أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-13
1043
التاريخ: 20-1-2016
1697
التاريخ: 2023-07-09
923
التاريخ: 20-1-2016
7100
|
تعتبر التربية البيئية عملية ليست سهلة، وهي طويلة ومستمرة، تهدف لتطوير وجهات النظر، والمواقف القيمية، وجملة المعارف، والكفاءات، والقدرات، والتوجهات السلوكية، وجملة النتائج الصادرة عن عملية التطوير هذه، من أجل حماية البيئة والحفاظ عليها.
إن حماية البيئة الموجهة، حسب الأهداف الأساسية والثانوية، هو عمل احتياطي وقائي موجه، تقع مسؤوليته بالدرجة الأولى على عاتق الدولة، وبالتعاون الفعّال مع جميع الجمعيات المدنية، بهدف معالجة النقاط الرئيسية التالية: إزالة أو معالجة الأضرار البيئية القائمة. تجنب أو الإقلال من المشاكل والأخطار البيئية الراهنة. الوقاية الاحتياطية من المشاكل البيئية المستقبلية التي قد يكون من الممكن تداركها (1).
مؤخرا دعا باحثون اكادميون في سوريا الى قيام الدول العربية بوضع استراتيجيات تساعد على زيادة الوعي البيئي، داعين إياها الى نقل التقنيات والخبرات الاوروبية والتوسع بعقد اللقاءات البيئية العربية للاستفادة من تجارب الاخرين وتبادل الخبرات فيما بينها. وقال د. عابر محمد - الاستاذ في كلية الهندسة المدنية / جامعة كاسل بألمانيا، ان من أبرز الحلول لمشكلة تلوث البيئة في الوطن العربي هو وضع استراتيجيات تنمي الوعي البيئي لدى السكان، حيث يشكل ذلك 50 في المئة من عوامل الحفاظ على بيئة نظيفة (2).
مقياس لتقدم الدول
إنطلاقاً من ذلك، تعتبر التوعية البيئية المقياس الحقيقي لتقدم الدول وحضارتها. والعالم اليوم ليس بحاجة الى التقدم العلمي والتقني فحسب، وإما هو بحاجة ماسة، أيضاً، الى صحوة ضمير، ونبذ الأنانية، وإتباع عقيدة الله في نفسه ومجتمعه - يؤكد الأستاذ ساطع الراوي. ويضيف: لقد جعل الله الإنسان خليفته في الأرض ليعمرها ويستثمرها اما فيه خيره وبقائه وتقدمه، لا ليدمرها ويبدد خبراته.. مما تقدم يتبين أن البيئة وعناصرها هي أمانة الحاضر والمستقبل، ويجب أن تكون هذه الأمانة مسؤولية مشتركة تفرض على كل مواطن أن يتصرف في ضوء التزامه بالمصالح العامة، فلا تقف مهمته عند حدود بيته أو مكان عمله، بل تمتد وتنتشر لتشمل حدود كل بيت، وكل مكان، بل وتستوعب كل موطئ قدم في الأرض التي يحيا عليها. من هنا يعد توضيح المفاهيم البيئية للناس عامة أمرا ضروريا وذا أهمية بالغة بهدف التأكيد على تفاعل البيئة الأرضية، وتنمية الشعور الأخلاقي بان من واجب البشر جميعا، بصرف النظر عن أهوائهم واتجاهاتهم، العمل بوصفهم سكان كوكب واحد، وعالم واحد، والتخطيط لعمل عالمي في هذا المضمار (3).
يرى السيد ثائر شفيق الأمين - مدير التوعية البيئية بوزارة البيئة ـ ان السنوات الاخيرة شهدت تطوراً مهماً في المنطلقات الفكرية للتربية البيئية، بما فيها مفهوم حماية البيئة، في معناها الضيق الخاص بمكافحة التلوث والتقليل منه، الى مرحلة انصبت خلالها الاهتمامات على نوعية وقيمة الحياة، وهو ما يطلق عليه بالنظرة الايجابية بمجمل العوامل الفيزياوية والثقافية والاقتصادية التي تؤثر في الانسان ويتأثر بها، والمفاهيم التي تؤدي الى ادراك عناصر البيئة بصورة كاملة، مما يحتم ادخال مفهوم الحفاظ على البيئة السليمة في عمليات التخطيط الاقتصادي والمفاهيم التنموية. وإرتقى هذا الاهتمام الى الأبعاد الجمالية، والاجتماعية، التي تساعد على التكامل الاجتماعي، والانتفاع بالحياة، عن طريق الاستغلال الصحيح لموارد البيئة.
وينوه الأمين بحق بان اهتمامنا بتربية جيل جديد، يساهم بشكل مسؤول وفعال في حماية البيئة والحفاظ عليها، يتطلب ان نكون مؤمنين بأن مشاكل البيئية لن تجد حلولها في التقنية المتطورة فقط، بقدر ما تكمن في مجتمع بشري يدرك بأن الحلول درك انما تكمن في معتقدات الفرد، وقيمته، وسلوكه، وفي قدرته على مواجهة هذه القضايا. ويقع خلق هذا الادراك على عاتق التربية البيئية، التي تقوم بتشكيل معتقدات النشئ وقيمه ومهاراته. وعلينا ان نتذكر دائماً بأن التربية البيئية ليست هي مناهج التعليم التي يدرسها التلاميذ في المدارس، حسب، وإنما تشمل ايضاً وسائل الاعلام ودورها في خلق المناخ الاعلامي في مجال الاستثمار الايجابي لموارد البيئة. وان مجال استخدام تلك الوسائل واسع، ونتائجه مضمونة ومؤكدة، وعندما نذكر وسائل الاعلام، فان التلفزيون يكون في مقدمتها، ومن الممكن استغلال برامج الاطفال لخلق انطباع مبكر لديهم في الحرص على سلامة البيئة بشكل مدروس ومشوق (4).
إتجاهان بارزان
تبلور الاهتمام المتزايد بالبيئة في اتجاهين بارزين:
الأول - ظهور العديد من الدراسات والنشرات حول ضرورة تبني تشريعات وقوانين بيئية تلزم الجماعات والافراد بتصرفات مقننة تجاه البيئة.
والثاني - الاهتمام بما يعرف بالتوعية البيئية التي يجب ان تتبناها الزبية البيئية، وتبني فكر بيئي جديد، لا يكتفي بأحداث التغير في البيئة، بل واحداث التغير في سلوك الإنسان من اجلها. وقد ادى ذلك الى تطعيم المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة بما عرف بالتربية البيئية.
والتربية البيئية النظامية تتم من خلال مؤسسات (4)، وهي: رياض الأطفال والمدارس (مؤسسات التعليم العام) والجامعات وكليات المجتمع، أو ما يعرف بالتعليم الجامعي المتوسط (مؤسسات التعليم العالي)، إلا أن هناك جملة من النشاطات التربوية في مجال التربية البيئية تجري خارج إطار مؤسسات التعليم النظامي، وهي التي تعرف بالتربية البيئية غير النظامية. وتنفذ هذه التربية البيئية غير النظامية عبر مؤسسات إجتماعية عديدة، ومنها الاسرة، ودور العبادة، ووسائل الأعلام، والمتاحف، والمعارض، والجمعيات، والهيئات، والأندية، وغيرها.
ويختص قسم التربية البيئية - من وجهة نظر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - بوضع خطة إجتماعية ثقافية للتوعية البيئية، بما في ذلك:
- وضع برامج تدريسية علمية لتنمية وتطوير الطاقات البشرية في حقل البيئة، ومجالات حمايتها، وتطوير شؤونها.
- نشر الوعي البيئي وتحشيد الجهود للإسهام في تنفيذ خطط وبرامج البيئة من أجل توفير الحاجات الأساسية للإنسان.
- دراسة إنتاج وسائل سمعية وبصرية وبحوث ونشرات للتعريف بأهمية الحفاظ على البيئة، ودراسة الأسباب البيئية للأمراض الاجتماعية، مثل الضوضاء وتلوث الهواء والماء.
- التعريف بالنظم البيئية المختلفة دورها في المحيط الحيوي للإنسان ونشر الأبحاث والدراسات لبيان العلاقة القائمة بينها.
- وضع الدراسات الخاصة بالمشاكل البيئية والتنموية، وبالتحديد مشاكل الغذاء والمياه والإسكان والطاقة وتلوث البيئة.
- زيادة المشاركة الشعبية في مسؤولية حماية البيئة من التلوث وتطوير المناطق المختلفة من خلال برامج تؤمن رفع مستوى الفعالية البيئة.
- التركيز على التوعية الصحية عن طريق التعليم وضرورة المحافظة على صحة البيئة وتطوير أعمال النظافة العامة.
- وضع مسودة التشريعات والأنظمة والبرامج لتدريس مادة البيئة وحماية عناصرها الأساسية، وذلك على مستوى المدارس بمختلف مراحلها (5).
ووفقاً لذلك، تسهم التربية البيئية في الحد من مشكلة التلوث البيئي، عن طريق نشر الوعي، الذي يتمثل في مساعدة الأفراد والجماعات على إكتساب الوعي، والتفاعل مع البيئة ومشكلاتها، وبناء المواطن الإيجابي الواعي لمشكلات بيئته. بالإضافة الى تزويد الأفراد بالمعرفة التي تساعد على إكتساب فهم اساسي بالبيئة الشاملة ومشكلاتها، والمساعدة على إكتساب القيم الاجتماعية، والمشاعر القوية، لأكتساب المهارات لحل المشكلات البيئية، وغرس روح المشاركة الايجابية، والعمل على تطوير الشعور بالمسؤولية، وضرورة المساهمة في وضع الحلول الملائمة للمشاكل البيئية المختلفة.
رسالة سامية
التربية البيئية تعتبر رسالة سامية من خلال أهدافها، ووسائلها إتجاه الانسان، وعلينا أن نوظفها في منطقتنا العربية لأنها تسعى الى الحفاظ على الانسان والحياة، بعد ان كادت ان تفقد الكثير من مصادر نظراتها وجمالها. ويدرك الانسان ضرورة أن يتبع منهجاً يكون دافع للعمل في داخل بيئته فيعتبرها الصديق الوفي. وما أعظم قول جان جاك روسو، الذي خاطب الانسان المتعب، الذي أنهكته متاعب الحياة، بقوله: عد الى الطبيعة وإستلق في أحضانها!.
نعم، علينا ان نعود للطبيعة ونكون أوفياء لها، وهذا يتطلب الالتزام بأخلاقيات تربوية إتجاه البيئة، لكي نشعر بالهدوء والأمان. والأمان بان هذه الأخلاقيات تعتبر ثورة قوية تعمل على تعديل الاتجاهات السلوكية للإنسان نحو إحترام البيئة ما يضمن إعادة التوازن البيئي، بعد أن هددته الكثير من المخاطر بسبب غياب الأخلاقيات البيئية عن الممارسات التي كان يمارسها الانسان وهو يسر في عكس التيار ضد نفسه وبيئته - يؤكد د. بشير محمد عربيات ود. ايمن سليمان مزاهرة (6).
وبذا، يمكن للتربية البيئية، ويتحتم عليها، ان تلعب دورا أساسيا في درء مشكلات البيئة وحلها. لكنه من الواضح ان الجهود التربوية لن تؤتي ثمارها الكاملة إذا تجاهلت بعض العوامل الهامة الأخرى، ومنها على سبيل المثال: ان يكون هناك تشريع يسعى الى تحقيق نفس الأهداف، وان تتخذ التدابير اللازمة للسهر على حسن تطبيق القوانين وان تفرض قرارات حازمة، وان يستعان بأجهزة إعلام الجماهير، التي يتزايد نفوذها بين الناس. وينبغي لكل هذه العوامل ان تتظافر فيما بينها، وان تشكل كلاً مترابطا حتى تستطيع ان تسهم في حماية البيئة وتحسينها بصورة فاعلة.
ومن أجل ذلك، فعلى التربية ان تعمل على تصريف رجال السياسة وغيرهم من المسؤولين ممن يتمثل في قراراتهم رد المجتمع على مشكلات البيئة، بما يقوم بين البيئة والتنمية من تكافل وتكامل مع توعيتهم بالحاجة الماسة لأتباع أساليب أكثر رشاداً في تدبير أمور البيئة. وإذا كانت التنمية عملية مستمرة، ينبغي ان تعود بالنفع على جميع قطاعات الناس، فمن اللازم لسياسات التنمية ان تضع البيئة في إعتبارها.. وإذا أسقطت متطلبات التنمية من إعتبارات الإهتمامات البيئية، فسيؤدي ذلك، على العكس، الى وضع سياسات لا تعود بالنفع على المجتمع المحلي في مجموعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الثقافة البيئية، (الصباح)، 3 / 7 / 2006.
2ـ باحثون أكاديميون يدعون الى تنمية الوعي البيئي في الوطن العربي لتجنب مخاطر البيئة، دمشق - (كونا)، 18 / 11 / 2006.
3ـ ساطع محمود الراوي، في سبيل توعية بيئية، (البيئة والحياة)، العدد (5) حزيران 2006.
4- ثائر شفيق الامين، نحو تربية بيئية وثقافية واعية!، (البيئة والحياة)، العدد السابع، آب 2006.
5- الإدارة والبيئة في الوطن العربي، إعداد أ. د. محسن عبد الحميد توفيق، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إدارة العلوم، تونس، 1993، ص 161- 162.
6- د. بشير محمد عربيات ود. أيمن سليمان مزاهرة، التربية البيئية، دار المناهج، عمان، 2004، ص 28 ـ 32.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|