هل جميع أهل الكوفة كانوا من الشيعة في زمان الامام علي والامام الحسين عليهما السلام ؟ |
47
12:22 صباحاً
التاريخ: 2024-10-26
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-26
45
التاريخ: 2024-10-26
43
التاريخ: 21-10-2020
703
التاريخ: 21-10-2020
1961
|
الجواب :
أ ـ إنّ المتتبّع لتاريخ الكوفة تتبّعاً علمياً دقيقاً يجد : أنّ الكوفة من المدن التي أحدثها الإسلام ، فقد بناها سعد بن أبي وقاص ، بأمر من الخليفة الثاني عمر ابن الخطّاب سنة 17 هـ ، حتّى سمّيت بـ « كوفة الجند » (1) ، وعندما تأسّست هذه المدينة ، تسابق لها المسلمون بشتّى مشاربهم واتجاهاتهم السياسية والفكرية ، حتّى أحصى ابن سعد في كتابه الطبقات الكبرى ، في باب طبقات الكوفيين ، ما يقارب ( 150 ) صحابياً ، ممّن نزل الكوفة ، وقد سكنها العرب واليهود والنصارى والفرس.
أمّا العرب فقد كان تعدادهم على ما أخبر به الشعبي فقال : كنّا نعدّ أهل اليمن اثني عشر ألفاً ، وكانت نزار ثمانية آلاف (2).
إذاً ، فالعرب في الكوفة أيّام علي عليه السلام وولده الحسن والحسين ، يربوا عددهم على العشرين ألف ، فهل من العقل والمنطق أن نقول : أنّ عشرين ألف عربي ، و 150 صحابياً كُلّهم شيعة لعلي عليه السلام؟!
ب ـ الفرس في الكوفة : وكان عددهم 4000 رجلاً ، تحالفوا مع قبيلة تميم ، وسمّوا بالحمراء أو حمراء ديلم ، لأنّ قائدهم يدعى ديلم ، وهم بقايا فلول الجيش الفارسي المنهزم من معركة القادسية ، استوطنوا الكوفة (3) ، فهل هؤلاء أيضاً هم شيعة أو يمكن أن يكونوا شيعة؟!
ج ـ الأديان في الكوفة :
أوّلاً : النصارى : قال ياقوت الحموي في وصف الكوفة : أمّا ظاهر الكوفة فإنّها منازل النعمان بن المنذر ... وما هناك من المتنزّهات والديرة الكبيرة (4).
والديرة : جمع دير وهو مكان عبادة النصارى.
كما ذكر لنا المؤرّخ الشهير الطبري في تاريخه ، كيف أنّ نصارى العرب من قبيلة تغلب ، كانوا ممّن ساهموا في اعمار الكوفة واستيطانها في زمان الخليفة الثاني ، وإليك النصّ : فعاقدوا عمر على بني تغلب فعقد لهم على أنّ من أسلم منهم فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، ومن أبى فعليه الجزاء ـ أي أن يدفع الجزية ـ ... فقالوا : إذاً يهربون وينقطعون فيصيرون عجماً ... فهاجر هؤلاء التغلبيون ومن أطاعهم من النمريين والأياديين إلى سعد بالمدائن ، وخطّوا معه بعد بالكوفة ... (5) ، فلا أدري هل هؤلاء النصارى الذين سكنوا الكوفة هم من الشيعة؟!
د ـ اليهود في الكوفة : لقد تواجد اليهود في الكوفة منذ زمن بعيد ، يرجع إلى 597 قبل الميلاد ، منذ أن سباهم الملك الكلداني نبوخذ نصّر ، وحافظوا على وجودهم في المنطقة على مرّ العصور ، كما انظمّ إلى يهود العراق يهود المدينة حين تمّ جلاؤهم منها ، فاستوطنوا الكوفة منذ عام 20 للهجرة.
وقد سيطر اليهود في الكوفة على التجارة والصياغة ، ولهم معابد ومزارات لا تزال موجودة إلى اليوم ، ومن كان من أهل الكوفة يعرف ذلك جيّداً ، فنسأل هل اليهود أيضاً من شيعة علي عليه السلام؟!
هـ ـ المسلمون ومشاربهم السياسية في الكوفة : وأخيراً ننهي الجواب بالتعرّف إلى أمر مهمّ ، وهو أنّ المسلمين الذين استوطنوا الكوفة أنفسهم لم يكن لهم رأي واحد ، أو مشرب سياسي واجتماعي واحد ، فقد كان كثير منهم ، بل الأغلبية الغالبة ، كانوا يرون أفضلية أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالب عليه السلام ، وهذا واضح لمن له أدنى تأمّل.
ويكفينا هنا شاهد واحد من أدلّة وشواهد لا تحصى ، لكنّ المقام مقام اختصار ، فقد قال ابن أبي الحديد المعتزلي : « وقد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أن ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ـ وهي صلاة التراويح عند أهل السنّة ، وهي بدعة عندنا ، بل أنّ عمر نفسه سمّاها بدعة ، واستحسنها قائلاً : نعمت البدعة هذه ـ فزجرهم ـ أي أمير المؤمنين ـ وعرّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة ، فتركوه واجتمعوا لأنفسهم ، وقدّموا بعضهم ـ أي أنّهم عصوا أميرهم وسيّدهم ـ فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام ، فدخل عليهم المسجد ومعه الدرّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : وا عمراه » (6).
وأوّل من صاح بها قاضي الكوفة شريح ، كما نقل ذلك التستري (7) ، فهل هؤلاء شيعة علي عليه السلام؟!
أم هل يمكن أنّ أبا موسى الأشعري ، الذي وقف يخاطب جموع أهل الكوفة ، ويثبّطهم عن نصرة أمير المؤمنين علي عليه السلام في حرب الجمل ، ويقول لهم : « أنّ علياً ـ لاحظ أنّه حتّى لم يقل أمير المؤمنين وقاحةً وصلفاً ـ إنّما يستنفركم لجهاد أُمّكم عائشة ... أشيموا سيوفكم ، وقصروا رماحكم ، وقطعوا أوتاركم ، وألزموا البيوت » (8).
فهل هذا ومن لفَّ لفّه يمكن أن نعدّهم من شيعة علي عليه السلام؟
وأخيراً : هذين شذرتين صغناها لك قارئي الكريم لتكتمل معرفتك ، وهناك شذرات لا عدَّ لها لمن أراد الاستزادة ، وهي موجودة في بطون الكتب ، فمن أراد فليتابع البحث بنفسه :
1 ـ قال الحسين عليه السلام مخاطباً الجيش الذي جاء لقتاله في يوم عاشوراء : « ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون » (9).
2 ـ في كتاب اختيار معرفة الرجال ـ المعروف برجال الكشي ـ للشيخ الطوسي ، عن الإمام الباقر عليه السلام قال : « كان علي بن أبي طالب عليه السلام عندكم بالعراق يقاتل عدّوه ومعه أصحابه ، وما كان منهم خمسون رجلاً يعرفونه حقّ معرفته ، وحقّ معرفته إمامته » (10).
فيتبيّن لك ـ قارئي الكريم ـ من هم قتلة الحسين عليه السلام؟ وكم هم الشيعة الواقعيون في ذاك الزمان.
__________________
1 ـ معجم البلدان 4 / 491.
2 ـ المصدر السابق 4 / 492.
3 ـ فتوح البلدان 2 / 344.
4 ـ معجم البلدان 4 / 493.
5 ـ تاريخ الأُمم والملوك 3 / 145.
6 ـ نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ليوسف رزق الله : 103.
7 ـ شرح نهج البلاغة 12 / 283.
8 ـ قاموس الرجال 5 / 405.
9 ـ الجمل : 134 ، شرح نهج البلاغة 14 / 15.
10 ـ اللهوف في قتلى الطفوف : 71.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|