أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-31
2210
التاريخ: 2024-09-22
266
التاريخ: 2023-04-13
1464
التاريخ: 2024-06-27
679
|
إن صاحب مفاتيح نظام الخلقة هو الله تعالى، وإن للمفتاح حركتين باتجاهين: فبحركة واحدة تفتح الباب، وبالثانية تقفل. ففي الآية {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ...} [البقرة: 50] يقول الله سبحانه وتعالى: إن مفتاح البحر هو بأيدينا وقد حركناه بواسطة موسى الكليم ؛ فقد أمرناه أن يضرب بعصاه البحر كي تشق طريق بل طرق متعددة يابسة في وسط البحر فتعبرون أنتم من خلالها، ويُستدرج الفرعونيون إلى وسط البحر حينما يتعقبونكم. وعندئذ نحرك مفتاح البحر بالاتجاه المعاكس لنظهر وجهه الآخر فتلتقي أمواج الماء ببعضها: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78] فيغرق آل فرعون في قعر اليم. على أي حال فإن المصنع الإلهي يُدار بنظم خاص وإن صاحب الله ليس غير: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59]، {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 63] هذه المفاتيح والمقاليد لا تكون "مفتاحاً، وفرجاً إلا للمؤمنين، أما بالنسبة للكافرين فهي - باستمرار - "مغلاق" وقفل. فالبحر المتصل ينفصل من أجل حفظ الدين فينجو به المؤمنون، والبحر المنفصل يتصل لمحق الكفر فيغرق به الكافرون وهكذا هو أمر الله عز وجل فهو من خلال {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] يحل مسائل الكون، ولما كانت المفاتح في يده هو ، فليس لغيره غلق باب الرحمة التي يفتحها هو: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2]، كما أنه تعالى إذا أوصد باب الرحمة بوجه البعض فليس بمستطاع أحد فتحها.
هذا الشق لا يختص باليم ونجاة بني إسرائيل، بل إنه عز من قائل يقول أيضاً بخصوص انشقاق قمر السماء {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] ، كما ويقول في انشقاق الأرض وهوي قارون إلى أعماقها ما نصه: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ} [القصص: 81]، أي إن مفاتيح الصحراء والفضاء والهواء كلها بيد الله؛ كما أن مفاتح النار: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] ، ومفاتح الريح {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص: 36] هي الأخرى تحت تصرفه فما من شيء في الكون مستقل في مقابل الله سبحانه ليتفرد بالرأي؛ فعصا موسى الكليم لم تكن عصاً إلا بأمر الله عز وجل فإن شاء هو تعالى، لحولها إلى ثعبان. من هذا المنطلق فإنه لما سأل الباري جلّ وعلا موسى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} [طه: 17]
فأجابه : {هِيَ عَصَايَ...} [طه: 18] نرى أن الله قال له ضمنياً: لا تقل هي عصاً، بل قل هي ما تريده أنت؛ فإن أردتها عصاً، كانت عصاً، وإن شئت أن تكون أفعى، كانت كذلك. ومن أجل ذلك قال له: {أَلْقِهَا} [طه: 19] ليعلم هل إنها عصاً أم شيء آخر.
بعد أن أدرك موسى (عليه السلام) هذه الحقيقة هدأ روعه وزال عنه الخوف والخشية مما سوى الله، وإذا كان قد قيل لموسى في مطلع نبوته: {لَا تَخَفْ} [هود: 70] فإنه في قضية نجاة بني إسرائيل بعد أن بعث للنبوة وتعرف على الحقيقة المذكورة قد جاءه الخطاب: إنّك لا تخاف"؛ {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: 77] (1) ؛ أي لقد بلغت مقاماً آمناً مطمئناً.
من أجل ذلك فحينما رأى أصحاب موسى أن البحر من قدامهم وجنود فرعون يتعقبونهم من خلفهم وقالوا: سيدركوننا عن قريب؛ {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]، أجابهم موسى الكليم بحزم وطمأنينة كاملة {كلا} إنهم لن يصلوا إلينا مطلقاً، هذا الطرد والردع من قبله قال مستخدماً حرف التأكيد وبصورة الجملة الاسمية: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، فمن المؤكد أن ربي، وهو صاحب مفاتيح نظام الوجود هو معي. بالطبع هذه المعيّة الخاصة هي غير المعيّة القيومية المطلقة التي تمتاز بالعمومية والشمول. فالمقصود بالمعيّة هنا هي معية العناية، والنصرة، والإمداد الإلهي الخاص.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. إلا أن يُقال: إن سياق الآية - بالالتفات إلى الأمرين أسر و اضرب اللذين جاءا في صدر الآية يقتضي كون ولا تخف ولا تخشى جملتين خبريتين في مقام الإنشاء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|