أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-5-2017
4065
التاريخ: 16-11-2020
2570
التاريخ: 30-04-2015
1511
التاريخ: 10-10-2014
1983
|
هناك فَرقٌ فارق بين القرآن والقراءات ؛ حيث القرآن هو النصّ المُوحى به من عند ربّ العالمين نَزل به الروح الأمين على قلب سيّد المرسلينَ ، وهو الذي تَعاهده المسلمون جيلاً بعد جيل ، تلقّوه من الرسول تلقّياً مباشراً ، وتداولوه يداً بيد حتّى حدّ التواتر المستفيض ، لا اختلاف فيه ولا اضطراب مُنذ يومه الأَوّل فإلى مدى العصور وتعاقب الدهور ، وهم على قراءةٍ واحدة كان يَقرأها النبيّ الكريم ( صلّى اللّه عليه وآله ) تَداوله الأصحاب والتابعون لهم بإحسان وعلى أثرهم سائر الناس أجمعون .
أمّا القراءات فهي اجتهادات مِن القرّاء للوصول إلى ذلك النصّ المُوحّد ، ولكن طرائقهم هدتهم إلى مُختلف السبل فضلاً على تنوّع سلائقهم في سلوك المنهج القويم ، فذهبوا ذاتَ اليمين وذاتَ الشمال ، كلٌّ يضربُ على وِترَه (1) .
قال الإمام أبو عبد اللّه الصادق ( عليه السلام ) : ( القرآن واحد ، نزل مِن عند واحد ، ولكنّ الاختلافَ يجيء مِن قِبَل الرواة ) (2) يعني : أنّ الاختلاف حادث على أثر اختلاف نَقَلَة النصّ وَهم القُرّاء .
ومِن ثَمّ قال الإمام بدر الدِّين الزركشي : القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان ، فالقرآن هو الوحي المُنزل على مُحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ، والقراءات هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور ، في كِتبَة الحروف أو كيفيّتها (3) أي الاختلاف الحاصل فيما بعد ، في كيفية كتابته أو كيفية قراءته .
* * *
على أنّ هذه الآثار إنّما نُقلت نقلاً بالإرسال ، وعلى فرض الإسناد وصحة السند فهي أخبار آحاد لا يثبت به القرآن ، المعتبر فيه النقل المتواتر القطعي نقلاً على سعة الآفاق ، وليس في سِوى قراءة حفص ذات الإسناد الذهبي إلى الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وقد ملأت الخافقَينِ .
أمّا المنقول عن ابن عبّاس فلم يَثبت وحاشاه أن يَتعدّى قراءة شيخه ومولاه إمام المتّقين .
والمنقول عن عائشة لا اعتبار به ، وهكذا جاءت قراءة أبي بكر قُبيل وفاته في سَكرة الموت ، روى القرطبي بإسناده إلى مسروق ، قال : لمّا احتضر أبو بكر أرسل إلى عائشة ، فلمّا دخلتْ عليه قالت : هذا كما قال الشاعر :
لَـعَمرُك مـا يُغني الثراءُ ولا iiالغِنى إذا حشرجتْ يوماً وضاق بها الصدرُ
فقال أبو بكر : هلاّ قلتِ كما قال اللّه : ( وجاءت سكرة الحقّ بالموت ذلك ما كنت منه تحيد ) .
قال القرطبي : هذه الرواية مرفوضة تجري مَجرى النسيان منه إن كان قالها ، أو الغلط مِن بعض مَن نقل الحديث (4) .
وقراءة الأعرج شاذّة لا اعتداد بها .
وكان ابن مسعود يَرى جواز تبديل النصّ بالأجلي من غير أنْ يجعله قرآناً أو يعتقده نصّاً مُوحى به ، وكان عمله هذا مرفوضاً لدى المحقّقين .
والمنقول عن أُبيّ ومِثله عن ابن مسعود أيضاً هي زيادات تفسيريّة لغرض الإيضاح من غير أن يكون زيادةً في النصّ أو تغييراً في لفظ القرآن .
على أنّه لا حجّية في مزاعم أُناس ـ مهما كانوا ـ ما لم تقع موضع قبول عامّة المسلمين فضلاً عن رفضهم إيّاها ، كما وقع بالفعل .
قال ابن قتيبة : وأمّا نقصان مُصحف عبد اللّه بحذفه ( أُمّ الكتاب ) و( المعوّذتين ) ، وزيادة ( أُبيّ ) بسورتي القنوت ، فإنّا لا نقول : إنّ عبد اللّه وأُبَيّاً أصابا ، وأخطأ المهاجرون والأنصار ، ولكن عبد اللّه ذهب فيما يرى أهل النظر إلى أنّ المعوّذتين كانتا كالعوذة والرُقْيَة وغيرهما ، وكان رسول الله ( صلّى اللّه عليه وآله ) يُعوِّذ بهما الحسن والحسين (5) ، كما كان يعوذ بـ ( أعوذ بكلمات اللّه التامّة ) (6) ، فظَنّ أنّهما ليستا من القرآن ، وأقام على ظنّه وعلى مخالفة الصحابة جميعاً ، كما في مواضع أُخر خالف فيها جميع الأصحاب .
وإلى نحو هذا ذهب أُبيّ في دعاء القنوت ؛ لأنّه رأى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) يدعو به في الصلاة دعاءً دائماً ، فظنّ أنّه من القرآن ، وأقام على ظنّه وعلى مخالفة الصحابة .
قال : وأمّا ( فاتحة الكتاب ) فإنّي أشكّ فيما رُوي عن عبد اللّه مِن تركه إثباتِها في مُصحفه ، فإنْ كان هذا محفوظاً فليس يجوز لمسلم أنْ يَظنّ به الجهل بأنّها من القرآن ، وكيف يُظنّ به ذلك وهو من أشدّ الصحابة عنايةً بالقرآن ؟!
ولكنّه ذهب فيما يَظنّ أهل النظر إلى أنّ القرآن إنّما كُتب وجُمِع بين اللوحين ؛ مَخافةَ الشكّ والنسيان والزيادة والنقصان ، ورأى ذلك لا يجوز على سورة الحمد ؛ لقِصَرِها ولأنّها تُثنّى في كلّ صلاة ، ولا يجوز لأحدٍ من المسلمين ترك تعلّمِها وحفظها (7) .
قال سيّدنا الأُستاذ طاب ثراه : إنّ تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ؛ لأنّ الاختلاف في خصوصيات حادثة تأريخيّة ـ كالهجرة مثلاً ـ لا ينافي تواتر نفس الحادثة ، على أنّ الواصل إلينا بتوسّط القرّاء إنّما هو خصوصيات قراءاتهم ، وأمّا أصل القرآن فهو واصل إلينا بالتواتر بين المسلمين وبنقل الخَلف عن السَلف وتحفّظهم عليه في الصدور وفي الكتابات ، ولا دَخل للقرّاء بخصوصهم في ذلك أصلاً ؛ ولذلك فإنّ القرآن ثابت بالتواتر ، حتّى لو فرضنا أنّ هؤلاء القرّاء لم يكونوا في عالم الوجود ، إنّ عظمةَ القرآن ورِفعةَ مقامِه أعلى من أنْ تتوقّف على نقل أولئك النفر المحصورين (8) .
______________________
(1) عدلنا عمّا ذكره ابن قتيبة بهذا الشأن ؛ لذهابه إلى جواز القراءة بكلّ هذه الوجوه ، استناداً إلى حديث الأحرف السبعة ، وقد نبّهنا على أنّ الحديث إنّما يعني اللهجات دون القراءات السبع التي هي اجتهادات مِن القرّاء والتي توسّمت برسميّتها بعد ثلاثة قرون ، راجع : التمهيد ، ج2 .
(2) الكافي ، ج2 ، ص630 ، رقم 12 .
(3) البرهان ، ج1 ، ص318 .
(4) راجع : تفسير القرطبي ، ج17 ، ص12 ـ 13 .
(5) أخرجه أحمد في مسنده ، ج5 ، ص130 ، من حديث زر بن حبيش .
(6) أخرجه البخاري ، ج4 ، ص179 ، في كتاب الأنبياء من حديث ابن عباس ، وراجع : صحيح مسلم ، ج4 ، 2080 ـ 2081 في كتاب الذكر والدعاء والاستغفار ، باب التعوّذ من سوء القضاء ودرك الشقاء ، وسُنَن الدارمي ، ج2 ، ص 289 في الاستئذان ، وسنن الترمذي ، ج4 ، ص396 ، في الطبّ ، وسنن ابن ماجة ، ج2 ، ص359 ، باب 1289 ، رقم 3586 . ومسند أحمد ، ج1 ، ص236 .
(7) تأويل مشكل القرآن ، ص42 ـ 49 .
(8) البيان في تفسير القرآن للإمام الخوئي ، ص174 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|