أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-12-2015
5157
التاريخ: 25-09-2014
5071
التاريخ: 11-6-2022
1340
التاريخ: 25-09-2014
5155
|
في هذا الموضوع انحرفت مجموعتان إسلاميتان هما (الأشاعرة) و (المعتزلة) أي المفوّضة ، المجموعة الاولى تتبع «أبا الحسن الأشعري» المتوفّى عام 324 هـ وقد أنكرت التأثير والعلّة والمعلول في عالم الخلق إنكاراً تامّاً وتقول : إذا كانت النار محرقة فانّه مجرّد تصوّر ولا غير! فالمحرق الأصلي هو اللَّه ، ولكن إرادته حكمت بشكل إذا مسّت النار- مثلًا- يد الإنسان فإنّ اللَّه يوجد الإحتراق مباشرة في يده! وبهذا النحو أنكروا عالم العلّة والمعلول تماماً واعتبروا اللَّه تعالى علّة لكلّ شيء مباشرة دون واسطة.
إنّهم أنكروا هذه القضيّة المحسوسة بل والأكثر من المحسوسة «1» بسبب إيمانهم بأنّ الإعتقاد بوجود عالم الأسباب يخلّ في توحيد الخالقية.
بسبب هذا الخطأ الكبير تعرّضت مجموعة الأشاعرة إلى انحراف كبير آخر وهو أنّها تعتبر أفعال الإنسان وأعماله مخلوقة للَّه أيضاً ، وهذا أسوء أنواع الجبر!
وبعبارة اخرى أنّه شيء أعلى من الجبر لأنّ الأشاعرة يقولون : لسنا نحن الفاعلين للأعمال الصالحة والسيّئة بل إنّ الخالق لها كلّها هو اللَّه سبحانه ، فهي في الحقيقة أعماله المباشرة لا أعمالنا الجبرية (فتأمّل جيّداً) ، وفي النقطة المقابلة يقف المعتزلة الذين لا يعتقدون بوجود تأثير للأسباب والعلل فحسب بل يعتبرونها مستقلّة في تأثيراتها ، فمثلًا أنّ اللَّه خلق بعض الأنبياء والأولياء وأوكل إليهم أمر الخلق ، كما يعتقدون أنّ الإنسان مستقلّ في أعماله تماماً ، وبهذا يعتبرون الإنسان خالقاً صغيراً واللَّه عزّوجلّ خالقاً كبيراً!
ولا شكّ في أنّ المجموعتين على خطأ ، وقد وقعا في لون من الشرك ، شرك جلي وصريح ، وشرك خفي ، فالقائلون ب (التفويض) ابتلوا بشرك جلي لأنّهم اعتقدوا بأنّ الإنسان مستقلّ في أفعاله أو اعتقدوا بأنّ اللَّه قد أوكل إلى أوليائه خلق السماء والأرض وتنحّى جانباً! وهذا ما يعارض صريح الآيات القرآنية التي تعتبر اللَّه خالقاً لكلّ شيء وربّاً ومدبّراً لجميع الامور ، ومن العجيب أنّ الإنسان المسلم المرتبط بالقرآن كيف يتّبع مثل هذه الأبحاث المنحرفة؟!
أمّا الأشاعرة فقد ابتلوا بلون آخر من الانحراف والشرك ، لأنّهم أنكروا أوّلًا : أصل العلّية في عالم الخلق خلافاً للوجدان والحسّ ، وثانياً : إذا كان الإعتراف بأصل العلّية شركاً فإنّ الإعتقاد بأصل وجود الإنسان شرك أيضاً ، إنّ الإنسان مختار وحرّ في فعله ولكن يجب أن لا ننسى أنّ قدرته وقوّته كلّها وحتّى حرية إرادته هي من اللَّه تعالى ، فهو الذي أودع كلّ هذه القوى في الإنسان وهو الذي شاء أن يكون الإنسان حرّاً ، وعلى هذا فإنّ أعمال الإنسان في الوقت الذي تستند فيه إلى الإنسان فانّها تكون مستندة إلى اللَّه أيضاً ، ولا تخرج عن دائرة خلقه ، كالإعتقاد بأصل وجود الإنسان فانّه وجود تابع ومتعلّق بغيره ، ولذلك لا يستوجب الشرك.
وبملاحظة المثال الآتي يمكن أن تتّضح الحقيقة : إنّ كثيراً من القطارات تعمل بالطاقة الكهربائية ، وهذه الطاقة تجري في شبكة على طول الطريق ويرتبط القطار بها عن طريق حلقة ، السائق في مثل هذا القطار حرّ في عمله ولكن في الوقت ذاته يكون عمله مرتبطاً بيد شخص آخر وهو الذي يراقب الطاقة الكهربائية على طول السلك ، فبإمكانه أن يقطع التيار الكهربائي بإرادته في أيّة لحظة شاء وذلك بالضغط على زرٍ معين فيتوقّف القطار في مكانه.
وبإمكانه- إذن- أن يقول إنّي حرّكت القطار بإرادتي ، كما يمكن لسائق القطار أن يقول ذلك ويصدق الإثنان ، إلّا أنّهما فاعلان طوليان الأوّل في المرحلة الاولى والعليا والثاني في المرحلة الثانية والسفلى التابعة ، فالفعل ينسب إذن إلى الإثنين ومع ذلك فإنّ سائق القطار
مسؤول عن عمله وليس بمجبر.
وعليه لا يكون الإعتقاد بحرية إرادة الإنسان شركاً في الخالقية.
وبعبارة أوضح : مثلما يرتبط أصل وجود الإنسان باللَّه تعالى والإيمان بوجود الإنسان لا يستلزم الشرك فأفعاله كذلك.
والأشاعرة كأنّهم يرون أصل وجود الإنسان مستقلًا في حين أنّ هذا نوع من الشرك ، وإلّا فإنّ الوجود التابع إن لم يتعارض مع التوحيد فإنّ الأفعال التابعة للإنسان لا تكون معارضة للتوحيد أيضاً.
ولا بأس أن يتوضّح هذا البحث بضرب مثال :
جاء إنكار الأشاعرة للعلّية والسببية نتيجة لتوهّم وقوع الشرك ، أي إذا اعتبرنا الإحراق من النار فانّهم يقولون : إنّ هذا شرك! في حين يبقى هذا السؤال : أليس الإعتقاد بوجود أصل النار أمام وجود اللَّه شركاً؟
سيقولون : لا حتماً ، لأنّ هذا الوجود تابع لذاته المقدّسة (كالضوء المنبعث من المصباح المتوقّف على ارتباطه بالطاقة الكهربائية ويطفأ عند انقطاعها) ، ونذكر هذا الكلام ذاته في تأثير الأسباب ونقول : إنّها تكون في النهاية تابعة للَّه تعالى ، وقدوة الإنسان واختياره تابع له أيضاً ، وعليه فإنّ التوحيد يحتفظ بمعناه تماماً في هذا المجال ، فاللَّه خالق كلّ شيء مع ثبوت أصل العلّية والحرية في إرادة الإنسان.
_________________________
(1) ليس لقانون العلّية بعد حسّي فقط بل يمكن التوصّل إليه عن طريق الوجدان والعلم الحضوري ، لأنّ كلّ شخص يرى بوضوح أنّ روحه توجد الإرادة والتفكير.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|