أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-18
739
التاريخ: 2023-09-14
1102
التاريخ: 2024-04-23
692
التاريخ: 2024-02-14
973
|
قال الدكتور هيكل باشا في كتابه «حياة محمد»: «فلما دخل النعمان على كسرى دخل سيف بن ذي يزن معه، وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه وقد جمع فيه أجزاء عرش دارا، وكانت موشاة بصور رسوم المجرة، فإذا كان في مشتاه وُضعت هذه الأجزاء يحيط بها ستار من أنفس الفراء، تتدلى أثناءه ثريات من فضة وأخرى من ذهب ملئت بالماء الفاتر، ونُصب فوقها تاجه العظيم، يضيء فيه الياقوت والزبرجد واللؤلؤ بالذهب والفضة، مشدودًا إلى السقف بسلسلة من الذهب، فما يلبث من يدخل إلى مجلسه أن تأخذه رهبته حين يراه، وكذلك كان شأن سيف بن ذي يزن، فلما تطامن وسأله كسرى عن أمره وما جاء فيه قص عليه أمر الحبشة وظلمها لليمن «. وتروي كتب التاريخ الأخرى أن كسرى قال: بعدت بلادك مع قلة خيرها، فلم أكن لأورط جيشًا من فارس بأرض العرب، لا حاجة لي بذلك، ثم أجازه بعشرة آلاف درهم، وخرج سيف فنثر ذلك المال على حاشية الملك، وسمع كسرى فاستدعاه وقال له: كيف تعمد إلى حباء الملك تنثره للناس، فقال: وما أصنع بهذا، ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهبًا وفضة، يقصد سيف أن يرغبه فيها، فنجحت حيلة سيف، فأرجأ الأمر حتى يستشير رجال دولته، فقال قائل منهم: أيها الملك، إن في سجونك رجالًا قد حبستهم للقتل، فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم، وإن يظفروا كان ملكًا ازددته، فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمانمائة رجل، واستعمل عليهم وهزر وكان ذا سن فيهم وأفضل أولئك المجرمين حسبًا، وتقول القصة: إنه لطعنه في السن كانت جفونه مدلاة فوق عينيه، فكان إذا أراد الرمي عصبوا له جفنيه إلى أعلى حتى يتمكن من إصابة الهدف. وأبحرت الحملة يرافقها سيف في ثمان سفائن، غرقت منها سفينتان ووصلت السفائن الست إلى شاطئ حضرموت وعليها الجيش الفارسي، وقد بلغت عدته ستمائة وانضم إليهم عدد كبير من اليمنيين، ووصلت أخبار الجيش إلى مسروق حاكم الحبشة، فخرج على رأس قوته ليلاقي الغزاة، ويقولون إنه أحرق سفنه حتى لا يفكر الجيش في العودة، ثم تصافَّ الجيشان، فقال وهزر: أروني ملكهم، فأشاروا إلى رجل على الفيل عاقد تاجه على رأسه، بين عينيه ياقوتة حمراء في حجم البيضة، وأطلق وهزر سهمه فصك الياقوتة التي بين عيني مسروق، فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ونكص عن دابته، وكان سقوط الملك نذير الفشل في صفوف الأحباش الذين تفرقوا، فتعقبهم الفرس والعرب بالقتل والتذبيح، ودخل وهزر صنعاء بعد أن هدموا له بابها؛ لأنه لم يرد أن يدخلها منكسًا رايته، وتختلف الروايات في تفصيل ما حدث بعد ذلك، فمعظم المراجع العربية تقول: إن وهزر أرسل إلى كسرى يعلمه بالفتح فبعث إليه بأموال، فكتب إليه أن يملك سيف بن ذي يزن، فعاد وهزر إلى فارس، وجلس سيف على سرير اليمن، واتخذ قصر غمدان مقرًّا له، وجاءته وفود العرب تهنئه ومن بينها وفد برئاسة عبد المطلب زعيم مكة الذي أكرم سيفٌ وفادته وخصه بعشرة أمثال ما أعطى الآخرين، ثم أخذ سيف يطوف بلاد اليمن يطلب الأحباش فلا يقف على أحد منهم إلا قتله، وكان يبقر بطون النساء، ولم يُبْقِ من الأحباش إلا جماعة قليلة جعلهم عبيده، فكانوا يمشون بين يديه بالحراب حتى إذا خلوا به في الصحراء وقد خرج إلى الصيد انقضوا عليه بالحراب وقتلوه ثم هربوا، وبلغ الخبر كسرى فبعث إليهم وهزر ثانية في أربعة آلاف فارس، وأمره أن لا يترك باليمن حبشيًّا ولا سلالة حبشي من عربية، وفعل وهزر ما أمره كسرى فعينه كسرى حاكمًا على اليمن يبعث إليه بخراجها. هذه رواية معظم الكتب العربية. أما بعض المراجع الأجنبية فتقول بأن الفرس بسطوا نفوذهم على اليمن مباشرة، وكان وهزر مندوبًا ساميًا له الحكم الفعلي، ولسيف بن ذي يزن الحكم الرسمي إلى أن قُتل. ولما مات وهزر أقام كسرى مكانه ابنه المرزبان ثم حفيده، وكان خامس ولاة الفرس على اليمن وآخرهم باذان الذي اعتنق الإسلام في سنة 628م، وهي السنة السادسة للهجرة، وظل واليًا عليها حتى سنة 632م، وهي السنة التي دخلت فيها في حوزة الإمبراطورية العربية، وبذلك انتهى حكم فارس. وانتهت في نفس الوقت أهمية اليمن في مجرى التاريخ العربي؛ إذ حلت محلها الحجاز في استرعاء الانتباه العام. ونصف في الفقرات التالية أهم مظاهر الحضارة في دول بلاد اليمن القديمة منذ أقدم العصور إلى أن ظهر الإسلام.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|