ثانيا: انواع الازمات المالية

بالرجوع إلى الازمات المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي نجدها لا تخرج عن الانواع الآتية :

أ- أزمة النقد الاجنبي

تحدث في العملة لدولة ما ، عندما تؤدي هجمات المضاربة على عملة بلد ما إلى تخفيض قيمتها والى هبوط حاد فيها ، او ترغم البنك المركزي على الدفاع عن العملة ببيع مقادير كبيره من احتياطاته او رفع سعر الفائدة بنسب كثيرة⁽³⁾.

ويميز المختصون بين ازمات العملة ذات الطابع القديم او (الحركة البطيئة) وبين الازمات ذات الطابع الجديد اذ ان الاولى تبلغ ذروتها بعد فترة الافراط في الانفاق والارتفاع الحقيقي في قيمة العملة التي تؤدي إلى اضعاف الحساب الجاري غالباً في سياق من الضوابط المتزايدة على راس المال مما يؤدي في النهاية إلى تخفيض قيمة العملة اما في الثانية فان القلق الذي ينتاب المستثمرين بشأن جدارة الميزانيات لجزء مهم من الاقتصاد (سواء كان خاصاً ام عاماً) يمكن ان يؤدي في مناخ الأسواق المالية والرأسمالية الأكثر تحرراً أو تكاملاً إلى الضغط سريعاً على سعر الصرف.  

ب- الازمة المصرفية

تحدث الازمات المصرفية عندما يكون اندفاع فعلي او محتمل على سحب الودائع من احدى البنوك او اخفاق البنوك أو إلى ارغام الحكومة على التدخل لمنع ذلك بتقديم دعم مالي واسع النطاق للبنوك وتميل الازمات المصرفية إلى الاستمرار وقتا أطول من ازمات العملة ولها آثار اقسى على النشاط الاقتصادي⁽⁴⁾

لقد كانت الازمات نادرة نسبياً في الخمسينات والستينات بسبب القيود على رأس المال والتحويل ولكنها اصبحت اكثر شيوعا في السبعينات وتحدث بالترادف مع ازمة العملة.

جـ - أزمة الديون

تحدث أزمة الديون أما عندما يتوقف المقترض عن السداد أو عندما يعتقد المقترضون أن التوقف عن السداد ممكن الحدوث ومن ثم يتوقفون عن تقديم قروض جديدة ويحاولون تصفية القروض القائمة وقد ترتبط ازمة الديون بدين تجاري (خاص) او دين سيادي (عام) كما ان المخاطر المتوقعة بان يتوقف القطاع العام عن سداد التزاماته قد يؤدي الى هبوط عام في تدفقات راس المال الخاص الى الداخل والى ازمة في الصرف الأجنبي ، ومن اشهر ازمات المديونية كانت في عام 1982 عندما توقفت اكبر الدول المدينة في العالم (البرازيل، المكسيك، الأرجنتين) عن دفع اعباء ديونها الخارجية للبنوك الدائنة الذي تعرضت إلى ذعر مالي خطير في اسواق النقد ، مما دفع مؤسسات التمويل الدولية إلى التدخل لتسوية الأزمة.

د- ازمة أسواق المال (حالة الفقاعات) 

وتحدث نتيجة ما يعرف بظاهرة (الفقاعة) عندما يرتفع سعر الأصل بشكل يتجاوز قيمته العادلة نتيجة شدة المضاربة علية ويكون الهدف من الشراء هو الربح الناتج من ارتفاع سعره وليست قدرته (الأصل) على توليد الدخل ولكن بمجرد عودة سعره إلى قيمته الحقيقية يحدث الانهيار.

ان هذه الأزمات وان اختلفت طبيعتها وانواعها فهي تشترك في نفس الخصائص التالية : 

- التعقيد والتشابك والتداخل في عناصرها واسبابها وقوى المصالح المؤيدة لها أو المعارضة لها.

- المفاجئة واستحواذها على بؤرة الاهتمام لدى المؤسسات والافراد.

- ان مصدر الخطر او الازمة او الكارثة يمثل نقطة تحول اساسية في احداث متشابكة أو متصارعة.

- انها تسبب في بدايتها صدمة ودرجة عالية من الشك في البدائل المطروحة لمجابهة الإحداث المتسارعة.

- بما ان الازمة تمثل تهديد لحياة الفرد وممتلكاته ومقومات بيئته فان مجابهتها تعد واجباً مصيرياً. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

3- نشرة متابعة أسواق المال العالمية والعربية مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مصر، شباط 2010 :

- المنظمة العربية للتنمية الإدارية، الأزمة المالية العالمية، التداعيات والاثار على اقتصادات الدول العربية، مؤتمر شرم الشيخ ابريل 2009.

- فؤاد مرسي، "الرأسمالية تجدد نفسها " ، عالم المعرفة، الكويت، 1990، ص264.

4- د. محمد عبد العزيز عجمية، د. محمد محروس إسماعيل، "التطور الاقتصادي"، دار النهضة العربية، بيروت، 1974، ص 227 .