أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-23
73
التاريخ: 2024-09-19
110
التاريخ: 2024-09-19
130
التاريخ: 2023-12-19
999
|
فائدة رقم (47):
في باب الدعاء في أدبار الصلوات من أصول الكافي عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن بعض أصحابه قال: من قال بعد كل صلاة وهو آخذ لحيته بيده اليمنى: يا ذا الجلال والإكرام ارحمني وأجرني من النار ثلاث مرّات ويده اليسرى مرفوعة بطنها الى ما يلي السماء. ثم يقول: أجرني من العذاب الأليم. ثم يؤخّر يده عن لحيته [ثم يرفع يده] ويجعل بطنها ممّا يلي السماء. ثم يقول: يا عزيز يا كريم يا رحمن يا رحيم، ويقلّب يديه ويجعل بطونهما ممّا يلي السماء. ثم يقول: أجرني من العذاب الأليم ثلاث مرّات صلِّ على محمد وآل محمد والملائكة والروح غُفر له ورضي عنه ووصل بالاستغفار له حتّى يموت جميع الخلائق إلّا الثقلين الجن والإنس (1).
أقول: موضع الإشكال الذي فيه قوله الا الثقلين فإنّ ظاهره انّه مستثنى من جميع الخلائق الذي هو فاعل يموت ومعناه حينئذٍ فاسد؛ لأنّ موت باقي الخلائق غير متقدّم على موت الثقلين ولا على موت بعضهما بل الأمر بالعكس، وأيضا فالاستثناء لا يناسب المقام لو صحّ التقدّم ولا يظهر له معنى يعتد به هذا ما أورده السائل.
والجواب: انّ هنا مقدّمة يحتاج إليها وهي انّ غفر له ورضي عنه فعلان ماضيان مبنيان للمجهول قطعًا ، واحتمال كونهما مبنيّين للمعلوم والضمير راجعا الى الله سبحانه بعيد جدًا على انّه غير مذكور الا ببعض أسمائه على وجه الخطاب دون الغيبة وكون مرجع الضمير أحدها (2) لا يخفى ما فيه من البعد وعدم الربط.
وقوله: (ووصل) فعل ماضٍ والأقرب فيه كونه مبنيًّا للمجهول ومرجع الضمير المستتر فيه مرجع ضميرَي( له) و(عنه) ويحتمل كونه مبنيًّا للمعلوم وجميع الخلائق فاعلا له وعلى هذا ينبغي تقدير ضمير فيه أي: (وصله) فهو أنسب بالربط في مثل هذا الترتيب «التركيب ـ خ» وعلى هذا يموت فيه ضمير مستتر راجع الى صاحب الضمائر السابقة وهو مسند الى ذلك الضمير لا الى جميع كما كان على التقدير الأول بحسب الظاهر والا فلفظ جميع على الأول كان يحتمل فيه ثلاثة أوجه كونه فاعل يموت والضمير نائب فاعل وصل وكونه فاعل فعل محذوف كأنّه قيل: من يصله الاستغفار أو من يستغفر له فقيل جميع الخلائق.
كما في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ} على قراءة يسبّح مبنيًّا للمجهول.
وكقول الشاعر: ليبكِ يزيد ضارع لخصومة.
وكونه فاعل المصدر الذي هو الاستغفار بصحة حلول (أنّ) والفعل محلّه، تقول: ووصل بأن يستغفر له جميع الخلائق إذا عرفت هذا فحلّ الاشكال من وجوه:
أحدها: أنّ (إلّا) هنا ليست للاستثناء بل هي وصفيّة بمعنى غير كما في قوله تعالى: {لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا} وتلك يوصف بها وبتاليها جمع منكّر أو ما في حكمه فالأول كالآية. والثاني نحو قول الشاعر: أُنيخت فألفت بلدة فوق بلدة *** قليل بها الأصوات إلا بغامها
فإنّ تعريف الأصوات تعريف الجنس وهو في اللفظ معرفة وفي المعنى كالنكرة وكذا في كثير من الأحكام وقد تقرّر أنّ ما أضيف إلى شيء من المعارف فحكمه حكم ما أضيف اليه الا ما استثني. وحينئذٍ فوصف جميع الخلائق بمغايرة الثقلين من حيث العموم والخصوص والكليّة والجزئيّة والمغايرة صادقة بهذا القدر يعني انّ المراد بجميع الخلائق غير الثقلين وان كان كثيرًا ما يطلق عليها خاصّة بل المراد منهما الأعم من ذلك.
ويحتمل ان يراد المغايرة الحقيقيّة يعني حتّى يموت جميع الخلائق الذين هم غير الثقلين من الملائكة وغيرهم ووجهه واضح فإنّ موتهم متأخّر عن موتهما أو موت بعضهم متأخّر عن موت جميعها وهذا الوجه أقرب.
وثانيها: كون (إلّا) هنا عاطفة بمنزلة الواو وفي التشريك لفظا ومعنا كما قاله الأخفش والفراء، وأبو عبيدة وجعلوا منه قوله تعالى: {لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا}، وقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ}.
أي: ولا الذين ظلموا ولا من ظلم ولا يخفى انّ لهما وجهًا آخر على تقدير الاستثناء المنقطع.
أمّا الأول: فإنّ الذين ظلموا يدّعون الحجة مجرى الكلام على دعواهم واعتقادهم أو يقدّر المستثنى منه فيقال: ولا يدّعيها أحد إلا الذين ظلموا.
وأمّا الثاني: فأوضح بناء على ما تقرّر من عدم وجوب قبول التوبة وعدم ثبوت وجوب التكفير فإنّه مثله يخاف من جزاء ظلمه وان بدّل حسنا بعد سوء وامّا من لم يبدّل، فإنّه لا يخاف لغلبة الشقاء عليه، إذ الخوف إذا فرض كان حسنًا بعد سوء.
ولا يخفى أنّ ما ذكروه أقرب من مثل هذه الوجوه والمذكورون ممّن يقبل قوله في اللغة والعربية. وعلى قولهم يمكن تخريج الحديث بأن يكون الثقلين عطفًا على الخلائق من عطف الخاص على العام للاعتناء والاهتمام كقوله تعالى: {فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمّانٌ} للتنصيص على دخول الثقلين وظهور كثرتهم لأكثر الناس.
وثالثها: أن تكون (إلا) زائدة كما ذكره الأصمعي وابن جني من معاني (إلا) وحملوا عليه.
قول الشاعر: جراجيح ما تنفك الا مناخة *** على الخنفساء أو يرمي بها بلدًا قفرا
وقول الأخر: أرى الدهر الا منجنونًا بأهله.
وأوّله بعضهم على تقدير صحّة الرواية فإنّ المحفوظ: وما الدهر بأن أرى، جواب قسم محذوف وان حرف النفي أيضًا محذوف مثل قوله: {تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} وهو كما ترى ويمكن تأويل الأول ربّما يحتاج الى تطويل ويظهر عند التأمّل وعلى القول بجواز زيادتها يجوز حمل الحديث على البدليّة بأن يكون لفظ الثقلين بدلا من الخلائق بدل بعض من كل.
ورابعها: ولعلّه الأقرب أن يكون جميع الخلائق فاعل وصل أو يصله أو الاستغفار كما مرّ والا للاستثناء أي يستغفر له جميع الخلائق إلا الثقلين ووجهه امّا غفلة الثقلين فإنّهم مشغولون عن هذا الاستغفار باللهو والشهوات غالبًا وامّا كونهم لا يعلمون من دعا بهذا الدعاء ولا يعرفونه فيستغفرون له لقلّة اطّلاعهم بالنسبة إلى الملائكة ونحوهم وامّا لأنّه يستحق هذا القدر من الاستغفار لا استغفار الجميع بغير استثناء.
وامّا لإرادة المبالغة بالنصّ على الفريق الأكثر فإنّ الملائكة أكثر المخلوقات كما تقرّر وثبت بالنصوص مع انضمام باقي المخلوقات إليهم وملاحظة طول المدّة واستمرارها مع وجود الثقلين وبعد موتهم جميعًا وعصمة الملائكة وكون دعائهم مستجابًا والاستغفار دعاء بالمغفرة وانضمام باقي المخلوقات إليهم وأكثرهم خالٍ من الذنوب أو كلّهم وكون الثقلين «من» مظنّة كثرة الذنوب وعدم اجابة الدعاء وبهذه الوجوه وأمثالها تظهر المبالغة بالنسبة الى ما لو أطلق لفظ المخلوقات خاليًا من الاستثناء فإنّه غير صريح في الاستغراق بل ربّما يفهم منه إرادة الثقلين، والله أعلم.
__________________
(1) الكافي ج 2 ص 546 ح 4.
(2) أحدهما خ. ل.
|
|
دور النظارات المطلية في حماية العين
|
|
|
|
|
العلماء يفسرون أخيرا السبب وراء ارتفاع جبل إيفرست القياسي
|
|
|
|
|
اختتام المراسم التأبينية التي أهدي ثوابها إلى أرواح شهداء المق*ا*و*مة
|
|
|