المنهج السلوكي:

يهتم هذا المنهج برصد السلوك البشري للإنسان، وبيان كيف تؤثر سلوكياته على اتخاذ قرارات قد تكون مؤثرة في جوانب جغرافية عدة. أو بتعبير آخر فإنها تنطوي على فهم التوزيع المكاني وأنماط الظواهر التي من صنع الإنسان على سطح الأرض والتي تولدت من قرارات الإنسان وسلوكياته والتي تؤثر بشكل مباشر في ترتيب الظاهرة على أرض الواقع.

وبذلك يعتمد المنهج السلوكي على فكرة المثير والاستجابة التي استمدها من علم النفس. فالبيئة بمظاهرها الطبيعية والبشرية هي المثير، والإنسان يستجيب وينفعل لها. وعند استجابته بطريقة ما يتخذ قراراً، ثم يسلك سلوكاً معيناً بناء على هذا القرار الذي اتخذه ومعلوم أن المكان له خصائصه الطبيعية والحضارية البشرية والاقتصادية). ويكون الإنسان صورة ذهنية عقلية لهذه الخصائص وبالتالي تصبح هناك صورتان عن الخصائص المكانية صورة الواقع الحقيقي والصورة الذهنية العقلية التي كونها الإنسان أو ما يسميها بعضهم الصورة السيكو مكانية Psychoanalysis.

وعندما يتخذ الإنسان قراراً فهو يتخذه في ضوء إدراكه لخصائص المكان، أي في ضوء الصورة الذهنية العقلية التي كونها وتصوّرها وتخيلها عن ذلك، وليس في ضوء الحقيقة الواقعية ودائماً يكون إدراك الإنسان الخصائص المكان غير كامل وغير دقيق ويحتم هذا الوضع تعديل القرارات التي اتخذها الإنسان وبالتالي سلوكه المبني عليها بصفة مستمرة ليدخل في حساب الخصائص المكانية التي لم يدركها وقت اتخاذه للقرارات في المرات السابقة ويتباين الإدراك من فرد لآخر ومن جماعة لأخرى على حسب المستوى الحضاري.

وتميل الدراسات الحديثة في جغرافية السكان إلى اعتماد المنهج السلوكي وذلك من خلال التركيز على فهم القرارات الفردية للسلوك الإنساني للوصول إلى وضع عمومية في هذه الخصائص تساعد في التنبؤ والاستجابة وتوجيه هذا السلوك مستقبلاً ومن الدراسات المعروفة في هذا المجال تلك التي قدمها (مور Moore) لمعرفة سلوك الساكنين وانتقالهم ضمن المنطقة الحضرية مفترضاً تتابع القرارات محاولاً تحديد العوامل التي تؤثر في نتائج كل قرار منها.

كما ويصلح هذا المنهج في تفسير بعض الظواهر السكانية مثل الهجرة وأسبابها الإنجاب العمل التعليم التركز السكاني الطلاق العزوبية.....