اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بأَعْظَمِها ، وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظيمَةٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِعَظَمتِكَ كُلِّها |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2023
![]()
التاريخ: 17-10-2016
![]()
التاريخ: 2023-05-15
![]()
التاريخ: 18-3-2020
![]() |
« اللّهمّ إِنِّي أَسأَلكَ مِنْ عَظَمَتِكَ بأَعْظَمِها ، وَكُلُّ عَظَمَتِكَ عَظيمَةٌ ، اللّهمَّ إِنِّي أَسأَلكَ بِعَظَمتِكَ كُلِّها » .
ألم ينكشف على سرّ قلبك وبصيرة عقلك أنّ الموجودات بجملتها - من سماوات عوالم العقول والأرواح وأراضي سكنة الأجساد والأشباح - من حضرة الرحموت التي وسعت كلّ شيء ، وأضاءت بظلّها ظلمات عالم المهيّات ، وأنارت ببسط نورها غواسق هياكل القابلات ؟ !
ولا طاقة لواحد من عوالم العقول المجرّدة والأنوار الإسفهبدية والمُثُل النورية والطبيعة السافلة ، أن يشاهد نور العظمة والجلال ، وأن ينظر إلى الحضرة الكبرياء المتعال .
فإن تجلّى القهّار عليها بنور العظمة والهيبة ، لاندكّت إنّيّات الكلّ في نور عظمته وقهره جلّ وعلا ، وتزلزلت أركان السماوات العلى ، وخرّت الموجودات لعظمته صعقاً . ويوم تجلّى نور العظمة لَيهلك الكلّ في سطوع نور عظمته ، وذلك يوم الرجوع التامّ وبروز الأحدية والمالكية المطلقة ؛ فيقول : لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ([1]) فلم يكن من مجيب يجيبه ؛ لسطوع نور الجلال وظهور السلطنة المطلقة ، فأجاب نفسه بقوله : لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ([2]). والتوصيف بالوحدانية والقهّارية دون الرحمانية والرحيمية ؛ لأنّ ذلك اليوم يوم حكومتهما وسلطنتهما ، فيوم الرحمة يوم بسط الوجود وإفاضته ، ولهذا وصف اللَّه نفسه عند انفتاح الباب وفاتحة الكتاب بالرحمن الرحيم ، ويوم العظمة والقهّارية يوم قبضه ونزعه فوصفها بالوحدانية والقهّارية ، وبالمالكية في خاتمة الدفتر ، فقال : مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ([3]) .
ولابدّ من يوم يتجلّى الربّ بالعظمة والمالكية وبلغت دولتهما ؛ فإنّ لكلّ اسم دولة لابدّ من ظهورها ، وظهور دولة المعيد والمالك وأمثالهما من الأسماء يوم الرجوع التامّ والنزع المطلق ، ولا يختصّ هذا بالعوالم النازلة ، بل جارٍ في عوالم المجرّدات من العقول المقدّسة والملائكة المقرّبين . ولهذا ورد أنّ عزرائيل بعد قبض أرواح جميع الموجودات ، صار مقبوضاً بيده تعالى ([4]) . وقال تعالى : يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ([5]) ، وقال تعالى : يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً ([6]) ، وقال تعالى : كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ([7]) إلى غير ذلك .
والعظمة من صفات الجلال ؛ وقد ذكرنا أنّ لكلّ صفة جلال جمالًا ، ولولا أنّ العظمة والقهر مختفٍ فيهما اللطف والرحمة لما أفاق موسى - عليه السلام - من غشوته ، ولما يتمكّن قلب سالك [ من ] شهودهما ولا عين عارف [ من ] النظر إليهما ، ولكنّ الرحمة وسعت كلّ شيء ، ففي كلّ عظمة رحمة وفي كلّ رحمة عظمة ؛ كما في دعاء كميل بن زياد ([8]) عن سيّد الموحّدين وقطب الأقطاب في العالمين أمير المؤمنين - صلوات اللَّه وسلامه عليه - : « اللهمّ إنّي أسألك برحمتك التي وسعت كلّ شيء . . . وبعظمتك التي ملأت كلّ شيء » ([9]) .
والعظيم من الأسماء الذاتية باعتبار علوّه وكبريائه ، ومعلوم أن لا نسبة للموجودات بالنسبة إلى عظمة قدره ، بل لا شبيه له في عظمته ، وتواضع لعظمته العظماء ، وعظمة كلّ عظيم من عظمته ؛ ومن الأسماء الصفتية باعتبار قهره وسلطنته على ملكوت الأشياء ، وكون مفاتيح الغيب والشهادة بيده .
فهو تعالى عظيم ذاتاً ، عظيم صفةً ، عظيم فعلًا . ومن عظمة فعله يعلم عظمة الاسم المربّي له ، ومن عظمته يعلم عظمة الذات التي هو من تجلّياته ، بقدر الاستطاعة .
وكفى في عظمة فعله أنّه من المقرّر ([10]) أنّ عوالم الأشباح والأجساد بما فيها بالنسبة إلى الملكوت ، كالآن في قبال الزمان ؛ وما ثبت إلى الآن من النظام الشمسي يبلغ أربعة عشر مليوناً ، كلٌّ كنظام شمسنا بأفلاكها وكراتها السيّارة حولها وأقمارها التابعة لها أو أعظم بكثير . حتّى أنّ نظامنا الشمسي سيّارة حول واحد منها ، مع أنّ كرة نبتون - [ وهي ] أبعد السيّارات عن شمسنا حسب ما استكشف - يبلغ بُعدها : 27465 مليون ميلًا حسب الآراء الحديثة ، ولعلّ ما لم يستكشف أكثر بكثير ممّا استكشف إلى الآن .
قال السيّد الكبير هبة الدين الشهرستاني ([11]) - دام عمره وتوفيقه - في كتاب « الهيئة والإسلام » في المسألة الرابعة عشر ، في تعدّد العوالم والنظامات : « وأمّا حكماء الهيئة العصرية فقد ثبت لديهم أنّ سيّارات شمسنا وأقمارها تكتسب الأنوار طرّاً من شمسنا ، وأنّ سعة عالم شمسنا المحدود بمدار نبتون ألف وخمس مائة مليون فرسخاً ؛ فترى شمسنا العظيمة عند نبتون كنجمة صغيرة .
ومقتضى ذلك اضمحلال نورها فيما بعد نبتون . وعلى هذا يستحيل أن تكتسب الكواكب الثابتة أنوارها من شمسنا ، إذ هي في منتهى البعد البعيد عن نبتون ، ألا ترى أنّ بعض المذنَّبات يبتعد عن شمسنا أكثر من بعد نبتون باثني عشر مرّة ، وهو مع ذلك مجذوب لشمسنا لا تغلب عليه جاذبية كوكب آخر ، لكثرة ما بقي من البعد بينه وبين الكواكب الآخر . وحسبك أنّ النظّارات التي تكبّر الزحل مع بعده البعيد في منظرنا أضعاف مايبصر بألف مرّة ، ولا تتمكّن من تكبير الثوابت عمّا ترى بالبصر ، غاية الأمر تجليها وتظهر خافيها لكثرة البعد .
قال فانديك في « إرواء الظمّاء » : « إنّ أقرب الثوابت إلى نظام شمسنا بعيد عنّا أكثر من بعدنا عن شمسنا بتسع مائة ألف مرّة » .
وفي مجلّة الهلال المصرية ، صفحة 478 ، من سنة 1909 : « إنّ أقرب الثوابت إلى أرضنا دلفا ، وهي بعد الدقّة الأكيدة تتّخذ فرقاً في موقعها باختلاف المنظر السنوي بمقدار الثانية . فعلم أنّ بعدها عنّا 000 / 000 / 000 / 000 / 20 ميلًا ؛ أي : عشرين مليون مليون ميلًا ؛ وتُوصِل نورها إلينا في ثلاث سنين . والنور يسير في الثانية مائة وتسعين ألف ميل ، انتهى . فما تقول في ثابتة يصل نورها إلينا في مائة سنة أو ألف سنة أو أكثر ؟
ففي « إرواء الظمّاء » : « إنّ النجم من القدر السادس عشر لا يكون بعده عنّا أقلّ من ثلاث مائة وثلاثة وستّين مثل بعد الشعرى ، فينتهي نوره إلينا في خمسة آلاف سنة » انتهى .
« أقول : فما ظنّك بالنجم من القدر الثامن عشر » ([12]) انتهى كلام السيّد بطوله .
وإيراده مع طوله لجلب توجّه الداعي إلى عظم ملك اللَّه وكلماته : قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً ([13]) ، فإذا كان أسفل العوالم وأضيقها كذلك ، فكيف الحال في العوالم المتّسعة العظيمة التي لم تكن العوالم الأجساد وما فيها بالنسبة إليها إلّا كالقطرة بالنسبة إلى البحر المحيط ، بل لا نسبة بينهما ؛ وليست هذه العوالم في جنبها شيئاً مذكوراً ؟
[1] غافر ( 40 ) : 16 .
[2] غافر ( 40 ) : 16 .
[3] الفاتحة ( 1 ) : 4 .
[4] الكافي 3 : 256 / 25 ؛ بحار الأنوار 6 : 326 / 3 .
[5] الأنبياء ( 21 ) : 104 .
[6] الفجر ( 89 ) : 27 - 28 .
[7] الأعراف ( 7 ) : 29 .
[8] كميل بن زياد النخعي ( 12 - 82 أو 83 ق ) من التابعين ومن خواصّ أصحاب أمير المؤمنين علي عليه السلام . كان عظيماً مطاعاً في قومه . حضر الصفّين . روى عن علي عليه السلام ومنها ذلك الدعاء العالية المضامين الذي اشتهر باسمه « دعاء كميل » ؛ وروى عن ابن مسعود وآخرين ؛ وكان ثقة جليل الشأن . لمّا جاء حجّاج إلى كوفة أحضره وأمر بقتله بسبب معارضته عثمان .
راجع الطبقات الكبرى 6 : 179 ؛ شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد 17 : 149 ؛ روضات الجنّات 6 : 59 - 64 .
[9] مصباح المتهجّد : 584 ؛ إقبال الأعمال : 220 .
[10] راجع الحكمة المتعالية 6 : 277 و 305 - 306 .
[11] السيّد محمّد علي بن حسين الحسيني الحائري ( 1301 - 1386 ق ) المعروف بالسيّد هبة الدين الشهرستاني . عالم مجتهد ومن المصلحين . حضر دروس الآخوند الخراساني والسيّد محمّد كاظم اليزدي وشيخ الشريعة الأصفهاني ونال درجة الاجتهاد . شايع الآخوند الخراساني في قضايا الثورة الدستورية في إيران ثمّ عاضد آية اللَّه محمّد تقيّ الشيرازي ضد الاحتلال الإنجليزي ، فقبض عليه وسجن لمدّة تسعة أشهر . من آثاره : « رواشح الفيوض في علم العروض » ، « الهيئة والإسلام » ، « نهضة الحسين » و « ما هو نهج البلاغة » .
راجع نقباء البشر 4 : 1413 - 1418 .
[12] الهيئة والإسلام : 278 - 279 .
[13] الكهف ( 18 ) : 109 .
|
|
رمضان بنشاط.. أسرار الاستعداد ببروتين صحي ومتوازن
|
|
|
|
|
العلماء يتوقعون زيادة نشاط الشمس في مارس
|
|
|
|
|
بمشاركة أكثر من (130) طالبا وطالبة.. جامعة السبطين (ع) التابعة للعتبة الحسينية تختتم امتحان العلوم الأساسية لكلية الطب بنجاح
|
|
|