أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-09-2014
1662
التاريخ: 10-12-2015
1848
التاريخ: 28-09-2015
1526
التاريخ: 17-09-2014
2022
|
من الأحاديث المشهورة بحق أهل البيت عليهم السلام والأئمّة المعصومين عليهم السلام هو «حديث السفينة» الذي ورد في الكتب المعروفة لدى الشيعة وأهل السنّة بشكل واسع، ونحن هنا نبحث في نص واسناد ومصادر هذا الحديث الشريف بشكل سريع :
لقد نقل هذا الحديث ما لا يقل عن ثمانية من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهم (أبو ذر، وأبو سعيد الخدري، وابن عباس، وأنس، وعبد اللَّه بن الزبير، وعامر بن وائلة، وسلمة بن الاكوع، وعلي عليه السلام) (1).
لقد وردت الروايات الآنفة في الكتب المشهورة لدى أهل السنّة حيث نشير إلى جانب منها فيما يأتي،- وللمزيد من التوضيح نحث على مراجعة الكتب التالية : احقاق الحق، الجزء التاسع، وخلاصة عبقات الأنوار، الجزء الرابع وسائر الكتب-.
إن أبا ذر رحمه الله كان ماسكاً بباب الكعبة ويقول : «مَن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فليعلم أني أبو ذر الغفاري، سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول : «مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك»، وجاء في رواية : «ومَنْ تخلّف عنها غرق» (2).
وعليه فهم سفينة النجاة في بحر الحياة المتلاطم.
2- يروي «ابن عباس» وكذا «سلمة بن الاكوع»- وفقاً لما ينقله أبو الحسن علي بن محمد الشافعي، المشهور بابن المغازلي، في كتاب المناقب- عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : «أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح مَنْ ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك».
وهذه العبارة نقلت عن ابن عباس، إلّا أنّ عبارة «ابن الاكوع» أكثر اختصاراً وهي :
«مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا».
يقول الشيخ «محمد أمين الانطاكي»، مؤلف كتاب «لماذا اخترت مذهب الشيعة» في بحث حديث السفينة : اتفقت آراء علماء الإسلام على صحة واستفاضة نقل هذا الحديث حتى بلغ حدّ التواتر، وهناك عدد كبير من الحفاظ وأئمّة الحديث وأهل السير والتواريخ نقلوا هذا الحديث حتى بلغ عددهم أكثر من مائة وحتى غير المسلمين نقلوا هذا الحديث ووضعوه بين الأحاديث الإسلامية» (3).
وروي هذا الحديث في كتاب «عبقات الأنوار» عن اثنين وتسعين كتاباً مكتوبة من قبل اثنين وتسعين من مشاهير علماء أهل السنة بشكل مفصل مع جميع المشخصات :
وفي الملحقات التي ذكرها صاحب كتاب «خلاصة عبقات الأنوار» نقل هذا الحديث عن ثمانية من الصحابة، وثمانية من التابعين، وثلاثة من علماء القرن الثاني، وثمانية من علماء القرن الثالث، وأربعة عشر من علماء القرن الرابع، وهكذا قرناً بعد قرن حتى وصل إلى القرن الحالي، وذكرهم جميعاً بالإسم والمواصفات (4).
مفاد حديث السفينة :
من أجل إدراك المعنى الدقيق لهذا الحديث لابدّ من إلقاء نظرة على أحوال سفينة نوح.
يقول القرآن الكريم : {فَفَتَحْنَا ابْوابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ* وَفَجَّرنَا الارضَ عُيُونًا فَالتَقَى المَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}. (القمر/ 11- 13)
لقد دمر هذا الفيضان الشامل وغطى الماء كل شيءً ولم يبق مأوى يلتجيء الإنسان إليه سوى سفينة نوح التي ضمن اللَّه تعالى لمن ركبها النجاة من الغرق، بحيث عندما قال ابن نوح بغرور : {سَآوِى الَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ المَاءِ} فليس هناك فيضان يصل إلى قمم الجبال، جُوبه برد أبيه الحازم والرادع حيث قال له : {لَا عَاصِمَ اليَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ الَّا مَنْ رَّحِمَ}! إشارة إلى المؤمنين الذين ركبوا في السفينة، وظهر صدق كلام نوح مباشرة إذ : {وَحَالَ بَيْنَهُمَا المَوجُ فَكَانَ مِنَ المُغرَقينَ}. (هود/ 43)
إنّ تشبيه أهل البيت بمثل هذه السفينة وفي تلك الظروف، زاخرٌ بالمعاني التي تعلَّمنا منها الكثير من الحقائق، ومن بينها :
1- إنّ العواصف ستعصف بالامة الإسلامية بعد النبي صلى الله عليه و آله وتجرف الكثير معها ويغرق في أمواجها الكثير أيضاً.
2- هنالك طريق واحد فقط للخلاص من مخالب الأخطار التي تهدد الدين والإيمان وارواح الناس، ألا وهي سفينة أهل البيت عليهم السلام التي يُعتبر التخلف عنها أو تركها سبباً للهلاك.
3- إنّ الانفصال عن واسطة النقل في الصحراء قد لا يؤدّي إلى الموت دائماً، إلّا أنّه يُعرِّض الإنسان إلى العناء، بَيدَ أنّ التخلف عن سفينة النجاة في بحرٍ متلاطم لا ينتج عنه سوى الموت والهلاك.
4- لقد كان شرط الركوب في سفينة نوح عليه السلام الإيمان والعمل الصالح، من هنا فقد عرض نوح على ابنه الإيمان، والانفصال عن الكافرين، والركوب معه ومع أصحابه في السفينة : {يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَّعَنَا وَلَا تَكُنْ مَّعَ الكَافِرينَ}. (هود/ 42)
بناء على ذلك فشرط نجاة هذه الامه من العواصف والانحرافات هو الإيمان واليقين بمقام سفينة النجاة هذه.
5- ليست محبتهم فقط التي تؤدّي إلى النجاة، حيث طرح بعض علماء الإسلام ذلك بادّعائهم أنّ جميع المسلمين يحبون أهل البيت عليهم السلام ويعظمونهم، من هنا فهم جميعاً من الناجين. بل إنّ الكلام الذي جاء في الرواية هو عن اتباعهم (مقابل التخلف عنهم)، فإنَّ ابن نوح كان يحبُّ أباه إلّا أنّه لم يكن يتبعه، ولم تؤدّ محبتُه إلى نجاته ابداً (تأملوا جيداً).
6- كما استفيد من «حديث الثقلين» خلال البحوث الآنفة أنّ التمسك بولاء أهل البيت عليهم السلام مستمرٌ حتى نهاية العالم، وأنّ القرآن وأهل البيت عليهم السلام لن يفترقا حتى يردا على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الحوض في الجنة، يستفاد أيضاً من «حديث السفينة»، أنّ هذا الخط مستمرٌ حتى نهاية الكون، لأنَّ الدنيا دائماً مركز الابتلاءات والعواصف، أي أنّ الشياطين ودعاة الضلالة والتائهين في وادي الحيرة موجودون في كل زمان، ولا تهدأ هذه العواصف أبداً، وهي قائمة إلى يوم القيامة حيث يحكم اللَّه تعالى بين عباده، فتزال الاختلافات (5) على هذا الأساس، فإنّ وجود السفينة سفينة النجاة هذه ضروري إلى الأبد والتخلف عنها يؤدّي إلى الهلاك.
7- إنّ التمسك المطلق بأهل البيت عليهم السلام (في قبال التخلف عنهم) يمكن أن يكون شاهداً جلياً على وجود الإمام المعصوم في كل زمان من أهل البيت عليهم السلام، حيث يؤدّي اتّباعه إلى النجاة والتخلف عنه إلى الهلاك.
8- إنّ هذا الحديث تفسيرٌ للحديث المعروف «ستفترق امّتي على ثلاث وسبعين فرقة، فرقة ناجية والباقون في النار» (6).
ويبرهن على أنّ الفرقة الناجية هم الذين يتمسكون بمذهب أهل البيت عليهم السلام، ويهتدون بهداهم في اصول وفروع الدين.
من مجموع ما قيل يمكن الاستفادة أيضاً من هذا الحديث المعروف : إنّ مسألة أهل البيت عليهم السلام يجب أن تكون مسألة بسيطة وعلى الهامش، بحيث يأخذ المسلمون ما يريدونه في امور الدين والدنيا من الغير ويكتفون بمحبة أهل البيت عليهم السلام.
__________________________
(1) وفقاً لما نقل في اسد الغابة أنّ عبد اللَّه بن الزبير ولد في بداية الهجرة، وفي سن السابعة أو الثامنة جاء به أبوه الزبير إلى الرسول صلى الله عليه و آله ليبايعه، فسمع منه صلى الله عليه و آله ما بقي من عمره ورواها (اسد الغابة، ج 3، ص 162).
(2) روى هذا الحديث الحافظ الطبراني في المعجم الكبير والمعجم الصغير، ص 78 طبعة دلهي؛ وابن قتيبة الدينوري في عيون الأخبار، ج 1، ص 212 طبعة مصر؛ والحاكم النيشابوري في المستدرك، ج 3، ص 150؛ والذهبي في ميزان الاعتدال، ج 1، ص 224؛ والسيوطي في تاريخ الخلفاء، ص 573؛ وجماعة اخرى كثيرة.
(3) لماذا اخترت مذهب الشيعة، ص 166.
(4) خلاصة عبقات الأنوار، ج 2، ص 126- 195.
(5) يصرح القرآن في آيات عديدة أنّ يوم القيامة يوم يزال فيه الاختلاف وأن اللّه يفصل بين الامم.
(6) لقد روى هذا الحديث طائفة كثيرة من علماء الشيعة والسنّة، وجاء في بعض طرق الحديث أن النبي عليه السلام قال في جوابه لعلي عليه السلام الذي سأله، من هي الفرقة الناجية؟، المتمسك بما تمسكت به أنت و شيعتك وأصحابك (احقاق الحق، ج 7 ص 185).
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|