أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-23
657
التاريخ: 2024-11-13
174
التاريخ: 2024-02-15
1075
التاريخ: 2024-03-25
760
|
وصلت الأرجو إلى كولخيس بعد ذلك بوقتٍ غير طويل. فألقى مراسي السفينة، ونزل إلى البر وسط الجموع المدهوشة فوق الشاطئ، الذين لم يسبق لهم أن شاهدوا سفينة بمثل هذا الحجم الضخم. فطلب من الأهلين أن يذهبوا به إلى الملك أييتيس، الذي رحب به، وأمره بأن يوضح له الغرض من مجيئه إلى أرض كولخيس. فقال جاسون في صراحةٍ تامة: «جئت من أجل الجزة الذهبية؛ إذ بدونها لن أكون ملكًا على بلدي.» وشرح للملك كيف أن بيلياس اشترط عليه ألا يسلمه المملكة إلا إذا جاءه بالجزة الذهبية. كان أييتيس داهية، ولم يشأ أن يجرَّ على شعبه هجوم أبطال الأرجو، إذا ما صرح برفضه تسليم ما جاء جاسون يطلبه. ولم يعتزم بحالٍ ما أن يعطيه تلك الجزة الذهبية، ورد على جاسون بقوله: «لا تحسبن، أيها الشاب، أن الجزة الذهبية تُعطى لأي فردٍ بمجرد أن يطلبها. ولا شك في أنك تعلم يقينًا أن تذكار الآلهة هذا محفوف بكثيرٍ من الأخطار. إذن فأصغِ إلى الشروط التي يمكنك بها أن تفوز بالجزة الذهبية، غدًا يجب أن تأخذ الثورين اللذين يحتفظ بهما مارس في معبده، فتربطهما إلى المحراث، وتزرع أنياب التنين «. وافق جاسون على تنفيذ هذين الأمرين، وهو يعلم في قرارة نفسِه أنه من المحتمل أن يصحبهما خطر قاتل، وبينما هو ساهر في تلك الليلة فوق ظهر الأرجو؛ إذ انتابه السهاد، فلم تذق عيناه طعم النوم. ظهرت أمامه فجأة فتاة نحيلة الجسم تضع على وجهها خمارًا أسود، فظنها الربةَ مينيرفا أو غيرها من الربات ساكنات أوليمبوس تقف أمامه، ولكن سرعان ما طمأنه صوت رقيق. قالت الفتاة المقنعة: «أنا ميديا ابنة الملك أييتيس، رأيت اليوم، وكلي إشفاق عليك، كيف أن والدي قد جرك بمكرٍ إلى شرَكٍ قاتل، فلن تستطيع أبدًا، بغير مساعدة، أن تسيطر على الثورين، ولا أن تزرع أنياب التنين. ومع ذلك فسأعاونك إن قبلت مساعدتي «. فصاح جاسون متلهفًا يقول: «ساعديني، ثم اهربي معي إلى مملكتي، حيث تصبحين ملكتي «. والحقيقة أن هذا هو عين ما كانت تفكر فيه ميديا عندما ذهبت إليه، وعندئذٍ وافقت على اقتراحه وهي مسرورة. همست إليه تقول: «هاك مرهمًا سحريًّا يجب أن تدهن به جسمك قبل أن تذهب إلى الثورين، وبذا تكتسب مناعة لمدة يوم واحد ضدَّ النار وضد الجروح. وهكذا لن يتمكن ثورا مارس من حرقك بالنار التي ينفثانها من خياشيمهما، ولن تؤذيك حوافرهما البرنزية. أما أنياب التنين، فاعلم أنه سيخرج منها رجال مسلحون يتحرَّقون شوقًا إلى القتال، وعلى هذا يجب أن تستعمل معهم هذه الخطة «. وهنا انحنت على جاسون، وأخبرته بصوتٍ خفيض ماذا يفعل؛ ليتجنب خطر المحاربين الخارجين من أنياب التنين. وفي اليوم التالي خرج الملك إلى الساحة العامة، وقد تجمع فيها حشد كبير من الشعب لمشاهدة جاسون، وهو يقوم بهذين العملين. ولشدَّ ما كانت دهشة أييتيس عظيمة عندما ذهب البطل الإغريقي الشاب إلى مغارة مارس، وكله ثقة، وأمسك بالثورين المخيفين، دون صعوبة وربطهما إلى المحراث، وبدا أنه لم يهتم بالنيران المنبعثة من خياشيمهما على جسمه، وقادهما إلى الساحة. تناول جاسون، من يد الملك المرتعشة، خوذة مليئة بأنياب التنين، وشرع يسير جيئةً وذهابًا يزرع أنياب التنين في الأخاديد التي يشقُّها المحراث. فإذا ما تغلغلت جذورها في الأرض خرج منها خمسون محاربًا قويًّا، كل منهم كامل التسلح بالفولاذ ويشهر سيفًا. وجعلت صيحاتهم العنيفة المدوية السماء ترتجف وجموع المشاهدين ترتعد. وعلى حين غِرَّة، دون أن يلاحظ المحاربون ولا أييتيس، قذف جاسون حجرًا وسطهم، فسقط محدثًا صوتًا فوق درع أطول محارب فيهم. فثارت ثائرته من شدَّة الغضب، وانبرى إلى جاره. وقبل أن ينطق أيهما بكلمةٍ واحدة، انقضَّ عليه بسيفه فشطره. وإذ كان سائر الباقين يتلهفون إلى القتال، اتخذت المعركة جانبين. وفي بضعِ لحظات زلزلت الأرض من الضربات النازلة على كلا الجانبين. وكلما وجد جاسون فرصته اشترك في القتال بسيفه، ولم يمض وقت طويل حتى سقط جميع المحاربين على الأرض صرعى، فساد السكون فجأة. رأى الملك أن جاسون قد هزمه في أول جولة، متحاشيًا بواسطة شيءٍ غامض، ذلك الفخ القاتل الذي أزمع إيقاعه فيه، ولكنه فضَّل أن يقتل جاسون وأتباعه على أن يعطيه الجزة الذهبية، فوضع خطة محكمة لهجوم عنيف يقوم به على الأرجو عند الفجر الباكر. أدركت ميديا، بطريقةٍ ما، ما ينوي أبوها فعله، فوضعت خطتها لتهزمه في الجولة الثانية أيضًا. فلما أرخى الليل سدوله، تسللت تحت جنح الظلام إلى جاسون، وصحبته إلى الكهف المعلقة به الجزة الذهبية فوق شجرة يرقد تحتها تنين مريع، ولكن رغم سيرهما في هدوءٍ وصمت، فإن وقع أقدامهما على الحشائش أيقظ التنين، وفي لحظةٍ هبَّ منتصبًا متيقظًا، ومد رأسه الشامخ إلى الأمام، وبرزت صفوف أنيابه، ولكنه عندما سمع صوت ميديا المهدئ، وهي التي تعودت أن تضع له الطعام أرهف أذنيه يُصغي. فقالت له: «هاك وجبة شهية.» وألقَتْ إليه ببعض من الطعام الذي اعتاد تناوله، فالتهمه بجشع، وكانت قد مزجت ذلك الطعام بعقارٍ منوم، فما كاد يبتلعه، حتى ارتمى على الأرض يغط في سباتٍ عميق. فأسرع جاسون فخطف الجزة الذهبية الثمينة، وهرب بها مع ميديا إلى السفينة، حيث كان الأبطال ينتظرونه ممسكين بالمجاذيف. فانطلقت بهم السفينة فوق الأمواج تشقُّ طريقها إلى خارج الميناء، وبجهدٍ بالغٍ أفلتت من مطاردة أييتيس. ويُحكى عن جاسون وطاقم الأرجو، أنهم التقوا في طريق عودتهم بمغامراتٍ أخرى. وفي إحدى هذه المغامرات لم ينقذهم من سحر السيرينيات إلا أنغام أورفيوس. لما عاد جاسون إلى أيولكوس وعرض الجزة الذهبية على بيلياس، تذرَّع هذا الأخير بحجةٍ ما أو بأخرى مماطلًا في تسليم العرش لابن أخيه. وكانت بنات بيلياس يعرفن أن ميديا ساحرة، ولها السيطرة على الموت والحياة، فتوسلن إليها أن تحضر لهن جرعة سحرية تعيد إلى أبيهن شبابه من جديد، فتظاهرت بالموافقة، ولكنها أعطتهن سمًّا زعافًا قضى على بيلياس بمجرد تناوله، وهكذا صار جاسون ملكًا، فقدم الأرجو قربانًا إلى نبتيون. أما الجزة الذهبية فعلقها في معبد مينيرفا كي يأتي الشبَّان في كل عصر، ويشاهدُوها فتوحي إليهم بحب المغامرات والشجاعة مقتدين بجاسون.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|