أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-1-2023
![]()
التاريخ: 11-10-2014
![]()
التاريخ: 2024-07-12
![]()
التاريخ: 11-10-2014
![]() |
من قصة النبي يوسف عليه السلام
قال تعالى : { إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ ( 4 ) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ( 5 ) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 6 ) لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ ( 7 ) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 8 ) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ ( 9 ) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ( 10 ) قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ ( 11 ) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ( 12 ) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ ( 13 ) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ ( 14 ) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ( 15 ) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ ( 16 ) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ ( 17 ) وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ ( 18 ) وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ ( 19 ) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ( 20 ) وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ( 21 ) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( 22 ) وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ( 23 ) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ ( 24 ) وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاَّ أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ ( 25 ) قالَ هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ ( 26 ) وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ( 27 ) فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ( 28 ) يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ ( 29 ) وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 30 ) فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ ( 31 ) قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ ( 32 ) قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ( 33 )فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }.
الجواب / قال أبو حمزة الثّمالي : صلّيت مع عليّ بن الحسين عليه السّلام الفجر بالمدينة يوم جمعة ، فلمّا فرغ من صلاته وسبحته « 1 » ، نهض إلى منزله وأنا معه ، فدعا مولاة له تسمّى سكينة ، فقال لها : « لا يعبر على بابي سائل إلّا أطعتموه فإنّ اليوم يوم الجمعة ».
قلت له : ليس كلّ من يسأل مستحقّا ؟ فقال : « يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّا فلا نطعمه ونردّه ، فينزل بنا - أهل البيت - ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم أطعموهم .
إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدّق منه ، ويأكل هو وعياله منه ، وإنّ سائلا مؤمنا صوّاما محقّا ، له عند اللّه منزلة ، وكان مجتازا غريبا اعترّ « 2 » على باب يعقوب عشيّة جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه : أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم . يهتف بذلك على بابه مرارا ، وهم يسمعونه وقد جهلوا حقّه ، ولم يصدّقوا قوله ، فلمّا أيس أن يطعموه وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى اللّه عزّ وجلّ ، وبات طاويا ، وأصبح صائما جائعا صابرا حامدا للّه تعالى وبات يعقوب وآل يعقوب شباعا بطانا ، وأصبحوا وعندهم فضل من طعامهم ».
قال : « فأوحى اللّه عزّ وجلّ إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت - يا يعقوب - عبدي ذلّة استجررت بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي وبلواي عليك وعلى ولدك . يا يعقوب ، إنّ أحبّ أنبيائي إليّ وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي ، وقرّبهم إليه ، وأطعمهم ، وكان لهم مأوى وملجأ . يا يعقوب ، أما رحمت ذميال عبدي ، المجتهد في عبادته ، القانع باليسير من ظاهر الدنيا ، عشاء أمس ، لما اعترّ ببابك عند أوان إفطاره ، وهتف بكم : أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع . فلم تطعموه شيئا ، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إليّ ، وبات طاويا ، حامدا لي ، وأصبح لي صائما ، وأنت - يا يعقوب - وولدك شباع ، وأصبحت وعندكم فضل من طعامكم .
أو ما علمت - يا يعقوب - أنّ العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي ؟ وذلك حسن النظر مني لأوليائي ، واستدراج منّي لأعدائي ، أما وعزّتي لأنزلنّ بك بلواي ، ولأجعلنّك وولدك غرضا لمصابي ، ولأؤدّبنّك بعقوبتي ، فاستعدّوا لبلواي ، وارضوا بقضائي ، واصبروا للمصائب ».
فقلت لعلي بن الحسين عليه السّلام : جعلت فداك ، متى رأى يوسف الرّؤيا ؟
فقال : « في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعا ، وبات فيها ذميال طاويا جائعا . فلمّا رأى يوسف الرّؤيا وأصبح يقصها على أبيه يعقوب ، فاغتمّ يعقوب لما سمع من يوسف وبقي مغتمّا ، فأوحى اللّه عزّ وجلّ إليه : أن استعدّ للبلاء . فقال يعقوب ليوسف : لا تقصص رؤياك على إخوتك فإنّي أخاف أن يكيدوا لك كيدا ، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصّها على إخوته ».
قال علي بن الحسين عليه السّلام : « وكانت أوّل بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لمّا سمعوا منه الرّؤيا - قال - فاشتدّت رقّة يعقوب على يوسف ، وخاف أن يكون ما أوحى اللّه عزّ وجلّ إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصّة ، فاشتدّت رقته عليه من بين ولده ، فلمّا رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إياه وإيثاره إيّاه عليهم ، اشتدّ ذلك عليهم وبدأ البلاء فيهم فتآمروا فيما بينهم وقالوا : لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ أي تتوبون ، فعند ذلك قالوا :
يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ الآية . فقال يعقوب : إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ فانتزعه حذرا عليه من أن تكون البلوى من اللّه عزّ وجلّ على يعقوب في يوسف خاصّة لموقعه من قلبه وحبّه له ».
قال : « فغلبت قدرة اللّه وقضاؤه ونافذ أمره في يعقوب ويوسف وإخوته ، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ، ولا عن يوسف ولده ، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقع للبلوى من اللّه في يوسف ، فلمّا خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم وضمّه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم ، فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم ولا يدفعه إليهم ، فلمّا أمعنوا « 3 » به ، أتوا به غيضة « 4» أشجار ، فقالوا : نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة . فقال كبيرهم : لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ ولكن أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فانطلقوا به إلى الجب فألقوه فيه ، وهم يظنون أنه يغرق فيه ، فلما صار في قعر الجب ناداهم : يا ولد رومين ، أقرئوا يعقوب منّي السّلام . فلمّا سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض : لا تزولوا من هنا حتى تعلموا أنّه قد مات . فلم يزالوا بحضرته حتى أمسوا وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فلمّا سمع مقالتهم استرجع واستعبر ، وذكر ما أوحى اللّه عزّ وجلّ إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلوى ، وقال لهم : بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً وما كان اللّه ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أرى تأويل رؤياه الصادقة » .
قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث علي بن الحسين عليه السّلام عند هذا « 5 ».
وقال ابن عباس : لما استقرّ يوسف عليه السّلام في قعر الجبّ سالما واطمأنّ من المؤذيات ، جعل ينادي إخوته : « إنّ لكلّ ميّت وصيّة ، ووصيّتي إليكم إذا رجعتم فاذكروا وحدتي ، وإذا أمنتم فاذكروا وحشتي ، وإذا طعمتم فاذكروا جوعتي ، وإذا شربتم فاذكروا عطشي ، وإذا رأيتم شابّا فاذكروا شبابي ».
فقال له جبرئيل عليه السّلام : يا يوسف ، أمسك عن هذا ، واشتغل بالدعاء ، وقل : يا كاشف كل كربة ، ويا مجيب كل دعوة ، ويا جابر كل كسير ، ويا حاضر كلّ بلوى ، ويا مؤنس كل وحيد ، ويا صاحب كلّ غريب ، ويا شاهد كلّ نجوى ، أسألك بحقّ لا إله إلا أنت أن تجعل لي من أمري فرجا ومخرجا ، وأن تجعل في قلبي حبّك حتى لا يكون لي همّ وشغل سواك ، برحمتك يا أرحم الراحمين.
فقالت الملائكة : يا ربّنا ، نسمع صوتا ودعاء ، أمّا الصّوت فصوت نبيّ ، وأمّا الدّعاء فدعاء نبيّ ، فأوحى اللّه تعالى إليهم : هو نبيّي يوسف ، وأوحى تعالى إلى جبرئيل : أن اهبط على يوسف ، وقل له : {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} .
نرجع إلى رواية أبي حمزة عن عليّ بن الحسين عليه السّلام :
قال أبو حمزة : فلمّا كان من الغد غدوت عليه ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّك حدّثتني أمس بحديث يعقوب وولده ثم قطعته ، فما كان من قصّة إخوة يوسف وقصّة يوسف بعد ذلك ؟ فقال : « إنّهم لمّا أصبحوا ، قالوا :
انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف ، أمات أم هو حي ؟ فلما انتهوا إلى الجبّ وجدوا بحضرة الجبّ سيّارة ، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه ، فلمّا جذب دلوه فإذا هو غلام متعلق بدلوه ، فقال لأصحابه يا بُشْرى هذا غُلامٌ فلما أخرجوه أقبل إليهم إخوة يوسف ، فقالوا : هذا عبدنا سقط منّا أمس في هذا الجبّ ، وجئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه من أيديهم ، وتنحّوا به ناحية ، فقالوا :
إمّا أن تقرّ لنا أنّك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيّارة أو نقتلك ؟ فقال لهم يوسف : لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم . فأقبلوا به إلى السيّارة ، فقالوا : من منكم يشتري منّا هذا العبد فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما ، وكان إخوته فيه من الزّاهدين ، وسار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر ، فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : { وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً }».
قال أبو حمزة : فقلت لعليّ بن الحسين عليه السّلام : ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجبّ ؟ فقال : كان ابن تسع سنين ».
فقلت : كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر ؟ فقال : « مسيرة اثني عشر يوما » .
قال : « وكان يوسف من أجمل أهل زمانه ، فلمّا راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه ، فقال لها : معاذ اللّه ، أنا من أهل بيت لا يزنون ، فغلّقت الأبواب عليها وعليه ، وقالت : لا تخف . وألقت نفسها عليه ، فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته ، فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه ، فأفلت يوسف منها في ثيابه وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ « 6 » - قال - فهمّ الملك بيوسف ليعذّبه ، فقال له يوسف : وإله يعقوب ، ما أردت بأهلك سوءا ، بل هي راودتني عن نفسي ، فسل هذا الصبيّ : أيّنا راود صاحبه عن نفسه ؟ - قال - وكان عندها من أهلها صبيّ زائر لها . فأنطق اللّه الصبيّ لفصل القضاء ، فقال :
أيّها الملك انظر إلى قميص يوسف ، فإن كان مقدودا من قدّامه فهو الذي راودها ، وإن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته .
فلما سمع الملك كلام الصبيّ وما اقتصّه ، أفزعه ذلك فزعا شديدا ، فجيء بالقميص فنظر إليه ، فلمّا رآه مقدودا من خلفه ، قال لها : إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ وقال ليوسف : أَعْرِضْ عَنْ هذا ولا يسمعه منك أحد ، واكتمه - قال - فلم يكتمه يوسف ، وأذاعه في المدينة حتّى قالت نسوة منهنّ : امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغها ذلك ، فأرسلت إليهنّ ، وهيّأت لهنّ طعاما ومجلسا ، ثمّ أتتهنّ بأترج وأتت كل واحدة منهنّ سكينا ، ثم قالت ليوسف : اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ ما قلن ، فقالت لهنّ : فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ يعني في حبّه . وخرجت النسوة من عندها ، فأرسلت كلّ واحدة منهنّ إلى يوسف سرّا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن ، وقال : إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فصرف اللّه عنه كيدهن . فلمّا شاع أمر يوسف وامرأة العزيز والنسوة في مصر ، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجننّ يوسف ، فسجنه في السجن ، ودخل السجن مع يوسف فتيان ، وكان من قصّتهما وقصّة يوسف ما قصّه اللّه في الكتاب ».
قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث عليّ بن الحسين عليه السّلام « 7 ».
________________
( 1 ) السبحة : النافلة . « مجمع البحرين - سبح - ج 2 ، ص 370 » ، وفي « ط » : وتسبيحه.
( 2 ) اعترّ : تعرّض للسؤال . « مفردات ألفاظ القرآن - عرّ - ص 328 ».
( 3 ) أمعن : أبعد . « لسان العرب - معن - ج 13 ، ص 409 ».
( 4 ) الغيضة : مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر . « لسان العرب - غيض - ج 7 ، ص 202 » .
( 5 ) علل الشرائع : ص 45 ، ح 1.
( 6 ) أقول : إرادة أمرآة الملك براءة نفسها وسجن يوسف أو عذابه وذلك لحبها له فلم ترد قتله .
( 7 ) علل الشرائع : ص 48 ، ح 1.
|
|
هل يمكن أن تكون الطماطم مفتاح الوقاية من السرطان؟
|
|
|
|
|
اكتشاف عرائس"غريبة" عمرها 2400 عام على قمة هرم بالسلفادور
|
|
|
|
|
رئيس هيأة التربية والتعليم يطَّلع على سير الأعمال في المبنى الجديد لجامعة العميد
|
|
|