أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
3509
التاريخ: 27-11-2014
2244
التاريخ: 27-11-2014
1951
التاريخ: 11-10-2014
1963
|
قال تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإنَّ مِنَ الحِجارَة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُون }[ البقرة : 74] .
تفسيرُ الآية
جاءت الآية بعد قصّة البقرة التي ذبحها بنو إسرائيل ، وقد كانوا يجادلون موسى ( عليه السلام ) بغية التملّص من ذبحها ، ولكن قاموا بذبحها وما كادوا يفعلون .
وكان ذبح البقرة لأجل تحديد هوية القاتل الذي قامَ بقتل ابن عمّه غيلة ، واتّهم بقتله شخصاً آخر من بني إسرائيل ، فصاروا يتدارأون ويدفعون عن أنفسهم هذه التهمة ، فرجعوا في أمرهم إلى موسى ( عليه السلام ) ، وشاء الله أن يُظهر حقيقة الأمر بنحو معجز ، فقال لهم موسى ( عليه السلام ) : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً } ، فلمّا ذبحوها ـ بعد مجادلاتٍ طويلة ـ أمرَ سبحانه أن يضربوا المقتول ببعض البقرة حتى يحيى المقتول ويُعيّن هوية القاتل .
قال سبحانه : { فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحيي اللهُ المَوتى وَيُريكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون }[ البقرة : 73] .
ومع رؤية هذه المعجزة الكبرى ـ التي كان من المفروض أن تزيد في إيمانهم وانصياعهم لنبيهم موسى ( عليه السلام ) ـ لكن ـ وللأسف ـ قَست قلوبهم بنحو يحكي سبحانه شدّة تلك القساوة ويقول :
{ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كالحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَة } .
وبما أنّ الحجر هو المعروف بالصلابة والقساوة شبّه سبحانه قلوبهم بالحجارة وقال : إنَّ قُلوبهُمْ { كالحِجارَة أَوْ أَشَدّ قَسوَة } أي : بل أشدّ قسوة ، فكلمة ( أو ) موضوعة مكان بل .
ثمّ إنّ القلوب إمّا بمعنى النفوس الناطقة ، فعندئذ تكون نسبة القساوة إلى الروح نسبة حقيقية ، أو أنّ المراد منها هو العضو المودَع في الجهة اليسرى من الصدر ، الذي ليس له دور سوى تصفية الدم وإرساله إلى سائر الأعضاء ، وعندئذٍ تكون النسبة مجازية ، وإنّما نُسِبت القساوة إلى ذلك العضو ؛ لأنّه مظهر من مظاهر الحياة الإنسانية ، وأوّل عضو يتأثّر بالأمور النفسانية : كالفرح ، والغضب ، والحزن ، والجزع ، فلا منافاة في أن يكون المُدرك هو النفس الناطقة ، ومع ذلك يصحّ نسبة الإدراك إلى القلب .
ثمّ إنّه سبحانه وصف قلوبهم بأنّها أشدّ قسوة من الحجارة ، وعلّل ذلك بأُمور ثلاثة :
الأول : { وَإنّ مِنَ الحِجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْه الأَنْهار } .
الثاني : { وَإنَّ مِنْها لمَا يَشَّقّق فيَخرج مِنْهُ الماء } .
الثالث : { وَإنّ مِنْها لمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله } .
أمّا الأول : أي تفجّر الأنهار من الحجارة ، كالعيون الجارية من الجبال الصخرية .
وأمّا الثاني : كالعيون الحادثة عند الزلازل المستتبِعة للانشقاق ، والانفجار المستعقِب لجريان الأنهار .
وأمّا الثالث : كهبوط الحجارة من الجبال العالية إلى الأودية المنخفضة من خشية الله .
ولا مانع من أن يكون للهبوط علّة طبيعية كالصواعق التي تَهبِط بها الصخور ، وعلّة معنوية التي كشَفَ عنها الوحي ، وهي : الهبوط من خشية الله .
وعلى ضوء ذلك : فالحجارة ـ على الرغم من صلابتها ـ تتأثّر طبقاً للعوامل السالفة الذكر ، وأمّا قلوب بني إسرائيل فهي صلبة لا تنفعل أمام وحيه سبحانه وبيان رسوله ، فلا تفزع نفوسهم ولا تخشع لأمره ونهيه .
ومن عجيب الأمر : أنّ بني إسرائيل رأوا بأُمّ أعينهم ليونة الحجارة حيث استسقى موسى لقومه ، فأُمرَ بأن يضرب بعصاه الحجر ، فلمّا ضربه انفجرت منه اثنتا عشرة عيناً بعدد الأسباط .
ثمّ إنّ ظاهر الآية نسبة الشعور إلى الحجارة ؛ حيث إنّها تهبط من خشية الله ، وهذه حقيقة علمية كشفَ عنها الوحي وإن لم يصل إليها الإنسان بأدواته الحسيّة .
يقول صدر المتألهين : إنّ الكون بجميع أجزائه يسّبح لله ويحمده ويثني عليه تعالى عن شعور ، فلكلّ موجود من هذه الموجودات نصيب من الشعور والإدراك بقدر ما يملك من الوجود من نصيب .
وعلى هذا الشعور تُسّبح الموجودات كلّها خالقها وبارئها وربّها سبحانه ، وتُنزّهه عن كلّ نقص وعيب .
ثمّ يقول : إنّ العلم والشعور والإدراك كلّ ذلك متحقّق في جميع مراتب الوجود ، ابتداء من ( واجب الوجود ) إلى النباتات والجمادات ، وإنّ لكلّ موجود يتحلّى بالوجود سهماً من الصفات العامة كالعلم والشعور والحياة و...و... ولا يخلو موجود من ذلك أبداً ، غاية ما في الأمر أنّ هذه الصفات قد تخفى علينا ـ بعض الأحيان ـ لضعفها وضآلتها .
على أنّ موجودات الكون كلّما ابتعدت عن المادة والمادية ، واقتربت إلى التجرّد ، أو صارت مجرّدة بالفعل ، ازدادت فيها هذه الصفات قوّة وشدة ووضوحاً ، وكلّما ازدادت اقتراباً من المادة والمادية ، وتعمّقت فيها ، ضعُفت فيها هذه الصفات ، وضؤلت حتى تكاد تغيب فيها بالمرّة ، كأنّها تغدو خلوة من العلم والشعور والإدراك ، ولكنّها ليست كذلك ـ كما نتوهّم ـ إنّما بلغَ فيها ذلك من الضعف والضآلة بحيث لا يمكن إدراكها بسهولة وسرعة (1) .
وليست هذه الآية هي الفريدة في بابها ، بل هناك آيات تؤكد على جريان الشعور في أجزاء العالَم من الذرّة إلى المجرّة .
يقول سبحانه : { تُسَبّحُ لَهُ السَّمواتُ السَّبْعُ والأرض وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيء إِلاّ يُسَبّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً }[ الإسراء : 44] .
وبما أنّنا بسطنا الكلام في سريان الشعور إلى أجزاء العالَم برمّته في الجزء الأول من هذه الموسوعة ، فلنقتصر على ذلك ، ومَن أراد التفصيل فليرجع إلى محلّه .
______________________
1 ـ الأَسفار : 1/118 و 6/139 ، 140 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|