المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الإمام الجواد ( عليه السّلام ) والبناء الثقافي للجماعة الصالحة  
  
1849   02:56 صباحاً   التاريخ: 2023-04-07
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 11، ص171-188
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام محمد بن علي الجواد / التراث الجواديّ الشريف /

لقد توخى أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) تحقيق عزة الاسلام والمسلمين من خلال المواقف والتحركات الحكيمة التي تضمن الوصول إلى الهدف المطلوب على أحسن وجه . وكان تحرك الإمام الجواد ( عليه السّلام ) ينطلق من هذه الرؤية فكان ذلك التحرك واسعا ومؤثرا رغم كل الظروف المعرقلة التي أحاطت تحركه وفي هذا المجال نشير إلى نماذج من تحرك الإمام ( عليه السّلام ) في الميادين التي كان يتوخى منها إعداد الأمة وطلائعها إعدادا رساليا . ومن هذه الميادين :

أ - تعميق البناء الفكري :

كان اهتمام الإمام الجواد ( عليه السّلام ) في بناء الجانب العقائدي في شخصية الانسان المسلم واضحا للناظر في تراثه الذي ورثناه والذي يحتوي على مفردات أساسية تتقوم بها العقيدة ومن ذلك :

الإمام والدعوة إلى التوحيد الخالص :

التوحيد أساس العقيدة الاسلامية ، وسلامة تصورات المسلم عن اللّه تعالى هي الركيزة الجوهرية التي تستند عليها باقي المفردات العقيدية ، من هنا كان الإمام ( عليه السّلام ) يعنى عناية شديدة بإيضاح هذا الأساس وتجليته ، وفي المحاضرة التي ألقاها على داود بن القاسم الجعفري دليل على ما قلناه .

فقد قال الجعفري : « قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، ما معنى : الأحد ؟

قال : المجمع عليه بالوحدانية ، أما سمعته يقول : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[1] ، ثم يقولون بعد ذلك : له شريك وصاحبة .

فقلت : قوله : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ[2].

قال : يا أبا هاشم ! أوهام القلوب أدقّ من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولم تدرك ببصرك ذلك ، فأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف تدركه الأبصار ؟ !

وسئل ( عليه السّلام ) : أيجوز ان يقال للّه : انه شيء ؟

فقال : نعم ، تخرجه من الحدّين : حدّ التعطيل وحدّ التشبيه[3] »[4].

وعن أبي هاشم الجعفري ، قال : « كنت عند أبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) فسأله رجل ، فقال : أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه ؟

وأسماؤه وصفاته هي هو ؟

فقال أبو جعفر ( عليه السّلام ) : « ان لهذا الكلام وجهين : إن كنت تقول : هي هو ، اي انه ذو عدد وكثرة ، فتعالى اللّه عن ذلك . وان كنت تقول : هذه الصفات والأسماء لم تزل ، فإنّ « لم تزل » محتمل معنيين : فان قلت : لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها ، فنعم ، وان كنت تقول : لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ اللّه ان يكون معه شيء غيره . بل كان اللّه ولا خلق ، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها اليه ويعبدونه وهي ذكره ، وكان اللّه ولا ذكر ، والمذكور بالذكر هو اللّه القديم الذي لم يزل .

والأسماء والصفات مخلوقات ، والمعاني والمعني بها هو اللّه الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف ، وانما يختلف ويأتلف المتجزئ فلا يقال : اللّه مؤتلف ، ولا اللّه قليل ولا كثير ، ولكنه القديم في ذاته ، لأن ما سوى الواحد متجزئ ، واللّه واحد لا متجزئ ، ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة ، فهو مخلوق دالّ على خالق له .

فقولك : ان اللّه قدير خبّرت انه لا يعجزه شيء ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه .

وكذلك قولك : عالم انما نفيت بالكلمة الجهل ، وجعلت الجهل سواه ، وإذا أفنى اللّه الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ، ولا يزال من لم يزل عالما .

فقال الرجل : فكيف سمّينا ربنا سميعا ؟

فقال : لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع ، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس .

وكذلك سمّيناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار ، من لون أو شخص أو غير ذلك ، ولم نصفه ببصر لحظة العين .

وكذلك سمّيناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك ، وموضع النشوء منها ، والعقل والشهوة للفساد والحدب على نسلها وإقام بعضها على بعض ، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار ، فعلمنا ان خالقها لطيف بلا كيف ، وانما الكيفية للمخلوق المكيّف .

وكذلك قويّا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ، ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة ، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان ، وما كان ناقصا كان غير قديم ، وما كان غير قديم كان عاجزا .

فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ ولا ندّ ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر ، ومحرّم على القلوب أن تمثّله ، وعلى الأوهام ان تحدّه ، وعلى الضمائر ان تكوّنه ، جلّ وعز عن أداة خلقه وسمات بريّته ، وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا » .[5]

مكافحة الغلو :

من الانحرافات الخطيرة التي انتشرت عند البعض الغلو بأهل البيت ( عليهم السّلام ) .

وقد وقف الأئمة من أهل البيت ( عليهم السّلام ) بالمرصاد للمغالين فيهم فردّوهم وأفحموهم وأمروا أتباعهم بالابتعاد عنهم .

وقد سار الإمام الجواد ( عليه السّلام ) على نهج آبائه في هذه المسألة وكان حذرا من نشأة بذور الغلو ، كما يظهر ذلك من خلال ترصّده لبعض الممارسات ومن الأدلة على هذا الأمر ، ما ذكره المؤرخون عن الحسين بن محمد الأشعري حيث قال :

« حدثني شيخ من أصحابنا يقال له عبد اللّه بن رزين قال : كنت مجاورا بالمدينة مدينة الرسول وكان أبو جعفر ( عليه السّلام ) يجيء في كل يوم مع الزوال إلى المسجد فينزل إلى الصخرة ويمرّ إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ويسلّم عليه ، ويرجع إلى بيت فاطمة ويخلع نعله فيقوم فيصلّي فوسوس اليّ الشيطان ، فقال : إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا .

فلمّا ان كان في وقت الزوال أقبل ( عليه السّلام ) على حمار له فلم يزل في الموضع الذي كان ينزل فيه فجازه حتى نزل على الصخرة التي كانت على باب المسجد ثم دخل فسلّم على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ثم رجع إلى مكانه الذي كان يصلّي فيه ففعل ذلك أياما فقلت إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه .

فلما كان من الغد جاء عند الزوال فنزل على الصخرة ثم دخل على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وجاء إلى الموضع الذي كان يصلّي فيه ولم يخلعهما ففعل ذلك أياما فقلت في نفسي : لم يتهيأ لي ههنا ولكن اذهب إلى باب الحمّام فإذا دخل اخذت من التراب الذي يطأ عليه فسألت عن الحمّام فقيل لي انه يدخل حمّاما بالبقيع لرجل من ولد طلحة ، فتعرّضت اليوم الذي يدخل فيه الحمّام ، وصرت إلى باب الحمّام وجلست إلى الطلحي احدّثه وانا انتظر مجيئه ( عليه السّلام ) .

فقال الطلحي : ان أردت دخول الحمام فقم فادخل فإنه لا يتهيأ لك بعد ساعة ، قلت : ولم ؟ قال : لان ابن الرضا ( عليه السّلام ) يريد دخول الحمام ، قال : قلت :

ومن ابن الرضا ؟ قال : رجل من آل محمد ( صلّى اللّه عليه وآله ) له صلاح وورع ، قلت له : ولا يجوز ان يدخل معه الحمام غيره ؟ قال : نخلي له الحمام إذا جاء ، قال : فبينا انا كذلك إذ أقبل ( عليه السّلام ) ومعه غلمان له ، وبين يديه غلام ، ومعه حصير حتى ادخله المسلخ ، فبسطه ووافى وسلّم ودخل الحجرة على حماره ، ودخل المسلخ ، ونزل على الحصير .

فقلت للطلحي : هذا الذي وصفته بما وصفته من الصلاح والورع ؟

فقال : يا هذا واللّه ما فعل هذا قط الا في هذا اليوم ، فقلت في نفسي : هذا من عملي أنا جنيته ، ثم قلت : انتظره حتى يخرج فلعلّي أنال ما أردت إذا خرج . فلمّا خرج وتلبّس دعا بالحمار وأدخل المسلخ ، وركب من فوق الحصير وخرج ( عليه السّلام ) ، فقلت في نفسي : قد واللّه آذيته ولا أعود أروم ما رمت منه أبدا وصحّ عزمي على ذلك . فلمّا كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتى نزل في الموضع الذي كان ينزل فيه في الصحن ، فدخل فسلّم على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وجاء إلى الموضع الذي كان يصلّي فيه في بيت فاطمة ( عليها السّلام ) وخلع نعليه وقام يصلّي »[6].

ب - تعميق البناء العلمي

ومن جملة المجالات التي تحرّك فيها الإمام الجواد ( عليه السّلام ) هو إكماله لبناء الصرح العلمي الذي أشاده الأئمة ( عليهم السّلام ) من آبائه الكرام ، وفي سياق هذا النشاط نلاحظ إجابته على الاستفسارات العلمية والاستفتاءات الفقهية التي كانت تستجد للطائفة الشيعية والأمة الاسلامية آنذاك .

والأهم من ذلك ملاحظة نشاطه في اكمال الأدوات والمنهج العلمي .

إكمال الأدوات والمنهج العلمي :

تشكّل القواعد الأصولية جزء من المنهج العام لفهم الشريعة واستنباط أحكامها . ونوجز منهجه ( عليه السّلام ) فيما يلي :

أ - عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر القرآن إلّا بعد معرفة تفسيرها من الأئمة ( عليهم السّلام ) .

فقد روي في الكافي عن الإمام الجواد ( عليه السّلام ) أنه قد روى عن أبي عبد اللّه الصادق ( عليه السّلام ) أنّ رجلا سأل أباه محمّد الباقر ( عليه السّلام ) عن مسائل ، فكان ممّا دار بينهما أن قال : « قل لهم : هل كان فيما أظهر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) من علم اللّه - عزّ ذكره - اختلاف ؟ فإن قالوا لا ، فقل لهم : فمن حكم بحكم اللّه فيه اختلاف ، فهل خالف رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ؟ فيقولون : نعم ، فإن قالوا : لا ؛ فقد نقضوا أوّل كلامهم ؛ فقل لهم : ما يعلم تأويله إلّا اللّه والرّاسخون في العلم . فإن قالوا : من الرّاسخون في العلم ؟ فقل : من لا يختلف في علمه . فإن قالوا : فمن هو ذلك ؟ فقل : كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) صاحب ذلك - إلى أن قال - : وإن كان رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيّع من في أصلاب الرّجال ممّن يكون بعده .

قال أيضا : وما يكفيهم القرآن ؟ قال : بلى ، إن وجدوا له مفسّرا .

قال : وما فسّره رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ؟ قال : بلى قد فسّره لرجل واحد ، وفسّر للامّة شأن ذلك الرجل ، وهو عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) »[7].

وقال ( عليه السّلام ) أيضا : « والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ؛ فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم اللّه عزّ وجلّ ؛ ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب ، فقد حكم بحكم الطاغوت »[8].

ب - وجوب العمل بأحاديث الأئمّة ( عليهم السّلام ) المنقولة في الكتب المعتمدة .

فقد جاء في الكافي أيضا عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شنبولة ، أنّه قال : « قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) : جعلت فداك ، إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه ( عليهما السّلام ) وكانت التقيّة شديدة ، فكتموا كتبهم ، ولم ترو عنهم ، فلمّا ماتوا صارت الكتب إلينا .

فقال ( عليه السّلام ) : « حدّثوا بها ، فإنّها حقّ »[9].

ج - جواز العمل بقول من أجازه الإمام ( عليه السّلام ) في العمل برأيه .

فقد جاء في رجال الكشّي : عن خيران الخادم أنّه قال : « وجّهت إلى سيّدي[10] ثمانية دراهم - في حديث - وقال :

قلت : جعلت فداك ، إنّه ربّما أتاني الرجل لك قبله الحقّ ، أو يعرف موضع الحقّ لك ، فيسألني عمّا يعمل به ، فيكون مذهبي أخذ ما يتبرّع في سرّ ؟

قال : اعمل في ذلك برأيك ، فإنّ رأيك رأيي ، ومن أطاعك فقد أطاعني »[11].

د - عدم جواز الافتاء من دون علم

فقد مرّ أنه حينما توفي الإمام الرضا ( عليه السّلام ) كان عمر أبي جعفر ( عليه السّلام ) حينذاك سبع سنين ، فاختلفت كلمة الشيعة حوله ببغداد والأمصار فاجتمع وجهاء الشيعة وفقهاؤهم في الموسم ليشاهدوا أبا جعفر ( عليه السّلام ) فوجدوا في دار جعفر الصادق ( عليه السّلام ) عبد اللّه بن موسى قد جلس في صدر المجلس وكان يسأل فيجيب بأجوبة دعتهم إلى الحيرة فاضطربوا وهمّوا بالانصراف ، وإذا بموفّق الخادم يدخل عليهم مع أبي جعفر ( عليه السّلام ) فقاموا اليه بأجمعهم واستقبلوه وسلّموا عليه ثم جلس وبدأوا بالسؤال فكان يجيب على أسئلتهم بالحق . ففرحوا ودعوا له وأثنوا عليه وقالوا له : إن عمّك عبد اللّه أفتى بكيت وكيت فقال ( عليه السّلام ) :

لا إله إلّا اللّه ! يا عمّ ! إنّه عظيم عند اللّه أن تقف غدا بين يديه فيقول لك : لم تفتي عبادي بما لم تعلم وفي الأمة من هو أعلم منك ؟ ! »[12] « 1 »

الإجابة على الاستفتاءات الفقهيّة والاستفسارات العلمية :

لقد أسهمت إجابات الإمام الجواد ( عليه السّلام ) على الاستفتاءات الفقهية وغيرها من الاستفسارات العلمية في البناء العلمي للجماعة الصالحة ولك أن تلاحظها في النصوص التالية :

وقت صلاة الفجر : عن الحصين بن أبي الحصين ، قال : « كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السّلام ) : جعلت فداك ، اختلف مواليك في صلاة الفجر ، فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأول المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلي إذا اعترض في أسفل الأرض واستبان ، ولست اعرف أفضل الوقتين فاصلي فيه . فان رأيت يا مولاي جعلني اللّه فداك ان تعلّمني أفضل الوقتين ، وتحدّ لي كيف اصنع مع القمر والفجر لأتبين معه حتى يحمرّ ويصبح ؟ وكيف أصنع مع الغيم ؟ وما حدّ ذلك في السفر والحضر ؟ فعلت إن شاء اللّه .

فكتب بخطّه ( عليه السّلام ) : « الفجر - يرحمك اللّه - الخيط الأبيض ، وليس هو الأبيض صعدا ، ولا تصلّ في سفر ، ولا في حضر حتى تتبيّنه - رحمك اللّه - ، فان اللّه لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال تعالى : كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ[13] فالخيط الأبيض هو الفجر الذي يحرم به الأكل والشرب في الصيام ، وكذلك هو الذي يوجب الصلاة »[14].

البسملة في الصلاة : عن يحيى بن أبي عمران الهمداني ، قال : « كتبت إلى أبي جعفر ( عليه السّلام ) : جعلت فداك ، ما تقول في رجل ابتدأ ببسم اللّه الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب ، فلمّا صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها ؟

فقال العباسي[15]: ليس بذلك بأس .

فكتب بخط يده : يعيدها مرتين على رغم انفه - يعني العباسي -[16].

الإكراه في الزواج : جاء في رواية علي بن مهزيار عن محمد بن الحسن الأشعري ، قال :

« كتب بعض بني عمي إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) : ما تقول في صبيّة زوّجها عمّها ، فلمّا كبرت أبت التزويج ؟

فكتب بخطه ( عليه السّلام ) : « لا تكره على ذلك ، والأمر أمرها »[17].

حكم الوقف : عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي ، قال : « كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) اسأله عن أرض أوقفها جدّي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان وهم كثير ، متفرقون في البلاد ؟

فأجاب ( عليه السّلام ) : ذكرت الأرض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان بن فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف ، وليس لك ان تتبع من كان غائبا »[18].

شهادة الزوج وغير الزوج : عن محمد بن سليمان أنه قال : قلت لأبي جعفر الثاني ( عليه السّلام ) : « كيف صار الزوج إذا قذف امرأته كانت شهادته أربع شهادات باللّه ؟ وكيف لا يجوز ذلك لغيره وصار إذا قذفها غير الزوج جلد الحدّ ، ولو كان ولدا أو أخا ؟

فقال : قد سئل أبو جعفر ( عليه السّلام ) عن هذا ، فقال : الا ترى انه إذا قذف الزوج امرأته ، قيل له : وكيف علمت أنها فاعلة ؟ فان قال : رأيت ذلك منها بعيني ، كانت شهادته اربع شهادات باللّه ، وذلك أنه قد يجوز للرجل ان يدخل المدخل في الخلوة التي لا تصلح لغيره ان يدخلها ولا يشهدها ولد ولا والد في الليل والنهار ، فلذلك صارت شهادته اربع شهادات باللّه إذا قال : رأيت ذلك بعيني .

وإذا قال : اني لم أعاين ، صار قاذقا في حدّ غيره ، وضرب الحدّ إلّا أن يقيم عليها البيّنة ، وإن زعم غير الزوج إذا قذف وادّعى أنه رآه بعينه قيل له : وكيف رأيت ذلك ؟ وما أدخلك ذلك المدخل الذي رأيت فيه هذا وحدك ؟ أنت متّهم في دعواك ، وان كنت صادقا فأنت في حدّ التهمة ، فلا بدّ من أدبك بالحدّ الذي أوجبه اللّه عليك .

قال : وانما صارت شهادة الزوج اربع شهادات باللّه لمكان الأربعة شهداء مكان كل شاهد يمين »[19].

إنّ ما ذكر من الأمثلة السابقة نماذج لبعض توجهات الإمام الجواد ( عليه السّلام ) وهو تفقيهه لشيعته ومواليه عن طريق مراسلتهم إياه أو سؤاله بصورة مباشرة .

ج - تعميق البناء التربوي

من المفردات الأساسية التي اهتم بها الإمام الجواد ( عليه السّلام ) هو مسألة بناء الخلق الاسلامي عند الفرد والمجتمع .

وقد كان الإمام ( عليه السّلام ) وفي سياق تربية الأمة ينقل لهم أحاديث أجداده خصوصا أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) لما تحتويه من توجيهات تربوية عميقة ومؤثرة وفي هذا المجال سنعتبر كلمات الإمام الجواد ( عليه السّلام ) وما نقله عن أجداده الأئمة ( عليهم السّلام ) وطرحه للأمة مادة لفهم توجهاته التربوية .

الحكمة في العمل :

أراد الإمام الجواد ( عليه السّلام ) ان يعلم شيعته ضرورة اعتماد الحكمة في العمل ومراعاة عامل الزمن في اتضاح الأشياء فللامور دورات زمنية ينبغي ان تمرّ بها حتى تكتمل ، وعدم الالتفات إلى هذا الجانب يفسد العمل ويجهضه قبل استوائه .

قال ( عليه السّلام ) : « إظهار الشيء قبل ان يستحكم مفسدة له »[20].

كما أن للمحن دورات لا يستطيع المرء ان يتخلص منها قبل انتهاء دورتها الزمنية وهذا الأمر أشبه شيئا بالدورات المرضية التي لا يمكن تقليل مدتها ، وهذا التوجه لا يعني عدم استعمال الوسيلة لإزالة المحن بل العمل مطلوب وهو يسهم بتقليل مدة المحنة وبالتالي ازالتها وإلى هذا المعنى أشار الإمام الجواد ( عليه السّلام ) عندما نقل حديثا عن جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : « قال لقيس بن سعد ، وقد قدم عليه من مصر : « يا قيس ان للمحن غايات لا بد ان ينتهي إليها ، فيجب على العاقل ان ينام لها إلى إدبارها ، فإنّ مكايدتها بالحيلة عند إقبالها زيادة فيها »[21].

كما أنه ( عليه السّلام ) نقل عن جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) العناصر المساعدة على اكتمال الأعمال فقال : « اربع خصال تعين المرء على العمل : الصحة والغنى والعلم والتوفيق »[22].

التعامل مع الظالمين :

ركّز الإمام الجواد ( عليه السّلام ) على ضرورة ابتعاد المسلم عن مجاراة الظالمين والركون إليهم ، ودعا إلى رفضهم والابتعاد عنهم .

فقد روى ( عليه السّلام ) عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) قوله :

« العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء »[23].

وكذلك ما رواه عنه ( عليه السّلام ) : « من استحسن قبيحا كان شريكا فيه »[24].

كما أنه ( عليه السّلام ) شدّد على عدم طاعة المنحرفين والاستماع إليهم واعتبر ذلك كالطاعة والاستماع للشيطان . قال ( عليه السّلام ) :

« من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق عن اللّه فقد عبد اللّه ، وان كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس »[25].

وبلحاظ الرفض الشديد للظالمين والتنديد بهم كان للإمام الجواد ( عليه السّلام ) تفسير مهم لمعنى التديّن يتضح من قوله ( عليه السّلام ) :

« أوحى اللّه إلى بعض الأنبياء : أما زهدك في الدنيا فتعجّلك الراحة ، واما انقطاعك اليّ فيعزّزك بي ، ولكن هل عاديت لي عدوّا وواليت لي وليا »[26] فالدين حسب هذه الرواية ، يتحقق بموالاة أولياء اللّه ومعاداة أعداء اللّه ، وعدم مهادنتهم ومسالمتهم ولإذكاء هذه الروح عند الأمة كان ينقل حديث جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) عندما قال لأبي ذر : « انما غضبت للّه عز وجل فارج من غضبت له ، ان القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، واللّه لو كانت السماوات والأرضون رتقا على عبد ، ثم اتقى اللّه لجعل اللّه له منها مخرجا ، لا يؤنسنّك إلّا الحق ، ولا يوحشنّك إلّا الباطل »[27].

النشاط الاجتماعي :

إن حركة الانسان في المجتمع تشتدّ بمقدار تجذّره وتأثيره في ذلك المجتمع ، لذلك توجّه الإمام الجواد ( عليه السّلام ) إلى توضيح المفاهيم المتصلة بالنشاط الاسلامي للطليعة المؤمنة ، وفيما يأتي نذكر بعضا من هذه المفاهيم :

1 - كلما ترسخ مركز الانسان في المجتمع ازداد توجه الناس اليه وطلبهم منه في قضاء حوائجهم وحل مشاكلهم . روى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) عن أجداده عن الإمام علي ( عليه السّلام ) : « ما عظمت نعمة اللّه على عبد إلّا عظمت عليه مؤونة الناس ، فمن لم يحتمل تلك المؤونة فقد عرّض النعمة للزوال »[28].

2 - بقاء نعمة الانسان واستمرار موقعة في الأمة مقترن بدرجة إحسانه إليها وخدمته لها ، فقد روى الإمام ( عليه السّلام ) عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : « ان للّه عبادا يخصهم بالنعم ، ويقرّها فيهم ما بذلوها ، فإذا منعوها نزعها عنهم وحوّلها إلى غيرهم »[29].

وقال ( عليه السّلام ) : « أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة اليه ، لأن لهم اجره وفخره وذكره ، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبدأ فيه بنفسه ، فلا يطلبنّ شكر ما صنع إلى نفسه من غيره »[30].

3 - ضرورة مجازاة المحسن بالشكر ، يقول ( عليه السّلام ) راويا عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) ، « كفر النعمة داعية المقت ومن جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك »[31].

4 - كما أن الإمام ( عليه السّلام ) بيّن طرق تحسين العلاقة بين الناس وأصول التعامل بين الأصدقاء فقد روى عن جدّه أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) :

« ثلاث خصال تجتلب بهن المحبة : الانصاف في المعاشرة ، والمواساة في الشدّة ، والانطواع والرجوع إلى قلب سليم »[32].

وقال ( عليه السّلام ) : « لا يفسدك الظنّ على صديق وقد أصلحك اليقين له ، ومن وعظ أخاه سرّا فقد زانه ، ومن وعظ علانية فقد شانه . استصلاح الأخيار باكرامهم ، والأشرار بتأديبهم ، والمودّة قرابة مستفادة ، وكفى بالأجل حرزا ، ولا يزال العقل والحمق يتغالبان على الرجل إلى ثمانية عشر سنة ، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه ، وما أنعم اللّه عز وجل على عبد نعمة فعلم أنها من اللّه إلّا كتب اللّه جلّ اسمه له شكرها قبل ان يحمده عليها ، ولا أذنب ذنبا فعلم أن اللّه مطّلع عليه إن شاء عذبه وان شاء غفر له ، الّا غفر اللّه له قبل ان يستغفره »[33] «.

5 - كما شدّد ( عليه السّلام ) على ضرورة اختيار القرين الصالح لما يورثه من اثر على المرء ، فقد روى ( عليه السّلام ) : « فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء ، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء ، والخلق اشكال فكل يعمل على شاكلته ، والناس إخوان ، فمن كانت اخوته في غير ذات اللّه فإنها تحوز عداوة ، وذلك قوله تعالى : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ[34] »[35] .

فإذا حصل المرء على الأخ المخلص في اللّه فإنه فاز بشيء عظيم وينبغي له مشاورته واستنصاحه . روى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) عن علي ( عليه السّلام ) قال : « بعثني النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) إلى اليمن ، فقال لي وهو يوصيني : « يا علي ، ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار » ، وقال ( عليه السّلام ) : « من استفاد أخا في اللّه فقد استفاد بيتا في الجنة »[36].

وصايا للعاملين :

كان الإمام الجواد ( عليه السّلام ) يزرع روح الأمل والصبر في قلوب المؤمنين ليسلّحهم بالسلاح الفاعل عند مقارعتهم للظلم والطغيان وتحركهم ضده .

لقد أشار إلى يوم يعاقب فيه الظالم عندما ينتصر العدل فينتقم للمظلومين من جوره أشد الانتقام . ان حمل المستضعفين لهذا المفهوم ومعايشتهم إياه يصنع منهم قوة لا تلين وثورة لا تقاوم . روى الإمام الجواد ( عليه السّلام ) : « يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم »[37].

ولقد روى ( عليه السّلام ) « ان صبر المؤمن على البلاء من أشد الأسلحة ضد الظالمين »

وقال ( عليه السّلام ) : « الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها »[38].

كما أنه ( عليه السّلام ) روى عن جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) المنهاج الذي ينبغي ان يلتزم به المؤمنون ليبلغوا غاياتهم السامية .

عنه ( عليه السّلام ) عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) قال : « من وثق باللّه أراه السرور ، ومن توكل عليه كفاه الأمور ، والثقة باللّه حصن لا يتحصن فيه الّا مؤمن أمين ، والتوكل على اللّه نجاة من كل سوء وحرز من كل عدو ، والدين عزّ ، والعلم كنز ، والصمت نور ، وغاية الزهد الورع ، ولا هدم للدين مثل البدع ، ولا أفسد للرجال من الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البليّة ، ومن ركب مركب الصبر اهتدى إلى مضمار النصر ، ومن عاب عيب ، ومن شتم أجيب ، ومن غرس أشجار التقى اجتنى ثمار المنى »[39].

الحث على اكتساب العلم :

حثّ الإمام الجواد ( عليه السّلام ) على طلب العلم وبيّن فضل العلماء من خلال أحاديثه ورواياته عن جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) وفيما يأتي نماذج من هذه الأحاديث :

قال ( عليه السّلام ) : « عليكم بطلب العلم ، فان طلبه فريضة ، والبحث عنه نافلة ، وهو صلة بين الاخوان ، ودليل على المروّة ، وتحفة في المجالس ، وصاحب في السفر ، وانس في الغربة »[40].

وقال ( عليه السّلام ) : « العلم علمان : مطبوع ومسموع ، ولا ينفع مسموع إذا لم يكن مطبوع ، ومن عرف الحكمة لم يصبر على الازدياد منها ، الجمال في اللسان ، والكمال في العقل »[41].

وعنه ( عليه السّلام ) عن علي ، قال في كتاب عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) : « ان ابن آدم أشبه شيء بالمعيار ، إما راجح بعلم - وقال مرة بعقل - أو ناقص بجهل »[42].

وقال ( عليه السّلام ) : « اقصد العلماء للمحجّة الممسك عند الشبهة ، والجدل يورث الرياء ، ومن أخطأ وجوه المطالب خذلته الحيل ، والطامع في وثاق الذلّ ، ومن احبّ البقاء فليعدّ للبلاء قلبا صبورا »[43].

كما أنه كان يتألّم لكثرة الجهلاء وابتلاء العلماء بهم وكان يعتبر سبب الاختلاف هو ما يطرحه الجهلاء نتيجة جهلهم ، فقد روى عن جده أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : « العلماء غرباء لكثرة الجهّال بينهم »[44].

وقال ( عليه السّلام ) : « لو سكت الجاهل ما اختلف الناس »[45].

الحث على التوبة :

دعا الإمام إلى كيفية التوبة إلى اللّه تعالى وبيّن طريقها ، فقد روى عن أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) :

« التوبة على أربعة دعائم : ندم القلب ، واستغفار باللسان ، وعمل بالجوارح ، وعزم على أن لا يعود » .

« وثلاث يبلغن بالعبد رضوان اللّه : كثرة الاستغفار وخفض الجانب وكثرة الصدقة »[46].

كما أنه ( عليه السّلام ) أشار إلى فوريّتها وحذّر من التسويف بها بقوله : « تأخير التوبة اغترار ، وطول التسويف حيرة ، والاعتلال على اللّه هلكة ، والاصرار على الذنب أمن لمكر اللّه فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ[47] »[48].

 

[1] العنكبوت ( 29 ) : 61 .

[2] الانعام ( 6 ) : 103 .

[3] حد التعطيل هو عدم اثبات الوجود ، والصفات الكمالية والفعلية والإضافية له تعالى ، وحد التشبيه الحكم والاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات .

[4] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 353 - 354 .

[5] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 354 - 356 .

[6] بحار الأنوار : 50 / 59 - 61 .

[7] أصول الكافي : 1 / 245 .

[8] أصول الكافي : 1 / 248 .

[9] أصول الكافي : 1 / 53 ح 15 ، عنه الوسائل : 18 / 58 / 27 .

[10] المراد بسيّده هنا إمّا الإمام الرضا ، أو الإمام الجواد ، أو الإمام الهادي ( عليهم السّلام ) لأنّه خدمهم ثلاثتهم ( عليهم السّلام ) ، والمرسل إليه يحتمل الثلاثة .

[11] رجال الكشي : 610 ح 1134 ، وزاد فيه : قال أبو عمرو : هذا يدل على أنّه كان وكيله ، ولخيران هذا مسائل يرويها عنه ، وعن أبي الحسن ( عليهما السّلام ) ، عنه في الوسائل : 12 / 216 / ح 6 .

[12] بحار الأنوار : 50 / 99 .

[13] البقرة ( 2 ) : 187 .

[14] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 382 - 382 .

[15] هو هشام بن إبراهيم العباسي وكان يعارض الرضا والجواد ( عليهما السّلام ) .

[16] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 162 - 163 .

[17] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 475 .

[18] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 466 .

[19] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 484 - 485 .

[20] تحف العقول : 457 .

[21] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[22] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[23] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 278 .

[24] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 280 .

[25] تحف العقول : 456 .

[26] تحف العقول : 455 - 456 .

[27] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 257 .

[28] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[29] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[30] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[31] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 280 .

[32] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .

[33] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 280 .

[34] الزخرف ( 43 ) : 67 .

[35] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .

[36] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 275 .

[37] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 278 .

[38] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 278 .

[39] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 276 .

[40] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 277 .

[41] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 277 .

[42] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 275 .

[43] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 278 .

[44] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 278 .

[45] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .

[46] مستدرك عوالم العلوم : 23 / 279 .

[47] الأعراف ( 7 ) : 97 .

[48] تحف العقول : 456 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.