المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الوسائل الفنية لتحسين مركز الأجانب  
  
1223   03:15 مساءً   التاريخ: 2023-03-25
المؤلف : سيف غانم مصطفى يونس
الكتاب أو المصدر : المركز القانوني للاجئين في ظل اقامة الاجانب رقم 76 لسنة 2017
الجزء والصفحة : ص 25-35
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

تلجأ الدول في سبيل تحسين مركز الأجانب الى عدة سبل قانونية، فترفع مقدار ما يتمتع به بعض الأجانب من حقوق بطريقة تتجاوز فيها الحد الأدنى، إذ من الممكن ان يصل التساهل معهم الى حد مساواتهم بالوطنيين فتقرر الدولة مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين، بل قد يفوق الامر ذلك الى حد تمييز الأجانب عن الوطنيين من خلال الاعتراف للأجانب في تشريعاتها الداخلية بحقوق تفوق تلك الحقوق المقررة بواسطة الحد الأدنى في معاملة الأجانب، وقد تميز الدولة بعض الأجانب عن غيرهم نتيجة لصلة قوية تربطها بدولة او عدة دول معينة، فتأخذ بمبدأ الدولة الأولى بالرعاية وقد تقرر الدولة الحقوق للأجانب بشرط المعاملة بالمثل، وهذا ما سنبحثه من خلال الفروع الأتية:

الفرع الأول

شرط تشبيه الأجانب بالوطنيين

قد تذهب الدول الى حد مساواة الأجانب المتواجدين على اقليميها بالوطنيين. ويكون ذلك في الفروض التي تحتاج فيها الدولة الى الأجانب، الأمر الذي يبرر المرونة في معاملتهم على النحو الذي يحصلون معه على ذات الحقوق التي يحصل عليها وطنيوها(1).

ويشهد الواقع العملي ذلك لاسيما في الدول المتقدمة، إذ تلجأ الى اجتذاب الخبرات العلمية من دول العالم الثالث وخاصة أساتذة الجامعات الذين لا يجدون في بلدانهم الأصلية مناخاً خصباً للبحث العلمي فتمنحهم تلك الدول حقوقاً لا تمنحها للأجانب العاديين (2).

ومما لاشك فيه ان مساواة الأجنبي بالوطني تفترض أن يكون مركز الوطنيين في الدولة يتجاوز مستوى الحد الأدنى الذي يفرضه العرف الدولي ، لأنه لا يجوز للدولة ان تعامل الأجانب معاملة تقل عن الحد الأدنى المفروض بمقتضى العرف الدولي حتى لو كانت هذه المعاملة تتساوى مع معاملة الوطنيين  (3).

أما عن نطاق تشبيه الأجانب بالوطنيين فأنه لا يُشترط أن تقرر الدولة المساواة المطلقة بين الأجانب والوطنيين ذلك انها تحدد في الغالب نطاق هذه المساواة إما من حيث الأشخاص او من حيث الحقوق والاعباء.

1- نطاق الأشخاص : قد تقيد الدولة مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين فيقتصر على الأجانب المنتمين الى دولة معينة دون سواهم ، فقد تقدر الدولة لاعتبارات تاريخية وسياسية واقتصادية ان تؤثر رعايا دولة معينة بمعاملة خاصة لا تحققها لسائر الاجانب (4). ومن امثلة ذلك معاهدة الإقامة بين فرنسا وإسبانيا في كانون الثاني 1862 والتي أوضحت انه (من أجل الانتفاع بالمزايا التي تقرها هذه المعاهدة يجب تشبيه المواطن الفرنسي بالمواطن الاسباني في اسبانيا وتشبيه المواطن الاسباني في فرنسا بالمواطن الفرنسي)(5).

2 - نطاق الحقوق والاعباء: وقد تقيد الدولة مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين فتحدده بطائفه معينة من الحقوق كالحقوق الخاصة دون السياسية، والنطاق في هذا الصدد يتنوع وفقاً للصالح القومي وحاجة الدولة لسد الفراغ الذي تعانيه في بعض أوجه النشاط (6) ، إضافة لذلك فأن تشبيه الأجانب بالوطنيين يكون في مجال الحقوق دون الالتزامات، كون الدولة تهدف من هذه الوسيلة الى جذب الأجانب، وتشجيع قدومهم اليها(7).

أما بشأن وسائل اعتناق مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين فقد تعبر الدولة عن اعتناقها لمبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين في إطار تشريعها الداخلي، كما يمكنها ان تقرر هذا المبدأ في إطار المعاهدات الدولية.

أ- من خلال التشريع فقد أقرت بعض الدول بنصوص صريحة في تشريعاتها مبدأ المساواة بين الأجانب والوطنيين (8) . وبهذا الصدد تشـــيـر نــــص المــــادة (11) من القانون المدني السويسري لسنة 1921) انَّ ( لكل شخص بوصفه انسان التمتع بكافة الحقوق المدنية دون اعتبار لصفته الاجنبية ) أي ان نطاق تطبيق هذا الشرط قاصر على دائرة الحقوق التي يقررها هذا القانون (9) . اما عن موقف المشرع العراقي من شرط تشبيه الأجانب بالوطنيين ففي مجال حق التأليف ساوى بين مصنفات المؤلفين العراقيين والاجانب التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في جمهورية العراق وبين مصنفات المؤلفين العراقيين والاجانب التي تنشر او تمثل او تعرض لأول مرة في بلد أجنبي (10).

ب- من خلال المعاهدات الدولية: الوضع المألوف أن يتقرر مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين في إطار معاهدات (ثنائية) كانت أو جماعية والتي تعقد بين دول صديقه ويتقرر فيها معاملة رعايا كل دولة من الدول المتعاقدة معاملة الوطنيين في الدول الأخرى أطراف المعاهدة ،ومن أمثلة ذلك الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2001 التي جاء فيها على أنه ( يُعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء معاملة مواطنيها دون تفريق في كافة المجالات الاقتصادية ...) (11).

إن مبدأ تشبيه الأجانب بالوطنيين يفرضه الواقع الدولي للعلاقات الخاصة الدولية لأنه يجسد روح التعاون والتضامن الدوليين الذي يجب ان يسود في إطار تلك العلاقات كما يتيح للدولة ان تعبر عن ارتباطها ببعض الدول بروابط وصلات قوية متينة ، تقتضي مساواة رعاياها هي (ممن يحملون جنسيتها)  بمواطني تلك الدول (ممن ينتمون لتلك الدول) (12). وبقدر المعلومات المتاحة لم يتوفر لدينا اية اتفاقية حديثة صادق عليها العراق تتضمن هذا الشرط.

الفرع الثاني

شرط الدولة الأولى بالرعاية

يقصد بشرط الدولة الأولى بالرعاية تمكين رعايا الدولة المستفيدة منه من الحصول على أفضل معاملة يلقاها الأجانب في الدولة التي تعهدت به ، مع منحهم كافة المزايا التي تتقرر في الحال ، أو الاستقبال لرعايا اية دولة أجنبية أخرى دون الحاجة لاتفاق جديد  (13).

فإذا عقدت اتفاقية دولية تتضمن شرط الدولة الأولى بالرعاية ونصت على قيام دولة (أ) بمنح رعايا دولة (ب) حقوق وامتيازات معينة، ثم عقدت الدولة (أ) اتفاقية ثانية أخرى ومنحت رعايا دول (ج) حقوق وامتيازات أكثر من الاتفاقية الأولى، فأن شرط الدولة الأكثر رعاية يجعل رعايا دولة (ب) يستفيدون من الاتفاقية التي عقدتها دولة (أ) مع دولة (جـ) شرط أن تكون كلتا الاتفاقيتين في نفس الموضوع  (14). وقد جرى العمل على ادراج المبدأ المتقدم في العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بالشؤون المالية والجمركية، سيما تلك التي يتم عقدها بغرض تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول التي تربطها أواصر معينة. ويُحقق هذا الشرط للأجانب المستفيدين منه ميزة الاحتياط للمستقبل حيث يحصلون به في كل مره على مزية يحصل عليها غيرهم من الأجانب من اية جنسية حاضراً أو مستقبلا (15)، ويترتب عليه كذلك وخصوصاً إذا تكرر في معاهدات الدولة ، أن يتجه مركز الأجانب من مختلف الجنسيات الى التساوي ، كما يتساوى السائل في الاواني المستطرقة (16) ، وننوه الى خطورة اسراف الدولة في الارتباط بهذا الشرط حيث يفقدها سلاح المساومة مع الدولة المستفيدة في المستقبل.

كما إنه من شأنه أن يغل يد الدولة عن منح أي امتياز الى الدولة المتمتعة بشرط الدولة الأولى بالرعاية بالرغم من ان هذه الأخيرة لم تكن هي المقصودة بهذا الامتياز (17).

وهذا النقد هو ما حدا بمحكمة النقض الفرنسية الى محاولة تقييد شرط الدولة الأولى بالرعاية إذا ما ورد في صيغه عامة فقررت أن اعماله يفترض مطابقة موضوع المعاهدة الأولى التي تقرره مع المعاهدة او المعاهدات الجديدة التي أعطت حقوقاً افضل عند المطالبة بالاستفادة من شرط الدولة الأولى بالرعاية  (18).

وقد يأتي هذا الشرط في صياغة مطلقة تتصرف الى كافة حقوق الأجانب بصفة عامة. وقد يقتصر فقط على حق او حقوق معينة بالذات، وأخذ القضاء الفرنسي بهذا الشرط فقد حكمت محكمة ارا المدنية) في فرنسا في فرنسا في 2 شباط 1951 استناداً لهذا الشرط في قضية تتلخص وقائعها بالآتي: حيث صدر قانون مراقبة الايجار في فرنسا في 1948/9/1 وكان خاصاً بالوطنيين فقط.

وكان المدعي انكليزياً رغب في أن يُخلي المستأجر الفرنسي بيته، وتمسك المدعى عليه الفرنسي بالدفع الخاص بأن هذا الحق لا يشمل الأجانب ولكن استطاع المدعي ان يتمسك بالمعاهدة الإنكليزية - الفرنسية في 1882/2/28) التي تحتوي على شرط الدولة الأكثر رعاية وقد صدرت اتفاقية فرعية عن هذه المعاهدة في 1933/6/16 بامتداد هذه المعاهدة الى الايجار ايضاً، فحكمت المحكمة لصالح المدعي بهذا الصدد بالاستناد إلى المعاهدة المذكورة (19).

أما عن صور الثلاثة المتواجدة في إطاره. فلدينا دولة مانحة للشرط، وأخرى مستفيدة من الشرط، وثالثه لم تكن طرفاً في الاتفاق الا انها تميزت بالحصول لرعاياها على أفضل معاملة من جانب الدولة المانحة وذلك على النحو الآتي:

مبدأ الدولة الأولى بالرعاية فتختلف الصور العملية لهذا المبدأ على حسب الأطراف

الصورة الأولى: إن إقرار مبدأ الدولة الأولى بالرعاية قد يكون من جانب واحد بطريقة أحادية (20) ، بحيث يلتزم به احد طرفيه دون الطرف الاخر فنكون امام دولة ملتزمة بالوفاء بالتفضيل لرعايا الدولة المستفيدة دون ان يستفيد منه رعايا الدولة الملتزمة بالتفضيل تجاه الدولة المستفيدة. وهو ما كان سائدا في معاهدات الامتيازات الأجنبية التي أبرمتها الدولة العثمانية مع الدول الأوربية وهذه الامتيازات كانت سارية في مصر باعتبارها تابعة للدولة العثمانية ، وحتى الغاء تلك الامتيازات عام 1937 بموجب مؤتمر مونترو في 8 ايار من العام المذكور تم ابرام اتفاق الغاء الامتيازات الأجنبية (21). الصورة الثانية كما إن إقرار مبدأ الدولة الأولى بالرعاية قد يكون من جانبين فيكون تبادلياً لا احادياً فتلتزم الدولتان اطراف الاتفاقية بنفس الامر تجاه الدول الأخرى، مثال ذلك ما فعلته منظمة التجارة العالمية بأبرامها اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية سنة 1994 حيث جاء في المادة (4) من الاتفاقية التزام البلد العضو الذي يمنح ميزه أو أمتياز أو حصانه ما لمواطني بلد عضو اخر ان يمنحها على الفور ودون قيد أو شرط لمواطني جميع البلدان الأعضاء الأخرى دون تمييز (22). الصورة الثالثة وقد يكون إقرار مبدأ الدولة الأولى بالرعاية لصالح دولة ثالثه بحيث تلتزم الدولتين المتعاهدتين (أ ب مثلا) بمنح رعايا كل منهما أفضل مركز قانوني للأجانب في اقليمها. فأن قررت الدولة (ب) فيما بعد لرعايا دولة ثالثه (ج) مثلاً) مزايا جديده تفوق المعاملة التي كانت سائدة فيها بالنسبة للأجانب، فأن رعايا الدولة (أ) يتمتعون تلقائياً بهذه المزايا الجديدة وذلك استنادا الى المعاهدة الأولـــى التــــي ابـرمــــت بـــين الدولتين (أ / (ب) وكذلك الى شرط الدولة الأولى بالرعاية المقرر بمقتضـــى نـص المعاهدة الأولى (23) ، أما عن موقف المشرع العراقي من شرط الدولة الأولى بالرعاية فيقدر المعلومات المتاحة لم يتم العثور على اية اتفاقية انضم اليها العراق بهذا الشأن .

الفرع الثالث

شرط المعاملة بالمثل او شرط التبادل

تهدف الدولة بهذا الشرط الى تحقيق المساواة بين الأجانب في الداخل والوطنيين في الخارج، وبعبارة أخرى تهدف ان لا تعطي الأجانب أكثر مما يعطى رعاياها في الخارج او ان تضمن لهؤلاء ما يتمتع به الأجانب فيها من حقوق (24).

وشرط المعاملة بالمثل أو شرط التبادل لا يمكن التمسك به لدى الدول الا باتخاذ احدى الوسائل القانونية الاتية (التشريع الداخلي والاتفاقيات الدولية). ولمبدأ المعاملة بالمثل صوراً متعددة سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون وهذا ما سنبينه

من خلال الاتي:

أولا: المعاملة بالمثل من حيث الشكل:

هنالك صور ثلاث للتبادل من حيث الشكل . يسمى أولها بالتبادل الدبلوماسي، ويسمى ثانيها بالتبادل التشريعي، ويسمى ثالثهما بالتبادل الواقعي وهوما سنتناوله على النحو الاتي:

1- التبادل الدبلوماسي: تنتج المعاملة بالمثل هنا عن اتفاق دولي ترتبط بموجبه الدول الموقعة والذي يتضمن منح رعايا كل دولة من الدول الموقعة في إقليم الأخرى قدراً من الحقوق. ومن امثلة المعاهدات المعاهدة الأوربية لعام 1957 ، ومعاهدة بينيلكس لعام 1958 بين هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومعاهدة السوق العربية المشتركة لعام 1964 بين العراق ومصر والكويت والأردن وسوريا وغيرها (25). ولمثل هذا الاتفاق صفة الالزام إذ لا تستطيع الدول الموقعة عليه ان تتخلى عنه بأراداتها المجردة ، بل يلزم للوصول الى ذلك أن تنال رضى الدول الأخرى التي كانت طرفاً في هذا الاتفاق (26). ومما يُعيب هذا النوع من أنواع التبادل أنه يقيد حرية الدولة في الاستقلال بتعديل التشريع وتطوره وفقاً لمصالحها الوطنية  (27).

2- التبادل التشريعي: وقد تكون المعاملة بالمثل مقررة في القانون الداخلي فلا تمنح الدولة للأجنبي إلا الحقوق التي يمنحها قانون دولته للتابعين لتلك الدولة، أي إن الدولة بمقتضى هذا النوع من التبادل لا تمكن الأجانب من التمتع بهذا الحق إلا إذا كان القانون الأجنبي يمنح نفس الحق لمواطني تلك الدولة وهذا يفترض أن يتشابه القانونان  (28).

فإذا نص المشرع الوطني على منع الأجانب من مزاولة مهنة المحاماة إلا على أساس التبادل التشريعي، فلابد لتمكين الأجنبي من مزاولة هذه المهنة أن ينص تشريع دولته على حق الأجانب في مزاولة مهنة المحاماة ، والمماثلة في التشريع يندر الوصول اليها حيث إن كل دولة تنتظر المبادرة في التشريع من الدولة الأخرى (29). ويمتاز هذا النوع من أنواع التبادل بسهولة اثباته ولغرض التأكد من ان الأجانب يتمتعون بالحقوق موضوع التبادل في الدولة يتم الرجوع الى تشريعاتها ، وقد أخذ القانون المدني الفرنسي بهذا النوع من التبادل في المادة (11) منه والتي نصت على تعليق استفادة الأجانب بالحقوق المدنية في فرنسا على تحقق شرط المعاملة بالمثل، فيجب لتمتع الأجنبي بهذه الحقوق في فرنسا ان يكون متمتعاً بهذه الحقوق في دولة الأجنبي (30) كما أخذ المشرع العراقي بهذا النوع من التبادل في الفرنسي القانون المدني حيث أجاز حق الإرث بين الأجانب والعراقيين بشرط المعاملة بالمثل  (31).

3- التبادل الواقعي: يُقصد به أن الدولة تعامل الأجنبي نفس المعاملة الفعلية التي يُعامل بها رعاياها في دولة هذا الأجنبي، فلا يتطلب التبادل الواقعي وجود معاهدة او نص تشريعي يقرر المعاملة بالمثل، وإنما العبرة بما يكون عليه العمل في الواقع. وهذا النوع من أنواع التبادل وان كان يتميز بمرونته فأنه يعيبه صعوبة التحقق من عناصره فضلا سهولة انكاره فكل دولة وبحض ارادتها تستطيع ان تنكر حقوق الأجانب المعترف بها واقعياً الامر الذي يدفع الدول الاخر الى اتخاذ نفس الموقف (32). وفي النهاية فأن التبادل الواقعي هو أحد الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق الأهداف التي يسعى نظام التبادل الى ادراكها ، وقد أخذ العراق سابقاً بهذا النوع من أنواع التبادل عندما تم إلغاء رسوم الإقامة عن الرعايا السوريين بتاريخ 20/1965/12 عندما قامت السلطات السورية من جانبها بأعقاء الرعايا العراقيين من رسم الإقامة (33).

ثانياً: المعاملة بالمثل او التبادل من حيث المضمون:

ينقسم مبدأ المعاملة بالمثل او التبادل من حيث المضمون الى عدة أنواع سنبينها وكما يلي: 1 - التبادل بالتطابق : معناه ان الدولة تمنح الأجنبي ذات الحقوق التي يتمتع بها رعاياها في الدولة التي ينتسب اليها ذلك الأجنبي (34) ، ومثال ذلك أن الدولة الإقليمية تمنح الأجنبي حق ممارسة مهنة المحاماة، إذا كان قانون الدولة الأجنبية المعنية من شأنه إعطاء مواطنيها ذات الحق المعني. ولكن يعيب هذا النوع من التطابق انه قد لا يؤدي أحيانا المساواة الكاملة بين الطرفين من الناحية الواقعية بمعنى ان يكون التزام الدولة بمنح الأجانب حقاً معيناً تطبيقاً لمبدأ التبادل بالتطابق عبئاً عليها وميزة للدولة الأخرى ، مثال ذلك كما لو تعاقدت دولتان على أساس منح رعايا كل منهما في إقليم الأخرى حق الاشتغال بالتجارة وكان رعايا الدولة الأولى المقيمون في إقليم الدولة الثانية أكثر عدداً بصورة كبيرة من رعايا الدولة الأخيرة المقيمين في الأولى فأن الفائدة التي ستترتب على هذا الشرط سيحققها بلا شك رعايا الدولة الأولى بينما يلحق الغبن بالدولة الثانية(35). وبيان ذلك ان الدولة التي تلجأ الى هذه الصياغة لن تحقق كسباً حقيقياً، إلا إذا كان لها في الخارج عدد كاف من الرعايا سيستفيد من التمتع بالحق موضوع التبادل، فلا يتوافر للعراق مثلا مصلحه في دولة أخرى بمعاهدة يتقرر فيها تبادل الحق بالحق إلا إذا كان هنالك عند معتبر من الارتباط مع الوطنيين سيعود عليهم النفع من التمتع بالحق في هذه الدولة.

2-  التبادل على أساس التعادل : في الحالة الماثلة تعلق الدولة تمتع الأجنبي بحقوق معينة في اقلیمها، على حصول رعاياها المقيمين في إقليم الدولة الأجنبية على مجموعة أخرى من الحقوق ترى انها تعادل في الأهمية، مجموعة الحقوق التي قررت منحها لرعايا الدولة الأجنبية وان كانت لا تطابقها (36) ، مثال ذلك: ان تسمح الدولة (أ) لرعايا الدولة (ب) ان يمارسوا على الإقليم الأول نشاط تجاري معين، شريطة ان يحصل مواطن الدولة (أ) على حق ممارسة نشاط صناعي معين على إقليم الدولة (ب)، أي ان هذه النوع من التبادل لا يتطلب تطابق الحقوق بل يكتفي بتكافؤها، وبعبارة أخرى ان الحقوق والمزايا تتوازن في قيمتها دون ان تتطابق في مضمونها وهذا النوع من التبادل غير منتشر بين الدول لصعوبة تطبيقه وما قد يؤدي اليه من المساس بمبدأ المساواة بينها إذا اختل التوازن بين مجموعة الحقوق التي تقررها كل دولة، إلا انه من ناحية أخرى يكون التبادل بالتعادل اقرب للعدالة إذا أمكن ضبط وتقييم المزايا والحقوق التي تمنحها الدولة للأجانب ،وتلك التي يحصل عليها رعاياها في الدولة الأخرى مقابلاً لها  (37).

التبادل بتعداد الحقوق: يقوم هذا النوع على أساس التعداد الحســـابي للحقـــوق التـــي تسمح بها الدولة لرعايا بعضها البعض ، ويتم ذلك التعداد في الاتفاقية المبرمة بين عدة دول (38) ، كأن تتفق دولتان على تمتع رعاياها لدى الأخرى بحق الإقامة، وحق ممارسة التجارة، وممارسة الاعمال اليدوية والفنية والذهنية ، أما عن موقف المشرع العراقي من شرط المعاملة بالمثل او التبادل من حيث المضمون فبقدر المعلومات المتاحة لم يتم العثور على اية معاهدة او اتفاقية انضم اليها العراق بهذا الشأن .

وأخيراً فان الأدوات القانونية المختلفة التي تستخدم في صياغة تنظيم حقوق الاجانب ينبغي ان يراعى في اختيارها الغاية التي تستهدفها الدولة. وهنا تتفاعل الاعتبارات السياسية والاقتصادية لإملاء السياسة التي تحقق المصلحة القومية إزاء الأجانب وعلى ضوء الغاية المرسومة ينبغي اختيار الأداة القانونية التي تكفل نجاح سياسة الدولة. وبهذا وحده يمكن ان يتحقق التناسق والانسجام في التشريعات الوطنية والمعاهدات التي تلزم الدولة في مواجهة الدول الأخرى (39).

____________

1- د. هشام خالد القانون الدولي الخاص، ط1، دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية، 2014،  ص 398

2- د. عباس العبودي، شرح احكام قانون الجنسية رقم (26) لسنة 2006 والموطن ومركز الاجانب ( دراسة مقارنة في نطاق القانون الدولي الخاص) مكتبة السنهوري ، بيروت 2015   ، ص281

3- د. حسام الدين فتحي ناصف مركز الاجانب دراسة للنظرية العامة والقانون المصري المقارن ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2010  ص 42.

4- د. شمس الدين الوكيل ومركز الاجانب منشاة المعارف الاسكندرية ، الطبعة الاولى 1960 ، ص 517.

5- د. جابر الراوي، مبادئ القانون الدولي الخاص ، في الموطن ومركز الاجانب واحكامها في القانون العراقي والمقارن   ، ص 84

6-  د. شمس الدين الوكيل المصدر السابق ، ص 517.

7- د. ياسين الياسري، المبادئ العامة لمركز الاجنبي مع شرح قانون اقامة الاجانب رقم (76) لسنة 2017 ، ط1، المكتبة القانونية، بغداد ، 2018 ، ص 62.

8- د. عز الدين عبد الله ، القانون الدولي الخاص الجزء الأول في الجنسية والموطن وتمتع الاجانب الحقوق (مركز الاجانب)، ط3، مطبعة جامعة القاهرة، 1945 ، ص 366.

9- حيث نصت المادة (11) من القانون المدني السويسري باللغة الانكليزية بالاتي

 Accordingly, within the limits of the law, every person has the same capacity to have rights and obligations

10- استناداً لأحكام المادة 49  من القانون المرقم (83) في 2004/5/1 قانون تعديل حماية حق المؤلف رقم (3) لسنة  1971

11- المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي لسنة 2001.

12- د. السيد عبد المنعم حافظ السيد ، احكام تنظيم مركز الاجانب مكتبة الوفاء القانونية الاسكندرية ط1 2014   ، ص 76.

13- د. عباس العبودي، شرح احكام قانون الجنسية العراقية رقم (26) لمن 2006 والموطن ومركز الاجانب ، المصدر السابق، ص 280

14- د. السيد عبد المنعم حافظ السيد ، المصدر السابق ، ص 86.

15- د. سعيد يوسف البستاني ، الجامع في القانون الدولي الخاص، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2009 ، ص  473

16- د. احمد مسلم، موجز القانون الدولي الخاص المقارن في مصر ولبنان، دار النهضة العربية، بيروت، 1966 ، ص 299

17-  د. حسام الدين فتحي ناصف مركز الاجانب دراسة للنظرية العامة والقانون المصري المقارن ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2010  ، ص 53

18-  د. بیار ما بر وفانسان هوزيه ، القانون الدولي الخاص ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بدون سنة نشر ، ص881

19-  د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن، ط 2 ، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1977  ، ص 206.

20-  د. شمس الدين الوكيل المصدر السابق، ص 19 .

21-  د. عز الدين عبد الله المصدر السابق، ص  405  

22- د. مصطفى ياسين الاصبحي، حق الاجانب في التمليك في القانون الدولي الخاص الجامعي الحديث الاسكندرية 2007 ، ص 334.

23-  د. السيد عبد المنعم حافظ السيد ، المصدر السابق ، ص 89 – 90

24- د. احمد مسلم ، المصدر السابق ، ص 299

25- د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، القانون الدولي الخاص وفق القانونين العراقي والمقارن، ط 2 ، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1977 ، ص 205  

26-  د. حسن الهداوي الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، مصدر سابق ، ص 316.

27-  د. شمس الدين الوكيل المصدر السابق ، ص 527.

28-  د. ممدوح عبد الكريم حافظ ، المصدر السابق، ص 207.

29- د. حسن الهداوي، الجنسية ومركز الاجانب واحكامهما في القانون العراقي ، مصدر سابق ، ص 316.

30- نص المادة (11) من القانون المدني الفرنسي باللغة الفرنسية على انه

 : L'étranger jouira en France des mêmes droits civils que ceux qui sont ou seront accordés aux Français par les traités de la nation à laquelle cet étranger appartiendra.

31- نصت المادة (22) أ) من القانون المدني العراقي على انه .... غير إن العراقي لا يرثه من الاجانب ألا من كان قانون دولته يورث العراقي منه

32-  د. بدر الدين عبد المنعم شوقي ، الوسيط في القانون الدولي الخاص المصري الجنسية - الموطن – مركز الاجانب ، بدون دار نشر، 199۵ ص 283 ، د. شمس الدين الوكيل ، المصدر السابق ، ص525

33-  د. جابر ابراهيم الراوي ، المصدر السابق، ص 86

34-  د. سعيد يوسف البستاني ، الجامع في القانون الدولي الخاص المضمون الواسع المتعدد الموضوعات )، ط1 ،منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 2009 ، ص 469.

35- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي، الوسيط في القانون الدولي الخاص المصري ( الجنسية - الموطن – مركز الاجانب ) مصدر سابق ، ص 285.

36-  د. ناصر عثمان محمد عثمان ، مبدأ المعاملة بالمثل في نطاق القانون الدولي الخاص ، ط1، دار النهضة العربية ، القاهرة، 2013، ص 18

37- د. بدر الدين عبد المنعم شوقي الوسيط في القانون الدولي الخاص المصري ( الجنسية - الموطن – مركز الاجانب ) مصدر سابق ، ص 286

38- د. ياسين الياسري المبادئ العامة لمركز الاجنبي مع شرح قانون اقامة الاجانب رقم (76) لسنة 2017 ، ط1، المكتبة القانونية، بغداد ، 2018   ، ص 69 - 70.

39-  د. شمس الدين الوكيل ومركز الاجانب منشاة المعارف الاسكندرية ، الطبعة الاولى 1960 ،ص 532

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .