أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-20
224
التاريخ: 2024-08-24
159
التاريخ: 2023-05-16
999
التاريخ: 2023-05-31
3452
|
إن لخلوة الليل تأثيراً عظيماً في اقبال النفس علىٰ الله ، واستقبال رحمة الله تعالىٰ ، وما يجده الانسان في نفسه في الساعات المتأخرة من الليل من الاقبال علىٰ الله ، والقدرة علىٰ استقبال رحمة الله تعالىٰ قلما يجدها في وقت آخر. وقد جعل الله تعالىٰ في هذه الساعات المتأخرة من الليل من البركة والرّحمة ما لم يجعله في الساعات الاخرىٰ من الليل والنهار.
وليس من شك ، لمن يتأمل النصوص الاسلامية ، أن الاوقات ليست سواءً ، فمن الاوقات ما تنفتح فيها أبواب الرحمة علىٰ الانسان أكثر من غيرها ، ومن الاوقات ما تستنزل رحمة الله تعالىٰ أكثر من غيرها ، ومن أفضل هذه الاوقات، واكثرها حظاً من رحمة الله ساعات النصف الأخير من الليل.
يقول تعالیٰ : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ õ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا õ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا õ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا õ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ) ([1]).
روى المفضل بن عمرو عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال : « كان فيما ناجىٰ الله به موسیٰ بن عمران (عليه السلام) أن قال له : يا بن عمران ، كذب من زعم انه يحبني ، فإذا جنّه الليل نام عني ، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه ؟ ها أنا يا بن عمران مطلع علىٰ احبائي ، إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم ومثلت عقوبتي بين اعينهم ، يخاطبوني عن المشاهدة ، ويكلموني عن الحضور.
يا بن عمران ، هب لي من قلبك الخشوع ، ومن بدنك الخضوع ، ومن عينيك الدموع ، وادعني في الظلمات فإنك تجدني قريباً مجيباً » ([2]).
وفي هذا النص مواضع للتأمل لا نريد أن نقف عندها طويلا. إن الليل يجن اولياء الله ، ويسترهم عن زحمة الحياة وشواغلها ، وكأنما الليل ينترع الانسان انتزاعاً من وسط شواغل الدنيا التي تشغله عن الانصراف والانقطاع الىٰ الله ، وتستره ، وتجنّه ، وهذه هي فرصة خلوة الليل ، حيث يخلو للانسان وجه الله عن كل شاغل وصارف ، ويتمكن من الانقطاع إلىٰ الله في هذه الخلوة.
ويكذب من يزعم أنه يحب الله ، فإذا جنّه الليل نام عن مناجاة من يحب والقيام بين يديه ، والتضرع عنده. أليس كل حبيب يحب الخلوة بحبيبه ؟
إن زحمة النهار وشواغله الكثيرة والمتعددة تشتت ابصارنا واسماعنا ، فإذا جننا الليل ، وانتزعنا من زحمة الحياة تجمّع شتات ابصارنا واسماعنا (التي شتتها النهار) وتحولت من الخارج الىٰ الداخل ، ومن زحمة الحياة في النهار الىٰ داخل القلب ، مصدر البصيرة والنور في حياة الانسان ، فيجتمع شتات الابصار ، ويتحول من الخارج الىٰ الداخل ، ويفتح الله علىٰ قلب الانسان حينئذٍ أبواب البصيرة والنور « إذا جنّهم الليل حولت ابصارهم في قلوبهم » ، وعندئذ يرى الانسان نفسه ماثلاً بحضرة الله ، ويرى غضب الله تعالىٰ ورحمته ماثلة امامه ، فإذا خاطب الله خاطبه عن مشاهدة وحضور لا عن بعد وغياب « يخاطبوني عن المشاهدة »، وإذا كلم الله يكلمه عن حضور ، وليس عن غياب (ويكلموني عن الحضور) وتتمثل عقوبة الله تعالىٰ وعذابه وغضبه بين عينيه (ومثلت عقوبتي بين اعينهم) فيسلبهم انس حضور الحبيب والخلوة به ومخافة العقوبة الماثلة بين اعينهم راحة النوم، وكيف ينام من يری نفسه في خلوة الليل بحضور حبيبه ، يناجيه ، وبخاطبه ؟ وكيف يغلب عليه النعاس وهو يرى عذاب الله ماثلاً بين عينيه ؟
وهذه الحالة نتيجة طبيعية لتحول الابصار من الخارج الىٰ الداخل وتركزه وتجمعه في الليل بعد تشتته في النهار.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة المعروفة بخطبة المتقين في وصف هذه الحالة من انقلاب الابصار من الخارج الىٰ القلب : « اما الليل فصافون اقدامهم تالين لاجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً ، يحزنون به انفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم، فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا اليها طمعاً ، وتطلعت نفوسهم اليها شوقاً ، وظنوا أنها نصب اعينهم ، وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا اليها مسامع قلوبهم ، وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول اذانهم ، فهم حانون علىٰ اوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم وركبهم واطراف اقدامهم ، يطلبون إلیٰ الله تعالیٰ فكاك رقابهم، وأما النهار فحلباء علماء ابرار اتقياء ... » ([3]).
وفي نهج البلاغة ، قال أمير المؤمنين لنوف البكالي في صفة الليل : « يا نوف ، إن داود (عليه السلام) قام في مثل هذه الساعة من الليل ، فقال : إنها ساعة لا يدعو فيها عبد إلا استجيب له » ([4]).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إذا كان آخر الليل يقول الله عزّ وجلّ : هل من داع فاُجيبه ؟ وهل من سائل فاُعطيه سؤله ؟ وهل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ ».
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|