أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-25
962
التاريخ: 2024-06-09
699
التاريخ: 2023-05-07
1025
التاريخ: 9-12-2020
1880
|
تطوُّر الصِّراع بين الساعين لإثبات وجود مُحَرِّك أبدي وأولئك الحراس الساعين للحفاظ على مصونية الطاقة في الكون، وحتى الآن فإنَّ الكفة ترجح لصالح الفريق الثاني، ولكن قبل أن ندخل في تفاصيل هذه الملحمة العلمية، يجب أن نفرق بين جملة المصطلحات الآتية: حركة أزلية Eternal movement، وحركة أبدية أو حركة دائمة Perpetual motion ، وذاتي الحركة Automata.
فالحركة الأزلية هي التي لا يكون لها بداية تبدأ منها ولا نهاية تنتهي عندها أما الحركة الأبدية فهي التي بدأت في زمنٍ مُحدَّد ولن تقف في المستقبل، وهي تكافئ بذلك الحركة الدائمة. أما الحركة الذاتية فهي التي تتمتَّع بها بعض الآلات؛ حيث إنها تعمل وفق برامج وخطوات محددة، وقد كانت معظم الآلات التي تُصنع قبل عصر الكهرباء تبرمج ميكانيكيًّا؛ بمعنى تُصمَّم أقراص أو آليات أخرى تُوضَع عليها تعليمات عمل الآلة. وهذا النوع لا يندرج تحت عنوان آلات الحركة الدائمة، وإنما تحت عنوان الآلات الميكانيكية المبرمجة.
البحث في الحركة الدائمة مصطلح عام يُعبر عن هدفين كاملين متميزين؛ البحث في المحرك الدائم، والبحث في الجسم المتحرّك بشكل دائم. والأصعب من هذين الهدفين الكاملين هو البحث في المحرك الدائم. ومثل هذا الهدف هو تصور الطحان الذي لديه كمية مُعيَّنة من الماء في خزانه مستعدة للتدفق من عُلو معين، ويحلم الطحان بجمع مسيرات الحركة العجيبة التي قد تُخوّله بأن يطحن كميةً من الحبوب بقدر ما يريد بدون رفع خزانه بوصة أو إضافة أوزان إضافية إلى كمية الماء الموجودة لديه. 1
الآن يمكننا تعريف المحرك الأبدي على أنه «آلة افتراضية يمكنها أن تقوم بأداء عمل متواصل دون التزود بطاقة، أو تعمل باستمرار على تحويل الطاقة إلى عمل بصورة كلية، أو تُعطي مزيدًا من الطاقة، دون انقطاع، أكثر مما تستهلك.» 2
وعلى هذا؛ فإنَّ المحرك الأبدي هو آلةٌ لا تخضع لقانون بقاء الطاقة الميكانيكية، ولا تتغلب على قانون تقليل الطاقة الميكانيكية. إنه آلةٌ تُباشر عملها بمجرد تركيبه، وهو لا يتطلب أي مصدر آخر من الخارج ليُزوده بالطاقة. 3 ذلك يعني أنَّ هذا المحرك يتحدى قوانين الترموديناميك المعروفة حاليا.
لقد كان المحرّك الأبدي مقترحًا في الميكانيك. لكن الاحتكاكات والتصادمات غير المرنة أدركت بوصفها ذات نتيجة عكس المرغوبة؛ لأنها تمتص العمل وتفني الطاقة الحركية، وكلاهما يُنتج حرارة. 4
من الناحية الميكانيكية؛ يُمكن أن تُوجد ثلاثة أنواع للمُحركات الأبدية؛ فهي إما أن تكون بالأساس تميل نحو مركز الكون، أو قد تكون مُتَّجهة نحو مركز مسار بسيط مثل جريان الماء، أو قد تنجم عن خاصَّةٍ مُعينة مثل حركة الحديد نحو المغناطيس. وعلى ما يبدو، ينبغي أن نلتمس المحرّكات الدائمة في حركتي النوع الأول والثاني. الآن عندما يتم سحب وزن بقوة أكثر أو نعيده على نحو أكثر فعالية ونشاطًا، فهو مُتَّسِق مع طبيعته وحركته الطبيعية، وهذا صحيح، ولكن بدون تحرُّر في السرعة. أمثلة عن هاتين الحركتين نراها في أوزان الساعات. بالنسبة للحركة الدائرية، فإننا نراها بشكل طبيعي في السماء والهواء، والثاني ليس مدفوعا بآلية دائمة الوجود، بالنسبة للأجسام الأخرى، فإنَّ الحركة الدائرية، لديها دائمًا أساسها في الحركة العمودية، وهو ما نجده في الأنهار وبمعدل يصل إلى أن الماء متولد بفعل المصدر فهو يهبط باستمرار على طول منحدر القاع، لكن يتوجب على الحركة أن تكون دائمة، فمن الضروري أنَّ الأجسام التي تمت إزاحتها ووصلت إلى نهاية مسارها من شأنها أن تُعاد إلى مواقعها الأساسية، وذلك بأن يتم حملها فورًا بواسطة زيادة محددة للقوة الحركية. 5
ومن الناحية الترموديناميكية، يمكن أن يُوجد نوعان للمحركات الأبدية:
(1) الذي يُعطِي طاقة بشكل دائم من دون أن يستهلك أية طاقة من الوسط الخارجي، ويُسمَّى بالمحرِّك الأبدي من النوع الأول. وقد وجدنا سابقا، كيف أسهم في تأسيس الترموديناميك عدد من العلماء، وقد صاغوا القانون الأول فيه ليكون بعنوان «مبدأ مصونية الطاقة» الذي يُطبَّق على تحول الحرارة إلى طاقة ميكانيكية وبالعكس. وقد وصفه الكيميائي الألماني فيلهلم أوستفالد W. Oswald (1853-1933م) بأنه مبدأ استحالة الحركة الدائمة من النوع الأول؛ أي إنَّ الآلة التي تُعطينا طاقة من نوع ما لا تكون قد زُوِّدت بها قبلًا بشكل أو بآخر. وبالتأكيد لا يشمل هذا المبدأ جميع الظاهرات الطبيعية. 6
(2) المُحَرِّك الذي يستطيع تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية بشكلٍ كامل، ويُسمى المحرّك الأبدي من النوع الثاني، ولكن القانون الثاني في الترموديناميك ينص على أنه يستحيل صنع آلة تعمل دوريًا ولا تفعل شيئًا سوى أخذ الحرارة من مصدر ورفع ثقل. ومع أنَّ هذه الآلة ممكنة من ناحية المبدأ الأول، إلا أنَّ القانون الثاني يُنكر إمكانية وجودها؛ ولهذا السبب قام أوستفالد بتسمية هذا المبدأ، بمبدأ استحالة الحركة الدائمة من النوع الثاني؛ فبينما يمنحنا المبدأ الأول الأمل بتوليد الطاقة من العدم، يحرمنا المبدأ الثاني من هذا الأمل. 7
البحث عن المحركات الأبدية التي يُؤخذ منها عمل بشكل دائم، مجرد أن تبدأ الآلة بالعمل، كان حُلْم الكثيرين من الميكانيكيين وصُنَّاع الآلات المهرة، وهو أشبه بحلم الخيميائيين بحصولهم على الذهب من الرصاص وغيره من المعادن الرخيصة. مع أنَّ بعضهم كان دجّالاً والآخر مخادع، بحيث جعل من عمله سِرِّيًّا للغاية لا يمكن كشفه لأي شخص كان، إلا أنه كان يضع قريبًا أو خادمًا له ليعمل على تشغيل الآلة، فتبدو أنها أبدية الحركة.
مع كل ما أُهدر من وقتٍ ومال وجهد في سبيل الحصول على المُحَرِّك الأبدي، إلا أن كم التصاميم والأفكار التي وضعت دفع بالآخرين أن يفكروا بطريقة أكثر منطقية وعلمية للحصول على محرّك يمكنه أن يكون مفيدًا في عمله وأدائه.
كما أنَّ عدم جدوى الحصول على المحرّكات الدائمة، إلا أن هؤلاء الباحثين قد قاموا بدور مفيد بجعل الآخرين يصلون إلى قانون حفظ الطاقة. 8 وأوحت تصاميمهم بإمكانية الاستفادة من مصادر جديدة في الطبيعة؛ إذ أصبحت ظاهرة المد والجزر نوعا من الساعات الكونية، وفعلًا وُضعت محطات لها محرّكات تعتمد على المد والجزر على شواطئ البحر الأدرياتيكي وفي بريطانيا، وكان ذلك منذ القرن الحادي عشر، وتم الاستفادة من تلك المحطات طيلة القرون الوسطى، مع وجود صعوبات ناتجة عن التبدلات في ارتفاع المد. يقول الباحث كرومبي Crombie: «في عام 1582م، زودت لندن بالمياه، مضخة دافعة تعمل بوساطة دولاب يحركه المد، أقامه بالقرب من جسر لندن، المهندس الألماني بيتر موريس Morice .P (توي 1588م).» 9
هوامش
1- .Duhem, P., The Origins of statics, Kluwer Academic Publishers, 1991, p. 41
2- الموسوعة العربية العالمية، ج 1، مدخل آلة الحركة الأبدية»، مؤسسة أعمال الموسوعة، الرياض، 2004م.
3- لانداو، ل. وكيتايجورود سكي، أ، الفيزياء للجميع، ترجم بإشراف: داود المنير، ط 3، دار مير، موسكو، 1978م، ص115.
4- .Müller, Ingo, A History of Thermodynamics, p. 24-25
5- .Dugas, Rene, A History of Mechanics, Routledge & Kegan Paul ltd. London, 1957. p. 97
6- فوربس، ر . ج، وديكستر ، إ. ج، تاريخ العلم والتكنولوجيا، ج 2، ص56.
7- فوربس، ر. ج، وديكستر ، إ. ج، تاريخ العلم والتكنولوجيا، ج 2، ص58.
8- لانداو، ل. وكيتايجورود سكي، أ، الفيزياء للجميع، ص118.
9- تويلييه، بيير العالم الصغير، ترجمة: لطيفة ديب غرنوق، سلسلة العلوم 16، منشورات وزارة الثقافة دمشق، 1995م، ص79.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|