اعادة التدوير والعمليات الانتاجية 

من وجهة نظر وفلسفة ادارة الاعمال. فأن الشركات عندما تستثمر في مجال اعادة التدوير، فأنها تستثمر في كفاءة الطاقة والحصول عليها بكلفة أقل، فضلاً عن تحقيقها لقيمة مضافة لتحقيق الميزة التنافسية باعتماد الكلفة. وبهذا الصدد يشير Eric prouty أحد المحللين المعروفين في مجال اعادة التدوير بأن أسعار الطاقة هي في حالة تزايد مستمر وندرة في بعضها ايضاً ، وما يرافقها من مخاطر بيئية عالمية تصاحب عملية انتاج الطاقة. لذلك فأن جعل عملية التدوير بمثابة صناعة مستقبلية هي محاولة جادة لمواجهة هذه الاخطار .

وتاسيساً على ذلك يرى البعض من الخبراء بأن صناعة اعادة التدوير في امريكا تمثل احد الاركان الرئيس لاقتصادها. حيث تشير الاحصاءات الى أنها في عام 2007 حققت عوائد قدرها (236) مليار دولار ، ويعمل في هذه الصناعة اكثر من مليون شخص وانها تمثل 2% من الناتج المحلي الاجمالي الامريكي. ولا يقتصر الأمر هذا على الولايات المتحدة الامريكية فحسب، بل تشير الدراسات ايضا إلى ان الصين ذات الاقتصاد الاكثر نمواً في العالم. لم تعد تستطيع ان تستخدم مواد خام طبيعية في الصناعات الورقية أو صناعة الحديد كما هو في السابق، وانها بحاجة إلى اعادة تدوير لتلك المواد لادخالها مرة أخرى كمواد اولية في مجال هذه الصناعة.

ولتوضيح هذه العلاقة ما بين المواد الأولية من الموارد الطبيعية وعمليات الانتاج والاستخدام من جانب واعادة التدوير ومخلفاتها والنفايات المتحققة من جراء كل ذلك.. فأن الشكل (3) يمكن أن يعطي صورة منطقية لتسلسل عمليات التدوير وما يسبقها وما يلحقها من عمليات وان هذا الشكل هو استكمال تفصيلي لما تم تناوله.

يتضح من الشكل بأن الطبيعة هي المصدر الاول لتقديم المواد الاولية الخام التي تدخل في عمليات الانتاج لينتج منها منتجات تسوق وتقدم الى المشترين لاغراض الاستهلاك أو الاستخدام. وهذه تبقى لفترة معينة من الزمن قد تقصر أو تطول تبعاً إلى نوعية المنتج وعمره التصنيعي وعند ذلك تنتفي الحاجة من المنتج (السلعة) ليتم اخراجها والتخلص منها. ولتبدأ من هنا مراحل عملية اعادة التدوير وبخطواتها الأولى المتمثلة باسترجاع المنتج والذي قد يتكون من تركيبة من عدة مواد يمكن تفكيكها أو قد تكون مواد ويمكن استرجاع الآتي على سبيل المثال من قبل الوسطاء أو الشركات المتخصصة في الاسترجاع أو من الافراد الذين يطوفون على المنازل :

ـ استرجاع القناني والقارورات الزجاجية واي منتج ذا صلة بالزجاج لاعادة تدویره کماده خام .

ـ الورق ، الصحف، المجلات ، الاغلفة ، والكارتون لاعادة تدويرها في صناعة الورق.

ـ اطارات السيارات غير القابلة للاستعمال الامن لتحويلها الى مواد مطاط.

ـ مواد الالمنيوم لتحويلها الى ورق المنيوم للتغليف أو لقطع الزينة في السيارات.

ـ انواع الفولاذ لتحويله الى أجزاء من مركبات السيارات، عدد وادوات.

ـ المواد البلاستيكية لتحويلها الى مواد تعليب ،اكياس العاب، مواد منزلية.

ـ الاجهزة الكهربائية المختلفة لاعادة صيانتها واطالة عمرها وبيعها أو الاستخلاص المواد الصالحة منها .. الخ.

بعد ذلك تبدأ عملية أعادة التدوير للسلعة وتأخذ اتجاهين يتمثل الأول بصيانة السلعة وادامتها لاطالة عمرها ، ويمكن اعادة بيعها كالاجهزة المنزلية والكهربائية والمعدات الأخرى ليتم استخدامها مرة اخرى. أما الاتجاه الثاني فهو تفكيك السلعة إلى عناصرها الاساسية وتدويرها كمواد تشغيلية تدخل في علميات الانتاج، أو إلى عناصر ومكونات (بضاعة نصف مصنعة) تدخل ايضاً إلى عمليات الانتاج طالما كان بالامكان أن تكون صالحة للتصنيع. وما تبقى من عملية اعادة التدوير فهو يمثل نفايات غير قابلة لاعادة التدوير يتوجب التخلص منها وارسالها كنفايات الى مكبات الطمر لدفنها أو معالجتها بالشكل الذي يتوافق مع خصوصية المنتج أو المادة. والمربع (7) يوضح نموذج متقدم في عالم صناعة السيارات واعادة التدوير والمتمثل بشركة فولفو Volvo وكيفية تعاملها مع عملية اعادة التدوير من خلال تصنيعها للسيارات والشاحنات التي تنتجها للسوق، والتي تصب في حماية الموارد الطبيعية وعدم استنزافها.

نخلص الى القول بان اعادة التدوير من قبل الشركات تعني تخضير لاعمالها ويمثل رؤية جديدة في استرايتجية عملها وتبنيها لفلسفة التسويق الاخضر. وتعبيرها بذات الوقت عن توجهها في حماية البيئة، وعدم احداث أي تأثيرات سالبة فيها من جراء ما تقوم به من اعمال. وهذا الامر يمثل تعبير ذاتي عن استراتيجية وسياسات المنظمة قبل أن تكون اذعان للوائح والشروط الانضباطية التي تضعها الحكومة والمؤسسات والمنظمات التي تعني بالبيئة وحماية المستهلك. ومن هنا فأن تخضير اعمال الشركة لا يصب فقط في الجانب البيئي فحسب، بل ان العنصر المنتفع المباشر من ذلك هو الفرد (المستهلك) الذي سيجني ثمار هذا التوجه في العيش ببيئة نظيفة خالية من التلوث فضلاً عن حصوله على سلع متوافقة مع توجهاته الخضراء وسليمة بيئياً وصحياً.