المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الدين برنامج لمخالفة الأهواء والدنيا أيضا مبرمجة على أساس مخالفة الأهواء  
  
248   11:38 صباحاً   التاريخ: 2024-08-07
المؤلف : الشيخ علي رضا بناهيان
الكتاب أو المصدر : النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة : ص 139 ــ 143
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-01 971
التاريخ: 2024-01-10 786
التاريخ: 2024-01-13 907
التاريخ: 11-4-2017 2154

إن نقطة انطلاقك هي أن تعرف السبب الذي خلقت من أجله. فقد خلقت للعناء والمحن وتحمل الأذى والألم. فالبهائم لا تتألم وكذلك الملائكة لا تتألم، أما أنت فقد حظيت برغائب متضاربة، وإنك مجبور على ترك بعض الرغائب من أجل بعض أخر.

ثم يأتي الدين ويقول لك أن دع رغباتك واسع لنيل رغباتك الخفية والعميقة. ولا شك في أن هذا العبور صعب، إذن الدين صعب. لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (واعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ شَيْءٌ إلَّا يَأْتِي فِي كُرْهِ ومَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْءٌ إِلَّا يَأْتِي في شهوة) (نهج البلاغة، خ 176). فهل قد أرحتُ بالك أم لا؟ هذه معلومة لابد أن نجعلها نصب أعيننا وهي أن الدين برنامج لمخالفة الأهواء.

طبعا لا يخلو الدين من لذائذ وليست مرارته بقدر مرارة كلامي، ولكن الكلام المعسول الذي يصوّر أجواء درب الحق كلها أجواء جمال وراحة واستقرار وأزهار وبلابل وعصافير فهذا كلام فارغ لا صحة له. بل ليس الدين برنامجا لمخالفة الأهواء فحسب، بل باعتبار أن أنسانيتك مرهونة بمخالفة الأهواء، فقد انطوت الدنيا أيضا على هذا البرنامج. فهي تفرض عليك المعاناة ومخالفة الأهواء بأشكال ثابتة ومتغيرة.

من أشكالها الثابتة هو الشيخوخة. ومن أشكالها الثابتة الأخرى هو فقد الحبيب، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الْهِجْرَانُ عُقُوبَةَ الْعِشق) (بحار الأنوار، ج 75، ص 11). لا أدري هل أقول هذه الحقائق بصراحة، أو أراعي مشاعركم وقلوبكم ولكنها حقائق نعيشها في حياتنا الدنيوية، فلابد أن نطلع عليها، بل لابد أن ننطلق منها في حركتنا الدينية. وهي أن كل ما تعشقه في هذه الدنيا، فلابد لك من مفارقته يوما، وإن الله يفرق بينك وبين أحبائك في هذه الدنيا.

كان لي صديق قبل سنين، ثم انقطعت عنه ولم أعرف أخباره. بعد فترة قال لي أحد الإخوة: (هل سمعت أن فلان قد توفيت زوجته؟) فسألته هل كان يعشقها كثيرا؟ قال: من أين عرفت ذلك؟ قلت: إن هذا العشق هو أحد أسباب الفقد والفراق في هذه الدنيا؛ إِذْ (الْهَجْرَانُ عُقُوبَةُ الْعِشق)، هذه هي إحدى مرارات الحياة الدنيا وهي سنة من سنن الله. فإذا أردت أن تكون حياتك الزوجية في غاية العشق والغرام، فقل من الذي تريد أن يموت أسرع زوجتك أم أنت؟! لعلك تقول شيخنا كلامك مر جدا. أقول: أخي كلامي جاد ومستوحى من قواعد هذه الدنيا، فلا تخدعك أكاذيب الأفلام بل هذا هو الواقع. طبعا لا أريد أن أقول إنه قانون شامل، لا استثناء له، ولكنه يمثل إحدى القواعد التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في معرفة هذه الدنيا.

أعرف أسرة، كان أهلها حساسين جدا في اختيار الزوج لبنتهم، إذ كانوا يريدون نسيبا بمستوى تدينهم وبمستوى مكانتهم الاقتصادية العالية وبمستوى اناقتهم العالية، وأن يكون جميلا بمستوى جمالهم، وأن يكون مثقفا جدا يليق بثقافتهم العالية، وأن يكون ألفا وباء وجيما ودالا وكذا وكذا. ولهذا كانوا يرفضون الخطّابة واحدا بعد الآخر. بعد فترة، قالوا: الحمد لله، لقد جاءنا خطيب ينسجم معنا في كل شيء؛ في اناقته، في غناه وثروته، في جماله، في تدينه وبكلمة واحدة (كامل مواصفات). يشهد الله أني خفت عليهم. وسرعان ما أنجبوا طفلا وإذا به كان مشلولا.

هذا هو واقع حياتنا جميعا. ولا يمكن أن يكون هذا الكلام كذبا، بل هو عين الواقع. طبعا هناك نماذج واضحة جدا من هذه الابتلاءات فنستشهد بها في أبحاثنا، وإلا فالكل محكومون بهذه السنن. وإذا تمعن الإنسان الفطن في حياته يستطيع أن يكشف هذه القواعد. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.