أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-24
199
التاريخ: 2023-07-14
797
التاريخ: 18-3-2020
2130
التاريخ: 2023-06-11
1163
|
لكثير من الادعية قاع وقمة ، أمّا القاع فهو يجسّد موضع العبد وما ركب من السيئات والذنوب ، وأمّا القمة فهي تمثّل طموحه وأمله في الله سبحانه وتعالىٰ ، ولا حدّ لكرمه وجوده وخزائن رحمته.
وفي « دعاء الاسحار » يذكر زين العابدين (عليه السلام) هذا الفاصل النفسي بين القاع والقمة ، يقول (عليه السلام) : « إذا رأيتُ مولاي ذنوبي فزعتُ ، وإذا رأيتُ كرمك طمعتُ » ([1]).
ويقول (عليه السلام) في الدعاء نفسه : « عظم يا سيدي أملي ، وساء عملي فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بأسوء عملي » ([2]).
وفي الدعاء الذي علّمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لكميل بن زياد رضي الله عنه يبدأ من القاع فيقول : « اللّهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقَم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تغيّر النعم ، اللّهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء ... اللهم لا أجد لذنوبي غافراً ، ولا لقبائحي ساتراً ، ولا لشيء من عملي القبيح بالحسن مبدلاً غيرك ... سبحانك وبحمدك ظلمت نفسي ، وتجرّأت بجهلي ، وسكنت إلىٰ قديم ذكرك لي ومنّك عليّ ... اللهم عظم بلائي ، وأفرط بي سوء حالي ، وقصرت بي أعمالي ، وقعدت بي أغلالي ، وحبسني عن نفعي بعد أملي ، وخدعتني الدنيا بغرورها ، ونفسي بجنايتها ومطالي ... فأسالك بعزتك أن لا يحجب عنك دعائي سوء عملي وفعالي ، ولا تفضحني بخفيّ ما اطلعت عليه من سرّي ... » ([3]).
وهذا (القاع) هو حضيض العبوديّة وما يكتنفها من سيئات. ثم ننتهي في أواخر الدعاء إلىٰ قمه الطموح التي تجسّد أمل العبد ورجاءه العظيم في رحمة الله الواسعة ، فيقول : « وهب لي الجدّ في خشيتك والدوام في الاتصال بخدمتك حتىٰ اسرح إليك في ميادين السابقين ، واُسرع إليك في البارزين ، وأشتاق إلىٰ قربك في المشتاقين ، وأدنو منك دنوّ المخلصين ... واجعلني من أحسن عبيدك نصيباً عندك ، واقربهم منزلة منك ، وأخصّهم زلفة لديك ، فإنّه لا يُنال ذلك إلّا بفضلك ... » ([4]).
ونجد في الدعاء الذي يرويه أبو حمزة الثمالي عن الامام زين العابدين (عليه السلام) لأسحار شهر رمضان نفس الفاصل الكبير بين « القاع » و « القمة ». ففي البدء ينطلق من نقطة القاع ، فيقول (عليه السلام) : « وما أنا يا ربّ وما خطري ، هبني بفضلك ، وتصدَّق عليّ بعفوك ، أي رب جلّلني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك » ([5]).
« فلا تحرقني بالنار ، وأنت موضع أملي ، ولا تُسكنّي الهاوية فإنّك قرة عيني ... ارحم في هذه الدنيا غربتي ، وعند الموت كربتي ، وفي القبر وحدتي ، وفي اللّحد وحشتي ، وإذا نُشرت للحساب بين يديك ذُلَّ موقفي ، وارحمني صريعاً علىٰ الفراش تقلّبني أيدي أحبّتي ، وتفضّل عليّ ممدوداً علىٰ المغتسل يقلّبني صالح جيرتي ، وتحنّن عليّ محمولاً قد تناول الاقرباء أطراف جنازتي ، وجُد عليّ منقولاً قد نزلتُ بك وحيداً في حفرتي » ([6]).
ثم بعد ذلك يقول (عليه السلام) في مرحلة الطموح وقمة الدعاء : « اللّهم إنّي أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون ، يا خير من سُئل وأجود من أعطىٰ ... أعطني سؤلي في نفسي وأهلي وولدي ، وأرغد عيشي ، وأظهر مروّتي ، وأصلح جميع أحوالي ، واجعلني ممن أطلت عمره ، وحسَّنت عمله ، وأتممت عليه نعمتك ، ورضيت عنه ، وأحييته حياة طيّبة ... اللّهم خصّني بخاصة ذكرك ... ، واجعلني من أوفر عبادك نصيباً عندك في كل خير أنزلته أو تُنزله » ([7]).
وهذه الرحلة من « القاع » إلىٰ « القمة » هي تعبير عن حركة الانسان إلىٰ الله ، وهي رحلة « أمل » ، و « رجاء » ، و « طموح » ، وعندما يكون أمل الانسان ورجاؤه وطموحه في الله فلا حدّ لغاية هذه الرحلة.
[1] دعاء أبي حمزة الثمالي.
[2] المصدر السابق.
[3] دعاء كميل.
[4] دعاء كميل.
[5] دعاء أبي حمزة الثمالي.
[6] دعاء أبي حمزة الثمالي
[7] دعاء أبي حمزة الثمالي
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|