أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-2-2022
1707
التاريخ: 7-4-2022
1949
التاريخ: 2024-09-17
194
التاريخ: 26-7-2022
1709
|
لا ريب في أن اولئك الذين يركزون نظرهم على بعد واحد هم اناس ناقصون لأن وجودهم يتلخص في ذلك البعد لا غيره... في حين انهم جاهلون باحتياجات الانسان المختلفة الاخرى... انهم يقيسون كل واقعيات الحياة بمقياس واحد ولا ينظرون إلا من منظار واحد وإلى جانب واحد فقط.
إنهم على قسمين:
1ـ اولئك الذين يظنون أن دافعاً نفسياً معيناً هو المحرك الاصيل لنشاط الانسان والمؤثر الواحد في الروابط الفردية والاجتماعية.
2ـ اولئك الذين يعتبرون أن هناك دوافع نفسية متعددة إلا أنهم يؤكدون على أحد هذه الدوافع على انه الدافع الرئيس المؤثر تأثيراً كلياً ويرون أن البشرية تندفع في سلوكها بهذا الدافع الجبار المتحكم.
ولسنا نحاول هنا مطالعة اقوال هذين الفريقين وحصر وتمييز المدارس المتطرفة وتصنيفها إلى هذه المجموعة أو تلك ... بل نريد أن نبين النواقص والتساهلات الأساسية لمثل هذا الاسلوب من التفكير.
وعندما نتصفح التاريخ يطالعنا تاريخ اسود لهؤلاء ونعرف ان في كل عصر كانت تبرز نظرات (ذات بعد واحد).
ففي عصر (سعدي) المتكلم والشاعر الشيرازي وامثاله كان معيار الشخصية قائماً على اساس التمكن من زمام الأدب ... فقيمة الشخصية وعظمتها يقاس بمقدار تضلعها في علم النحو والأدب وصاحبها حينذاك استاذ واع عميق، وهكذا كان التكامل الانساني يقاس على هذا الاساس وفي ظل العلم والقدرة.
ولهذه الجهة كان الناس بعيدين عن مشاكل العصر، والعواقب السيئة لسيطرة الأجانب على الدين، والتفكير في رفع مستوى الفقراء المفترشين للتراب وعشرات المسائل الضرورية الاخرى.
نعم عندما يكون المرض متفشياً في المجتمع قد لا يدرك الناس ضرر المرض ويظنون انهم يعيشون في مجتمع سالم.
البعد الواحد في مذهب ماركس
ويمكننا القول بأن أعظم ازمة وثقل لنظرية البعد الواحد تتمثل في مذهب ماركس حيث يتصور هو واتباعه ان القوى المنتجة تشكل أساساً لكل المسائل السياسية والحقوقية والظواهر الفكرية والدينية وغيرها.
ونحن نسأل: لو أن المجتمع كان يمتلك اقتصاداً سليماً وان الافراد وصلوا إلى حقوقهم الاقتصادية فهل يستغنون عن أي شيء آخر؟ وهل لا يبقى لديهم امل آخر أو ضالة ينشدونها؟ وهل لا يبقى مجال للتساؤل عن المبدأ وسر الخلق وإلى اين المسير على لسان الناس وضمائرهم؟
ولا شك في أن مذهب ماركس مع تصوراته المغلوطة عن الكون لا يمكنه ان يستوعب كل ابعاد الانسان ذلك لأنه يحصر الوجود بالمادة ولا ربط له مطلقاً بالأبعاد الروحية المعنوية والاحتياجات الداخلية العميقة للإنسان. فالإنسان في نظر ماركس واتباعه وسيلة انتاج تقف إلى جنب الفأس والمطرقة وأمثالهما.
والحقيقة أن الماركسية لم تكن المدرسة الاولى والاخيرة في التاريخ والتي ركزت على جانب معين واغفلت الجوانب الاخرى وارجعت إليه كل انماط الغضب والمودة، والتجاذب والتدافع والتعايش والتنافر، والاحترامات والانتقادات وكل حوادث التاريخ الانساني وتقلباته...
فهذا فرويد جاء بمدرسة اخرى، مدرسة عاهرة وضيعة مخيفة تقع فريسة في شباك عامل اخر- فينظر إلى العالم البشري بمنظار الغريزة الجنسية لا غير فهو يبحث بنظرة فاحصة في الظواهر، وانماط السلوك، والتنافرات والميول عساه يجد في كل هذه الأمور اثراً للعامل الجنسي فيفسرها به لا غير.
إنه يعتقد أن كل العقد والاحساسات بالنقص تشكل ردود فعل للكبت الجنسي في حين أنا نعلم أن الإنسان مجموعة من الغرائز والدوافع التي لها كلها تأثيرات في شخصية الانسان ولاجل اشباع احتياجات الانسان إشباعاً صحيحاً وتأمين سعادته الشاملة فردياً واجتماعياً لا يمكن أن نهمل أياً منها بل نحسب حساب الجميع.
العنصرية
وتعتبر العنصرية نموذجاً آخر من نظريات العامل الواحد والنظرة المركزة على بعد واحد حيث يعتبر العنصر الواحد هو (العنصر النقي) في حين تعتبر العناصر الأخرى عناصر متأخرة في سلم الرقي الاجتماعي.
فهؤلاء اليهود يسمون أنفسهم (شعب الله المختار) ويعتبرون باقي الشعوب عبيداً أو حيوانات مملوكة لهم ويجيزون لأنفسهم أن يسلكوا أي سلوك مع اعدائهم (1).
وهذه توراتهم المحرفة نفسها تشهد على جناياتهم ومذابحهم العامة القاسية في اراضي الآخرين (2).
وهذا هيتلر القائد النازي يعتبر أحد قادة العنصرية حيث كان يرى العنصر الجرماني أقوى العناصر وأسماها ويرى أن الحكم والتحكم في العالم إنما يليق به دون غيره وكلنا يعلم كيف أشعل هيتلر في سبيل تحقيق هذه العقيدة حرباً طاحنة وحملها على البشرية وبالتالي لم يخسر هيتلر موضوع ايصال العنصر الجرماني والمانيا إلى القيادة والنصر فحسب بل صار سبباً لتقسيم المانيا إلى قسمين: شرقي وغربي وضياع الوجود الالماني وانهزامه وذلته أمام الحلفاء.
ونحن نجد فعلاً المسألة العنصرية في بعض الاقطار الاوروبية كإحدى المشكلات الرئيسة التي لم تحل بعد إذ أنه في بعض الولايات لا يقبل البيض أبداً بالتعايش مع السود الذين يعيشون في الحرمان والضغط، وعليهم أن يتحملوا هذا الحرمان وشظف العيش لا لشيء إلا للون بشرتهم، في حين أن أي عاقل لا يمكنه أن يقبل أن يعيش الاخر في الحرمان والشقاء لأن لونه اسود.
نعم إن العنصر لا يؤثر في إنسانية أي انسان والتفوق العنصري ليس أكثر من خرافة... إن الإنسان إنسان بعلمه وعقله وفضيلته لا بلونه الفاتح أو رشاقته أو عضده القوي.
***
أما الأن فلنرجع إلى مجتمعاتنا المعاصرة نحن ونحاول استجلاء بعض مواقع هذه النظرة فيها:
فإن البعض من الناس تقبلوا الإسلام على أنه مجرد طقوس عبادية ولم يعيروا بالاً لأي من الواجبات الاسلامية الاخرى فهم يلخصون الإسلام في سجادة ومسبحة.
ونحن لا ننكر حقيقة أن الاعمال العبادية هي من اركان الإسلام وتشكل في محلها جزءاً حياً يوجب نجاة الإنسان وله دخله في مسيرته الحضارية ولكن لا بالشكل الذي يغض النظر فيه عن سائر المسائل الحياتية ويترك فيه الكسب والعمل والزوجة والاطفال والوظائف الاهم فردية أو اجتماعية وتصرف كل الطاقات في العبادات وتنسى الواجبات الاخرى وتذكر لها اعذار مختلفة فلا نفكر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا وبناء النفس وتربية الاخرين ولو بمقدار واحد بالمائة من تفكيرنا بالسجادة والمسبحة.
وهذا هو الغلط الكبير والنظرة إلى جانب واحد والمتغافلة عن الجوانب الاخرى في الانسان.
ونجد الفريق الاخر من الناس يركزون على جانب (الطهارة) البدنية وهي من أسهل الاحكام الاسلامية فيصلون فيها إلى حد (الوسوسة) في حين لا تجدهم يهتمون للغيبة والكذب والقبائح الاخرى.
ومجموعة اخرى تعتبر الدين مجرد (طهارة القلب) أما النشاط والسعي العلمي الإسلامي فهي امور المسؤولية والوظيفة وليس لديهم دليل إلا أن غرض الدين هو (صفاء القلب) فحسب فإذا قيل لأحدهم لا تشرب الخمر قال (دعنا يا هذا وليكن قلبك صافياً) وهكذا وبهذه العبارة الجوفاء يتخلى عن تحمل المسؤولية ويبرئ نفسه ويتصور نفسه طاهراً رغم تلوثه بآلاف الذنوب والرذائل الاخلاقية ويعتقد انه وإن كان في الظاهر شريراً ملوثاً إلا أن لم باطناً يفوق المرآة صفاء وجلاء.
هذا في حين تجد البعض يتحدث دائماً عن محبة اهل البيت (عليهم السلام) ومع انهم يتصورون محبتهم اساساً للإسلام فهم يغفلون عن الآداب والسنن الإسلامية في ظل هذه المحبة فيقولون: وكن محباً وافعل ما تشاء، ولتخرج من عينك دمعة على الحسين ثم لا تخف من أي ذنب، هذا مع أن هذا ليس من تعاليم الإسلام والتشيع في شيء.
وهؤلاء في الواقع لم يعرفوا المعنى الحقيقي للحب، وذلك لأن المحب الواقعي لا يسلك طريقاً لا يقبله المحبوب.
نحن نعترف أن المحبة والارتباط القلبي بالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام من أول الوظائف للمسلم الواعي وأنها توجب نجاة الإنسان ولكن لا بالشكل الذي يستغل هذا الحب استغلالاً سيئاً فيجعل ذريعة للاستهانة بالآداب والسنن الاسلامية والتساهل فيها وعدم الحذر من الوقوع في الذنوب.
يقول الإمام الباقر (عليه السلام) في حديث طويل: من كان لله مطيعاً فهو لنا ولي ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدو، وما تنال ولايتنا إلا بالعمل والورع (3).
***
إن الفاجعة اليوم التي تتحكم أكثر من غيرها في حياة الناس وتجر البشرية نحو الفناء هي فاجعة (الحياة الآلية). والواقع انه في مجال العلاقة بين الآلة والمجتمع نجد الانسان قد تبدل إلى حد بعيد إلى آلة... والحياة الآلية تحصر الجذور الرئيسة لمختلف الظواهر والروابط في مجتمعات اليوم في وسائل التكنيك الحديثة.
إن الإنسان موجود له احتياجات مختلفة إلا أن الحياة الآلية الميكانيكية تجره على أن يتخذ شكلاً خاصاً وإطاراً وعملاً معيناً وان يبقى مع عمله إلى نهاية عمره يعمل ويعمل يدور كما تدور الآلة ويقف عندما تقف فهو يدور كالمروحة دون ان يستطيع ان يشبع احتياجاته الأخرى ... ومثل هذا الإنسان جهاز مسخر للألة بدل أن تكون الآلة مسخرة له وليس انساناً يملك احتياجات متفاوتة ... فهو يسعى دائماً ليأكل ويأكل ليعمل. انتاج للاستهلاك واستهلاك للإنتاج.
في المجتمع الذي تقوده الآلية يستعبد الافراد بدون أن يفكروا في عبوديتهم هذه ويقعدون عن التكامل فهو يقضي كل يوم كما قضى الآف الايام قبله، ومثل هذا المجتمع يسعى بسرعة لأن يحل النظام الصناعي محل كل انماط التفكير المسلكي والايديولوجي للأنسان ويتقولب الافراد بلا شعور مع اعمالهم وتنشأ شخصياتهم شخصيات غير مبالية، نعم الأمر الوحيد الذي يشغل بالهم هو المسألة المالية ومقدار الدخل ومقدار الانتاج والاستهلاك في الحياة.
يلبسون لباساً واحداً، ولهم مظهر واحد وإذا أرادوا التغيير استمعوا إلى وسائل الاعلام وغيروا أنفسهم على توجيهاتها فليسوا هم الصانعين والمفكرين والعاملين والمبتكرين.
وهم عادة يمتلكون نوعاً واحداً من الحرية الصناعية الالية فهم فرحون بذلك وبدون أن يدروا يضعون في ايديهم قيود الآلة والميكانيك.
***
فإذا فكرنا في نجاة المجتمع من هذه الامراض يجب أن نلتفت إلى كل ابعاد الانسان وجوانب وجوده... فإن إهمال الواقعيات وانكار الاحتياجات الانسانية، وغض النظر عن الدوافع المختلفة والنظر إلى جانب واحد دون غيره هو في الواقع نوع من الامراض الوبيلة التي ابتلي بها عصرنا مع الأسف وبشكل واسع جداً. فهل هناك أخطر من ان يكون المقياس العام في المجتمع المال لا غير فهو معيار الروابط وأساس الحياة.
في مثل هذه الظروف نجد الجميع بدلاً من الاطلاع على حقائق الاحتياجات الاجتماعية والتعاون الديني العاطفي والسعي الحثيث المترابط للتكامل والتعايش الاكمل وبدلاً من التوجه إلى آفاق الفضيلة والتضحية والايثار ومحبة الاخرين، نجدهم لا يهتمون إلا بملء الجيوب والتمتع اكثر فاكثر بالمواهب المادية ... فالطبيب دون توجه لمسؤوليته الدينية والاجتماعية يتحول إلى انسان مستغل يتطلب الربح والمال لا غير، والقاضي بأخذه الرشوة الكبرى يهتم ببناء العمارات والقصور، والتاجر بدلاً من أن يتاجر بالأشياء المفيدة للمجتمع لا يفكر إلا بالأشياء المربحة اكثر، واصحاب الرساميل لا مانع لديهم من انشاء مراكز الفساد واضلال جيل من الشباب لا لشيء إلا لتجميع الثروة، والطالب يدرس لتحصيل المال لا لخدمة المجتمع.
في مثل هذا المجتمع تقاس الافضليات، القيم، الانحطاط بمقاييس جوفاء من هذا القبيل فوجود الشخص في المجتمع يشخصه رصيده المصرفي والملكي المشخص وتنسى القيم الواقعية والانسانية وفي خضم هذا التسابق المالي تصاب الافكار والاستعدادات بعقم قاتل ويبذر بأنماط النبوغ ويطفو على السطح الفكر السخيف والتصورات الجوفاء في حين ترسب الاحجار الكريمة في القاع وتدفن في الرمال.
رأي الإسلام
خلافاً لنظرة هؤلاء فإن الإسلام راعى كل الاحتياجات الجسمية والبدنية، الدنيوية والاخروية، الفردية والاجتماعية.
ولا بد من وجهة نظر الإسلام، لتأمين السعادة البشرية من التوجه لكل الأبعاد الوجودية لها. فيجب ان تشبع الاحتياجات الغريزية للإنسان ولكن على اساس من ضوابط تقيم الحياة الفردية والاجتماعية على اسس عادلة وعند ذلك فلا بد أن يؤول الامر إلى مسيرة تكاملية معنوية متصاعدة تستغل فيها مواهب الكون بكل سهولة ويسر وتصميم لتنتهي المسيرة إلى الحياة الخالدة في العالم الآخر.
أي قانون هذا الذي يستطيع أن يستوعب الوجود الانساني المليء بالأسرار وفي مختلف المراحل ومن جميع الزوايا؟ انه ليس الا القانون الإلهي الذي يضعه الله المطلع اطلاعاً لا يحده حد على عمق وجود جميع الأفراد.
إن الإسلام هو قانون الله، الله المطلع على كل فرد في أرجاء هذا العالم وماذا يواجه هؤلاء في كل القرون وتحت كل الظروف الزمانية والمكانية المختلفة والبيئات المتفاوتة والأجواء المتباينة وما يلاقونه من مشاكل، الله العالم بخفقات قلب كل موجود والمطلع على ما يحتاجه الجنين في رحم الأم والميت في لحد القبر وذلك اكثر مما يطلع عليه نفس الموجود المحتاج، الله الذي يعلم حاضر كل موجود ومستقبله والذي يعلم حالة كل مجتمع هذه السنة وفي كل سنة، والذي هو بعلمه اللا محدود مع كل موجود والعالم بكل الأسرار المخفية لكل عباده.
نعم مثل هذا المشرع له صلاحية وضع قانون دائم لسعادة الانسان والإسلام قانونه.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30].
إن الإسلام يلاحظ جسم الانسان وروحه ويهتم باحتياجات كل منهما ويعتبر إشباع الاحتياجات الروحية والتكامل المعنوي والوصول إلى السعادة الخالدة الأخروية أهم من غيرها ويراها هدفاً أصيلاً.
إنه يتوجه لاحتياجات الجسم ذلك انه لو لم يكن الجسم لم يكن للروح ان تديم السير في كمالها، انه يأمر بحفظ البدن وصحته فإن لم يكن هناك بدن سالم تقاعدت الروح عن الفعالية والنشاط.
ويرى الإسلام أن كبت الغرائز وقهرها وعدم الالتفات لإشباعها امر مردود، ويمنع اتباعه من الرهبانية والرياضات الروحية الباطلة ويصنع للإجابة على تساؤلات كل الغرائز طرقاً واساليب صحيحة واصولية ليقف في وجه التحلل أو الحرية غير المحدودة التي تضر بالمسيرة الانسانية.
وتعاليم الإسلام في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعبادية وغيرها تشكل أكبر شاهد حي على أن هذا الدين الحنيف لم يهمل حساب أية حالة ضرورية لحياة الإنسان.
فلرفع الاحتياجات الاقتصادية امر بالعمل والسعي والزراعة والاعمار واصلاح الاراضي، وتدجين الحيوانات، والتجارة واتخاذ الحرف والصناعة، وذم التعطل وعدم العمل ومن وجهة اخرى ولأجل تعديل الانسان في عمله وتحصيل ماله ولأجل التقريب بين الطبقات فقد وضع طرقاً لتعديل الثروة وعلّم اتباعه أن العمل والمال وسيلة لأهداف لئلا تتعلق ابصارهم بالثروة فقط ولئلا يتخلوا عن واجباتهم الشرعية وأداء الضرائب الشرعية لتحقيق التوازن والتكافل الاجتماعيين.
ولا يرى الإسلام أن من الجائز أن تنمى الثروة بأي طريق كان فهو يمنع الربا وامتصاص دماء المساكين ويعتبر الربا من أكبر الذنوب واعتبره حرباً على الله تعالى.
والإسلام يأمر بالصلاة لتبقى الصلة الدائمة بين المسلم وربه ولئلا يغرق في الامور المادية، ويأمره بالصوم لئلا يعتاد على اللذات ويصبح اسير بطنه وتبقى روحه وعقله الموجهين لبدنه.
ويطلب من المسلمين الدعاء والعبادات المستحبة ذلك لأن الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى هو غذاء الروح وهو يصعد بالنفس إلى مجالات القرب الالهي ويخلصها من قيود الارض ويمنح الانسان في المشاكل القوة والأمل والصبر ولكنه في نفس الوقت يرى الإكثار في العبادة المستحبة إكثاراً مؤثراً على تأدية سائر الواجبات أمراً غير مقبول.
كما أن الإسلام يرى أن المحبة القلبية بالنسبة لله والنبي (صلى الله عليه وآله) واهل بيته الاكارم وشيعتهم، والتنفر والانزجار من اعداء الله والنبي واهل بيته من الامور اللازمة إلى الدرجة التي يعتبر فيها الإيمان هو (الحب والبغض) (4) ولكنه في نفس الوقت ولأجل أن لا يتصور البعض أن المحبة بدون (العمل الصالح) هي وسيلة النجاة يأمر باتباع سائر اوامره ونواهيه، ويقيم المحبة بالمقدار الذي تستطيع ان تتجسد في عمل صالح واتباع الله (سبحانه وتعالى) والنبي (صلى الله عليه وآله) واهل البيت (عليهم السلام).
{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31].
ويقول الإمام الصادق (عليه السلام) عند وفاته: (ان شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة) (5).
نعم... إن الإسلام قانون كامل يتلاءم مع واقع الانسان وفطرته ويأخذ بعين الاعتبار كل ابعاد الوجود الانساني وله في كل الامور والجهات أوامر معينة كاملة.
وعلى أمل ذلك اليوم الذي لا نعود فيه نحن المسلمين - بعد التوجه إلى هذه الحقيقة ـ ننظر إلى بعد واحد بل نقيم حياتنا على اساس اسلوب صحيح وضعه لنا الإسلام العظيم، على أمل ذلك اليوم... نعيش وندعو الله لتحقيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ يراجع (اليهود بين الدين والتاريخ، للدكتور ضابر عبد الرحمن طعيمة، ص 550، طبع مصر وما بعدها وكتاب (الصهيونية في فلسطين) لصبري جرجيس.
2ـ التوراة سفر التثنية، الفصل الثاني، الاصحاح 32 ـ 34.
3ـ الكافي، ج 2، ص 74.
4ـ وسائل الشيعة، ج 11، ص 435 - 440.
5ـ المصدر السابق، ج 3، ص 16.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|