ان الحكمة من الاخذ بمحو العقوبة الانضباطية هي أن بقاء العقوبات الانضباطية في ملف الموظف يترك أثاراً سيئة في حياته الوظيفية مما يدفع بعض الموظفين المعاقبين الى حالة من اليأس يكون لها اثارها السيئة لا بالنسبة الى الموظف وحده ولكن بالنسبة للجهة الإدارية التي يعمل بها ، في حين ان فتح باب التوبة أمام الموظف المقصر يشجعه على الاستقامة وعلى تدارك ما وقع منه من اخطاء ، وتلك غاية نبيلة ومشروعة، أدركها المشرع بالنسبة للجرائم الجنائية ، وهي أخطر كثيراً من مجرد الاخطاء الادارية، فأنشأ نظام رد الاعتبار (1). ولذا من باب أولى ان يتاح الأمر نفسه للموظف المعاقب انضباطياً في مجال الوظيفة العامة ، لاسيما إذا ثبت قيام الموظف ببذل جهده لإصلاح نفسه والحرص على استقامته .
وهدف المحو الاساسي لكونه اجراء تالياً لتنفيذ العقوبة الانضباطية بأكملها ، العمل على تقرير الإعفاء الأدبي او رد الاعتبار التأديبي للموظف الموقع عليه الجزاء بعد ان تحمل تنفيذ العقوبة كاملة، ودون ان يترتب على ذلك اي تعديل للحقوق المكتسبة او المراكز القانونية التي ترتبت على هذه العقوبة في الماضي، اي انه يفتح باب الأمل امام الموظف لبدء حياة وظيفية نظيفة خالية من الشوائب والجزاءات ، كما ان الموظف الذي ثبت قيامه ببذل كافة ما يملك من جهد لإصلاح نفسه يجب ان لا يظل موصوماً بالانحراف وعدم امكان اصلاحه بسبب الجزاء الذي سبق توقيعه عليه (2) .
وأخيراً نرى ان محو العقوبات الانضباطية يحقق صالح الإدارة والموظف معاً ، اذ يشجع الموظف على التقويم الذاتي لسلوكه الوظيفي مستقبلاً وهو الهدف الأسمى الذي يتبعه النظام العقابي الانضباطي، وذلك لان الهدف من العقوبة ليس الانتقام وانما الإصلاح، فالمحو يبعث المأمل في نفس الموظف ويشجعه على أداء واجبات وظيفته أداءً حسناً .
____________
1- د. نواف كنعان، النظام التأديبي في الوظيفة العامة ، ط 1 ، اثراء للنشر والتوزيع الاردن - عمان، 2008 ،ص184
2- عصام مهدي محمد عابدين الشرح والتعليق على قانون الخدمة المدنية رقم (81) لسنة 2016، ط1، دار محمود ، القاهرة، 2018،ص89.