المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



مكانة الشاعر والخطيب في الجاهلية  
  
11514   05:25 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص75-76
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 34315
التاريخ: 22-03-2015 4029
التاريخ: 22-03-2015 3765
التاريخ: 22-03-2015 10354

قال ابن رشيق (1): «كانت القبيلة من العرب إذا نبغ فيها شاعر أتت القبائل فهنأتها، وصنعت الأطعمة، واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر (2) كما يصنعون في الاعراس؛ ويتباشر الرجال والولدان، لأنه (أي الشاعر) حماية لأعراضهم وذبّ عن أحسابهم واشادة بذكرهم، وكانوا لا يهنّئون إلا بغلام يولد أو شاعر ينبغ فيهم أو فرس تنتج. . .»
وقال الجاحظ: «والخطباء كثيرون، في الجاهلية، والشعراء أكثر منهم. ومن يجمع الشعر والخطابة قليل» (3). ولقد «كان الشاعر أرفع قدرا من الخطيب، وهم اليه أحوج لردّه مآثرهم عليهم وتذكيرهم بأيّامهم. فلمّا كثر الشعراء وكثر الشعر صار الخطيب أعظم قدرا من الشاعر» (4).
وجاء الجاحظ أيضا بتفصيل أوفى في هذا الموضوع فقال: (5) «كان الشاعر في الجاهلية يقدّم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم ويفخّم شأنهم ويهوّل على عدوّهم ومن غزاهم، ويهيّب من فرسانهم ويخوّف من كثرة عددهم، فيهابهم شاعر غيرهم ويراقبه شاعرهم. فلمّا كثر الشعر والشعراء، واتّخذ (الشعراء) الشعر مكسبة، ورحلوا به إلى السوقة وتسرعوا إلى أعراض الناس صار الخطيب عندهم فوق الشاعر».
______________
1)   العمدة 1:49.
2)   المزهر (بكسر الميم وفتح الهاء): العود الذي يعزف عليه.
3) البيان والتبيين 1:45.
4) البيان والتبيين 4:83.
5) البيان والتبيين 1:241؛ راجع العمدة 1:66.
 
 




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.