المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ائتلاف اللفظ مع المعنى  
  
3764   03:31 مساءاً   التاريخ:
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص29-30
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3810
التاريخ: 24-09-2015 1610
التاريخ: 26-03-2015 22920
التاريخ: 26-03-2015 2642

ذا الباب ذكره قدامة وترجمه منفرداً، ولم يبين معناه، وشرحه الآمدي فأطال، ولم توف عبارته بإيضاحه؛ وتلخيص معنى هذه التسمية أن تكون ألفاظ المعنى المطلوب ليس فيها لفظة غير لائقة بذلك المعنى، ومثال ذلك قوله سبحانه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} فعدل سبحانه عن الطين الذي أخبر في كثير من مواضع الكتاب العزيز أنه خلق آدم منه، منها قوله تعالى: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ} وقوله سبحانه حكاية عن إبليس: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فعدل عز وجل. وهو أعلم. عن ذكر الطين الذي هو مجموع الراب والماء إلى ذكر مجرد التراب، لأنه أدنى العنصرين، وأكثفهما لما كان المقصود مقابلة من ادعى في المسيح الإلهية بما يصغر أمر خلقه عند من ادعى ذلك، فهذا كان الإيتان بلفظة التراب أمتن بالمعنى من غيرها من العناصر ولو كان موضعه غيره لكان اللفظ غير مؤتلف بالمعنى المقصود، ولما أراد سبحانه الامتنان على بني إسرائيل بعيسى عليه السلام أخبرهم عنه أنه يخلق لهم من الطين كهيئة الطير تعظيماً لأمر ما يخلقه بإذنه، إذ كان المعنى المطلوب الاعتداد عليهم بخلقه ليعظموا قدر النعمة به.
ومن ائتلاف اللفظ مع المعنى أن يكون اللفظ جزلاً إذا كان المعنى فخماً، ورقيقاً إذا كان المعنى رشيقاً، وغرساً إذا كان المعنى غريباً بحتاً، ومستعملاً إذا كان المعنى مولداً محدثاً، كقول زهير [طويل]:
أثافي سفعاً في معرس مرجل ... ونؤباً كجذم الحوض لم يتثلم
فلما عرفت الدار قلت لربعها ... ألا أنعم صباحاً أيها الربع وأسلم
فإن زهيراً لما قصد إلى تركيب البيت الأول من ألفاظ تدل على معنى عربي لكن المعنى غير غريب، ركبه من ألفاظ متوسطة بين الغرابة والاستعمال، ولما قصد في البيت الثاني إلى معنى أبين من الأول وأعرف وإن كان غريباً ركبه من ألفاظ مستعملة معروفة.
ومن شواهد هذا القسم من الائتلاف من الكتاب العزيز قوله تعالى: { قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ } فإنه سبحانه أتى بأغرب ألفاظ القسم بالنسبة إلى أخواتها، فإن والله وبالله أكثر استعمالاً وأعرف عند الكافة من تالله لما كان الفعل الذي جاور القسم أغرب الصيغ التي في بابه، فإن كان وأخواتها أكثر استعمالاً من تفتأ وأعرف عند الكافة، ولذلك أتى بعدهما بأغرب ألفاظ الهلاك بالنسبة، وهي لفظة حرض ولما أراد غير ذلك قال في غير هذا الموضع {  وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} لما كانت جميع الألفاظ مستعملة وعلى هذا فقس. والله أعلم.
ومن هذا الباب ملاءمة الألفاظ في نظم الكلام على مقتضى المعنى، لا من مجرد جملة اللفظ، فإن الائتلاف من جهة ما قدمنا من ملاءمة الغريب للغريب والمستعمل للمستعمل، لا من جهة المعنى، بل ذلك من جهة اللفظ.
وأما الذي من جهة المعنى فقوله تعالى: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} فإنه سبحانه لما نهى عن الركون للظالمين، وهو الميل إليهم، والاعتماد عليهم، كان ذلك دون مشاركتهم في الظلم، أخبر أن العقاب على ذلك دون العقاب على الظلم، وهو مس النار، دون الإحراق والاصطلاء، وإن كان المس قد يطلق ويراد به الاستئصال بالعذاب وشمول الثواب أكبر مجازاً، ولما كان المس أول ألم أو لذة يباشرها الممسوس جاز أن يطلق على ما يدل عليه استصحاب تلك الحال مجازاً، والحقيقة ما ذكرناه وهو في هذه الآية الكريمة على حقيقته، والله عز وجل أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.