القيمة الغذائية والطبية للتمر ... ومقارنة النخل بالإنسان

يقول ابن سينا عن النخلة « ان طبعها بارد يابس في الثانية ، والبسر أقعص من القسب « التمر اليابس » ، وقال أيضا : والبلح يفرز البول ... وقد ذكر ابن الوردي عن النخيل ما يلي:

النخل هو أول شجرة استقرت على وجه الارض وهي شجرة مباركة لا توجد في كل مكان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « أكرموا عماتكم النخل » وانما سميت عمتنا لأنها خلقت من فضلة طينة آدم عليه السلام ، ولأنها تشبه الانسان من حيث استقامة قدها، وطول وامتياز ذكرها من بين الإناث ، واختصاصها باللقاح ورائحة طلعها كرائحة المني ، ولطلبها غلاف كالمشيمة التي يكون الولد فيها ، واذا قطع رأسها ماتت، ولو أصاب جمارها آفة هلكت.

والجمارة من النخلة كالمخ من الانسان، وعليها الليف كشعر الانسان، وإذا تقاربت ذكورها واناثها حملت حملا كثيرا، ومن أمراضها سقوط الثمر بعد الحمل، وان الذكر هو الذي يحدد الجنس، وأنها كالإنسان ثنائية الجنس فيها المذكر والمؤنث.

وقد ذكر عن القيمة الطبية للتمر، بأنه من أكثر الثمار تغذية للجسم ، وأكله على الريق يقتل الدود ، فانه مع مرارته فيه قوة ترياقيه ، فاذا اديم استعماله على الريق خفف مادة الدود واضعفه ، وقلله أو قتله ، وهو فاكهة وغذاء ودواء وشراب وحلوى.

كما ثبت عن فائدة البسر بانه يحبس البطن، وينفع اللثة والفم، وأنفعه ما كان هشا وحلوا وكثرة أكله وأكل البلح يحدث السدد في الاحشاء.

أما عن فائدة الرطب، فهو حار رطب يقوي المعدة الباردة ويوافقها ويزيد في الباه، ويخصب البدن ويوافق أصحاب الامزجة الباردة.

أما عن التركيب الكيميائي لثمار التمر فهي تختلف حسب درجات نموها وتطورها وقابليتها للأكل وحسب صنفها، فمن النخيل أصناف رطبة وأخرى نصف جافة وثالثة جافة أو يابسة.

فالرطوبة تحدد قوام الثمرة وهي المقياس الذي تصنف عليه التمور وتبلغ أقصى حد لها عندما تكون الثمرة في دور النمو السريع خاصة عندما تتغير من مرحلة الكمري الى مرحلة البسر ( الخلال ) وتتناقص نسبة الماء سريعا عندما تبدأ الثمار بالأرطاب اذ تناقصت نسبة الماء عن 46٫5 % الى 38.2 % وأخيرا الى 27,6 % عندما عم الأرطاب كافة الثمرة من صنف ( دقلة نور ).

أما السكريات: فتعتبر من أهم المركبات في التمور إذ تمثل أكثر من 70 % من الوزن الجاف للتمور المنزوعة النوى، ويوجد السكر في التمور على شكلين سكروز وهو سكر ثنائي غير مختزل، وسكريات أحادية مختزلة نتيجة لنشاط أنزيم الانفرتير الذي تحتويه التمور ، وان نسبة السكر المختزل الموجود في ثمار النخيل هو عبارة عن خليط من نسب متعادلة من جزيئات الجلوكوز والفركتوز وبمقارنة حلاوة السكريات لبعضها تبين أن حلاوة الجلوكوز توازي 66 % من حلاوة السكروز، أما الفركتوز فانه أكثر حلاوة من السكروز . وقد تبين من الابحاث الخاصة بنسب هذه السكريات لبعضها في الاصناف الطرية ونصف الجافة والجافة ما يلي:

1- التمور الرطبة : ان غالبية سكرياتها من السكر المختزل 75 - 82 %.

2- التمور نصف الجافة: تحتوي ثمارها على نسب متفاوتة من السكريات الثنائية والاحادية، فقد كانت نسبة السكروز ما بين 7 - 35 % بينما كانت نسبة السكريات المختزلة 40 - 70 %.

3- التمور الجافة : وتحوي ثمارها على نسبة عالية من السكروز 27 - 60٪ قد تفوق أحيانا نسبة السكريات المختزلة 16 - 54 %.

وعلى علاقة بالموضوع نفسه، فان نسبة الرطوبة في الثمار تعتبر عاملا هاما في تحديد نوعية الثمار وأن هناك علاقة بين كمية السكر ونوعيته وبين صلابة الثمار أو قوامها.

ويتضح من هذا الجدول بأن التمور الطرية أو الرطبة تزيد نسبة رطوبتها عن 25 % وتحتوي على سكر معظمه من النوع المختزل ونسبة ضئيلة من السكروز أما في التمور نصف الجافة فتتراوح نسبة الرطوبة فيها من 20 - 25٪ وتحوي ثمارها على نسبة تكاد تكون متساوية من السكر المختزل والسكروز، بينما تحتوي التمور الجافة على نسبة رطوبة أقل من 20٪ كما تسود نسبة السكروز على السكر المختزل.

الالياف: تشتمل جدران الخلايا التي تتكون منها ثمار البلح على مادة سيللوزية غير قابلة للذوبان وان تكون هذه المادة يبدأ في وقت تضخم الخلايا وذلك عند فترة الزيادة السريعة في الوزن الطري للثمرة. أما النواة فان معظمها يتكون من مادة الاندوسبرم ( السويداء ) وتتركب جذر خلاياها من مادة الهيميسيللوز وهي مادة كربوهيدراتية معقدة تختلف عن السيللوز في كونها سريعة التحول الى جلوكوز بفعل أنزيم خاص يتحرر من الجنين عند بدء النمو.

وتختلف نسبة الألياف في التمور اختلافا كبيرا تبعا للصنف والظروف البيئية 0.48 % الى 2,9 %.

النشا: بالرغم من وجود النشا في معظم الثمار الا انه لم يثبت وجوده ضمن مكونات الثمرة.

الحموضة: ان أعلى نسبة للحموضة كانت في مرحلة الكمري ثم تتناقص تدريجيا حتى تصل الى أدناها في مرحلة الرطب. أما عصير التمر « الدبس » فهو قليل الحموضة جدا وقد يميل الى القلوية. وقد ازدادت الحموضة من pH 9. 5 الى pH 5.1 من منتصف أيار الى منتصف حزيران، ثم بدأ التناقص التدريجي للحموضة حتى بلغت 6,07 في مرحلة الرطب. وكلما زادت الحموضة في الثمار كلما انخفضت نوعيتها.

الاحماض الأمينية : تحتوي التمور على كثير من الاحماض الأمينية الهامة ومن أهمها الجلوتاميك، والاسبارتيك والجلايسين والسيرين (في اللب والنواة) بينما الاحماض الليسين والارجنين والتريبتوفان فأنها توجد بنسب كبيرة في اللب وبنسب قليلة في النواة ، وتعتبر ثمار التمور عامة من أغنى المصادر في الحمض الأميني النادر البيبكوليك.

البروتين: يحتوي لب ثمار النخيل على نسبة قليلة من البروتين تختلف باختلاف الاصناف وأطوار النمو ودرجات النضج فقد كانت نسبة البروتين في لب الثمرة 7 1٫ - 2,95٪ من الوزن الطازج بينما تبلغ نسبة البروتين 5,22 % من الوزن الطازج للنواة.

الدهون: تحتوي ثمار النخيل على نسبة متدنية من الدهون، وتوجد معظمها على قشرة الثمار بشكل شمع.

المواد البكتينية: تتراكم المواد البكتينية خلال فترة نمو الثمار حيث يتراكم جميع البروتو بكتين خلال فترة التزايد السريع في نمو الثمرة ويبلغ أقصاه عند بداية تراكم السكر في الثمار، ثم يتناقص بتقدم الثمرة في العمر بحيث يتراكم البكتين الذائب خلال جميع أدوار نمو الثمرة بصورة منتظمة حتى طور الرطبة وقد لوحظ أن كمية المواد البكتينية تصل الى أقصى حد لها في طور الكمري ثم تتناقص بعد ذلك سريعا اذ تتناقص من 6.7% في طور الكمري الى 2٫3٪ في طور الرطب.

المادة القابضة أو التانيين: يلاحظ وجود الطعم القابض أثناء نمو الثمار وقبل نضجها، ويتغير هذا الطعم تدريجيا بتقدم الثمار في النضج، بحيث يصبح طعمها حلوا خاليا من المذاق القابض عندما تصل الى طور الرطب، ويعزى هذا الطعم القابض الى المادة التانينية التي تحتويها الثمار في أطوار نموها المبكرة الا أن بعض أصناف قليلة من التمور تكاد تكون خالية من المادة القابضة طور الكمري مثل صنف حلوة المدينة بالسعودية، وزغلول في مصر، وشيراني في العراق.

وعندما تتعذى الثمار الطور الكمري وتفقد لونها الاخضر وتتحول إلى اللون المميز للصنف، يبدأ ترسب المادة التانينية في الخلايا الكائنة تحت قشرة الثمرة الى حبيبات غير قابلة للذوبان ويختفي المذاق العقصي. ويعتقد بأن ترسب التانيين يعود الى فعل افرازات أنزيمية. ويذكر بعض الباحثين ان التمر يحتوي على كميات لا بأس بها من الفينولات المركبة المسماة عادة بالتانيين ووجد أن لهذه الفينولات المركبة تأثير على لون وقوام وطعم الفواكه والخضر.

المواد الملونة للثمار: يظهر اللون المميز للصنف دائما في طور اكتمال النمو ( البسر ) وتنحصر هذه الالوان غالبا في اللون الاصفر أو الاحمر أو البرتقالي، ويقول الباحث «ريج » بأن اللون الاصفر المميز لصنف البرحي هو الفلافون أو الفلافونول . واللون الاحمر المميز لصنف دقلة نور هو الانثوسيانين ومع أن الكاروتين (الاصفر البرتقالي) يكون ممتزجا مع الكلوروفيل الاخضر في طور الكمري الا ان الكثير منه يفقد عند نضج الثمرة.

الفيتامينات : يعتبر التمر من الثمار الغنية في نسبة فيتامين A والمتوسطة في نسبة الفيتامينات B1, B2 , B7, ويحتوي على نسبة قليلة من فيتامين C.

الاملاح المعدنية : ( المركبات غير العضوية ) : يعتبر التمر من المواد الغذائية الهامة التي تحتوي على مصدر جيد للأملاح المعدنية خاصة البوتاسيوم والكلور ويليهما الكالسيوم كما توجد مقادير مناسبة من الفوسفور والمغنيسيوم والكبريت والصوديوم والنحاس . وتستمر هذه المركبات بالزيادة بمعدل منتظم تقريبا خلال موسم نمو الثمار.

السعرات الحرارية: تعتبر ثمار التمر من الثمار الغنية بالمواد السكرية التي يتكون منها معظم لب التمر، كما أنه غني بالأملاح المعدنية وبعض الفيتامينات الأمر الذي يرفع من قيمته الحرارية.

وفيما يلي التركيب الكيميائي لما تحتويه ثمار النخيل من المكونات التي ذكرت اعلاه:

التركيب الكيميائي لثمار النخيل