أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2016
20959
التاريخ: 28-1-2023
1309
التاريخ: 30/11/2022
1604
التاريخ: 12-5-2022
1957
|
فصل في الاعتبار لابن دحية
وما أحسن قول أبي الخطاب ابن دحية الحافظ بعد كلام ما صورته (1) : وأخذت من طريق خوزستان إلى طريق حلوان، وقاسيت من الغربة أصناف الألوان، ومررت على مدائن كسرى أنوشروان، وزرت بها قبر صاحب النبي، صلى الله عليه وسلم، الزاهد العابد المعمر سلمان، وأعملت بها السير والإغذاذ، إلى مدينة بغذاذ، فنظرت إليها معالم وربوعاً، وأقمت بها مرة عاماً ومرة أسبوعاً وأسبوعا، وأنا ابدي في ندائهم وأعيد، والترب قد علا على منازلهم والصعيد، وأسأل عن الخلفاء الماضين وأنشد، ولسان الحال يجاوبني وينشد:
115
يا سائل الدار عن أناس ... ليس لهم نحوها معاد
مرت كما مرت الليالي ... أين جديس وأين عاد
بل أين البشر آدم الذي خلقه بيده الكبير المتعال أين الأنبياء من ولده والأرسال، أهل النبوة والرسالة، والوحي من الله ذو الجلالة أين سيدهم محمد الذي فضله عليهم ذو العزة والجلال، وجعله شفيعهم مع أمته والناس في شدائد الأهوال أين القرون الماضية والأجيال أين التبابعة والأقيال أين ملوك همدان أين أولو الأبلق الفرد أو غمدان أين أولو التيجان والأكاليل أين الصيد والبهاليل بل أين النمارذة وأكبرهم نمروذ إبراهيم الخليل أين الفراعنة ومن هو بالسحر عليم، الذين منهم فرعون موسى الكليم أين ملك الهدنانية (2) هدد بن بدد الكردي، الذي لم يكن غدره بمفيد له ولا مجدي وقد أخبر الحق جل جلاله عنه أنه كان يأخذ كل سفينة غصباً، وزعم المؤرخون أنه كان أيضاً يملأ القلوب رعباً، ويسوم أصحابه قتلاً وصلباً، مع الطمع في المال، وعدم النظر في عقبى المال، أين الفرس وملوكهم، وعدلها وعدولها أين دارا بن بهمان أين إسكندر بن فلبس اليوناني الذي غلبه وملك بلاده في ذلك الزمان، وأطاعه جميع ملوك الأقاليم، وقدر به الله امتحان الخلق ذلك تقدير العزيز العليم أين كسرى وقيصر غلبهما من الموت الأسد القسور، بعد أن أخرجهما من بلادهما أمير المؤمنين أبو حفص عمر، لما ظهرت الملة الحنيفية كما ظهرت (3) الشمس وبدا القمر، أين أولاد جفنة وملوك غسان أين مماديح زياد وحسان أين هرم بن سنان أين الملاعب بالسنان أين أولاد مضر بن نزار بن معد بن عدنان أين بنو عبد المدان أين أرباب العواصم أين قيس بن عاصم أين العرب العرباء الأمة الفاضلة، والجماعة المناضلة أين أولو الباس والحفاظ، وذوو الحمية والإحفاظ حيث الوفاء والعهد،
116
والحباء والرفد، إلى علو الهمم، والوفاء بالذمم، والعطاء الجزل، والضيف والنزل، وهبة الافال والبزل، وإنها لا تدين عزاً ولا تقاد، ولا ترام أنفة ولا تفاد، أين قريش المغرورين في الجاهلية بالحي اللقاح، والشعب الرقاح أين الماضون من ملك بني أمية ذوو الألسن الذلق، والأوجه الطلق والحمية أين خلفاء بني العباس بن عبد المطلب، الذي شرفهم بالأصالة وليس إليهم بالمنجلب ذوو الشرف الشامخ، والفخر الباذخ، والخلافة السنية الرضية، والمملكة العامة المرضية، بلغتنا والله وفاتهم، ولم يبقى إلا ذكرهم وصفاتهم، قبض ملك الموت أرواحهم قبضاً، ولم يترك لهم حراكاً ولا نبضاً، ومزق الدود لحومهم قدداً، ووجدوا ما عملوا حاضرا ًولا يظلم ربك أحداً، إلا ما كان من أجساد الأنبياء عليهم أفضل التسليم، فإن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، وقد تكلمت على هذا الحديث وأثبت أنه من الصحيح لا القسيم، وخرجت طرقه في كتابي " العلم المشهور " (4) بعون من العزيز الرحيم، فما أبعد المرء عن رشده وما أقصاه، كم وعظه الدهر وكم وصاه، يخلط الحقيقة بالمحال، والعاطل بالحال، ولا توبة حتى يشيب الغراب، ويألف الدم التراب، فيا لهفي لبعد الدار، وانقضاض الجدار، وأنت هامة ليل أو نهار، وقاعد من عمرك على شفا جرف هار، تقرأ العلم وتدعيه، ولا تفهمه ولا تعيه، فهو عليك لا لك، فأولى لك ثم أولى لك، أما آن لليل الغي أن تنجلي أحلاكه، ولنظم البغي أن تنتثر أسلاكه، وأن يستفظع الجاني جناه، ويأسف على ما اقترفه وجناه، وأن يلبس عهاده بتاً (5)، ويطلق الدنيا بتاً، ويفر منها فرار الأسد، ويتيقن أنه بد من مفارقة الروح الجسد، نبهنا الله تعالى من سنات غفلاتنا، وحسن ما ساء من صنائعنا الذميمة وسلاتنا، وجعل التقوى أحصن عددنا وأوثق آلاتنا، اللهم إليك المآب، وبيدك المتاب، قد واقعنا الخطايا،
117
وركبنا الأجرام رواحل ومطايا، فتب عينا أجمعين، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين الطائعين، وصلى الله على سيد ولد آدم محمد شفيعنا يوم القيامة، وصاحب الحوض المورود والمقام المحمود والكرامة، وعلى آله الطاهرين، وأصحابه أهل الرضوان المنتخبين، وسلام الله عليه وعليهم إلى يوم الدين؛ انتهى وهو آخر كتابه " النبراس في تاريخ بني العباس " وذكرته بطوله لمناسبته.
قلت: وقد سلكت هذا المنحى نظماً في خطبة هذا الكتاب كما مر، وللسان الدين رحمه الله تعالى كلام قريب من هذا سيأتي في نثره إن شاء الله تعالى.
وأقول: إني قد تذكرت هنا قول القائل (6) :
نطوي سبوتاً وآحاداً وننشرها ... ونحن في الطي بين السبت والأحد
فعد ما شئت من سبت ومن أحد ... لا بد أن يخل المطوي في العدد
وقول الآخر:
ألم تر أن الدهر يوم وليلة ... يكران من سبت عليك إلى سبت
فقل لجديد العيش لا بد من بلى ... وقل لاجتماع الشمل لا بد من شت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر كتاب النبراس: 168.
(2) في ابن الأثير والتنبيه وابن حوقل: الهذبانية.
(3) ق ص: ظهر.
(4) هو العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور.
(5) ق ص: ربتا.
(6) أزهار الرياض 1: 234.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|