أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2016
1653
التاريخ: 2023-04-18
1053
التاريخ: 2023-05-20
804
التاريخ: 2023-05-11
929
|
على الجانب الفرنسي، ناقش رينييه ديكارت عملية الاحتراق في كتابه (العالم) فقال: «إنَّ اللهَب الذي قلتُ عنه سابقًا إن كل أجزائه تتحرك باستمرار ليس سائلًا فحسب، ولكنه يجعل غالبية الأجسام الأخرى سائلة. وعليكم أن تُلاحظوا أنَّ اللهَب عندما يُذيب المعادن لا يفعل بقوة غير التي يفعل بها عندما يُحرق الخشب، ولكن لأنَّ أجزاء المعادن متساوية كلها تقريبًا، فإنَّه لا يستطيع أن يُحرِّك منها جزءًا دون آخر، وهكذا يؤلف منها أجساما سائلة كليًّا، في حين أن أجزاء الخشب غير متساوية بحيث إنَّ اللهب يستطيع أن يفصل صغراها ويجعلها سائلة؛ أي يجعلها تطير دخانًا، دون أن يُحرِّك بذلك الأجزاء الكبرى.» 88
وهنا نلاحظ أن ديكارت لا يُميّز بين «الاحتراق Combustion» و«الإسالة Liquefaction»، حسب رأيه أنه يتم بوساطة عملية الاحتراق فصل الأجزاء اللطيفة في ما عن الأجزاء الكثيفة، مثل الخشب الذي تتحوّل أجزاؤه اللطيفة إلى مادة سائلة جسم في الدخان، وتبقى أجزاؤه الكثيفة صلبة تتحوّل إلى رماد. أما في عملية الإسالة فتتحول كافة أجزاء الجسم إلى مادة سائلة، نظرًا لكونها جميعًا على درجة من اللطافة نفسها مثل الحديد وواضح من هذا التفسير أن ديكارت يبتعد فيه عن النظرية الأرسطية التي أثرت على معاصريه، لكنه كما ذكرنا يخلط بين الاحتراق والإسالة.
ويتابع ديكارت قائلًا: «لكن يمكنكم أن تسألوني في هذا الموضع أنه إذا كانت حركة أجزاء اللهب وحدها هي التي تجعله يُحرق وتجعله سائلا، فلماذا نرى حركة أجزاء الهواء التي تجعله سائلًا إلى أقصى الحدود، لا تُعطيه مع ذلك القدرة على الإحراق، بل تجعل على العكس، أيدينا غير قادرة تقريبًا على الإحساس به؟ فأجيب عن ذلك أنه ينبغي ألا نحصر اهتمامنا بسرعة الحركة وحسب، بل وبضخامة الأجزاء كذلك، فالأجزاء الأكثر صغرًا هي التي تصنع الأجسام الأكثر سيولة، والأجزاء الأكثر ضخامة هي التي تمتلك من القوة مقدارًا أكبر لإحراق الأجسام الأخرى، والفعل فيها على العموم.» 89
ويقصد بكلامه هذا أن النار مادة سائلة تشتمل على أجزاء صغيرة وأخرى أكبر حجما، وما يمنح قدرة اللهب على الإحراق هي الأجزاء الكبيرة. ويضع ديكارت شرطًا آخر إضافة لشرط وجود الأجزاء الكبيرة هو سرعة حركتها؛ فالهواء ليس لديه القدرة على الإحراق لأنه لا يملك أجزاءً ضخمة وسريعة الحركة إلى درجة تمكنه من القدرة على الإحراق، بخلاف النار والأحماض التي تملكها.
أما عن سبب القدرة على الإحراق فيرى ديكارت أنَّ اللهَب يتخلل أجزاءً أصغر من أجزاء الهواء؛ كون هذا اللهب لديه القدرة على أن يتغلغل من خلال عدد من الأجسام ذات المسام الشديدة الضيق التي لا يستطيع الهواء نفسه أن يخترقها، وأن تتخلله أجزاء أضخم أو مماثلة في ضخامتها لأجزاء الهواء ولكن بعدَدٍ أكبر، هذا ما نراه بوضوح في كون الهواء وحده لا يكفي لتغذيته. وتتحرّك هذه الأجزاء بسرعة أشد، هذا ما نستفيده من عنف حركتها، وأخيرًا تكون أضخم هذه الأجزاء لا غيرها لها القدرة على الإحراق، والدليل على ذلك فإن اللهب الذي يخرج من ماء الحياة، أو من الأجسام الأخرى الشديدة اللطافة، لا يكاد يُحرق البتة، أما ذاك الذي يتولد في الأجسام الصلبة والثقيلة فهو على العكس شديد الإحراق. 90
______________________________________________________
هوامش
88- ديكارت رينييه العالم أو كتاب النور، ص 60.
89- ديكارت رينييه، العالم أو كتاب النور، ص 61.
90- المرجع السابق نفسه, ص62.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|