المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6253 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الهندســـة الوراثيـــــة
11-1-2016
الروايات الاسلامية لا تتفق مع المسح على القدمين
12-1-2017
الشك في الحاجب
11-12-2016
تفسير الآيات (78-79) من سورة النساء
13-2-2017
Mahler Polynomial
19-9-2019
أنواع الجيران
2024-08-28


توحيد الله تعالى.  
  
1282   01:51 صباحاً   التاريخ: 2023-04-26
المؤلف : الحسن بن أبي الحسن محمد الديلميّ.
الكتاب أو المصدر : إرشاد القلوب
الجزء والصفحة : ج1، ص 320 ـ 329.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-3-2021 3060
التاريخ: 30-9-2021 2294
التاريخ: 13-2-2021 1706
التاريخ: 2023-04-21 1352

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): "إنّ القول بأنّ الله تعالى واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها يجوزان على الله، ووجهان لا يجوزان، فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: واحد، يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز على الله تعالى، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد. أما ترى انّ الله تعالى كفّر من قال ثالث ثلاثة، وكذا قول القائل: واحد، يريد النوع من الجنس، فهذا لا يجوز عليه لأنّه تشبيه، تعالى الله عن ذلك [علوّاً كبيراً]" (1).

وأمّا الوجهان اللذان يثبتان له، فقول القائل: هو واحد يعني ليس في الأشياء له مثل ولا شبه (2)، وكذا قول القائل انّه واحد بمعنى انّه أحديّ المعنى، أي لا ينقسم في عقل ولا وجود ولا وهم (3).

وقال رجل للصادق جعفر بن محمد (عليه السلام): "أيّ شيء تعبد؟ فقال: الله، فقال: هل رأيته؟ فقال: لم تره العيون بمشاهدة العيان، ورأته القلوب بحقائق الايمان، لا يعرف بالقياس، ولا يشبّه بالناس، موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه، ذلك الله لا إله إلاّ هو ربّي عليه توكّلت وإليه اُنيب" (4).

وقال له رجل: "يا أبا عبد الله أخبرني عن الله متى كان، فقال له: ويلك أخبرني أنت عن الله متى لم يكن حتّى اُخبرك متى كان" (5).

وقال له آخر: لم يزل الله تعالى يعلم ويسمع ويبصر؟ فقال: ذات الله تعالى علامة سميعة بصيرة (6). (7)

وسأله رجل فقال: "قوله تعالى: {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه: 81] ما هذا الغضب؟ فقال: العقاب، يا هذا من زعم انّ الله زال من شيء إلى شيء فقد وصفه بصفة المخلوق، وإنّ الله تعالى لا يغيّره شيء ولا يشبهه شيء، وكلّما وقع في الوهم فهو بخلافه" (8).

وقال ذعلب اليماني لأمير المؤمنين (عليه السلام): "هل رأيت ربّك؟ فقال له: أفأعبد من لا أراه، فقال: فكيف تراه؟ قال: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان، قريب من الأشياء من غير ملامسة، بعيد منها من غير مباينة، متكلّم بلا رؤية، مريد بلا همّة، صانع بلا حاجة. لطيف لا يوصف بالخفاء، بصير لا يوصف بالحاسّة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنوا الوجوه لعظمته، وتوجل القلوب من مخافته، الذي لم يسبق له حال حالا، فيكون أوّلا قبل أن يكون آخراً، ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً. كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل، وكلّ عزيز غيره ذليل، وكلّ قويّ غيره ضعيف، وكلّ مالك غيره مملوك، وكلّ عالم غيره متعلّم، وكلّ قادر غيره عاجز، وكلّ سميع غيره أصمّ عن لطيف الأصوات ويصمّه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها، وكلّ بصير غيره يعمى عن خفيّ الألوان ولطيف الأجسام، وكلّ ظاهر غيره غير باطن، وكلّ باطن غيره غير ظاهر. لم يخلق ما خلقه لتسديد سلطان، ولا تخوّف من عواقب زمان، ولا استعانة على يد مشاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر، ولكن خلائق مربوبون وعباد آخرون، لم يحلل في الأشياء فيقال: هو فيها كائن، ولا بناء عنها فيقال: هو منها بائن. لم يؤده خلق ما خلق، ولا تدبير ما برأ وذرأ، ولا وقف به عجز ممّا خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قدّر وقضى، بل قضاءٌ متين (9)، وعلم محكم، وأمر مبرم، المأمون من النقم، المرهوب مع النعم" (10).

وقال له آخر: "أخبرنا يا أمير المؤمنين بما عرفت ربّك؟ قال: بفسخ العزم ونقض الهمم، لما هممت فحال بيني وبين همّي، وعزمت فخالف القضاء عزمي، علمت انّ المدبّر لي غيري.

قال: فيما ذا شكرت نعماه؟ قال: نظرت إلى بلاء قد صرفه عنّي وبلى به غيري، واحسان شملني به، فعلمت أن قد أحسن إليّ وأنعم عليّ فشكرته، قال: فيما ذا أحببت لقاءه؟ قال: رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله، فعلمت انّه قد أكرمني واختار لي دار كرامته، فاشتقت إلى لقائه" (11).

وقال (عليه السلام): "مَن عبد الله بالوهم أن يكون صورة أو جسماً فقد كفر، ومن عبد الاسم دون المعنى فقد عبد غير الله، ومن عبد المعنى دون الاسم فقد دلّ على غائب، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى بوقوع الاسم عليه فعقد به قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته فذلك ديني ودين آبائي" (12).

وبالإسناد إلى الصادق (عليه السلام) انّ رجلا سأله فقال: "يا ابن رسول الله دلّني على الله ما هو فقد أكثر عليّ المجادلون وحيّروني، فقال له: يا عبد الله هل ركبت سفينة قط؟ قال: نعم، قال: فهل كسرت بك حيث لا سفينة تنجيك ولا سباحة تغنيك؟ قال: نعم.

قال: فهل تعلّق قلبك هنالك انّ شيئاً من الأشياء قادر على أن يخلّصك من ورطتك؟ قال: نعم، قال الصادق عليه السلام: فذلك الشيء هو الله تعالى، القادر على الانجاء حيث لا منجي، وعلى الاغاثة حيث لا مغيث" (13).

وجاء في تفسير قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] أي ما عرفوه حقّ معرفته، ولا عظّموه حقّ عظمته، ولا عبدوه حقّ عبادته.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصيّته لولده الحسن (عليه السلام): إنّ ربّك أعظم أن يثبت ربوبيّته بإحاطة سمع أو بصر"(14).

وكان (عليه السلام) إذا بالغ في التحميد يقول: "سبحان من إذا تناهت العقول في وصفه كانت حائرة دون الوصول إليه، وتبارك من إذا عرفت الفطن في تكيّفه لم يكن لها طريق إليه غير الدلالة عليه، وكفى قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

قال مصنّف الكتاب رحمة الله عليه: دواء القلوب في سبعة أشياء: التفكّر في طريق السلامة، وتدبر أدلّة العقل، وترك الهوى، وقراءة القرآن المجيد بالتدبّر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرّع في السحر، ومجالسة العلماء الصالحين. ومن ألزم نفسه آداب الكتاب العزيز، والعلم بمعانيه، والعمل به وبسنّة نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله)، وسنن الأئمة من أهل بيته عليهم السلام نوّر الله قلبه بنور الايمان، ومكّن له بالبرهان، وجعل وجهه وفعله وقوله شاهد الحق، كما قال بعضهم [ممثّلا في ذلك]: (15)

وقَلَّ مَنْ ضمنَتْ خيراً طويّتُهُ *** إلاّ وفي وجهِهِ للخَير عُنوانُ

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "إنّ من دعامة البيت أساسه، ودعامة الدينا لمعرفة بالله تعالى واليقين بتوحيده والعقل القامع، فقالوا: وما العقل القامع يا رسول الله؟ قال: الكف عن المعاصي، والحرص على طاعة الله، والشكر على جميل (16) احسانه وانعامه وحسن بلائه.

ومن علامات المعرفة بالله شدّة الخوف منه والهيبة له، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28] وذلك لمشاهدتهم له في أسرار قلوبهم، ومعرفتهم انّه تعالى مشاهد لهم، كما قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4].

فكلّما ازدادت معرفة العبد لربّه ازدادت مخافته منه ومهابته له، وكذلك أعرف أعوان السلطان به أهيبهم له وأخوفهم منه، ومثال ذلك مثال رجلين دخلا داراً عرف أحدهما انّ المالك واقف على بعضها (17) يشرف عليه، فأحسن أدبه ولم يحدث أمراً مستنكراً، والآخر لم يعرف اشرافه عليه فأساء أدبه، وفعل ما لا يليق أن يفعل بحضرة المالك.

وكذلك العارف بالله، فإنّه مشاهده في كلّ حالاته وأسراره، فهو معه متأدّب ومنه خائف وله مراقب، والجاهل بالله خارج من هذه الحالة، راكب للجهالة، ولهذا نقول: إن كان العاصي حين يواقع المعصية يعتقد انّ الله تعالى يراه فإنّه لجاهل حيث جعله أهون الناظرين، وإن كان يعتقد انّه لا يراه فإنّه لكافر، فكلا الأمرين خطر عظيم واثم جسيم، ولا شك انّ المعرفة توجب الخوف والحياء. ومن علامات العارف أن يكون خاطره فارغاً من علق الدنيا ومهامّها، مشغولا بأخطار الآخرة وأهوالها، والعارف لا يأسف على شيء فات إلاّ على ما فات من ذكر الله، فإنّه أبداً لا يرى إلاّ الله فلا يأسف على شيء مع الله، لأنّه يرى ما سوى الله بعين الفناء والزوال فكيف ينظر إلى شيء فان زائل، كما قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] يعني إلاّ ذاته سبحانه.

والعارف لا يخرج من الدنيا متأسّفاً إلاّ على قلّة بكائه على ذنبه وتقصيره في ثنائه على ربّه، ولكلّ شيء ثمرة وثمرة المعرفة الهيبة والمخافة والانس، ولكلّ شيء عقوبة وعقوبة العارف فتوره عن الذكر وغفلته عن الفكر، ومن علامات المعرفة شدّة المحبّة لله، وإذا اشتدّت محبّة العارف بالله كان الله له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيّداً.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إنّ الله إذا أحبّ عبداً قال لجبرئيل: إنّي اُحبّ فلاناً فأحبّوه (18)، ويوضع له القبول في الأرض، والمحبّة حالة شريفة كما أثنى الله تعالى بها على قوم فقال: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ومحبّة الله للعبيد سبوغ نعمه عليهم في الدنيا مع طاعتهم له، واثابته لهم في الآخرة.

وأمّا انعامه على الكفّار والعصاة فإنّما هو املاء لهم واستدراج لم يصدر عن محبّة، كما قال تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [آل عمران: 178] وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] وقال سبحانه: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: 55، 56] ومحبّة الله تعالى لأهل طاعته ارادة نفعهم وثوابهم، وتسمّى هذه المحبّة رحمة منه وثناء على العبيد، كما انّ ذمّه لمن غضب عليه بغض له، ولقد ذهب المحبّون لله تعالى بشرف الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وآله: المرء مع من أحبّ (19)، وأيّ منزلة أشرف، ودرجة أعلى ممّن يكون مع الله؟! وليس بصادق من ادّعى محبّة الله ولم يحفظ حدوده.

ومن علامات محبّة العبد لله تعالى أن لا ينسى ذكره، وذلك انّ من أحبّ حبيباً تولّه بذكره يقظة ومناماً، ولقد أحسن من قال:

عجبت لمن يقول ذكرت ربّي *** وهل أنسى فأذكر اذ (20) نسيت

شربت الحبّ كأساً بعد كأس *** فما نفذ الشراب وما رويت

وإذا تردّد العبد بين الشوق إلى لقاء الله تعالى وبين البقاء رغبة في عبادته،

يوكّل الأمر إلى الله ويقول: يا ربّ اختر لي أحد الأمرين إليك.

وروي انّ داود عليه السلام خرج مصحراً متفرّداً، فأوحى الله إليه: يا داود ما لي أراك وحدانياً؟ فقال: الهي اشتدّ الشوق منّي إلى لقائك فحال بيني وبينك خلقك، فأوحى الله إليه: ارجع إليهم فإنّك إن تأتيني بعبد آبق اُثبتك في اللوح حميداً (21). (22)

وينبغي أن يكون يتمنّى الموت في حالة الراحة والنعمة والعافية، كيوسف لمّا اُلقي في الجبّ لم يقل توفّني، ولا في السجن قال توفّني، فلمّا دخل عليه أبواه وخرّوا له سجّداً، وكان أعظم مسرّة بلقاء الأحبّة، وتمام الملك وكمال النعمة قال: توفّني مسلماً.

وروي انّ شعيباً (عليه السلام) بكى حتّى عمي، فردّ الله تعالى عليه بصره، ثمّ بكى حتّى عمي، فردّ الله عليه بصره، ثمّ بكى حتّى عمي فردّ الله تعالى عليه بصره، ثمّ بكى حتّى عمي فأوحى الله إليه: يا شعيب إن كان هذا البكاء لأجل الجنّة فقد أبحتها لك، وإن كان من أجل النار فقد حرّمتها عليك. فقال: لا بل شوقاً إليك، فقال الله تعالى: لأجل هذا أخدمتك كليمي موسى عشر سنين، ومن اشتاق إلى الله اشتاق إليه كلّ شيء (23).

وروي انّ الله تعالى أنزل في بعض كتبه: "عبدي أنا وحقّي لك محبّ، فبحقّي عليك كن لي محبّاً".

والمحبّة تهيّج الشوق إلى لقاء الله تعالى، وتبعث على العمل الصالح لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] وممّا يستدلّ به على معرفة الله تعالى أيضاً انّه لابدّ للعالم من صانع لأنّه لا يجوز أن يجتمع ألواح السفينة ومساميرها وقيرها مع بعضها ببعض بغير جامع ولا مؤلّف، ولا تعبر الناس فيها بغير ملاّح ولا معبر ولا مدبّر لها، ولا تمتلئ السفينة من نفسها متاعاً ثمّ تصعد وتنحدر في البلاد من غير مدبّر لها.

وإذا كان ذلك مستحيلا في العقول كان ذلك في وجود هذا العالم العظيم أشدّ امتناعاً، وما رأينا أيضاً دولاباً يدور بغير مدير، ولا رحاً تطحن بغير طاحن، ولا سراجاً بغير مسرج، فأيّ سراج أعظم من نور الشمس والقمر يضيئان لأهل السماوات والأرض، وأهل المشارق والمغارب.

وأيّ دولاب أعظم من هذه الأفلاك التي تقطع في اليوم الواحد والليلة الواحدة اُلوفاً من السنين بشمسها وقمرها ونجومها، تراها عياناً من غير مخبر يخبرك عنها، كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} [الرعد: 2] وأشار بذلك إلى أنّها آية عظيمة تدلّ على عظم صانعها، ومحكم تدبيره، وواسع قدرته.

وقال تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]. وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] والآيات في ذلك كثيرة، ولابدّ لها من صانع ومدبّر حكيم، فتفكّروا واعتبروا تجدوا دلالات توحيده أضوأ من الشمس، وأنور من القمر.

وكلّ من وصفه بتحديد فهو ملحد، ومن أشار إليه في جهة فهو كافر، ومن تصوّره فهو ضالّ، ومن شبّهه فهو جاحد، وكلّما ميزتموه بأوهامكم وأدركتموه ممثلا في نفوسكم، ومصوّراً في أذهانكم فهو محدث مصنوع مثلكم، فالعارف به هو الموحد له برفع هذه الأسباب المستحيلة عليه. وممّا يستدلّ به على توحيد الله تعالى وعظم قدرته أمر الفيل وأصحابه، الذين أخبر الله تعالى عنهم وما أصابهم ممّا ليس لأحد فيه حيلة بوجه من الوجوه، ولا إلى انكاره سبيل لاشتهاره، فإنّه لا يجوز أن يقول النبي صلى الله عليه وآله لقريش في وجوههم مع كثرة عنادهم، وردّهم عليه: {ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل} وقصّ عليهم قصصهم وما نزل بهم من العذاب، إلاّ بعد أن رأوها وشاهدها كثير منهم.

وليس من الطبائع والعادات التي تحتج بها الملاحدة ما يوجب قصة أصحاب الفيل، ولا علم في العادات قبلها، ولا وقع في الآثار نظيرها، وهو أن يجيء طير كثير وفي منقار كلّ واحد حجر يرسله على رأس كلّ واحد من مائة ألف، فيخرج من دبره حتّى يعود كالعصف المأكول.

وكذلك كان في كلّ رِجْل من أَرْجُلِ الطير حجر يلقيه على رأس كلّ واحد من أصحاب الفيل فيخرج من دبره، فيهلكهم جميعاً دون أهل الأرض، وهذا لا يكون إلاّ من صانع حكيم عظيم، وليس ذلك إلاّ من ربّ العالمين جلّ جلاله، وتقدّست أسماؤه، ولا إله إلاّ هو الرحمن الرحيم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  أثبتناه من "ج".
  2. في "ج": مثيل ولا شبيه.
  3. التوحيد للصدوق: 83 ح3; ومعاني الأخبار: 5 ح1; والبحار 3: 206 ح1.
  4. التوحيد للصدوق: 108 ح5; عنه البحار 4: 26 ح1 عن أبي جعفر عليه السلام.
  5. التوحيد للصدوق: 173 ح1; الاحتجاج 2: 166 ح194; عنه البحار 3: 284 ح3.
  6. في "ب": علامة لسمعه وبصره.
  7. التوحيد للصدوق: 139 ضمن حديث 2; عنه البحار 4: 72 ضمن حديث 19.
  8. التوحيد للصدوق: 168 ح1; عنه البحار 4: 64 ح5 باختلاف.
  9. في "ب": و "ج": متقت.
  10. نهج البلاغة: الخطبة 65; وفي أعلام الدين: 65.
  11. التوحيد للصدوق: 288 ح6; الخصال: 33 ح1 باب 2; عنه البحار 3: 42 ح17.
  12. البحار 4: 165 ح7 عن توحيد الصدوق، باختلاف; وأورده المصنّف رحمه الله في كتابه أعلام الدين: 67.
  13. معاني الأخبار: 4 باب معنى الله عز وجل; عنه البحار 3: 41 ح16.
  14. نهج البلاغة: الكتاب 31; البحار 4: 317 ح41.
  15. أثبتناه من "ب".
  16. في "ب": جميع.
  17. في "ب" و "ج": بابها.
  18. البحار 71: 372 ح5 عن نوادر الراوندي، نحوه.
  19. أمالي الطوسي: 621 ح17 مجلس 29; عنه البحار 68: 70 ح128.
  20. في "ب": إن.
  21. في "ج": جميلا.
  22. عنه البحار 14: 40 ح26.
  23. البحار 12: 380 ح1 عن علل الشرائع، بتفصيل أكثر.

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.