أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-20
430
التاريخ: 2024-09-10
223
التاريخ: 2024-02-18
1015
التاريخ: 2024-07-30
387
|
الجدار الغربي، وسنحاول هنا أن نصف ببعض الاختصار المناظر الباقية في هذا القبر؛ لما لها من أهمية من الوجهة الفنية، والدينية، والاجتماعية، والصناعية. فعلى الجدار الغربي للمدخل من الخلف نشاهد «إبي»، وزوجه يتعبدان للآلهة، وعلى الجانب الشمالي من المدخل إلى القاعة الداخلية مثل «إبي» رافعًا إحدى يديه يتعبد أمام محراب، ويصب بأخرى ماء الطهور على كومة من الحبوب البيضاء المغطاة بالأوراق، ويرتدي جلد فهد مزينًا بنجوم العالم السفلي، وعلى هذا الجلد نقش طغراء «أمنحتب الأول»؛ مما يدل على أن «إبي» كان خادمًا يقوم بوظيفة كاهن جنازي لهذا الملك المؤله، وتحمل زوجه في يدها رأسًا مصنوعًا من البردي ملفوفًا عليه نبات، وإناء واسع الرقبة سد بحزمة من الأوراق المنسقة، ويحلى جيدها بالعقود، ويلاحظ أنها حافية القدمين مثل النساء الأخريات اللائي رُسمن في هذه المقبرة، وفي المحراب يشاهد إلهان، وهما: «أنوبيس»، و«بتاح». وعلى الجانب المقابل من المدخل نرى «إبي» يحمل موقدًا للإلهة، وعليه حمام، وخبز، وشحم، ويلحظ أن الدخان الأزرق كان يتصاعد من هذا الموقد من قطع الفحم الأربع السوداء التي وضعت عليه، وكان «إبي» يلبس في هذا المنظر ملابس الكاهن، وأمامه طبق كُدست عليه الأزهار والفاكهة، أما زوجه فكانت تحمل عقد مناة، وبصحبتها ابنتها الرشيقة القوام، والهندام «أما محاب» حاملة قربًا أيضًا. والإلهان اللذان كانا في المحراب المقام على عمد كثيرة الزخرفة على هيئة حزمة البردي فهما: «أوزير خنتي أمنتي» الإله العظيم رب العدالة، و«حتحور» سيدة الجبانة الغربية، ويقف «أوزير» على قاعدة زرقاء اللون ملفوفًا في رداء أبيض بوجه أخضر يحرسه صلَّان حول رقبته لينفثا السم على العدو الذي يقترب منه، وقد كان مدينًا بسعادته في الآخرة، كما كان في الحياة الدنيا — لإخلاص المرأة — فكما كانت «إزيس» تسهر على راحته في عالم الدنيا نجد أن «حتحور» تسهر على سعادته هنا في عالم الآخرة وتحرسه. وقد لبست على رأسها علامة الغرب المميزة لها، وهي «الصقر».
أما صفوف الأقارب الذين نجدهم عادة في مقابر عهد الرعامسة فيشغلون في هذا القبر ثلاثة جدران من الأربعة الباقية، والظاهر أن كل صف كان يبتدئ بصاحب المقبرة وزوجه، ويلاحظ أن كل سيدة كانت تضم زوجها كأنها تريد ألا يفلت منها إلى الأبد. وقد خفف ما يشعر به الإنسان من سآمة لتكرار نفس المنظر صورة طريفة فيها شيء من المداعبة اللطيفة؛ إذ نشاهد تحت كرسي آخر لسيدة جالسة على الجدار الشمالي طائرًا قام بينه وبين قط شجار، ولا بد أن هؤلاء الضيوف كانوا مشتركين في عبادة الإلهين السابقين.
الجدار الجنوبي — وليمة المتوفى: ويشغل الجزء الأعلى من الجدار الجنوبي صف من الضيوف الذين ذكرناهم فيما سبق، وقد أفلح المثَّال في إخراج هذا المنظر العادي بطريقة شيقة (P. L. XXV.)، فعلى الجهة اليسرى نشاهد المتوفى وزوجه يتقبلان الطعام، وعلى اليمين المقربين للطعام والأزهار. ويحدثنا المتن عما في المنظر فيقول مقدم القربان: «تقبل طاقة أزهار قد أُهديت في معبد «آمون بالكرنك»؛ لأنك من رعايا رب الفضل، ليتك تتسلم أرغفة وأنفك يتمتع برائحة البخور يأيها النحات «إبي».» وقد كتب فوق زوجه: «زوجه المحبوبة ربة البيت، وابنته «إما محاب»، وابنه «مري مس».» ونقش على الذين يقومون بالخدمة: «على يدك ابنك المحبوب «نب نخت» ابن ابنك المحبوب النحات «آني»، وابنته المحبوبة «ورنر».» وهذان الشخصان يقدمان إناءين مُحليين بالألوان فيهما ماء، وقد سُدت فوهتهما بالأعشاب النضرة ذات الألوان المختلفة المنسقة. ويلفت النظر هنا ملابس الرجال والنساء البيضاء؛ إذ قد لُوثت بمادة حمراء مائلة إلى السمرة امتدت حتى ما بعد الركبتين، وهذه الظاهرة تشاهد في ملابس النصف الأخير من الأسرة الثامنة عشرة، وبخاصة على ملابس الأعياد والولائم، وتفسير ذلك أن هذه الملابس البيضاء قد لُوثت بالزيوت التي كانت تسيل من القمع المملوء بالعطر الذي كان يوضع فوق الرأس لنشر العطور في كل أجزاء الجسم، ولم يكن المفتن يفكر عندما رسم الرداء بهذه الصورة أن يجعله ملوثًا، بل ليظهر للناظر إليه أن الجسم الذي يستره هذا الرداء كان معطرًا؛ ولذلك لم يكن همه أن يلون البقع إظهارًا لحقيقة واقعة، بل ليظهر بجلاء أن عطر الوليمة الذي قدمه المضيف كان غزيرًا حتى إنه غمر ثياب الضيوف. ولما كان هذا برهانًا على الكرم والسرور العظيم، فإنه غطى على قبح منظره على الملابس؛ وذلك لأن الرائحة الذكية، وما تحدثه في الحواس لها قيمتها في البلاد التي جلود أهلها جافة (1).
وهذه العادة قد بقيت مرعية إلى عهد الرعامسة، ولكن في صورة جديدة، وكل الدلائل تشعر بأن استعمال الزيوت العطرة كان مستمرًّا في الرأس على الأقل، وهذا التلويث الذي كانت تسببه عطور الولائم والأفراح قد بولغ فيه في هذا العهد حتى نتج عنه أن أصبح الرداء الذي بهذه الصفة يعد ملونًا، ومن ثم أصبح الثوب الملوث بالعطور لا يقتصر على الولائم، بل كان شائع الاستعمال.
مناظر الجدار الشرقي — الجانب الجنوبي: ولدينا منظر يشابه الذي على جدران مقبرة «وسرحات» الذي عاش في عهد «سيتي الأول» (p. LXIII)؛ حيث نجد أن صاحب المقبرة — على ما يظهر — قد ادعى رضاء الملك عنه في الحياة، والآلهة بعد الموت لما قام به من خدمات، وما اتصف به من فضائل، ففي النصف الأعلى من المنظر الذي سنصفه هنا صدى من عهد «إخناتون» عندما كان مصير الموظفين الذين اعتنقوا مذهبه متوقفًا على مصيره هو في الحياة، وفي الممات، فقد ظهر فيه استمرار تقاليد عصره؛ إذ نشاهد بقاء ردهة القصر التي كانت تعد المكان العام للأعمال الملكية والمراسيم في عهد «إخناتون»، وهذا الشعور بالاتصال الوثيق بين الملك والشعب الذي كان يبرز بأجلى مظاهره في عهد «إخناتون» نجده واضحًا في مناظر المقابر التي أقيمت بعد عهده، ولم يكن ذلك قاصرًا على مناظر تمثل عبادة الفراعنة السابقين والحاضرين وحسب، بل كانت تشمل كذلك مناظر الشرفات التي كان يطل منها الفرعون مغدقًا الهبات على المخلصين من موظفيه، هذا بالإضافة إلى متون من التي كانت تستعمل في مثل هذه الأحوال في عهد «إخناتون« وتدل شواهد الأحوال على أن الشخص الذي كان يقدمه الوزير هنا للفرعون «رعمسيس الثاني» في الشرفة هو «إبي» النحات، وقد ظهر وهو يمد مروحته أمام وجه الفرعون، على أنه لم يكن هو الفرد الوحيد في هذا المنظر الذي يكافأ في هذه الفرصة؛ إذ نشاهد أن الأفراد الذين كانوا يتبعونه كان ينظم هندامهم خادم، وكانوا يلبسون كذلك أطواقًا من الذهب، ويدل المتن المهشم على أن هؤلاء كانوا كتبة وجنودًا وخدَّام معبد، ولا شكَّ في أن «إبي» كان أرقاهم في نظر الفرعون، فنرى «إبي» والوزير يتبعهما أولًا حاملا مروحتيهما، ثم اثنا عشر رجالًا يسيرون ثُلاثَ، وكلهم قد مُنحوا أطواقًا من الذهب، وجرايات من القصر، وقد أظهروا سرورهم برفع أيديهم بالدعاء، وظهر في جزء علوي من هذا المنظر هدايا أخرى منها سبعة أطواق من الذهب، وقفازان للوزير وأتباعه، وكذلك ثلاثة أكياس من الكحل، وتسعة «طشوط»، هذا إلى أربعة ثيران وخمس عشرة سمكة، وأربع موائد خبز، وأواني للشراب.
كل هذه قد أحضرت من المخازن الملكية لإقامة وليمة، ويشاهد كاتب يدون المطلوب، وستة من رجال البلاط ينتظرون أوامر الفرعون.
...............................................
1- ومن الطريف أننا نجد ما يشبه ذلك في الأرياف الآن، إذ نشم رائحة اللحم المطبوخ في أيدى بعض الأشخاص الذين أكلوه ولم يغسلوا أيديهم عمدًا ليعرف من يخالطهم أنهم أكلوا لحمًا.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|