ما وجه المعاتبتين لرسول الله وأمير المؤمنين ؟ وهل تدل على وقوع الخطأ منهما ؟ |
609
08:12 صباحاً
التاريخ: 2024-06-05
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-07
559
التاريخ: 2024-07-11
557
التاريخ: 2024-06-29
589
التاريخ: 2024-05-21
592
|
السؤال : روى علي بن إبراهيم بسند صحيح في تفسير قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87] عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليه السلام ، وبلال ، وعثمان بن مظعون ، فأمّا أمير المؤمنين عليه السلام فحلف أن لا ينام بالليل أبداً ، وأمّا بلال فإنّه حلف أن لا يفطر بالنهار أبداً ، وأمّا عثمان بن مظعون فإنّه حلف أن لا ينكح أبداً.
فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة ، فقالت عائشة : ما لي أراك معطّلة؟ فقالت : ولمن أتزيّن؟ فو الله ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا ، فإنّه قد ترهّب ، ولبس المسوح ، وزهد في الدنيا ، فلمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرته عائشة بذلك ، فخرج فنادى : الصلاة جامعة.
فاجتمع الناس ، فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : ما بال أقوام يحرّمون على أنفسهم الطيّبات؟ ألا إنّي أنام بالليل ، وأنكح ، وأفطر بالنهار ، فمن رغب عن سنّتي فليس منّي.
فقام هؤلاء فقالوا : يا رسول الله فقد حلفنا على ذلك ، فانزل الله : {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ... } [المائدة: 89] (1) ، ثمّ بيّن كفّارته.
والسؤال الآن : هل علي بن أبي طالب عليه السلام أخطأ لأنّه أقسم يمين بعدم النوم ليلاً ، أو أنّ الرسول الذي أخطأ لأنّه خطب على المنبر ، بأنّ ما قام به هؤلاء ـ بمن فيهم علي عليه السلام ـ ليس من سنّته؟
فكان ج : ليس في هذا الخطاب والعتاب منقصة على المخاطب والمعاتب إن لم يكن محمّدة نظير قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التحريم: 1] ، فهل أخطأ النبيّ حين حرّم ما أحلّ لله له؟
فقالوا : نعم أخطأ النبيّ في ذلك ، وإلاّ ما احتاج الأمر إلى المعاتبة ، فما هو جوابكم؟
الجواب : في هذا الحديث دلالة على الكمال ، وفيه محمّدة للمخاطب ، ومن قال لك أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أخطأ فعوتب ، فالمخطئ هو لا النبيّ صلى الله عليه وآله ، وتقريب ذلك :
1 ـ إنّ التحريم ليس تحريماً شرعياً ، بل هو تحريم لغوي ، بمعنى المنع ، أي : لِمَ تمنع نفسك عن مشتهياتك بسبب مرضاة زوجاتك ، فإنّ رضاك مقدّم على رضاهُنّ ، فافعل ما تريد ، وإن هُنّ فعلن ما أردنَ ، فالإثم لهُنَّ لا لك ، فيكون التحريم بالمعنى اللغوي ، كما في قوله تعالى في موسى عليه السلام : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} [القصص: 12] ، أي منعنا موسى عن ارتضاع امرأة مطلقاً إلاّ أُمّه حتّى رجع إليها.
2 ـ إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وعلياً عليه السلام ، كُلّ منهما حرَّم على نفسه ، ولم يحرّم تحريماً عامّاً شرعياً ، ليكون خلاف ما أمر الله ، فلو أنّ شخصاً مَنَع نفسه من أكل التفاح مثلاً ، فهل يُعَدُّ هذا مشرِّعاً مُحرِّماً؟! اللهم لا.
3 ـ إنّ هذا وارد مورد التحنّن والتوجّع ، مثل قوله تعالى : {طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 1، 2].
قال الطبرسي : ( تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ) ، أي تطلب به رضاء نسائك ، وهُنَّ أحقّ بطلب مرضاتك منك ، وليس في هذا دلالة على وقوع ذنب منه ، صغير أو كبير ، لأنّ تحريم الرجل بعض نسائه ، أو بعض الملاذ ، لسببٍ أو لغير سبب ليس بقبيح ، ولا داخلاً في جملة الذنوب ، ولا يمتنع أن يكون خرج هذا القول مخرج التوجّع له ، إذ بالغ في إرضاء أزواجه وتحمَّل في ذلك المشقّة (2).
4 ـ قال الفخر الرازي : « أنّ تحريم ما أحلّ الله ليس بذنب بدليل الطلاق والعتاق ، وأمّا العتاب ، فإنّ النهي عن فعل ذلك لابتغاء مرضاة النساء ، أو ليكون زجراً لهُنَّ عن مطالبته بمثل ذلك ، كما يقول القائل لغيره : لم قبلت أمر فلان واقتديت به وهو دونك ، وآثرتَ رضاهُ وهو عبدك ، فليس هذا عتاب ذنب ، وإنّما هو عتاب تشريف » (3).
ولذلك ذكر الإمام الحسن عليه السلام قضية أمير المؤمنين عليه السلام في معرض المدح والفخر ، فقال في حديث له عند معاوية وأصحابه : أنشدكم بالله أتعلمون أنّ عليّاً أوّل من حرّم الشهوات كُلّها على نفسه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأنزل الله عزّ وجلّ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [المائدة: 87] (4).
ولتقريب الموضوع خُذ هذا المثال : أنّك لو قلت لولدك : يا بني اعمل ، فصار ولدك يعمل من أجل رضاك ثمانية عشر ساعة كُلّ يوم ، فإنّك سترتاح لامتثاله لأمرك وحرصه على طاعتك ، لكنّك ستقول له : يا بُني أرح نفسك ولا تتعبها كُلّ هذا التعب!! فنهيك له عن أتعاب نفسه مدح وتشريف له.
5 ـ يبقى إشكال لم تطرحوه ، ولكن ربّما يخطر ببالكم ، وذلك في مثل قوله تعالى : {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ } [البقرة: 35] ، فإنّ النهي في مثل هذه الموارد نهي تنزيهي إرشادي ، يرشد به إلى ما فيه خير المكلّف وصلاحه في مقام النصح ، لا نهي مولوي.
_____________
1 ـ تفسير القمّي 1 / 179.
2 ـ مجمع البيان 10 / 57.
3 ـ عصمة الأنبياء : 111.
4 ـ الاحتجاج 1 / 407.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|