البيئة الاقتصادية العالمية :

يمكن القول بان ادارة المالية العامة في أي دولة تأثرت و تتأثر بما أفرزته مراحل اقتصادية مختلفة شهدها العالم ولازال يشهدها اليوم ويمكننا الاشارة باختصار الى هذه المراحل كما يلي:

سياسات التحول نحو القطاع الخاص في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات :
 شهد عام 1979 وعقد الثمانينات بداية مرحلة جديدة من السياسات الراسمالية بسماتها النيوليبرالية بقيادة المنظر النيو ليبرالي ملتون فريدمان الذي أسس لكف يد الدولة التدخلي وإطلاق الحرية المطلقة لقوانين السوق.

وهنا سادت ظاهرة الخصخصة (التحول نحو القطاع الخاص) التي تدعو الى اعادة النظر بحجم الانفاق الحكومي واتاحة الفرصة للقطاع الخاص ليتنافس مع الادارات الحكومية لتوفير وانتاج الخدمات المجتمعية.

عولمة الاقتصاد وعودة ظهور الازمات الاقتصادية :

لما في تسعينات القرن العشرين أذ سادت مفاهيم العولمة ومانتج عنها من ازمات اقليمية .

وفي لحظة فقدان ثقة المستثمرين في الأسواق المالية والخدمية الأسيوية نتيجة لانفجار الفقاعة المالية التي تأسست عليها كافة الأشكال الاقتصادية الأسيوية، تم سحب الأموال الموظفة في المصارف الأسيوية مما أدى إلى إفلاس مصارفها وانهيار اقتصادياتها بشكل شبه كامل.

وهنا حاولت ادارة المال العام في الحكومات الأسيوية ضخ مبالغ مالية كبيرة في الأسواق المالية إلا إنها لم تستطع تجاوز أزمتها.

الازمة المالية العالمية الراهنة والدعوة من جديد الى ضرورة تدخل الدولة:

يمكن القول بأن اهم الاسباب الرئيسية التي ادت الى الازمة المالية العالمية الراهنة تتمثل في نقص أو انعدام دور الدولة التدخلي (رقابة أو إشرافاً كافياً) على المؤسسات المالية الوسيطة.

حيث لا تخضع البنوك الاستثمارية لرقابة الهيئات المالية الحكومية التي تصدر شهادات الجدارة الائتمانية فالبنوك لم تكتف بالتوسع بالقروض الاقل جودة وانما راحت باتجاه استخدام القرض الأولي كونه رهن على قرض آخر. 

وبالتالي استخدمت مايسمى (المشتقات المالية) لتوليد مصادر جديدة للتمويل .... ألخ فنتج عن ذلك أزمة مالية على المستوى العالمي ألقت ولا زالت تلقي بضلالها على دول العالم كافة وهكذا صارت ادارة المال العام بوضع جديد يدعوها إلى التدخل والمعالجة وما الى ذلك من نتائج على التخصيص والاستخدام.

العوامل الاجتماعية

يقصد بالعوامل الاجتماعية تلك العوامل الديموغرافية التي تضغط على الجهات المسئولة عن إدارة المال العام عندما تضع خططها المستقبلية ومنها :

ـ معدلات الفقر خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.

ـ نسبة العاملين / العاطلين

ـ نسبة الموظفين الحكوميين نسبة العاملين بشكل عام

ـ نسبة النساء إلى الرجال

ـ الهرم السكاني ومعدل النمو السكاني

ـ الحالة الاجتماعية(متزوج/أعزب)

ـ نسبة سكان الريف / المدن

ـ الخدمات المتاحة في الوسط القروي / الحضري .

ـ الحالة الصحية ونسبة الأطباء الى كل 1000 من السكان

كل هذه المؤشرات تعد عوامل ضاغطة على إدارة المال العام وتتطلب توافر قاعدة من المعلومات الدقيقة لصانع القرار.

عوامل التطور التكنولوجي

إذا كانت الحكومة التقليدية تسعى لتقديم وإدارة عدد ضخم جداً من الخدمات والنظم لمواطنيها وأعمالها المختلفة الأخرى التي لا تحصى. 

ويلاحظ أن التطور التكنولوجي أفرز ما يسمى بالحكومة الإلكترونية وهي الحكومة التي تنظم وبطريقة إلكترونية العلاقات ما بين الحكومة والمواطن أو بين الحكومة والأعمال بكافة أشكالها أو بين الحكومة والحكومة.

ان هذا التوجه يتطلب من ادارة المالية العامة اعاد النظر في طريقة ادارة الخدمات للناس في المجالات الآتية:

في المجال الحكومي - الشعبي كيف تستطيع ادارة المال العام أن تعكس الاداء الحكومي لتوصيل الخدمة إلى المواطن بدلاً من أن يصل هو إليها وذلك باستخدام تكنولوجيا الانترنيت والاتصالات؟

في المجال الحكومي ــ المؤسساتي كيف تستطيع ادارة المال العام أن تعكس الاداء الحكومي لتنشيط الدورة الاقتصادية عبر تسهيل معاملات المؤسسات التجارية سواء كانت مؤسسات محلية، إقليمية أو عالمية؟

في المجال الحكومي الخارجي كيف تستطيع إدارة المال العام ان تعكس الاداء الحكومي بطريقة علمية وذات جدوى اقتصادية والاندماج بالمحيط الخارجي من اجل تشجيع السياحة عبر تقديم خدمات ومعلومات سياحية عن البلد للمؤسسات السياحية؟ او كيفية تشجيع الاستثمار الخارجي؟ 

في المجال الحكومي - الحكومي كيف تستطيع ادارة المال العام الاستجابة المتطلبات التطور التكنولوجي الذي يتطلب ردم الفجوة البيانية والإجرائية بين مختلف الوزارات والإدارات العامة وما يتطلب ذلك من سعي لرفع مستويات الكفاءة والفاعلية بين مختلف الوزارات والإدارات العامة وصولاً الى مرحلة مكننة العمل الإداري الحكومي؟

جميع هذه المجالات وغيرها اخذت تفرض واقعاً جديداً على ادارة المالية العامة في معظم الدول التي لم تعد مخيرة بين اسلوب تقليدي وبين اسلوب تكنولوجي أكثر تطوراً.