أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2016
1967
التاريخ: 23-11-2014
1912
التاريخ: 13-11-2015
139632
التاريخ: 2023-10-02
1448
|
نقرأ في قوله تعالى : {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ انْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدرَهُ لِلإِسلَامِ وَمَنْ يُرِد انْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَانَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّماءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَؤْمِنُونَ}. (الأنعام/ 135)
وربّ سؤال يتبادر إلى الذهن وهو :
ماهي العلاقة بين الصعود إلى السماء وضيق الصدر؟
وهو سؤال لم يجد له المفسرون الأوائل جواباً دقيقاً.
قال كثير منهم : إنّ المقصود من ذلك هو كما أنّ الصعود إلى السماء أمر عسير أو محال كذلك تحصيل الإيمان بالنسبة إلى الكفار المعاندين والجهلاء المتعصبين (1).
في حين أنّ الأعمال الشاقة والمستحيلة كثيرة على وجه الأرض فليس هناك مبرر للتشبيه، إضافة إلى أنّ هذا التفسير بحاجة إلى تقدير : وهو أنّ الإيمان يشابه الصعود إلى السماء، في حين أنّ القرآن يقول : {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَانَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السَّماءِ}.
وقالوا في بعض المواضع : شبَّه اللَّه الكافر في نفوره من الإيمان وثقله عليه بمنزلة من تكلف ما لا يطيقه، كما أنّ صعود السماء لا يطاق (2)، ولا يخفى عدم تناسب هذا التفسير مع محتوى الآية أيضاً.
أمّا بالنظر إلى الاكتشافات الأخيرة فإنّ للآية المتقدمة تفسيراً آخر يناسب هذا المعنى من كل الجهات وهو :
لقد ثبت اليوم أنّ الهواء المحيط بأطراف الكرة الأرضية مضغوط بصورة كاملة في الأماكن المجاورة لسطح الأرض ويلائم تنفس الإنسان ويناسبه، لأنّه يحتوي على الاوكسجين الكافي، وكلما ابتعدنا عن سطح الأرض أصبح الهواء أقل كثافة فيغدو التنفس شاقاً جدّاً على ارتفاع عشرة كيلو مترات عن سطح الأرض بدون استخدام الإنسان نقاب الاوكسجين، ويصاب بحالة من الضيق الحاد في التنفس، وكلما ارتفع إلى الأعلى أكثر، ازدادت حدّة الضيق في تنفسه حتى يصل إلى الوقت الذي يغمى عليه لقلّة الاوكسجين.
إذن توجد هناك علاقة وثيقة بين ضيق النفس والصعود إلى السماء، ولم تتبلور هذه الحقيقة في ذهن أي شخص في ذلك العصر (3). بيد أنّها قد تبلورت في اذهان الجميع في يومنا هذا، فقد سبق لنا أن سمعنا هذا الحديث من مضيّفي الطائرة عدة مرات أثناء سفرنا بها، بأنّ الهواء الموجود داخلها ينظم بجهاز خاص، فاذا حدث خلل فيه، فحينئذ ينبغي الاستفادة من نقاب الاوكسجين، لتستغل الطائرة سرعتها وتصل إلى الطبقات السفلى للجو الأكثر ضغطاً.
كما أنّ العلاقة بين هذا المعنى وبين تفسير الآية واضحة جلية.
وهي في الواقع تشبيه المعقول بالمحسوس، فقد شبّه الجمود الفكري والتعصب واللجاجة وقصر نظر الضالين المعاندين في اعتناقهم للإسلام، بضيق التنفس الناجم عن قلة حصول الاوكسجين بالنسبة للشخص الذي يصعد إلى السماء.
ونُنهي هذا البحث بمقولة للمراغي في تفسيره هذه الآية، إذ يقول : «سُبحانك ربّي نطق كتابك الكريم بقضية لم يتفهم سرها البشر، ولم يفقه معرفة كنهها إلّا بعد أن مضى على نزولها نحو أربعة عشر قرناً، وتقدم فن الطيران، الآن علم الطيارون بالتجربة صدق ما جاء في كتابك، ودلّ على صحة ما ثبت في علم الطبيعة من اختلاف الضغط الجوي في مختلف طبقات الهواء، وقد عُلم الآن أنّ الطبقات العليا أقل كثافة من الطبقات التي هي أسفل منها، وأنّه كلما صعد الإنسان إلى طبقة أعلى شعر بالحاجة إلى الهواء وبضيق في التنفس نتيجة لقلة الهواء الذي يحتاج إليه، حتى لقد يحتاجون أحياناً إلى استعمال جهاز التنفس ليساعدهم على السير في تلك الطبقات، وهذه الآيات وأمثالها لم يستطع العلماء أن يفسروها تفسيراً جلياً لأنّهم لم يهتدوا لسرّها، وجاء الكشف الحديث وتقدُّم العلوم فأمكن شرح مغزاها وبيان المراد منها بحسب ما أثبته العلم، ومن هذا صح قولهم، «الدين والعلم صِنوان لا عَدوّان»، وهكذا كلما تقدم العلم أرشد إلى إيضاح قضايا خفي أمرها على المتقدمين من العلماء والمفسرين» (4).
__________________
(1) تفاسير مجمع البيان؛ روح البيان؛ تفسير القرطبي و ... ذيل الآية مورد البحث.
(2) تفسير روح البيان، ج 3، ص 1.
(3) يُصاب الإنسان أحياناً بضيق في النفس عند تسلق الجبال، هذا صحيح ومعروف منذ الأيّام السالفة، ويحصل نتيجة للجهد البدني الشديد ويشاهد في حالة الركض على الأرض المستوية أيضاً، غير أن القرآن يقول : إنّ ضيق النفس يسببه الصعود إلى السماء لا الجهد البدني الشديد.
(4) تفسير المراغي، ج 8، ص 25.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|