أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-04
1023
التاريخ: 2023-10-04
1083
التاريخ: 2023-07-22
1008
التاريخ: 3-7-2016
5727
|
من بين كنوز الصدمات النيزكية زجاج الداخلة، الذي اكتشف حديثا بالأراضي المصرية. وهو نوع غريب من المادة الزجاجية الطبيعية، التي توجد على هيئة كسرات لا يزيد قطر أكبرها كثيرًا عن 4 سم، توجد ضمن رواسب البلستوسين التي تغطي عشرات الكيلومترات، في واحة الداخلة بالصحراء الغربية المصرية. وتتباين ألوان هذا الزجاج تباينا كبيرا، من الأخضر الداكن إلى الأسود. وبعض عينات زجاج الداخلة ذات لمعان أزرق باهت. ويشبه هذا الزجاج في كثير من خصائصه زجاج الصدمات النيزكية. وفي حقيقة الأمر، فقد عرف هذا الزجاج من قبل سكان المنطقة من أزمنة بعيدة، لكن كان يشار إليه في العادة على أنه مادة زجاجية، دون الخوض في طبيعته، ولا في كيفية تكونه، لكن من فترة وجيزة أشارت إحدى بعثات الآثار الألمانية التي كانت تعمل في نطاق واحة الداخلة خلال المواسم الحقلية 2002، 2003، 2004، إلى اكتشاف ما اعتبرته حدثًا كارثيا خلال العصر الحجري المتوسط (100 ألف سنة إلى 200 ألف سنة)، تمثل في سقوط جرم سماوي على واحة الداخلة، نتج عنه مواد زجاجية كثيفة، تكثر بها الفجوات، والمكتنفات الغريبة. وتتوزع قطع زجاج الداخلة في مساحات شاسعة، ضمن رواسب البحيرات العذبة التي تنتمي لعصر البليستوسين. ودرس الباحثون والمتخصصون في دراسة زجاج الصدمات النيزكية؛ قطعا من هذا الزجاج، وأعلنوا أنه ينتمي للزجاج الذي تكونه ارتطامات النيازك الضخمة بالأرض. وأكد الباحثون على التشابه الكبير بينه وبين زجاج الصدمات النيزكية. أي أن زجاج الداخلة نشأ من تأثير ارتطام جرم سماوي على المنطقة، ممَّا أَدَّى إلى صَهْرٍ المكونات الأرضية وتبخُرها في الجو ثم تكاثفها وتصلُّدها لتسقط ثانية على الأرض على هذه الشاكلة. ونظرًا لعدم اكتشاف فوهة نيزكية بالمنطقة – حتى الآن – فإن البعض يرى إمكانية تكون زجاج الداخلة من احتراق الجرم السماوي في الجو قبل ارتطامه بالأرض، وانصهار مكوناته وتبخرها، ثم تكاثفها وتصلُّدها على هيئة جسيمات زجاجية صغيرة، سقطت على الأرض على هذه الشاكلة التي يوجد عليها زجاج الداخلة. 49،48،47
ويبدو أن زجاج الداخلة هو الذي شغل الرحالة العرب القدامى، فأشاروا إلى وجوده في الواحات الجنوبية المصرية، باعتباره حجرًا كريمًا يستخرج من موضعه ويحمل ليشكل ويباع في العاصمة؛ إذ ذكر بعض المؤرخين والرحالة العرب وجود مادة أطلقوا عليها لازورد في نطاق الواحات الخارجة في الصحراء الغربية. فعلى سبيل المثال، يسجل ابن عبد المنعم الحميري، المتوفى في 900هـ / 1495م، في كتابه «الروض المعطار في خبر الأقطار»، في معرض حديثه عن الواحات التي توجد في الصحراء الغربية المصرية، وجود معدن اللازورد، حيث يذكر: 50 «وفي أرض الواحات الخارجة جبل معترض فيها سامي الذروة، فيه معدن يستخرج منه حجر اللازورد ويحمل إلى أرض مصر فيصرف.» الواقع أن البيئات الجيولوجية المعروفة في نطاق الواحات الداخلة والخارجة لا تشجع إمكانية تكون معدن اللازورد الحقيقي والمكان الوحيد الذي يمكن أن يتكون فيه اللازورد هو منطقة «أبو بيان»، جنوب الواحات الخارجة، حيث تتداخل صخور نارية حامضية مع الصخور الجيرية. في هذا الموضع يمكن أن يتكون اللازورد الحقيقي. وربما يعني اللازورد المقصود في كتابات الرحالة العرب معدنًا أزرق وحسب، وفي هذه الحالة ربما يكون ذلك المعدن هو الـ «لازوليت»، وهو معدن من معادن الفوسفات، لونه أزرق. وهذا يمكن أن يوجد على هيئة جيوب في صخور فوسفات هضبة «أبو طرطور»، التي تقع بين الواحات الداخلة والخارجة. وربما ينطبق هذا الوصف أيضًا على زجاج الداخلة، الذي يوجد بين واحتي الداخلة والخارجة؛ فالرحالة العرب لم يفرقوا كثيرًا بين الواحات الجنوبية. وربما يعني تسمية الخارجة في كتاباتهم البعد عن نهر النيل؛ فالواحات الداخلة التي تبعد أكثر عن الواحات الخارجة من نهر النيل، كانت هي بمثابة الواحات الخارجة. كما أن اللازورد يُعرف أيضًا بمسمى «عوهق»، وهو معدن أو مادة سوداء لها لمعان أزرق. وهذه المادة تشبه الـ «أوبسيديان». وهي قريبة جدًّا من زجاج الداخلة. 51
وربما يكون زجاج الداخلة مصدر المواد الزجاجية الطبيعية، التي استغلت من قبل قدماء المصريين، والتي توجد في عدد من المقتنيات الأثرية؛ إذ يوجد في التماثيل المصرية القديمة قطع زجاجية طبيعية، تشكل عيون التماثيل الكبيرة على وجه الخصوص. وحير مصدر هذه المواد الزجاجية الباحثين فلم يكن يعرف مصدر محدد لها ضمن المواد الطبيعية المعروفة في مصر؛ ومن ثم فقد افترض أنها من صخور «الأوبسيديان» البركانية الزجاجية التي توجد في أثيوبيا، ولا توجد في مصر؛ ومن ثم فقد افترض الباحثون أن المصريين القدماء حصلوا على هذه المواد الزجاجية من مصادر تقع خارج البلاد.
__________________________________________
هوامش
(47) http://www.lpi.usra.edu/meetings/lpsc2007/pdf/1346.pdf
(48) http://www.lpi.usra.edu/meetings/volatiles/pdf/3038.pdf
(49) http://hometown.aol.de/SLVehicles4/DG/DG.htm
(50) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميري، الروض المعطار في خبر الأقطار، تحقيق: إحسان عباس، مكتبة لبنان، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1974، ص601.
(51) Barakat, A. A. (2007): Possible ancient references to Dakhla glass. Meteorite, 13 (4), p. 13-16
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|