أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-21
1037
التاريخ: 5-4-2016
4403
التاريخ: 15-12-2021
2775
التاريخ: 18-3-2021
3674
|
إن الفقه أختلف في استعمال المصطلح المناسب للتعبير عن ضوابط تطبيق نظرية الغش نحو القانون فالبعض أصطلح عليها بالأركان (1) , والبعض الآخر أستقر رأيه على تسميتها بالعناصر(2) , في حين ذهب أخرون إلى تسميتها بالشروط أو الضوابط وهو أتجاه نعتقد بترجيحه (3) ، وبالرغم من ذلك الا أن الفقه أتفق على أن لنظرية الغش نحو القانون بوصفها حالة من حالات تفوق قانون القاضي على القانون الأجنبي ثلاث ضوابط هي الضابط المادي وهو اجراء تغيير ارادي في ضابط الإسناد , والضابط القانوني وهو تغيير الاختصاص القانوني , والضابط المعنوي المتمثل بنية التحايل على القانون, أي اننا نحتاج لأعمال هذه النظرية اجتماع هذه الضوابط والتي ينبغي التنويه اليها بشيء من التفصيل كما يلي :
اولا//الضابط المادي ( التغيير الارادي لضابط الإسناد )//
إن الضابط المادي في الغش نحو القانون يقصد به أن يقوم شخص ما بأجراء تغيير بمحض ارادته اتجاه أحد ضوابط الإسناد التي تقبل حسب طبيعتها التغيير(4), أي تلك التي تمتاز بقابليتها للحركة جراء نشاط الأشخاص كتغيير ضابط الجنسية أو الموطن أو موقع المال المنقول(5), والفقه اشـار إلى ضـرورة اجتماع جملة من الشروط لينهض الضابط المادي(6), اذا ما اختل احدها انهدم هذا الضابط وتعذر أعمال نظرية الغش نحو القانون(7), فألزم هذا الفقه بان يكون تغيير ضابط الإسناد تغييراً اختيارياً كما لو اكتسب عراقي الجنسية الكندية بملء ارادته أو قام بالتوطن في غير موطنه الاصـلـي بشـكل اختياري أما اذا كان التغيير بدون ارادته كما لو فرضت عليه الجنسية بقوة القانون أو عند استبدال السيادة على الإقليم أو شعب ذلك الإقليم أو عند تغيير الموطن قهراً فهذا التغيير لضابط الإسناد يكون بغير الإرادة مما يترتب عليه بالضرورة عدم امكانية الدفع بالغش نحو القانون(8) ، وكذلك يشترط في التغيير أن يكون حقيقياً وليس صورياً أي الا يكون التغيير عبارة عن وضـع ظاهر غير حقيقي يستر موقفاً خفياً حقيقياً يقوم على اتفاق مسـتتر بمعنى وجوب أن يكون التغيير مطابقاً لحقيقة الواقع والقانون فاذا ما قام أحد الأشخاص بتغيير موطنه على وجه يريد من خلاله ايهام الغير بقصد التهرب من حكم القانون فلا قيمة تذكر لهذا الموطن الجديد ويبقى الموطن الفعلي هو الضابط المعتبر قانوناً ، ويضاف إلى تلك الشروط ضـرورة أن يتصف التغيير بصفة المشروعية أي أن يقع تغيير ضابط الإسناد ضمن الجواز القانوني وباتخاذ الوسائل أو الطرق القانونية إذ لا يمكن أن يعمد الشخص إلى استخدام طرق غير قانونية تنطوي على الخداع أو التزوير بغية تغيير أي من ضوابط الإسناد القابلة للتغيير (9)، ومثال ذلك فيما لو قام أحد الأشخاص بتقديم وثائق أو سندات مزورة لاكتساب جنسية احدى الدول والملاحظ في هذا المثال أن وسيلة الشخص ابتداءا باطلة وما بني على باطل يحكم ببطلانه أيضأ , مع العرض بعدم الحاجة لأثارة الدفع بالغش نحو القانون في المثال المتقدم إذ تكفي اثبات حالة التزوير للوقوف مانعا دون تطبيق القانون الأجنبي ومن ثم الانتصار إلى تفوق قانون القاضي (10)
ثانيا//الضابط القانوني (تغيير الاختصاص القانوني )//
إن الضابط القانوني للغش نحو القانون يقوم عند أجراء تغيير أرادي لأحد ضوابط الإسناد القابلة للتغيير بهدف سلب اختصاص القانون واجب التطبيق بالغش ضده ونقله لقانون احدى الدول الأخرى بالغش نحوه (11) ، مع الأخذ بعين الاعتبار ض رورة أن يمس التغيير الارادي القواعد الأمرة في القانون المختص بحسب الجانب الفقهي الذي يذهب إلى قصر نطاق الغش على الإفلات من حكم القواعد الآمرة في القانون دون المفسرة (المكملة) فالقواعد المكملة لا تقتضي من الأفراد اتباع سلوك معين أو الامتناع عنه بل تستهدف معاونة الافراد فيما تتجه اليه ارادتهم وفيها إرادة الأشخاص تملك س لطان التغيير ابتداءا أي أن لهم حرية مخالفة القواعد المفسرة (المكملة)(12)، غير أن هناك جانب من الفقه لا يقيم وزنا للتفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المفسرة (المكملة) عند أعمال نظرية الغش نحو القانون فالأمر الذي يؤخذ بعين الاعتبار هو نقل الاختصاص بغض النظر عن طبيعة القاعدة القانونية (13) .
ثالثا/الضابط المعنوي (نية الغش نحو القانون)
إن تطبيق نظرية الغش نحو القانون يدور وجودا وعدم مع نية الغش، والأخير يقصد به أن يهدف الشخص القائم بالغش (المتحايل) من تغيير ضابط الإسناد إلى اخراج العلاقة من حكم القانون واجب التطبيق عليها الذي تحدد بموجب قواعد الإسناد الوطنية وادخالها ضمن نطاق قانون أخر ليس بذي اختصاص (14) ويمثل الضابط المعنوي ضابطا أخر من الضوابط التي تقوم عليها نظرية الغش نحو القانون إذ لا يكفي توافر الضابط الموضوعي والضابط القانوني بل لابد من توافر قصد الغش نحو القانون (15).
وتجدر الإشارة إلى أن الضابط المعنوي يشكل الحد الفاصل بين تغيير ضابط الإسناد بهدف التغيير فعلية وحقيقية أي التغيير دون وجود دافع لتحقيق مصلحة يمكن الحصول عليها بالتهرب من حكم القانون واجب التطبيق وبين التغيير غشا الذي يراد منه الإفلات من حكم هذا القانون (16) ، وقد أشار القضاء الفرنسي ووضح هذا الضابط في جملة من تطبيقاته منها القضية التي سبق التنويه عنها تتلخص وقائعها في أن الاميرة (دي بوفرمنت البلجيكية بالولادة تزوجت من ضابط فرنسي واصبحت فرنسية بالزواج وحصلت على الجنسية الفرنسية وفي سنة (1874) حدث بينهما انفصال وارادت الاميرة الطلاق بعد ذلك ولكن القانون الفرنسي كان يحرم الطلاق وفي عام (1875) تجلست بجنسية احدى الامارات الالمانية وطلقت زوجها مباشرة في السنة نفسها وفقا لقانون هذه الأمارة وما أن حصلت على الطلاق حتى تزوجت من امير روماني وأصبحت رومانية بالزواج , ومن ثم رفع الضابط الفرنسي (الزوج الاول) دعوى أمام المحاكم الفرنسية مطالبة ابطال الطلاق واعتبار الزواج الثاني كأن لم يكن , فأصدرت محكمة النقض الفرنسية في عام (1878) قرارا شهيرة قالت فيه ان هذه الزوجة التي حصلت على الجنسية الجديدة لم تكن غايتها التمتع بالحقوق الخاصة بالجنسية واداء الواجبات انما كان دافعها الوحيد هو التخلص من موانع القانون الفرنسي الذي منعها من الطلاق) (17) , بمعنى أن المحكمة أوضحت أن نية الزوجة عند حصولها على الجنسية الألمانية كان بهدف التخلص من حكم قانون القاضي الفرنسي تجاه الطلاق وليس لأجل التمتع بالحقوق .
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن عبء استنتاج توافر الركن المعنوي (نية الغش) من عدمه يقع على عاتق قاضي الموضوع مع العرض بان هذا العبء يتسم بالصعوبة إذ أن معرفة الباعث الدافع على ذلك التغيير ليس من السهولة بمكان والتي تمكن القاضي من كشفه بيسر فعليه بذل جهودا استثنائية من اجل الوصول للحقيقة عبر تحليل القرائن والظروف الملابسة لعملية تغيير ضابط الاسناد (18). والسؤال بعد ذلك هل يلزم لأعمال نظرية الغش نحو القانون تحقق النتيجة غير المشروعة؟
يذهب رأي في الفقه إلى أن مجرد توافر الضابط المادي والقانوني والمعنوي (نية الغش) يكفي لقيام الغش نحو القانون حتى وإن لم تتحقق النتيجة المشروعة (19).
, ونعتقد بغير ذلك لأن كشف الضابط المعنوي (نية الغش) يحتاج إلى قرينة تحقق النتيجة غير المشروعة إذ لا فائدة عملية من البحث في قيام نظرية الغش نحو القانون مادام النتيجة غير المشروعة لم تتحقق.
___________
1 - د. عبد الرسول عبد الرضا الاسدي , أحكام التنازع الدولي للقوانين , منشورات الحلبي الحقوقية , بيروت , 2012 , الطبعة الاولى , ص 149.
2- د . حسن الهداوي ، تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي ،1967 , ص 204 .
3- د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 555 ود. هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1968 ، ص 213 ود. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان ، ص 192 ود. جمال محمود كردي ، تنازع القوانين ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، بلا سنة طبع ، ص 224 ود. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، دار السنهوري ، بيروت ،2015 ، ص 222 ود. محمد خيري كصير ، حالات تطبيق قانون القاضي في نطاق تنازع القوانين ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2012 ، ص 154 د. ابراهيم احمد ابراهيم , القانون الدولي الخاص , كلية الحقوق - جامعة عين شمس , بلا سنة طبع ، ص 339 .
4- د. عكاشة عبد العال تنازع القوانين دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004، ص497.
5- د. حفيظة السيد حداد ، النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 2007 ، ص315.
6- د. حمزة فتال ، دور القاضي في تطبيق القانون الأجنبي ، اطروحة دكتوراه مقدمة لكلية الحقوق ، جامعة الجزائر ، الجزائر ، 2010-2011 ، ص161.
7- د. سعيد يوسف البستاني ، القانون الدولي الخاص ، تطور وتعدد طرق حل النزاعات الخاصة الدولية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ،2004 ، ص7 ، ص187.
8- د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008، ص556 ود. هشام علي صادق ، مركز القانون الأجنبي امام القاضي الوطني دراسة مقارنة ، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 1968 ، ص 214 ود. جمال محمود كردي ، مصدر سابق ، ص 224 ود. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، مصدر سابق ، ص223 ود. حمزه قتال ، مصدر سابق ، ص 166.
9- د علي غالب الداوودي ، القانون الدولي الخاص - تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية ، الطبعة الثالثة ، دار وائل للطباعة والنشر - عمان ، 2001 ، ص 158.
10- د. حفيظة السيد حداد ، النظرية العامة في القانون القضائي الخاص الدولي ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 2007 ، ص 316.
11- د. أحمد عبد الكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص.556 .
12- د. غالب على الداوودي ود. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص الأحكام الاجنبية ، ص 203 .
13- د. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وتنفيذ الأحكام الأجنبية ، مصدر سابق ، ص 221 .
14- د. حسن الهداوي ، القانون الدولي الخاص ، تنازع القوانين ، مصدر سابق ، ص 204 .
15- د. حفيظة السيد حداد ، مصدر سابق ، ص 306 .
16- د. سعيد يوسف البستاني ، القانون الدولي الخاص ، تطور وتعدد طرق حل النزاعات الخاصة الدولية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ،2004 ، ص 181 .
17- مشار اليه عند د. جابر جاد عبد الرحمن ، تنازع القوانين ، المطبعة العالمية ، القاهرة ، 1969 , ص577-578 .
18- د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبدالعال ، القانون الدولي الخاص ، الدر الجامعية ، بيروت ، لبنان , ص 196.
19- د. عكاشة محمد عبد العال , تنازع القوانين ، مصدر سابق, ص 506.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|