أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-3-2018
994
التاريخ: 22-3-2018
864
التاريخ: 22-3-2018
689
التاريخ: 22-3-2018
1581
|
الفطرة بحسب اللغة من الفطر وهو بمعنى الخلق ومنه قوله تعالى: " إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض " (1) والفطرة كفعلة لبيان كيفية في الخلقة كالجلسة فالمراد من فطرة الإنسان هي كيفية في خلقة الإنسان وهي ترجع إلى كيفية في هويته (2) التي منها:
إدراكه بالعقل البديهي وسيأتي الإشارة إليه في الأدلة العقلية. وهذا هو الذي عبر عنه في المنطق بالفطريات أي القضايا التي قياساتها معها كقولهم: الاثنين خمس العشرة. وهذا النوع من الإدراك الذي من خصائص خلقة الإنسان يتوقف على تشكيل القياس وأخذ النتيجة، ولذا يكون من أقسام العلم الحصولي لا العلم الحضوري، وسمي هذا الإدراك بفطرة العقل البديهي.
ومنها: إدراكه بقلبه كعلم النفس بالنفس فلا يحتاج إلى وساطة شكل قياسي كما لا يخفى، ولذا يعد من أقسام العلم الحضوري فالإنسان بفطرته يعلم بنفسه ويحب الكمال والجمال. وسمي هذا الإدراك بفطرة القلب.
ثم بعد وضوح معنى الفطرة، فليعلم أن المستدل بالفطرة على إثبات المبدأ المتعالي وصفاته وتوحيده أراد الفطرة القلبية وقال: إن القلب يعلم بالعلم الحضوري ربه ويعرفه والدليل عليه هو رجاؤه بالقادر المطلق عند تقطع الأسباب الظاهرية المحدودة وحبه له وإن غفل عنه كثير من الناس بسبب الاشتغال بالدنيا في الأحوال العادية. إذ الرجاء والحب فرع معرفته به وإلا لم يرجه ولم يحبه مع أن الرجاء به أمر واضح عند تقطع الأسباب الظاهرية كما يشهد له رجاء من كسرت سفينته في موضع من البحر لا يكون أحد ولا إمداد، بقدرة وراء الأمور العادية (3)، ومع أن حب الكمال المطلق لاخفاء فيه حيث إنا نرى أنفسنا عند عدم إشباع كمال من الكمالات غير آيسين من النيل إلى كمال فوقه إلى أن ينتهى إلى كمال لا نهاية له وهو الذي يوجب السكون والاطمئنان ولا نشبع من حبه ولا نشمئز من الخضوع والعبادة له، " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (4).
ففطرة الرجاء وفطرة حب الكمال المطلق وفطرة عبادته والخضوع له كلها مظاهر مختلفة للمعرفة الفطرية وهي العلم الحضوري بالرب المتعالي لأنها آثار تلك المعرفة ولا يمكن وجودها بدونها بعد كون غير الرب محدودا بمرتبة ومفقودا في بعض الأحيان.
ثم مع ثبوت هذه المعرفة الفطرية حصلت المعرفة بالواجب المتعال، لأن العلم عين الكشف ولا حاجة إلى مقدمات أخرى كما ذهب إليها شيخ مشايخنا الشاه آبادي - قدس سره - حيث قال: بأن العشق من الصفات الإضافية يقتضي معشوقا كما كنت عاشقا بالفعل فلتحكم بوجود معشوق الفطرة في دار التحقق كما قال مولانا: " عميت عين لا تراك. الخ " (5).
وذلك لأن نفس المعرفة الفطرية عين المعرفة به تعالى ولا حاجة إلى ضميمة أنه لا يعقل وجود أحد المتضايفين بدون الآخر فلا تغفل.
ثم إن هذا الإدراك حيث كان من خصائص الخلقة في الإنسان ليس فيه خطأ، كما أن السمع والبصر لا يفعلان إلا ما قرر في خلقتهما له فالسمع لا يريد الرؤية كما أن البصر لا يريد السماع فكل شئ في خلقتنا لا يقصد إلا ما هو له (6).
وعليه فتوجيه قلوبنا نحو وجوده تعالى أمر فطري لا خطأ فيه. وليس هذه المعرفة من باب القضايا المعقولة التي يحتمل فيها الصدق والكذب، بل هو من باب الشهود والعلم الحضوري الذي لا يحتاج إلى وساطة شئ آخر.
وهذا الادراك يؤكد بالعبادات المأثورة الشرعية إذ كلما ازدادت النفس تزكية وصفاء كان هذا الإدراك فيها آكد وأتم.
وكلما ازدادت النفس فسقا وفجورا كان الإدراك المذكور فيها ضعيفا ويؤول ضعفه إلى حد ربما يتخيل عدمه.
وللرسل سهم وافر في ازدياد هذا الإدراك وتقويته كما أشار إليه أمير المؤمنين - عليه السلام - بقوله: " فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستادوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته ويحتجوا عليهم بالتبليغ ويثيروا لهم دفائن العقول " (7).
وكيف كان فهذا الإدراك لا يختص بزمان دون زمان وبقوم، بل هو موجود في الإنسان من بدء حياته إلى زماننا هذا وبعده، كما اعترف به جمع كثير من علماء الغرب أيضا على ما حكاه الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - وهو من شواهد كون هذا الإدراك فطريا (8).
وإلى ما ذكر يشير الإمام الباقر - عليه السلام - في قوله: " فطرهم على المعرفة به " (9).
ثم إن الفطرة لا تبديل لها وإن أمكن خفاؤها، بسبب توجه النفس إلى الدنيا والأمور المادية والاشتغال بها. ولعل قوله تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم " (10) يشير إلى ذلك.
ثم إن الفطرة تشبه الغريزة في كونها من خصائص الخلقة ولكنها تفترق عنها بأمور:
(أحدها): أن الفطرة بعد الإشارة والتنبيه لو خليت وطبعها يعني لم تقترن بالموانع تسوق الانسان نحو الكمال المطلق بخلاف غرائز الانسانية فإنها لا جهة لها بدون أن يكون للعقل عليها تحديد واشراف.
(وثانيها): أن حب الكمال المطلق أو الرجاء به عند تقطع الأسباب العادية أو ملائمة عبادة المعبود المطلق أو غير ذلك من الأمور الفطرية ترجع كما عرفت إلى المعرفة الفطرية التي غفل عنها كثير من الناس، بخلاف الغرائز فإنها لا ترجع إلى المعرفة أصلا كما لا يخفى.
ثم إنه يظهر مما ذكر ما في دعوى إن كل ما استدل به لإثبات المبدأ المتعالي متوقف على أصل العلية، لما عرفت من أن المعرفة الفطرية من خصائص الخلقة كالغريزة وإن كان أساس هذه المعرفة والشهود هو معلولية الانسان. نعم تتوقف فطرة العقل على المقدمات البديهية بخلاف فطرة القلب، لما عرفت.
ثم ينقدح مما ذكر جواز الاكتفاء بالمعرفة الفطرية مع شواهد وجودها من الرجاء أو الحب لكمال المطلق، لإثبات المبدأ المتعالي ولولا وساط الناس الذين غفلوا عن وجودها في أنفسهم فلا حاجة إلى الأدلة العقلية، كما لا يخفى.
_______________
(1) الأنعام: 79.
(2) لأن الخلق والمخلوق كالإيجاد والوجود حقيقة واحدة وانما الاختلاف بينهما بالاعتبار من جهة الإضافة إلى الفاعل والقابل فالكيفية في الخلق تؤول إلى كيفية في المخلوق.
(3) روي في توحيد الصدوق عن الصادق - عليه السلام - ما يدل على ذلك، راجع: ص 221.
(4) الرعد: 28.
(5) رشحات البحار: كتاب الإنسان والفطرة ص 37.
(6) راجع أصول فلسفة: ج 5 ص 46.
(7) نهج البلاغة: خطبة 1.
(8) راجع أصول فلسفة: ج 5 ص 72.
(9) أصول الكافي: ج 2 ص 13.
(10) الروم: 30.
|
|
للتخلص من الإمساك.. فاكهة واحدة لها مفعول سحري
|
|
|
|
|
العلماء ينجحون لأول مرة في إنشاء حبل شوكي بشري وظيفي في المختبر
|
|
|
|
|
أهالي قضاء بلدروز يحيون ذكرى ولادة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) في الرحاب الطاهرة لمرقد الإمامين العسكريين (عليهما السلام)
|
|
|