المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8897 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الطهارة المائية والترابية  
  
69   02:27 صباحاً   التاريخ: 2025-04-15
المؤلف : السيد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي
الكتاب أو المصدر : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع (الغُنية)
الجزء والصفحة : ص45-51
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الطهارة / مسائل في احكام الطهارة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26/10/2022 2231
التاريخ: 2024-12-17 678
التاريخ: 7-12-2016 1950
التاريخ: 2024-06-17 1087

أما ما به تفعل الطهارة فثلاثة أشياء : الماء والتراب والأحجار ، أو ما يقوم مقامها ، على ما قدمناه في الاستنجاء ، فكل ماء استحق إطلاق هذا الاسم عليه ولم تخالطه نجاسة ، فإنه طاهر مطهر بلا خلاف ، فإن خالطته وكان راكدا كثيرا ليس من مياه الآبار أو جاريا قليلا كان أو كثيرا ، ولم يتغير بها أحد أوصافه ، من لون أو طعم أو رائحة ، فإنه طاهر مطهر أيضا بلا خلاف إلا في مقدار الكثير ، ويدل على ذلك أيضا بعد إجماع الطائفة قوله تعالى (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (1) ، لأن مخالطة النجاسة للماء الجاري أو الكثير الراكد إذا لم يتغير أحد أوصافه ، لا يخرجه عن استحقاق إطلاق هذا الاسم والوصف معا عليه ، وإذا كان كذلك وجب العمل بالظاهر إلا بدليل قاطع.

فإن تغير أحد أوصاف هذا الماء فهو نجس بلا خلاف ، فإن كان الماء راكدا قليلا ، أو من مياه الآبار ، قليلا كان أو كثيرا ، تغير بالنجاسة أحد أوصافه أو لم يتغير ، فهو نجس بدليل إجماع الطائفة وظاهر قوله تعالى (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) (2) وقوله (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (3) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) (4) لأنه يقتضي تحريم استعمال الماء المخالط للنجاسة مطلقا ، من غير اعتبار بالكثرة وتغير أحد الأوصاف ، وإنما يخرج من ذلك ما أخرجه دليل قاطع.

وحد الكثير ما بلغ كرا أو زاد عليه ، وحد الكر وزنا ألف ومائتا رطل ، وحده مساحة لموضعه ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثله عمقا بالإجماع ، ونحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم: (إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا) (5).

واختلف أصحابنا في الأرطال ، فمنهم من قال عراقية ، ومنهم من قال مدنية (6) والأول أظهر في الروايات ، والثاني تقتضيه طريقة الاحتياط ، لأن الرطل المدني أزيد من العراقي.

فأما مياه الآبار فإنها تنجس بكل ما يقع فيها من النجاسات ، قليلا كان ماؤها أو كثيرا على ما قدمناه بالإجماع ، وأيضا فلا خلاف بين الصحابة والتابعين في أن ماء البئر يطهر بنزح بعضه.

وهذا يدل على حكمهم بنجاسته على كل حال من غير اعتبار بمقداره ، وأن حكمه في ذلك بخلاف حكم ماء الأواني والغدران (7).

ولا يمتنع أن يكون الوجه في اختلاف حكمها ، أن ماء البئر يشق نزح جميعه ، لبعده عن الأيدي ، ولتجدده مع النزح ، وليس كذلك ماء الأواني والغدران ، ولهذا وجب غسل الأواني بعد إخراج الماء منها لما تيسر وسقط ذلك في الآبار لما تعذر.

وإذا خفف حكم البئر بالحكم بطهارة مائها عند نزح بعضه ، وأسقط إيجاب غسلها بخلاف الأواني والغدران ، فما المنكر من تغليظ حكمها من وجه آخر؟! وهو إسقاط اعتبار الكثرة في مائها (وما جرى مجراها وهو إيجاب نزحها) بخلاف الأواني والغدران.

فقد صار ما غلظ به حكم الآبار وهو ترك اعتبار الكثرة في مائها ، ساقطا في الأواني والغدران وما غلظ به حكم الأواني وما جرى مجراها وهو إيجاب غسلها ساقطا في الآبار وتساويا في باب التغليظ والتخفيف.

والواقع في البئر من النجاسات على ضربين: أحدهما تغير أحد أوصاف الماء. والثاني لا يغيره.

فما غير أحد أوصافه المعتبر فيه بأعم الأمرين من زوال التغير وبلوغ الغاية المشروعة في مقدار النزح منه ، فإن زال التغير قبل بلوغ المقدار المشروع في تلك النجاسة وجب تكميله ، وإن نزح ذلك المقدار ولم يزل التغير وجب النزح إلى أن يزول ، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، والعمل عليه عمل على يقين.

وما لا يغير أحد أوصاف الماء على ضربين:

أحدهما يوجب نزح جميع الماء ، أو تراوح أربعة رجال على نزحه ، من أول النهار إلى آخره ، إذا كان له مادة يتعذر معها نزح الجميع.

والضرب الآخر يوجب نزح بعضه.

فما يوجب نزح الجميع أو المراوحة عشرة أشياء : الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض ودم الاستحاضة ودم النفاس وموت البعير فيه ، وكل نجاسة غيرت أحد أوصاف الماء ولم يزل التغير قبل نزح الجميع ، وكل نجاسة لم يرد في مقدار النزح فيها نص.

وما يوجب نزح البعض على ضروب:

منه: ما يوجب نزح كر واحد ، وهو موت أحد الخيل فيها ، أو ما ماثلها في مقدار الجسم.

ومنه: ما يوجب نزح سبعين دلوا ، بدلو البئر المألوف ، وهو موت الإنسان خاصة.

ومنه: ما يوجب نزح خمسين ، وهو كثير الدم المخالف للدماء الثلاثة

المقدم ذكرها ، والعذرة الرطبة أو اليابسة المتقطعة.

ومنه : ما يوجب نزح أربعين ، وهو موت الشاة ، أو الكلب ، أو الخنزير ، أو السنور ، أو ما كان مثل ذلك في مقدار الجسم ، وبول الإنسان البالغ.

ومنه : ما يوجب نزح عشر ، وهو قليل الدم المخالف للدماء الثلاثة ، والعذرة اليابسة غير المتقطعة.

ومنه: ما يوجب نزح سبع ، وهو موت الدجاجة ، أو الحمامة ، أو ما ماثلهما في مقدار الجسم ، والفأرة إذا انتفخت أو تفسخت ، وبول الطفل الذي قد أكل الطعام.

ومنه : ما يوجب نزح ثلاث ، وهو موت الفأرة إذا لم تنتفخ أو لم تتفسخ ، والحية والعقرب والوزغة وبول الطفل الذي لم يأكل الطعام.

ومنه: ما يوجب نزح دلو واحدة ، وهو موت العصفور ، أو ما ماثله من الطير في مقدار الجسم ، والدليل على جميع ذلك الإجماع السالف.

ما لا يغير أحد أوصاف الماء على ضربين:

أحدهما يوجب نزح جميع الماء ، أو تراوح أربعة رجال على نزحه ، من أول النهار إلى آخره ، إذا كان له مادة يتعذر معها نزح الجميع.

والضرب الآخر يوجب نزح بعضه.

فما يوجب نزح الجميع أو المراوحة عشرة أشياء : الخمر وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض ودم الاستحاضة ودم النفاس وموت البعير فيه ، وكل نجاسة غيرت أحد أوصاف الماء ولم يزل التغير قبل نزح الجميع ، وكل نجاسة لم يرد في مقدار النزح فيها نص.

وما يوجب نزح البعض على ضروب:

منه: ما يوجب نزح كر واحد ، وهو موت أحد الخيل فيها ، أو ما ماثلها في مقدار الجسم.

ومنه: ما يوجب نزح سبعين دلوا ، بدلو البئر المألوف ، وهو موت الإنسان خاصة.

ومنه: ما يوجب نزح خمسين ، وهو كثير الدم المخالف للدماء الثلاثة المقدم ذكرها ، والعذرة الرطبة أو اليابسة المتقطعة.

ومنه: ما يوجب نزح أربعين ، وهو موت الشاة ، أو الكلب ، أو الخنزير ، أو السنور ، أو ما كان مثل ذلك في مقدار الجسم ، وبول الإنسان البالغ.

ومنه: ما يوجب نزح عشر ، وهو قليل الدم المخالف للدماء الثلاثة ، والعذرة اليابسة غير المتقطعة.

ومنه : ما يوجب نزح سبع ، وهو موت الدجاجة ، أو الحمامة ، أو ما ماثلهما في مقدار الجسم ، والفأرة إذا انتفخت أو تفسخت ، وبول الطفل الذي قد أكل الطعام.

ومنه : ما يوجب نزح ثلاث ، وهو موت الفأرة إذا لم تنتفخ أو لم تتفسخ ، والحية والعقرب والوزغة وبول الطفل الذي لم يأكل الطعام.

ومنه : ما يوجب نزح دلو واحدة ، وهو موت العصفور ، أو ما ماثله من الطير في مقدار الجسم ، والدليل على جميع ذلك الإجماع السالف.

المقدم ذكرها ، والعذرة الرطبة أو اليابسة المتقطعة (8).

ومنه : ما يوجب نزح أربعين ، وهو موت الشاة ، أو الكلب ، أو الخنزير ، أو السنور ، أو ما كان مثل ذلك في مقدار الجسم ، وبول الإنسان البالغ.

ومنه : ما يوجب نزح عشر ، وهو قليل الدم المخالف للدماء الثلاثة ، والعذرة اليابسة غير المتقطعة (9).

ومنه : ما يوجب نزح سبع ، وهو موت الدجاجة ، أو الحمامة ، أو ما ماثلهما في مقدار الجسم ، والفأرة إذا انتفخت أو تفسخت ، وبول الطفل الذي قد أكل الطعام.

ومنه : ما يوجب نزح ثلاث ، وهو موت الفأرة إذا لم تنتفخ أو لم تتفسخ ، والحية والعقرب والوزغة وبول الطفل الذي لم يأكل الطعام.

ومنه : ما يوجب نزح دلو واحدة ، وهو موت العصفور ، أو ما ماثله من الطير في مقدار الجسم ، والدليل على جميع ذلك الإجماع السالف.

والماء المتغير ببعض الطاهرات ، كالورس والزعفران ، يجوز الوضوء به ما لم يسلبه التغير إطلاق اسم الماء عليه ، يدل على ذلك بعد الإجماع قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) (10) وقوله (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) (11) وهذا ينطلق عليه اسم الماء ، ومن ادعى أن التغير اليسير يسلبه إطلاق اسم الماء ، فعليه الدليل ، لأن إطلاق الاسم هو الأصل ، والتقييد داخل عليه ، كالحقيقة والمجاز.

والماء المستعمل في الوضوء والأغسال المندوبة طاهر مطهر يجوز الوضوء به والاغتسال مرة أخرى بلا خلاف بين أصحابنا ، ويدل عليه أيضا ما تلوناه من ظاهر القرآن.

فأما المستعمل في الغسل الواجب ففيه خلاف بين أصحابنا (12) ، وظاهر القرآن مع من أجراه مجرى المستعمل في الوضوء إلا أن يخرجه دليل قاطع.

ومن يقول : إن الاستعمال على كل حال يخرجه عن تناول اسم الماء بالإطلاق ، يحتاج إلى دليل ، ولأن من شربه وقد حلف أن لا يشرب ماء يحنث بلا خلاف ، وهذا يبطل قوله.

ولا يجوز الوضوء بغير الماء من المائعات ، نبيذ تمر كان أو ماء ورد أو غيرهما ، بدليل الإجماع المذكور ، وظاهر قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) (13) لأنه يقتضي نقلنا عن الماء إلى التراب من غير واسطة ، ومن أجاز الوضوء بغير الماء ، فقد جعل بينهما واسطة ، وزاد في الظاهر ما لا يقتضيه.

والوضوء بالماء المغصوب لا يرفع الحدث ، ولا يبيح الصلاة بالإجماع ، وأيضا فالوضوء عبادة يستحق بها الثواب ، فإذا فعل بالماء المغصوب خرج عن ذلك إلى أن يكون معصية يستحق بها العقاب ، فينبغي أن لا يكون مجزئا ، ولأن نية القربة فيه مندوب إليها بلا خلاف ، والتقرب إلى الله تعالى بمعصية محال.

ولا يجوز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات ، وهو قول الأكثر من أصحابنا ، ويدل عليه أن حظر الصلاة وعدم إجزائها في الثوب الذي أصابته نجاسة ، معلوم ، فمن ادعى إجزائها فيه إذا غسل بغير الماء ، فعليه الدليل ، وليس في الشرع ما يدل على ذلك ، وطريقة الاحتياط واليقين ببراءة الذمة من الصلاة يقتضي ما ذكرناه ، لأنه لا خلاف في براءة ذمة المكلف من الصلاة إذا غسل الثوب بالماء ، وليس كذلك إذا غسله بغيره.

ويحتج على المخالف بما روى من طرقهم من قوله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم لأسماء (14) في دم الحيض يصيب الثوب : (حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء) (15) وظاهر الأمر في الشرع يقتضي الوجوب.

ولا يجوز التحري (16) في الأواني وإن كانت جهة الطاهر أغلب ، بالإجماع ، ولأن المراد بالوجود في قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً) ، التمكن من استعمال الماء الطاهر ، ولهذا لو وجده ولم يتمكن من استعماله إما لعذر ، أو فقد آلة أو ثمن ، جاز له التيمم. ومن لا يعرف الطاهر بعينه ولا يميزه من غيره ، غير متمكن من استعماله.

وأما التراب فالذي يفعل به التيمم ، ولا يجوز إلا بتراب طاهر ، ولا يجوز بالكحل ولا بالزرنيخ ولا بغيرهما من المعادن ، ولا بتراب خالطه شي‌ء من ذلك ، بالإجماع وقوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (17) والصعيد هو التراب الذي لا يخالطه غيره ، ذكر ذلك ابن دريد (18) وحكاه عن أبي عبيدة (19) وغيره من أهل اللغة ، والطيب هو الطاهر.

___________________

(1) الفرقان : 48.
(2)
الأعراف : 157.
(3)
المدثر : 5.
(4)
المائدة : 3.
(5)
نسبه المؤلف إلى النبي صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم ونسبه الشيخ في الخلاف ـ كتاب الطهارة المسألة 126 ـ إلى أئمتنا عليهم‌ السلام ، ونقله السيد المرتضى في الانتصار : 8 ولم نعثر عليه مع الفحص الأكيد في الصحاح والمسانيد وإنما المروي في كتبهم قوله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (إذا كان الماء قدر قلتين لم يحمل الخبث) لاحظ السنن الكبرى : 1 / 261 وجامع الأصول: 8 / 12 مع اختلاف في التعبير.

(6) القائل هو السيد المرتضى : الناصريات ، المسألة 2 ورسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة ، ص 22 واختاره الصدوق في الفقيه: 1 ـ 6.

(7) الغدير: النهر ، والجمع غدران. المصباح المنير.

(8) النساء : 43.

(9) الفرقان : 48.

(10) النساء : 43.
(11)
الفرقان : 48.

(12) لاحظ المختلف: 1 ـ 233 من الطبع الحديث.
(13)
النساء: 43.

(14) أسماء بنت أبي بكر أم عبد الله بن زبير، وهي أسن من عائشة أختها لأبيها ، ماتت سنة 73 ه‌. لاحظ أسد الغابة : 5 ـ 392.

(15) سنن البيهقي : 1 ـ 13 والتاج الجامع للأصول : 1 ـ 58 وجامع الأصول : 8 ـ 32.

(16) قال الطريحي: التحري يجزي عند الضرورة أعني: طلب ما هو الأحرى في الاستعمال في غالب الظن، ومنه التحري في الإنائين. مجمع البحرين.

(17) النساء: 43.
(18)
هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري الإمامي شاعر ، نحوي ، لغوي كان واسع الرواية توفي 321 لاحظ كشف الظنون : 1 ـ 162 والكنى والألقاب : 1 ـ 279 وأعيان الشيعة : 9 ـ 153.
(19)
أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي البصري ، مولى بني تيم ، أخذ عنه أبو حاتم والمازني وغيرهم مات سنة (211 ه‌ ـ) لاحظ وفيات الأعيان : 5 ـ 235.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.