رأيا الا كنت منه بمرء ومسمع فان نكثه أبرمت قواه وان أبرمه فصمت عراه بغرب مقول لا يفل حده وأصالة رأى كمتاح الاجل لا وزر منه أفرى به أديمه وأفل به شبا حده واشحذ به عزائم المتقين وأزيح به شبهة الناكثين. فقال عمرو بن العاص هذا والله يا معاوية بزوغ (1) أول الشر وأفول آخر الحقير وفى حسمه قطع مادته فبادره بالحملة وانتهز منه الفرصة واردع بالتنكيل به غيره وشرد به من خلفه فقال ابن عباس يا بن النابغة ضل والله عقلك وسفه حلمك ونطق الشيطان على لسانك هلا توليت ذلك بنفسك يوم صفين حين دعيت إلى النزال وتكافحت الابطال وكثرت الجراح وتقصفت الرماح وبرزت إلى أمير المؤمنين مصاولا فكفا نحوك بالسيف حاملا لما رأيت الكر آثر من الفر وقد أعددت حيلة السلامة قبل لقائه والانكفاء عنه بعد إجابة دعائه فمنحته رجاء النجاة عورتك وكشفت له خوف بأسه سوأتك حذر ان يصطلمك بسطوته أو يلتهمك بحملته ثم أشرت على معاوية كالناصح له بمبارزته وحسنت له التعرض لمكافحته رجاء ان تكفى مؤنته وتعدم صورته فعلم غل صدرك وما أنحيت عليه من النفاق أضلعك وعرف مقر سهمك في غرضك فاكفف غرب لسانك وأقمع عوراء لفظك عن أسد خادر وبحر زاخر فإنك ان تعرضت للأسد افترسك وان عمت في البحر غمسك.

فقال مروان بن الحكم يا بن عباس انك لتصر بنابك وتوري نارك كأنك ترجو لغلبة وتؤمل العافية ولولا حلم أمير المؤمنين عنكم لتناولكم بأقصر أنامله فأوردكم منهلا بعيدا صدوره ولعمري لئن سطا بكم ليأخذن بعض حقه ولئن عفا عن جرائركم فقديما ما نسب إلى ذلك فقال ابن عباس وانك لتقول ذلك يا عدو الله وطريد رسول الله والمباح دمه والداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أثباجه اما والله لو طلب منى معاوية ثاره لأخذك به ولو نظر في أمر عثمان لوجدك أوله وآخره، واما قولك لي انك لتصر بنا بك وتوري نارك فاسأل معاوية وعمرا يخبراك ليلة الهرير كيف ثباتنا للمثلات واستخفافنا بالمعضلات وصدق جلادنا عند المصاولة وصبرنا على اللأواء والمطاولة ومصافحتنا بجباهنا السيوف المرهفة ومباشرتنا حد الأسنة المشرعة هل جبنا عن كرايم تلك المواقف أم لم نبذل مهجنا للمتألف، وليس لك إذ ذاك فيها مقام محمود ولا يوم مشهود ولا أثر معدود وأنهما شهدا ما لو شهدته لأقلقك فاربع على ظلعك ولا نعرض ما ليس لك فإنك كالمقرون في صفد لا تهبط برجل ولا ترقى برجل ولا ترقى بيد، فقال زياد يا بن عباس انى لأعلم ما منع حسنا وحسينا من الوقوف معك على أمير المؤمنين الا ما سولت لهما أنفسهما وغرهما به من هو عند البأساء سلمهما وأيم الله لو وليتهما لأدبا في الرحلة إلى أمير المؤمنين أنفسهما ويقل بمكانهما لبثهما فقال ابن عباس إذا والله يقصر دونهما باعك ويضيق بهما ذراعك ولو رمت ذلك لوجدت من دونهما فئة صدقا صبرا على البلاء لا يخيمون على اللقاء فلعركوك بكلاكلهم ووطؤوك بمناسمهم وأوجروك مشق رماحهم وشفار سيوفهم ووخز أسنتهم حتى تشهد بسوء ما اتيت وتتبين ضياع الحزم فيما جنيت فحذار حذار من سوء النية فتكافأ برد الأمنية وتكون سببا لفساد هذين الحيين بعد صلاحهما وساعيا في اختلافهما بعد ائتلافهما حيث لا يضرهما التباسك ولا يغنى عنهما إيناسك فقال عبد الرحمن بن أم الحكم، لله در ابن ملجم فقد بلغ الآمل وأمن الرجل واحد الشفرة وألان المهرة وأدرك الثأر ونفى العار وفاز بالمنزلة العليا ورقى الدرجة القصوى فقال ابن عباس اما والله لقد كرع كأس حتفه بيده وعجل الله إلى النار بروحه ولو أبدى لأمير المؤمنين صفحته لخالطه الفحل القضم والسيف الخذم ولألعقه صابا وسقاه سماما وألحقه بالوليد وعتبة وحنظلة فكلهم كان أشد منه شكيمة وأمضى عزيمة ففرى بالسيف هامهم وزملهم بدمائهم وقرى الذئاب أشلاءهم وفرق بينهم وبين أحبابهم أولئك حطب جهنم لها واردون فهل تحسن منهم من أحد أو تسمع له ركزا ولا غر وان ختل ولا وصمة ان قتل فانا لكما، قال دريد بن الصمة شعرا:

فانا للحم السيف غير مكره * ونلحمه طورا وليس بذي مكر

 يغار علينا واترين فيستقي * بنا ان أصبنا أو نغير على وتر

فقال المغيرة بن شعبة اما والله لقد أشرت على علي " عليه السلام " بالنصيحة فآثر رأيه ومضى على غلوائه فكانت العاقبة عليه لا له وإني لأحسب ان خلفه يقتدون بمنهجه فقال ابن عباس كان والله أعلم بوجوه الرأي ومعاقد الحزم وتصريف الأمور من أن يقبل مشورتك فيما نهى الله عنه وعنف عليه قال سبحانه لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله إلى آخر الآية ولقد وقفك على ذكر مبين وآية متلوة قوله تعالى وما كنت متخذ المضلين عضدا وهل  كان يسوغ له ان يحكم في دماء المسلمين وفى المؤمنين من ليس بمأمون عنده ولا موثوق به في نفسه هيهات هيهات هو اعلم بفرض الله وسنة رسوله ان يبطن خلاف ما يظهر الا التقية ولات حين تقية مع وضوح الحق وثبوت الجنان وكثرة الأنصار يمضى كالسيف المصلت في أمر الله مؤثرا لطاعة ربه والتقى على آراء أهل الدنيا فقال يزيد بن معاوية يا بن عباس انك لتنطق بلسان طلق ينبئ عن مكنون قلب حرق فاطو على ما أنت عليه كشحا فقد محا ضوء حقنا ظلمة باطلكم فقال ابن عباس مهلا يا يزيد فوالله ما صفت القلوب لكم منذ تكدرت بالعداوة عليكم ولا دنت بالمحبة إليكم منذ فأت بالبغضاء عنكم ولا رضيت اليوم منكم ما سخطته أمس من أفعالكم فان تدل الأيام فستقضى لما شذ عنا ونسترجع ما ابتز منا كيلا بكيل ووزنا بوزن وان تكن الأخرى فكفى بالله وليا لنا ووكيلا على المعتدين علينا فقال معاوية ان في نفسي منكم لحزازات يا بنى هاشم وإني لخليق ان أدرك فيكم الثأر وأنفى العار فان دمائنا قبلكم وظلامتنا فيكم فقال ابن عباس والله ان رمت ذلك يا معاوية لنستثيرن عليك أسدا مخدرة وأفاعي مطوفة لا يفثأها كثرة السلاح ولا بعضها نكاية الجراح يضعون أسيافهم على عواتقهم يضربون بها قدما قدما من ناواهم يهون عليهم نباح الكلاب وعواء الذئاب لا يفاتون بوتر ولا يسبقون إلى كريم ذكر قد وطنوا على الموت أنفسهم وسمت بهم إلى العليا هممهم كما قالت الأزدية:.

 قوم إذا شهدوا الهياج فلا * ضرب ينهنهم ولا زجر

 وكأنهم آساد أغيلة * غرثت وبل متونها القطر

 فلتكونن منهم بحيث أعددت ليلة الهرير الهرب فرسك وكان أكبر همك سلامة حشاشة نفسك ولولا طعام من أهل الشام وفوك بأنفسهم وبذلوا دونك مهجهم حتى إذا ذاقوا خز الشفار وأيقنوا بحلول الدمار رفعوا المصاحف مستجيرين بها وعائذين بعصمتها لكنت شلوا مطروحا بالعراء تسفى عليك رياحها ويعتورك ذئابها وما أقول هذا أريد صرفك عن عزيمتك ولا أزالتك عن  معقود نيتك لكن الرحم التي تعطف عليك والأواصر التي توجب صرف النصحية إليك فقال معاوية لله درك يا بن عباس ما تكشف الأيام منك الا عن سيف صقيل ورأي أصيل وبالله لو لم يلد هاشم غيرك لما نقص عدد ولو لم يكن لأهلك سواك لكان الله قد كثرهم ثم نهض فقام ابن عباس وانصرف.

وروى الحنبلي في (نهاية المطالب) بإسناده عن ربعي بن خراش قال سأل معاوية عبد الله بن عباس فقال ما تقول في علي بن أبي طالب فقال صلوات الله على أبى الحسن كان والله علم الهدى. وكهف التقى، وخل الحجى: وبحر الندى، وطود النهى، علما للورى، ونورا في ظلم الدجى. وداعيا إلى المحجة العظمى، ومستمسكا بالعروة الوثقى، وساميا إلى الغاية القصوى، وعالما بما في الصحف الأولى، وعاملا بطاعة الملك الأعلى. وعارفا بالتأويل والذكرى، ومتعلقا بأسباب الهدى، وحائدا عن طرقات الردى، وساميا إلى المجد والعلى، وقائما بالدين والتقوى، وسيد من تقمص وارتدى بعد النبي المصطفى، وأفضل من صام وصلى، وأجل من ضحك وبكى، صاحب القبلتين وهل يساويه مخلوق: كان أو يكون، كان والله للأسد قاتلا، وللبهم في الحرب خاتلا، على مبغضيه لعنة الله ولعنة العباد، إلى يوم التناد.

قال الزمخشري في ربيع الأبرار كان ابن عباس يقول في علي بن أبي طالب كان والله يشبه القمر الباهر، الأسد الخادر. والفرات الزاخر، والربيع الباكر، فأشبه من القمر ضوئه وبهاءه، ومن الأسد شجاعته ومضاءه ومن الفرات جوده وسخائه، ومن الربيع خصبه ورخائه وروى محمد بن جرير الطبري بإسناده عن الفضل بن العباس بن ربيعة قال وفد عبد الله بن العباس على معاوية قال فوالله انى لفي المسجد إذ كبر معاوية في الخضراء فكبر أهل الخضراء ثم كبر أهل المسجد بتكبيرة أهل الخضراء فبلغ الخبر ابن عباس فراح فدخل على معاوية قال علمت يا بن عباس ان الحسن توفى 

قال لذلك كبرت قال نعم قال اما والله ما موته بالذي يؤخر اجلك ولا حفرته بسادة حفرتك ولأن أصبنا به فلقد أصبنا بسيد المرسلين وامام المتقين ورسول رب العالمين ثم بعده بسيد الأوصياء فجبر الله تلك المصيبة ورفع تلك المعرة فقال ويحك يا بن عباس ما كلمتك إلا وجدتك معدا.

وحدث الزبير ابن بكار عن رجاله قال قدم ابن عباس على معاوية وكان يلبس أدنى ثيابه ويخفض شانه لمعرفته ان معاوية كان يكره اظهاره لشأنه وجاء الخبر إلى معاوية بموت الحسن بن علي " عليه السلام " فسجد شكرا لله تعالى وبان السرور في وجهه في حديث طويل ذكره الزبير ابن بكار ذكرت منه موضع الحاجة إليه وأذن للناس وأذن لابن عباس بعدهم فاستدناه وكان قد عرف بسجدته فقال له أتدري ما حدث بأهلك قال لا قال فان أبا محمد " عليه السلام " توفى فعظم الله أجرك فقال انا لله وانا إليه راجعون عند الله محتسب المصيبة برسول الله صلى الله عليه وآله وعند الله نحتسب بمصيبتنا بالحسن " عليه السلام " انه قد بلغتني سجدتك فلا أظن ذلك الا لوفاته والله لا يسد جده حفرتك ولا يزيد بقضاء اجله في عمرك ولربما رزينا بأعظم من الحسن " عليه السلام " ثم حبى الله قال معاوية كم كان أتى له قال شأنه أعظم من أن تجهل مولده قال أحسبه ترك صبيانا صغارا قال كلنا كان صغيرا فكبر قال أصبحت سيد أهلك قال إماما أبقى الله! يا عبد الله الحسين " عليه السلام " بن علي " عليه السلام " فلا ثم قام وعينه تدمع فقال معاوية لله دره لا والله ما هجيناه قط إلا وجدناه سيدا ودخل على معاوية بعد انقضاء العزاء فقال له معاوية يا أبا العباس اما تدرى ما حدث في أهلك قال لا قال هلك أسامة بن زيد فعظم الله أجرك قال انا لله وانا إليه راجعون رحم الله أسامة وخرج واتاه بعد أيام وقد عزم على محاققته فصلى في الجامع يوم الجمعة واجتمع الناس يسألونه عن الحلال والحرام والفقه والتفسير وأحوال الإسلام والجاهلية وافتقد معاوية الناس فقيل انهم مشغولون بابن عباس ولو شاء ان يضربوا معه بمائة الف سيف قبل الليل لفعل فقال نحن أظلم منه حبسناه عن أهله ونعينا إليه  أحبته انطلقوا فادعوه فدعاه الحاجب فقال انا بنى عبد مناف إذا حضرت الصلاة لم نقم حتى نصلى أصلي إنشاء الله وآتيه فرجع وصلى العصر واتاه فقال حاجتك فما سأله حاجة الا قضاها وقال أقسمت عليك لما دخلت بيت المال فأخذت حاجتك وانما أراد ان يعرف أهل الشام ميل ابن عباس إلى الدنيا فعرف ما يريده فقال إن ذلك ليس لي ولا لك فان أذنت ان أعطي كل ذي حق حقه فعلت قال أقسمت عليك الا دخلت فأخذت حاجتك فدخل فاخذ برنس خز أحمر يقال انه كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " ثم خرج فقال يا أمير المؤمنين بقيت لي حاجة قال ما هي قال علي بن أبي طالب " عليه السلام " قد عرفت فضله وسابقته وقرابته وقد كفاكه الموت أحب ان لا يشتم على منابركم قال هيهات يا بن عباس هذا أمر دين أليس أليس وفعل وفعل فعدد ما بينه وبين على " عليه السلام " فقال ابن عباس أولى لك يا معاوية والموعد القيامة ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون وتوجه إلى المدينة.

قلت: أولى لك. قال الجوهري تهدد ووعد، وقال الأصمعي أي قاربه يهلكه أي نزل به قال تغلب لم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي.

قال المؤلف: عفا الله عنه لابن عباس مع معاوية اخبار كثيرة اقتصرنا منها على هذا المقدار خشية الاكثار.

وفى بعض الروايات:

 ان ابن عباس حضرموت الحسن " عليه السلام " بالمدينة وانه لما حمل سرير الحسن " عليه السلام " إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله ظن مروان انهم سيد فنونه عند رسول الله صلى الله عليه وآله فتجمع هو ومن معه ولبسوا سلاحهم ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول مالي ولكم تريدون ان تدخلوا بيتي من لا أحب وجعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعه * أيدفن عثمان في أقصى المدينة، ويدفن الحسن مع النبي صلى الله عليه وآله لا يكون ذلك ابدا وانا أحمل السيف وكادت الفتنة تقع بين بنى هاشم وبنى أمية فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله  لكنا نريد أن نحدد عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة لندفنه لوصيته عندها ولو كان وصى بدفنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله لعلمت انك أقصر باعا عن ردنا ولكنه كان اعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره ودخل بيته بغير اذنه ثم اقبل على عائشة وقال وا سوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل تريدين ان تطفئ نور الله وتقاتلي أولياء الله ارجعي فقد كفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.

وهذا يخالف ما ذكرناه آنفا عن المسعودي والزبير أبن بكار أن أبن عباس لما مات الحسن " عليه السلام " كان بدمشق ولعل المراد بابن عباس الذي حضر بموت الحسن عبيد الله بن عباس لكن إذا أطلق ابن عباس لم يرد به الا عبد الله والله أعلم.

واخرج الشيخ أبو على الحسن بن محمد الطوسي قدس الله روحه في (أماليه) عن سعيد بن المسيب قال سمعت رجلا يسأل أبن عباس عن علي بن أبي طالب " عليه السلام " فقال صلى القبلتين وبايع البيعتين ولم يعبد صنما ولا وثنا ولم يضرب على رأسه بزلم ولا قدح ولد على الفطرة ولم يشرك بالله طرفة عين فقال الرجل انى لم أسألك عن هذا انما أسألك عن حمل سيفه على عاتقه يختال به حتى انى البصرة فقتل بها أربعين الف ثم سار إلى الشام فلقى حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم ثم أتى أهل النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم فقال له ابن عباس أعلي " عليه السلام " اعلم عندك أم انا فقال لو كان على اعلم عندي منك ما سألتك فغضب ابن عباس حتى اشتد غضبه ثم قال ثكلتك أمك على علمني وكان علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله علمه الله من فوق عرشه فعلم النبي صلى الله عليه وآله من الله وعلم على " عليه السلام " من النبي صلى الله عليه وآله وعلى من علم على " عليه السلام " وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله كلهم في علم على " عليه السلام " كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر.

واخرج الموفق في مناقبه عن سعيد بن جبير قال بلغ ابن عباس ان قوما يقعون في علي " عليه السلام " فقال لابنه علي بن عبد الله خذ بيدي فاذهب بي إليهم فاخذ  بيده حتى انتهى إليهم فقال أيكم الساب الله فقالوا سبحان الله من سب الله فقد أشرك فقال أيكم الساب رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا من سب رسول الله صلى الله عليه وآله فقد كفر فقال أيكم الساب لعلى " عليه السلام " قالوا قد كان ذلك قال فاشهدوا انى سمعت رسول الله يقول من سب عليا " عليه السلام " فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله على وجهه في النار، ثم ولى عنهم فقال لابنه على كيف رأيتهم فأنشأ يقول:

نظروا إليك باعين محمرة * نظر التيوس إلى شفار الجازر قال زدني فداك أبوك فقال:

خزر الحواجب ناكسي أذقانهم * نظر الذليل إلى العزيز القادر قال زدني فداك أبوك فقال ما أجد مزيدا قال لكني أجد.

أحياؤهم خزى على أمواتهم * والميتون فضيحة للغابر واخرج الطوسي رحمه الله في (أماليه) عن يونس بن عبد الوارث عن أبيه قال بينا ابن عباس (ره) يخطب عندنا على منبر البصرة إذا قبل الناس بوجهه ثم قال أيتها الأمة المتحيرة في دينها اما والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله ولا عال ولى الله ولا اختلف اثنان في حكم الله فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

(وروى صاحب كتاب الأوائل) عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله ابن مسعود انه قال التقيت انا وزفر بن أويس النظري فقلنا أنمضي إلى ابن عباس نتحدث عنده فمضينا وتحدثا فكان مما حدثنا به ان قال سبحان الله الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في المال نصفا ونصفا وثلثا ذهب النصفان بالمال فأين الثلث انما جعل نصفا ونصفا وأثلاثا وأرباعا وأيم الله لو قدموا من قدمه الله وأخروا من اخره الله ما عالت الفريضة قط قلت من الذي نعمه الله ومن الذي اخره الله قال الذي أهبطه الله من فرض إلى فرض فهو الذي قدمه الله والذي أهبطه  من فرض إلى ما بقى فهو الذي اخره الله فقلت من أول من أعال الفرائض قال عمر بن الخطاب.

(قال المؤلف) ترك العول مما أجمع عليه علماء الإمامية ووردت به نصوص عن أهل البيت " عليه السلام " وهو عبارة عن زيادة الفرض على مجموع اجزاء المال واخذ كل صاحب فرض عدد فرضه من هذا العدد الزائد ليدخل النقص على كل منهم بالسوية مثلا إذا اجتمع بنت وزوج وأبوان فللبنت النصف وهو ستة من اثنى عشر وللزوج الربع ثلاثة منه ولكل من الأبوين السدس اثنان منه فالمجموع ثلاثة عشر فيقسم المال على ثلاثة عشر ويعطى الزوج ثلاثة منه والبنت ستة منه وكل من الأبوين اثنين ينقص فرض كل منهم والامامية لا يدخلون النقص الا على البنت فيأخذ الزوج الربع وكل من الأبوين السدس ويبقى للبنت خمسة من اثنى عشر وكان فرضها ستة من اثنى عشر وهذا معنى قول ابن عباس والذي أهبطه الله من فرض إلى ما بقى فهو الذي اخره الله (وروى) عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء ابن رباح قال سمعت عبد الله بن عباس يقول ما كانت المتعة الا رحمة رحم الله بها أمة محمد صلى الله عليه وآله ولولا أن عمر نهى عنها ما احتاج إلى الزنا الا شفى.

(وروى) عن ابن عباس انه قال لو جعل الله لأحد ان يحكم برأيه لجعل ذلك لرسول الله وقد قال له وان احكم بينهم بما أراك الله ولم يقل بما رأيت (واخرج) ابن بابويه (ره) في أماليه عن سعيد ابن جبير قال اتيت عبد الله بن عباس فقلت له يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وآله انى جئتك أسألك عن علي بن أبي طالب " عليه السلام " واختلاف الناس فيه فقال ابن عباس يا بن جبير جئت تسألني عن خير خلق الله من الأمة بعد محمد نبي الله صلى الله عليه وآله جئت تسألني عن رجل كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة القربة يا بن جبير جئتني تسألني عن وصى رسول الله صلى الله عليه وآله ووزيره وخليفته وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته والذي نفس  ابن عباس بيده لو كانت بحار الدنيا مدادا وأشجارها أقلاما وأهلها كتابا فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب " عليه السلام " وفضائله من يوم خلق الله الدنيا ان يفنيها ما بلغوا معشار ما اتاه الله تبارك وتعالى.

(وحكى) ان عمر بن أبي ربيعة أتى عبد الله بن العباس وهو في حلقة في المسجد الحرام فقال له أمتعني الله بك ان نفسي قد تاقت إلى قول الشعر وقد أكثر الناس في الشعر فاسمع حتى أنشدك فاقبل عليه ابن وقال هات فأنشده:

تشط غدا دار جيراننا فقال ابن عباس:

وللدار بعد غد أبعد قال عمر والله ما قلت الا كذا فهل سمعته أصلحك الله قال لا ولكن كذلك ينبغي ثم أنشده:

امن آل نعم أنت غاد فمبكر * غداة غد أم رائح فمهجر

حتى أتى على آخرها فلم يعب شيئا وقال أنت شاعر ماذا شئت فقل فلما قام عمر قال نافع بن الأزرق الله يا بن عباس انا لنضرب إليك أكباد الإبل من أقاصي الأرض لنسألك عن الحلال والحرام فتعرض عنا ويأتيك مترف من مترفي قريش قد عطر لحيته بالغالية يلحف أذياله بالحصى وينشد شعرا:

رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت * فيجزى بالعشي فيخسر

فقال ابن عباس ليس هكذا أنشدني الرجل قال كيف أنشدك قال:

رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت * فيضحي وأيما بالعشي فيخص

ر قال ما أراك إلا قد حفظت البيت قال نعم وان شئت ان أنشدك القصيدة أنشدتكها قال فأنى أشاء فأنشده القصيدة حتى أتى على آخرها هي سبعون بيتا فقال له نافع يا بن عباس أسمعت هذا الشعر قبل اليوم قال لا ورب هذه البنية قال ما رأيت احفظ منك قال لو رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " ع "   رأيت احفظ منى ان كان ليصلي فيبدع الآية فيركع ثم يقوم فإذا قال ولا الضالين رجع إلى الموضع الذي ركع فيقرأها وينظمها انتظاما لا يعلم أحدا ممن رآه ما صنع الا حافظ كتاب الله تعالى.

(وحكى المسعودي) في مروج الذهب قال لما هم الحسين " عليه السلام " بالخروج إلى العراق اتاه عبد الله بن عباس فقال يا بن عم قد بلغني انك نريد الخروج إلى العراق وانهم أهل غدر وانما بدعوتك إلى الحرب فلا تعجل فان أبيت الا محاربة هذا الجبار وكرهت المقام بمكة فاشخص إلى اليمن فإنها في عزلة ولك فيها أنصار وأعوان فأقم بها ومث دعاتك واكتب إلى أهل الكوفة وأهل العراق ليخرجوا أميرهم فان قووا على ذلك ونفوه عنها ولم يبقى بها فنعم واما انا لغدرهم بآمن وان لم يفعلوا أقمت مكانك إلى أن يأتي الله بأمره فان فيها حصونا وشعابا فقال الحسين " ع " يا بن عم انى لأعلم انك لي ناصح وعلى شفيق ولكن مسلم بن عقيل كتب إلى باجتماع أهل الكوفة على نصرتي وبيعتي وقد أجمعت على المسير إليهم فقال إنهم من خبرت وجريت وهم أصحاب أبيك وأخيك وانك لو خرجت فبلغ ابن زياد خروجك لاستفزهم وكان الذين كتبوا إليك أشد، عليك من عدوك فان عصيتني وأبيت الا الخروج فلا تخرجن نسائك وولدك معك فوالله انى لخائف ان تقتل ولولا يزرى بي وبك لأنشبت يدي في عنقك فكان الذي رد عليه ان قال والله لأن اقتل بمكان كذا وكذا أحب إلى من أن نستحل بي مكة فآيس ابن عباس منه.

(وروى غيره) انه لما خرج الحسين من مكة إلى العراق ضرب عبد الله ابن عباس بيده على منكب ابن الزبير:

يا لك من قبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت ان تنقري * هذا الحسين سائر فابشري خلى الجو والله لك يا بن الزبير سار الحسين " عليه السلام " إلى العراق فقال ابن الزبير يا بن عباس والله ما ترون هذا الأمر الا لكم ولا ترون إلا انكم أحق به من جميع الناس فقال ابن عباس انما يرى من كان في شك ونحن من ذلك على يقين ولكن أخبرني عن نفسك بماذا تروم هذا الأمر قال بشر في قال بماذا شرفت ان كان لك شرف فإنما هو بنا فنحن أشرف منك لأن شرفك منا وعلت أصواتهما فاعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.

(وروى) عثمان بن طلحة العذري قال شهدت من ابن عباس (ره) مشهدا ما سمعته من رجل من قريش كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن الحكم وهو يومئذ أمير المدينة سرير آخر أصغر منه فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل ويوضع الوسائد فيما عدا ذلك فأذن مروان يوما للناس وإذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان فاقبل ابن الزبير فجلس عليه أي على السرير المحدث وسكت مروان والقوم فإذا يد ابن الزبير تتحرك فعلمت انه يريد ان ينطق ثم نطق فقال إن أناسا يزعمون أن بيعة أبى بكر كانت غلطا وفلتة ومغالبة الا ان شأن أبى بكر أعظم من أن يقال فيه هذا ويزعمون انه لولا ما وقع لكان الأمر لهم وفيهم والله ما كان من أصحاب محمد ص أحد أثبت ايمانا ولا أعظم سابقة من أبى بكر فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر فلم يكن الا ما قال ثم ألقى عمر حظهم في حظوظ وجدهم في جدود فسمت تلك الحظوظ فاخر الله سهمهم وادحض جدهم وولى الأمر عليهم من كان أحق به منهم فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه عزه ثم قتلهم الله به كل قتلة وصاروا مطردين تحت بطون الكواكب فقال ابن عباس على رسلك أيها القاتل في أبى بكر وعمر والخلافة اما والله ما نالا ولا نال أحد منهما شيئا الا وصاحبنا خير ممن نال وقو تقدم صاحبنا لكان أهلا وفوق الاهل ولولا انك انما تذكر حظ غيرك وشرف امرئ سواك لكلمتك ولكن ما أنت وما لا حظ لك فيه اقتصر على حظ نفسك ودع تيما لتيم وعديا لعدي وأمية لامية  ولو كلمني تيمي أو عدوى أو أموي لكلمته وأخبرته خبر حاضر لا خبر غائب عن غائب ولك من أنت وليس عليك فان يكن في أسد ابن عبد العزى شئ فهو لك اما والله لنحن أقرب بك عهدا وأبيض عندك يدا وأوقر عندك نعمة ممن أمسيت تظن انك تصول به علينا وما أخلق ثوب صفيه بعد. والله المستعان على ما تصفون.

(وروى) ان عبد الله بن الزبير تزوج امرأة من فزارة يقال لها أم عمر بنت منظور فلما دخل بها وخلا معها قال لها أتدرين من معك في حجلتك قالت نعم عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد قال ليس هذا أردت قالت فأي شئ تريد فقال معك في حجلتك من أصبح الغداة في قريش بمنزلة الرأس في الجسد لا بل العينين من الرأس فقالت اما والله لو أن بعض الهاشميين حضرك لكان خليقا ان لا يقر لك بذلك فقال لها ان الطعام والشراب على حرام حتى أحضرك الهاشميين وغيرهم ممن لا يستطيع لذلك انكارا قالت إن أطعتني فلا تفعل وأنت اعلم بشأنك فخرج ابن الزبير إلى المسجد فإذا بحلقة فيها جماعة من قريش وفيها من بنى هاشم عبد الله بن عباس وعبد الله بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب فقال لهم انى أحب ان تنطلقوا معي إلى منزلي في حاجة عرضت فقام القوم بأجمعهم حتى قاموا على باب منزله فقال ابن الزبير يا هذه اطرحي عليك سترك وأذني القوم يدخلوا ففعلت فلما أخذوا مجالهم دعا ابن الزبير بالمائدة فاكل القوم جميعا فلما فرغوا من الغذاء قال لهم انما جمعتكم لحديث أوردته على صاحبة هذا الستر فزعمت أن لو كان بعض الهاشميين حضرني ما أقر لي به وقد حضرتم أيها الملأ جميعا وأنت يا بن عباس ما تقول أخبرتها ان معها في خدرها من أصبح الغداة في قريش بمنزلة الرأس من الجسد لا بل العينين من الرأس فردت على ما قلت فقال له ابن عباس أراك قصدت قصدي فان شئت ان أقول قلت وان اكف كففت فقال ابن الزبير لا بل قل وما عسيت ان نقول الست تعلم أن أبى حواري رسول الله وان أمي اسما بنت صديق رسول الله صلى الله عليه وآله وان خديجة سيدة نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وان صفية عمة رسول الله جدتي وان عائشة أم المؤمنين خالتي فهل تستطيع لهذا انكارا يا بن عباس فان قدرت ان تنكر ذلك فافعل فقال ابن عباس لقد ذكرت شرفا شريفا وفخرا فاخرا غير انك بنا نلت هذا كله وأدركت سنامه وعلوه فأنت تفاخر من بفخره فخرت وتسامي من بفضله سموت فقال ابن الزبير هلم أنافرك قبل ان يبعث محمد صلى الله عليه وآله فقال ابن عباس (قد أنصف القارة من راماها) أسئلكم يا معشر الحضور أعبد المطلب كان أضخم في قريش أم خويلد فقالوا اللهم بل عبد المطلب فقال أسألكم بالله أهاشم كان أضخم في قريش أم أسد فقالوا اللهم بل هاشم فقال أسألكم بالله أعبد مناف كان أضخم في قريش أم عبد العزى قالوا اللهم بل عبد مناف فأنشأ ابن عباس يقول:

تنافرني يا بن الزبير وقد قضى * عليك رسول الله لا فول هازل

 فلو غيرنا يا بن الزبير فخسرته * ولكنما فاخرت شمس الأصائل

 قضى عليك رسول الله صلى الله عليه وآله بقوله ما افترقت فرقتان الا كنت في خيرهما فقد فارقتنا من لدن قصي بن كلاب فنحن في فرقة الخير فان قلت لا كفرت وان قلت نعم قهرت فضحك بعض القوم فقال ابن الزبير اما والله يا بن عباس لولا تحرمك بطعامنا وكراهة الاخساس بالدين معك لا عرفت جبينك قبل ان تقوم من مجلسك هذا فقال ابن عباس ولم أفبالباطل فبالباطل لا يغلب الحق أم بالحق فالحق لا يخس بالدين معي ولا يعنيه على ولا عليك من معي فقالت المرأة من خلف الستر اما والله لقد نهيته يا بن عباس عن هذا المجلس فأبى الا ما ترى فقال ابن عباس أيتها المرأة اقنعي ببعلك فما أعظم الخطر وأكرم الخبر ثم اخذ القوم بيد ابن عباس وقالوا انهض أيها الرجل لقد فضحته في منزله غير مرة فنهض ابن عباس (ره) وهو يقول شعرا.

الا يا قومنا ارتحلوا وسيروا * فلو ترك القطا ليلا لناما

فقال ابن الزبير يا صاحب القطا ارجع واقبل على اما والله ما كنت لتدعني حتى أقول وأيم الله لقد عرف القوم انى سابق غير مسبوق وأبى حواري وصديق يتبجح في الشرف الأنيق غير طليق ولا ابن طليق فقال ابن عباس هذا الكلام مردود من أمر حسود سابق فيمن سبقت وفاخر فيمن فخرت وصديق فيمن صدقت فان كان هذا الأمر أدركته بأسرتي فالفخر لي عليك والكثكث في يديك واما ما ذكرت من الطليق فوالله لقد ابتلى فصبر وانعم عليه فشكر وان كان لوفيا كريما غير ناقض بيعة بعد توكيدها ولا مسلم كتيبة بعد تأييدها ولا بفرار جبان فقال أتعير الزبير بالجن والله أنك لتعلم خلاف ذلك فقال ابن عباس والله أنى لأعلم انه قد فر وما كر وحارب فما قر وبايع فما بر وأنشأ ابن عباس رحمه الله يقول:

وما كان الا كالسكيت امامه * عتاق تجاري في الجهاد فاجهدا فأدرك منها مثل ما كان أهله * وقصر عن جرى الكرام مبلدا فقال عبد الله بن نوفل بن الحرث ويلك يا بن الزبير أقمناه عنك فتأبى الا منازعته فوالله لو نازعته من ساعتك هذه إلى انقضاء عمرك ما كنت الا كالمزداد من الريح فقل أو دع فقال ابن الزبير والله يا بنى هاشم ما بقى الا المحاربة والمضاربة بالسيوف فقال له عبد الله بن نوفل بن الحرث اما والله لقد جربت ذلك فوجدت غيه وخيما فان شئت فعد حتى نعود وانصرف القوم عنه وافتضح ابن الزبير.

(وروى) أن ابن الزبير خطب بمكة على المنبر وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر فقال إن هيهنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره يزعم أن متعة النساء حلال من الله ورسوله ويفتى في القملة والنملة وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس وترك المسلمين بها يرتضخون النوى وكيف ألومه في ذلك وقد قاتل أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وآله ومن وقاه بيده فقال ابن عباس  لقائده استقبل في وجه ابن الزبير وارفع من صدري وكان ابن عباس قد كف بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير وأقام قامته فحسر عن ذراعيه ثم قال يا بن الزبير شعرا:

قد أنصف القارة من راماها * إنا إذا ما فئة نلقاها

نرد أولاها على أخراها * حتى تصير حرضا دعواها

 يا بن الزبير اما العمى فان الله تعالى يقول فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور واما فتياي في القملة والنملة فان فيها حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك واما حمل المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطينا كل ذي حق حقه وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فأخذناه بحقنا واما المتعة فسأل أمك اسما إذا نزلت عن بردى عوسجة واما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك فانطلق أبوك وخالك إلى حجاب مده الله عليها فهتكاه عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها وصانا حلائلهما في بيوتهما فما أنصفا الله ولا محمدا من أنفسهما إذ أبرزا زوجة نبيه صلى الله عليه وآله وصانا حلائلهما واما قتالنا إياكم فانا لقيناكم زحفا فان كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا وان كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا وأيم الله لولا مكان صفية فيكم ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظما الا كسرته فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردى عوسجة فقالت ألم أنهك عن ابن عباس وعن بنى هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا فقال بلى وعصيتك فقالت يا بنى احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الأنس والجن واعلم أن عنده فضايح قريش ومخازيها بأسرها فإياك وإياه إلى اخر الدهر فقال أيمن بن خزيم بن مالك الأسدي:

يا بن الزبير لقد لاقيت بائقة * من البوائق فالطف لطف محتال

 لاقيته هاشميا طاب منبته * في مغرسيه كريم العم والخال

 ما زال يقرع منك السمع مقتدرا * على الجواب بصوت مسمع عال

  حتى رأيتك مثل الكلب منحجرا * خلف الغبيط وكنت الباذخ العالي

 ابن ابن عباس المعروف حكمته * خير الأنام له حال من الحال

 عيرته المتعة المتبوع سنتها * وبالقتال وقد عيرت بالمال

 لما رماك على رسل بأسهمه * جرت عليك كسوف الحال والبال

 فاختر مقولك الا على بشفرته * عزا وحبا بلا قيلا ولا قال

 واعلم بأنك ان عاودت غيبته * عادت عليك مخار ذات أذيال

(وبلغ يزيد بن معاوية) ان ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يدعوه إلى مبايعته وقال له ان الناس إذا رأوك بايعتني لم يتخلف عنى أحد فقال له ابن عباس ان ليزيد في رقابنا بيعة لا يمكن نقضها.

فكتب يزيد إلى ابن عباس اما بعد فقد بلغني ان الملحد بن الزبير دعاك إلى بيعته والدخول في طاعته وانك امتنعت عليه واعتصمت ببيعتي وفاء منك لنا وطاعة لله في تثبيت ما عرفك الله من حقنا فجزاك الله من ذي رحم بأحسن ما يجزى الواصلين لأرحامهم والموفين بعهدهم ومهما نسيت فإني لست بناس برك وتعجيل صلتك وحسن جزائك الذي أنت أهله منى في الطاعة وما جعله الله لك من الشرافة والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وانظر ما قبلك من قومك ومن يطرأ عليك من الآفاق ومن غره الملحد بن الزبير بلسانه وزخرف له قوله فأعلمهم حسن رأيك في والتمسك ببيعتي فإنهم لك أطوع ومنك اسمع منهم للملحد المحارق والخارج المارق والسلام.

(فكتب إليه ابن عباس) اما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير إياي إلى بيعته وامتناعي عليه فان بك ذلك كما بلغك فلم يكن حمدك ولا ودا أردت ولكن الله بالذي نويت به عليم وزعمت انك لست بناس بري وتعجيل صلتي فاحبس أيها الانسان صلتك عنى فإني حابس عنك نصرتي وودي فلعمري ما تؤتينا مما في يديك من حقنا الا الحقير القليل وانك لتحبس عنا منه العريض  الطويل وسألتني أن أحض الناس على موالاتك وأن اخذلهم عن ابن الزبير فواعجبا لك تسألني نصرتك وتحدوني على ودك وقد قتلت الحسين بفيك الكثكث انك إذ منتك نفسك ذلك لعازب الرأي وأنت المفند المثبور أنسيت قتلك الحسين " عليه السلام " وفتيان عبد المطلب مصابيح الدجى وأعلام الهدى غادرتهم جنودك مصرعين في البطحاء مرملين بالدماء مسلوبين بالعراء تسفى عليهم ريح الصبا تعتورهم الذئاب وتنتابهم عرج الضباع لا مكفنين ولا موسدين حتى أتاح الله لهم قوما لم يشركوك في دمائهم فكفنوهم ودفنوهم وبهم عززت وجلست مجلسك الذي جلست أنت وأبوك قبلك وما أنس ما الأشياء لم انس تسليطك عليهم الدعي ابن العاهرة الفاجرة البعيد من رحمنا اللهم ان رسول الله قال الولد للفراش وللعاهر الحجر فقال أبوك الولد لغير الفراش والعاهر لا ينقصه عهره شيئا ويلحق به ولده للزنية كما يلحق بالعف التقى ولده للرشده فقد أمات أبوك السنة وأحيى البدع وقد جررت على الدواهي بمخاطبتك على انى استصغر واستقصر توبيخك لكن العيون عبرى والصدور حرى وهذا الأيدي تنطف من دمائنا وتلك الجثث الطواهر تنتابها العواسل وتفرسها الفراعل وتخطف لحومها سباع الطير ولن أنسى طردك الحسين " عليه السلام " من حرم الله وتسييرك إليه الرجال بالسيوف في الحرم تغتاله وتطلب غرته دسست إليه من نابذه ليقتله فما زلت به حتى أشخصته من مكة إلى الكوفة فخرج منها خائفا يترقب تزأر له خيلك زئير الأسد عداوة منك لله ولرسوله ولأهل بيته وأيم الله ان كان لأعز أهل البطحاء بالبطحاء حديثا وقديما وأولى أهل الحرمين منزلة بالحرمين لو نوى بهما مقاما واستحل بهما قتالا ولكن كره ان يكون هو الذي يستحل حرمة الله وحرمة رسوله فأكبر ما لم تكبر أنت حيث دسست إليه الرجال تغتاله بهما وما لم يكبر ابن الزبير حين الحد في البيت الحرام مع حزبه الغاوين فقصد قصد العراق فكتبت إلى ابن مرجانة يستقبله بالخيل والرجال والسيوف والحراب وأمرته أن يسرع معاجلته ويترك مطاولته وأكدت  بالإلحاح ليقتله ومن معه من بنى عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ثم انه طلب إليكم الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة الأنصار واستأصال أهل بيته فعدوتم عليهم فقتلتموهم كأنكم قتلتم أهل بيت من الترك فلا شئ أعجب إلى من طلبك ودي ونصرتي وقد قتلت ابن أبي وسيفك يقطر من دمى وأنت أحد ثاري وانا أرجو ان لا يطل لديك دمى ولا تسبقني بثأري ولأن سبقت ولا تشتفي بثأري ولان شفيت به في الدنيا فقتلتنا فقد قتل النبيون وآل النبيين فطللت دمائهم وكان الله الموعد وكفى بالله للمظلومين ناصرا والله لنظفرن بك غدا أو بعد غد وذكرت وفائي لك وعرفاني بحقك فان يك كما ذكرت أو لم يكن فوالله ما رأيت أعرف أننا أحق بهذا الأمر منك ومن أبيك ولكنكم كابرتمونا فقهرتمونا واستأثرتم علينا بسلطاننا ودفعتمونا عن حقنا فبعدا للمتجري على ظلمنا ودافعنا عن حقنا كما بعدت ثمود وعاد وقوم مدين واخوان لوط. ومن أعجب الأعاجيب وما زال يريك الدهر العجب حملك بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وأغيلمة من ولد صغار إليك بالشام كالسبي المجلوب وترى الناس انك قهرتنا وانك تمن علينا وبنا من الله عليك ومنعك وأباك وأمك من السبي فلعمري إن كنت تمسي وتصبح وأنت تجرح بدني فلقد رجوت أن لا يقطب جراحك لساني ونقضي أو ابرامي وأيم الله لا يمكنك الله بعد قتل الحسين " ع " وعترة رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يأخذك أخذا أليما ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا فعش لا أبالك رويدا ما استطعت فقد والله لعنك الله وملائكته ورسله والله المستعان وعليه التكلان.

(واخرج النسائي في صحيحه) عن أبي مليكة قال كان بين ابن عباس وبين ابن الزبير شئ فغدوت على ابن عباس فقلت أتريد ان تقاتل ابن الزبير فتحل حرم الله فقال معاذ الله أن الله كتب ابن الزبير وبنى أمية محلين للحرام وإني والله لا أحله ابدا.

(وروى المسعودي) عن سعيد بن جبير إن ابن عباس دخل على ابن الزبير فقال له أبن الزبير إلى م تؤنبني وتعنفني فقال أبن عباس انى سمعت رسول الله يقول بئس المسلم يشبع ويجوع جاره وأنت ذلك الرجل فقال أبن الزبير والله أنى لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة وتشاجرا فخرج ابن عباس من مكة فأقام بالطائف حتى مات.

(وروى غيره) أن أبن الزبير حبس عبد الله بن العباس مع محمد بن الحنفية رضي الله عنه في رجال من بنى هاشم في شعب غارم حتى أرسل المختار من الكوفة جيشا فاستخلصوهم منه كما سيأتي ذكره في ترجمة ابن الحنفية انشاء الله تعالى (وروى المدائني) قال لما اخرج ابن الزبير عبد الله بن عباس من مكة إلى الطائف مر بنعمان فنزل فصلى ركعتين ثم رفع يديه يدعو فقال اللهم أنك تعلم أنه لم يكن بلد أحب إلى من أن أعبدك فيه من البلد الحرام وإني لا أحب أن تقبض روحي إلا فيه إن ابن الزبير أخرجني ليكون الأقوى في سلطانه اللهم فأوهن كيده واجعل دائرة السوء عليه فلما دنى من الطائف تلقاه أهلها فقالوا مرحبا يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وآله أنت والله أحب إلينا وأكرم علينا ممن أخرجك هذه منازلنا تخيرها فأنزل منها حيث أحببت فنزل منزلا فكان يجلس إليه أهل الطائف بعد الفجر وبعد العصر فيتكلم بينهم.

(قال المسعودي) في مروج الذهب ذهب بصر ابن عباس لبكائه على علي ابن أبي طالب والحسن والحسين " ع " وهو الذي يقول:

أن يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي ذكى وعقلي غير مدخل * وفى فمي صارم كالسيف مشهور

 (وأخرج الكشي) عن سلام بن سعيد عن عبد الله بن عبد يا ليل، رجل من أهل الطائف. قال: أتينا ابن عباس (ره) نعوده في مرضه الذي مات فيه قال فأغمي عليه في البيت فاخرج إلى صحن الدار قال فأفاق فقال إن خليلي رسول الله قال إني سأهاجر هجرتين وإني سأخرج من هجرتي فهاجرت هجرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهجرة مع علي " عليه السلام " وإني سأعمى فعميت وإني سأغرق فأصابني حكة فطرحني أهلي في البحر فغفلوا عنى فغرقت ثم استخرجوني بعد وأمرني أن أبرء من خمسة من الناكثين وهم أصحاب الجمل ومن القاسطين وهم أهل الشام ومن الخوارج وهم أهل النهروان ومن القدرية وهم الذين ضاهوا النصارى في دينهم فقالوا لا قدر. ومن المرجئة الذين ضاهوا اليهود في دينهم فقالوا الله أعلم قال ثم قال اللهم أن أحيى ما حي عليه علي بن أبي طالب " عليه السلام " وأموت على ما مات عليه علي بن أبي طالب " عليه السلام " قال ثم مات فغسل وكفن ثم صلى على سريره فجاء طائران أبيضان فدخلا في كفنه فرأى الناس انما هو فقهه، فدفن.

(وأخرج أيضا) عن شريح عبد أبى عبد الله " عليه السلام " ان ابن عباس لما مات وأخرج خرج من كفنه طير أبيض ينظرون إليه نحو السماء حتى غاب عنهم فقال " عليه السلام " وكان أبى يحبه حبا شديدا وكانت أمه تلبسه ثيابه وهو غلام فينطلق إليه في غلمان بنى عبد المطلب قال فأتاه بعد ما أصيب ببصره فقال من أنت قال انا محمد بن علي بن الحسين " عليه السلام " فقال حسبك من لم يعرفك فلا عرفك.

(وأخرج أحمد بن حنبل) في مسنده عن السدى عن أبي صالح قال لما حضرت عبد الله بن عباس الوفاة قال اللهم أنى أتقرب إليك ولاية علي بن أبي طالب.

(قال الشيخ) أبو الحسين يحيى بن الحسن بن البطريق قدس الله روحه هذا القول من ابن عباس من أدل دليل على أن الميت يسأل عن معرفة الله تعالى ومعرفة النبي صلى الله عليه وآله وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " لأنه قد ثبت عند من يعلم ومن لا يعلم أن منكرا ونكيرا ومبشرا أو بشيرا يسألان الميت عند نزول قبره عن ربه ونبيه وإمامه وهذا من أدل دليل على سؤال الملائكة عن ولاية أمير المؤمنين " عليه السلام " ولولا ذلك لما جعلها ابن عباس خاتمة علمه لأنه كان أعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أمير المؤمنين " عليه السلام " بلا خلاف وكان يقول له  أمير المؤمنين " عليه السلام " أنت كنت مملوء علما ولو لم يتحقق في ذلك حالا عن النبي صلى الله عليه وآله لما كان قد جعل غاية تقربه إلى الله وهو آخر كلام يكتب له ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ولو لم يعلم أن فيها النجاة لما جعلها آخر عمله فهذا مما يجب على خلق الله كافة أن يأتوا بمثل ما أتى به ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وأعلمهم.

وتوفى ابن عباس رضى الله تعالى عنه بالطائف سنة ثمان وستين أيام ابن الزبير وقيل سنة تسع وستين وقيل سنة سبعين وقيل ثلاث وسبعين وهو أضعفها وله من العمر سبعون سنة وقيل إحدى وسبعين سنة وقيل أربع وسبعين ودفن بالطائف وصلى عليه محمد بن الحنفية (رض) وقال اليوم مات رباني هذه الأمة وضرب على قبره فسطاطا.

(وحدث جماعة) من المحدثين قالوا حضرنا جنازة عبد الله بن عباس فلما وضع ليصلى عليه جاء طائر عظيم أبيض من قبل وجهه يقال أنه الغرنوق فوقع على أكفانه ودخل فيها فالتمس فلم يوجد حتى الساعة وكانوا يرون أنه علمه فلما سوى عليه التراب سمع قائل يسمع صوته ولا يرى شخصه يتلو هذه الآية:

(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) فأغرب ابن الضحاك فيما أخرجه عن أبي بكر بن أبي عاصم أن ابن عباس مات بمكة وقبره بالطائف لا يختلف فيه اثنان.

(قالت العامة) مرويات بن عباس في كتب الحديث الف وستمائة وستون. وكان له من الولد العباس وبه كان يكنى وعلى السجاد الفضل ومحمد وعبد الله ولبانة وأسماء (قال المؤلف عفى عنه) زرت قبر عبد الله بن العباس مرارا بالطائف وهو معظم بتلك الديار وعليه قبة عظيمة يقصده الناس للزيارة من الأطراف وينذرون له النذور ويعتقدون فيه اعتقادا عظيما وهو أهل لذلك رحمه الله تعالى.

(ويقال) ما رؤى قبور أخوة أكثر تباعدا من قبور بنى العباس قبر عبد الله بالطائف وقبر عبيد الله بالمدينة وقبر قثم بسمرقند وقبر عبد الرحمن بالشام وقبر معبد بأفريقية.

الفضل بن العباس أمه أم الفضل أيضا كان أكبر أولاد العباس وبه كان يكنى ولم يزل اسمه الفضل في الجاهلية والإسلام وكان يكنى أبا عبد الله وقيل أبا محمد وكان أجمل الناس وجها.

(قال أهل العلم بالتاريخ) غزى الفضل مع رسول الله صلى الله عليه وآله مكة وحنينا وثبت يومئذ وشهد حجة الوداع وأردفه رسول الله صلى الله عليه وآله خلفه فيها لما دفع من مزدلفة إلى منى وكان الفضل رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فمرت ظعن بحريم فجعل الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر فحول رسول الله صلى الله عليه وآله يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر فقال العباس لويت عنق ابن عمك يا رسول الله فقال رأيت شابا وشابة فلم آمن الشيطان عليهما.

(وأخرج) ابن بابويه (ره) في الفقيه عن القداح عن الصادق جعفر ابن محمد " عليه السلام " قال قال الفضل بن عباس أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بغلة أهداها إليه كسرى أو قيصر فركبها النبي بحبل من شعر وأردفني خلفه ثم قال لي يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده امامك. تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله فقد مضى بما هو كائن فلو جهد الناس ان ينفعوك بأمر لم يكتبه الله لك لم يقدروا عليك ولو جهدوا ان يضروك بأمر لم يكتبه الله عليك لم يقدروا فان استطعت ان تعمل بالصبر مع اليقين فافعل فان لم تستطع فاصبر فان في الصبر على أمورك خيرا كثيرا واعلم أن النصر مع الصبر وان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا.

(وكان) الفضل هو الذي يصب الماء في غسل رسول الله وأمير المؤمنين يغسله.

(وروى) أن أمير المؤمنين " عليه السلام " عصب عيني الفضل حين صب الماء عليه وان رسول الله أوصاه بذلك وقال إنه لا يبصر عورتي أحد غيرك إلا عمى  ونزل الفضل مع علي قبر رسول الله صلى الله عليه وآله (روى) أن عليا " ع " منع الناس أن ينزلوا معه القبر وقال لا ينزل قبره غيري وغير العباس ثم أمر في نزول الفضل وقثم ابني العباس ومن شعر الفضل قوله: من أبيات يقول فيها:

الا أن خير الناس بعد محمد * وصى النبي المصطفى عند ذي الذكر وأول من صلى وصنو نبيه * وأول من أردى الغواة لدى بدر (روى الزبير بن بكار) قال روى محمد بن إسحاق أن أبا بكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة قال وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال الفضل بن عباس يا معشر قريش وخصوصا يا بنى تيم انكم إنما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهية الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا وانا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا وهو ينتهى إليه.

(قال أبو عمر) أختلف في وفاة الفضل بن العباس فقيل أصيب بأجنادين في خلافة أبى بكر سنة ثلاث عشر.

(وفى ذخائر العقبى) أجنادين بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الدال المهملة وقد يكسر. الموضع المشهور من نواحي دمشق وكانت به الوقعة بين المسلمين والروم وقيل قتل يوم مرج الصفر وهو بضم الصاد وتشديد الفاء موضع بغوطة دمشق كان به وقعة المسلمين على الروم سنة ثلاث عشر أيضا وقيل مات بطاعون عمواس وهو بفتح العين المهملة والميم وقد تسكن وتخفيف الواو وبعد الألف سين مهملة اسم بلدة صغيرة بين القدس والرملة منها نشأ الطاعون ثم انتشر في الشام فنسب إليها وهو أول طاعون كان في الإسلام بالشام سنة سبع عشرة وقيل ثمان عشرة قال بعضهم والأول أصح وذلك في خلافة عمر ومات في هذا الطاعون خمس وعشرون ألفا وقيل ثلاثون ألفا قال السيوطي ان جيش المسلمين، وتوفى الفضل وله من العمر اثنتان وعشرون سنة ولم يترك ولدا غير ابنة تزوجها الحسن بن علي " عليه السلام " ثم فارقها فتزوجها أبو موسى الأشعري فولدت له موسى ومات عنها فتزوجها عمر بن طلحة بن عبيد الله وقيل أن الفضل خلف ابنا يقال له عبد الله ولم يثبت والله أعلم.

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)




العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل التكليف الشرعي في قضاء عين التمر بكربلاء
طالبات مدارس عين التمر يرددن نشيد التكليف الشرعي
الطالبات المشاركات في حفل التكليف الشرعي يقدمن الشكر للعتبة العباسية
حفل التكليف الشرعي للطالبات يشهد عرض فيلم تعريفي بمشروع (الورود الفاطمية)