المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

العزلة الممدوحة.
2023-04-13
الأزولا Azolla
24-6-2017
كيفية غسل الحائض
7-12-2016
الدليل النقلي والنص على امامة الامام القائم (عج)
2-08-2015
دواعي الإنفاق بالمن والأذى
12-7-2020
القوالب الفنية لكتابة التحقيق الصحفي
2023-07-11


الطفل والحاجة الى الثقة بالنفس  
  
1234   08:08 صباحاً   التاريخ: 18-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص331ــ342
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

من المتطلبات المهمة والاساسية للإنسان والتي تساعد على بناء الحياة الاجتماعية والشريفة هي الحاجة الى الثقة بالنفس. ومعنى ذلك ومفهومه ان يتمكن الانسان ومن خلال الاستعانة بالله تعالى ووضع الأمور في المسير والسنة التي يريدها الله تعالى، والتمهيدات الضرورية للنجاح في أداء أي عمل أن يبعد عن نفسه الترديد والحيرة ويندفع بثقة واطمئنان. وان لا ينتظر من الآخرين الاقدام على اداء اعماله وقضاء احتياجاته أو يقوم الآباء والمربون بخدمته. إذ عليه ان ينهض من مكانه ويعتمد على قدراته وامكانياته ويقدم على قضاء حاجاته.

وهذا الأمر يمثل حاجة شخصية للفرد ولازمة لعزة نفسه، ويمثل أيضاً أمراً ضرورياً له من الناحية الاجتماعية ومواصلته الحياة. أنه بحاجة في هذه الثقة الى الاستفادة من الاطمئنان، ويرى ذلك بأنه قابل للتبعية والتنفيذ. وعليه ان يصمم بكل جرأة وجسارة ويندفع الى الأمام وليس بتزلزل وترديد. وان تكون قامته منتصبة وخطواته ثابتة وعقيدته راسخة في إداء الأمور.

حاجة الطفل الى الثقة بالنفس:

حسب قول علماء النفس والمربون ان الطفل سيكون هو الأب في المستقبل، ويجب ان يخوض غمار الحياة وينجح في ذلك. ولا يمكن ابعاده عن بناء شخصيته وعن العوامل المساعدة على تطوير الحياة. وهو أيضاً بحاجة الى هذا الأمر ولا بد من تربية هذا الجانب لديه.

ومثله كمثل الآخرين فهو بحاجة الى ان يعتمد على نفسه ويكون قادراً على حل مشاكله ويقدم بنفسه على ازالة العقبات وتأمين احتياجاته. وان يطمئن قلبه الى انه قادر على ان يتقدم في عمله وينجح في حل المعضلات والموانع ومشاكله الأخرى. انه بحاجة الى ان يتخلص تدريجياً من التبعية لأبويه، ويقيم علاقاته مع الآخرين بناء على اساس تشخيصه هو، واعتماداً على فكره وتصحيحه شخصياً. ولو عرض له أمر طارئ يجب ان يكون مستغنياً عن طلب المساعدة من الأب أو الأم، ولو لاحت امامه فضيلة أو صلاح عليه أن يبادر الى اقتناصها بنفسه ويصمم بشكل قطعي على مواصلة الاندفاع. ويستعين في هذا الصدد بغروره وقدراته وامكانياته، ويقدم على الأمور من خلال الاستفادة من الظروف والاوضاع السائدة ويصبح قادراً على المحافظة على نفسه اثناء المواجهات وبخصوص انحرافه عليه أن يكون قادراً على توفير اسباب المحافظة على نفسه والافلات من السقوط الاخلاقي.

الجذور والعوامل:

ما هي جذور الثقة بالنفس؟ فيما يتعلق بهذا الأمر يسود الاعتقاد في اوساط الكثير من علماء النفس بأن هذا الأمر يستمد وجوده من مسألتين أساسيتين:

الأولى: عزة النفس

الثانية: حاجة الطفل الى بعض الآمور والمسائل.

وفيما يتعلق بعزة النفس، فان الاساس في هذا الأمر هو ان الانسان يريد ان يكون فرداً عزيزاً ويتكفل بناء مستقبله وتحديد مصيره. ويحافظ على هيبته وكرامته، ويستغني عن تدخل الآخرين في أموره، ويحافظ على مركزه ومكانته في علاقاته الاجتماعية ويحسب

لنفسه حسابا خاصا.

وأما الاحتياجات فلا بد ان نقول بان الطفل يدرك عملياً بأنه سيضطر لا محالة الى قضاء احتياجاته وتأمينها، وتوقعه بتأمين احتياجاته من قبل الغير لا يتيسر له في جميع الاحوال. إذ تصادف بعض الأمور في الحياة لا يتسنى فيها للأبوين ان يلتفتا الى طلباته، أو يمكنهم ذلك ولكنهم لا يبادرون الى تأمينها لبعض الاسباب. أو قد يحدث ان يؤمنون له حاجة ما ولكن تحت ضغط انضباطي لا يطاق بحيث ان تحمل ذلك بالنسبة له صعب للغاية.

ولهذا السبب فانه يرجح ان يعتمد على نفسه ويتكل عليها. ويرى لنفسه شأناً وأهمية، ويفكر بنفسه فقط فيما يرتبط بالمسائل الحياتية وشرع بتحرك معين بالاعتماد على نفسه. ان هذا الأمر ان لم يكن من الممكن ادراكه من قبل الطفل في صغره، فانه سيصبح قابلاً للدرك والفهم تدريجياً.

أهمية ذلك بالنسبة لحياة الطفل :

ان وجود الثقة بالنفس بالنسبة للطفل يحظى بأهمية استثنائية. إذ ان نسبة نجاح أو فشل الطفل في حياته الحالية والمستقبلية يمكن ان نعرفها والوقوف عليها من خلال نسبة الثقة بالنفس والاعتماد عليها التي اعطيناها للطفل. لانهم طالما لم يصبحوا افراداً معتمدين على انفسهم ارتبطوا بغيرهم تلقائياً وأصبحت حياتهم في كل الاحوال كحياة شجرة العنب إذ انتصبوا على اقدامهم بالاستناد على قامة الاخرين والقوا ثقل حياتهم على اكتاف الآخرين.

ان حياة الطفل ستكون حياة تافهة لا اعتبار لها ان لم نربه على امتلاك الثقة بنفسه والاعتماد عليها. ان هؤلاء لا يمكنهم في المستقبل أيضاً ان يعتمدوا على انفسهم ويملكون اموالهم وانفسهم. ولا يأبون الخنوع والاذلال والاضطرار للاستسلام الى ارادة واهواء الآخرين طلباً في البقاء على قيد الحياة. وعلى أي حال فان احتياج الثقة بالنفس يعد في الانسان من اعم المشاكل المرتبطة بالشخصية ومن اعقد مشكلات الافراد النفسية. ان الاطفال الذي يمتلكون الثقة بالنفس يشعرون بانهم من أسعد الافراد، ويمكنهم في كل مرحلة من مراحلة الحياة بل وحتى في المعضلات والمسائل التي تواجههم ان يسحبوا بساطهم من وسط الطوفان.

ضرورته بالنسبة للأطفال :

وعلى هذا الاساس فان وجوده ضروري للأطفال، ويجب على الآباء والمربين ان يهيئوا مقدماته وموجبات وجوده. ان اساس القضية يكمن في ان يتمكن الطفل من توفير الامكانيات اللازمة للحياة من خلال الاعتماد على نفسه وان يسوق نفسه بالتالي نحو السعادة والهدف.

ان الطفل ولغرض ان يخبر الحياة ويزيل الموانع والمشاكل التي يعاني منها، وكذلك لتأمين احتياجاته لا حيلة له سوى الاندفاع في هذا الطريق بما يتناسب وعمره وامكانياته، وكذلك يتناسب مع الظروف والمقتضيات، وان يضيف من خلال تمهيدات الأبوين في هذا المجال على مقدار معرفته وخبرته بالحياة وكذلك على قدراته وروحيته وسعادته. ان هذا الامر ضروري للطفل ولكن لو تأملنا جيداً سنرى انه ضروري للأبوين والمربين أيضاً. لأن الاعتماد على النفس يؤدي بالطفل الى الاستغناء عنهم لحدود بعيدة، ويبادر الى انجاز اعماله بنفسه. وهذه مسألة ايجابية للأبوين لكي يتجه نحو الاهتمام ببرامج وخطط أخرى في هذا المجال. وتجدر الاشارة الى ان هناك ضرورة أخرى إذ يدرك الطفل على أثرها بقيمته وأهميته ويعرف نفسه كما ينبغي .

فوائده بالنسبة للطفل :

إن التطرق إلى ذكر فوائد الاعتماد على النفس يمثل في الحقيقة تكملة لبيان اهميته وضرورته للطفل. ومن فوائده للطفل انه يتمكن في ظله وبالاستناد اليه ان يضع لنفسه برنامجاً واضحاً لغرض نموه وتطوره ويندفع الى الأمام بوعي واطلاع كافيين.

والفائدة الأخرى ان الاعتماد على النفس يولد لدى الفرد طاقة معينة تمكنه من السيطرة على نفسه، وتجعله قادراً على انجاز أعماله وما يتعلق به، بحيث يصبح بإمكانه ان يطور اعماله وبرامجه. كما ان الاعتماد على النفس يمثل أهم مسند للإنسان بحيث يتمكن الانسان ان يرى لنفسه شأناً ويحسب لها حساباً ويخمن تطوره ونجاحه. وعندما يمتلك الانسان الاعتماد على النفس فان امكانية التفكير ستكون اكبر وسلامة الافراد وهدوءهم من حيث التفكير ستكون اكثر. وتلاحظ عليهم سلامة الروح ونمو ونضوج الشخصية بشكل أكثر وضوحاً ولا يشعرون بالثقل والضغط في انجاز الاعمال. وستكون المواقف المتخذة لردود الفعل مناسبة اكثر.

ان الاعتماد على النفس يمثل في الحقيقة ذخيرة للفرد يمكنه في ظلها الاستعانة بها في حالات الاضطراب والصعوبات، وخلال العوز والاحتياج ويضمن نتيجة لذلك نجاحه في هذا الأمر.

وأخيراً عندما يمتلك الفرد الاعتماد على النفس يزداد توقعه بنفسه عن الغير، ويتقرب من نفسه ويبتعد عن غيره، ويزيل تدريجاً ركوده وضعفه بل وحتى يصل تدريجيا الى مرحلة ينال معها افضليته وتفوقه، ويتحكم بنفسه وبمصيره أيضاً .

فقدان الثقة بالنفس :

ان الاطفال وبشكل عام الافراد الذين يفتقدون الى الثقة بالنفس سيتعرضون الى مخاطر واضرار كثيرة يمكن ذكر بعضها كما يلي :

* التبعية الشديدة للآخرين، إذ سيمهد ذلك الارضية للاعتماد على الغير في الصالح والطالح، ويكون في بعض الاحيان مضراً .

* عدم امكانية اتخاذ القرار المناسب والصحيح، إذ يؤدي هذا بحد ذاته الى عجزه عن الوصول الى نتيجة بناءة وايجابية.

* ظهور الاضطرابات في الحالات الصعبة والشديدة اثناء الحياة إذ يتزامن ذلك باضطراب في الاخلاق والسلوك والعمل.

* ظهور الركود والتوقف في الحركة والسرعة والسلوك، لكونه يبتلي بنوع من الدوار في الاستعانة وطلب العون من الغير.

* ظهور الحالات العصبية المقرونة بالاختلالات وسوء الخلق.

* الشعور بالنقص والضعة في نفسه وبالشكل الذي لا يبدي معه أي استعداد للدخول والاقدام على أي عمل.

* الشعور بالوقوع في الأسر والسجن في الحياة قبل ان يسجنه الغير.

* التطور في الامور بصعوبة ومشقة غير قابلتين للتحمل، وبالشعور بالإرهاق والتعب الغير مبرر، لأنه غير قادر على ان يعرف كيف يتصرف والى أي نتيجة يصل.

* عدم الاقدام على انضاج نفسه ونموه، وانتظار الآخرين ليأتوا ويأخذوا بيده ويعينوه.

* واخيراً فان الطفل الذي يفتقد الى الاعتماد على النفس بمنزلة الطفل اليتيم الذي فقد ملاذه وملجأه .

اسباب عدم الثقة واليأس :

لدينا حالات كثيرة نواجه فيها حالات عدم ثقة الاطفال وحتى يأسهم من أنفسهم. اذ لا يمكنهم ان يحسبوا لأنفسهم شأناً أبداً أو اذا أقترح عليهم أمر لا يقدمون عليه بلهفة وسروره ويمكننا ان نذكر اموراً كثيرة بشأن علل واسباب هذا الامر سنشير الى بعض منها فيما يلي:

١- الايحاءات المغلوطة للأبوين مع الطفل بأنك تافه، ولن تقدر على انجاز هذا العمل ولا تمد يدك الى هذا الامر...

٢- حالات التوبيخ الشديدة والمقرونة بالتشبيه للموارد التي تعرض فيها الطفل للفشل في امر معين أو لم يحقق فيه النجاح المطلوب .

٣- الشعور بعدم الكفاءة الناجم عن مواجهة المسائل والامور في بعض الموارد وفيما يتعلق بحالته الاجتماعية.

٤- عدم امكانية ممارسة الاستقلال والتمرن عليه وخاصة بسبب ان الابوين جعلوا منه فرداً تابعاً شديداً التبعية وعملوا على تأمين احتياجاته بشكل مفرط .

٥- عدم توجيه استخدام طاقاته لأن أحداً لم يقم بتوجيهه ويعاني هو من الفشل في هذا الامر.

٦ـ الامراض المتكررة والمؤلمة، دون دواء أو علاج اذ توجد الاهتزاز والتزلزل في كيان الفرد تلقائياً ويجعله سيء الظن بنفسه.

٧- عدم وجود مصدر للثقة والاعتماد للطفل ليتمكن ان يوفر له الحماية في الملمات.

٨- الانتقادات المعيبة والشديدة لأعمال الطفل دون ان يجد الثناء والتشجيع في المواد الجيدة من الحياة.

٩- اعمال التحقير، والتمييز، واللامبالاة، والابعاد إذ أنها تدفع الطفل الى التفكير بأنه فرد غير كفوء.

10ـ شعور بعدم وجود أي أثر لأعماله الصادقة والصحيحة عندما يتعلق الأمر بذكر حقيقة معينة أو بيان حادثة معينة.

الاعتماد على النفس من أي سن :

عادة تظهر حالة الاعتماد على النفس لدى الطفل منذ ان يدرك وبشكل كاف كيف يجب ان يعمل على ان يكون منسجماً ومتطابقاً مع الظروف والاوضاع الموجودة وبأي صورة. ونشاهد مظاهر هذا الأمر لدى الاطفال حتى قبل سن الثالثة من العمر، ولكن يبدو ان تجلي ذلك بشكل اكبر يبدأ من حدود السنة الثالثة وخاصة في نهاية هذا العمر، وهو السن الموسوم بسن ظهور الشخصية.

وبحدود هذا السن نلاحظ ان الطفل يقف أولاً ازاء الابوين ويتخذ بوجههم موقفاً، وتجيب بكملة لا أمام طلباتهم ويبدأ باتخاذ المواقف السلبية. وثانياً يصر على متابعة أعماله بحزم ويندفع بمزيد من الاستقلال والحرية في هذا الطريق. وبالرغم من ان هذه الحالة من الممكن ان تخلق للأبوين مصاعب معينة إلا ان التجارب اثبتت انه يجب ان ينظر الى هذه الحالة بأنها علامة ايجابية بشأن نموهم، سيما وانها تساعد على خلق اجواء الاعتماد على النفس والاستقلال.

ان مسؤولية الأبوين ثقيلة بهذا الخصوص إذ ان مسألة ظهور الطفل كشخص يتسم بالاعتماد على النفس أو بالترديد والظنون تتعلق بما فعلناه له في هذا المجال، وكذلك في مجال قضاء احتياجاته وكم وفرنا له من الحماية والدعم في اداء أعماله، وقبل ان يستولي عليه اليأس احياناً كم هيّأنا له من الفرص والامكانيات لحل مشاكله.

سبل ايجاده :

محور الحديث الآن يتمثل في كيفية قيامنا بخلق حالة الاعتماد على النفس لدى الطفل أو نقوم بتقوية الارضية الموجودة لديه. وفي هذا المجال توجد لدينا بعض الطرق ومنها اسلوب الايحاء للطفل بأنك قادر على الايفاء بهذا العمل أو أن تنجح في اداء الاعمال.

* التخطيط لإنجاز المهاراة العملية، والتخلص من النقص وعدم الكفاءة بحيث يصبح لديه معلوماً بأنه قادر انجاز أمر ما.

* التمهيد لكي يذوق طعم حصيلة اعماله وجهوده بأفضل وجه .

* التمارين الرياضية تخلق الارضية الازمة لتحقيق النجاحات وبالنتيجة الاعتماد على النفس.

* تشجيع الطفل للاندفاع نحو عمل ما بحيث نطمئن الى انه سينجح في ذلك العمل.

* مدح الطفل والثناء عليه لإشباع غروره واعتزازه عندما يبدأ بالاعتماد على نفسه.

* الاعتماد على ذكائه وقدراته في السيطرة على نفسه واداء الأعمال وسعيه الى التفوق على المسائل والمشاكل.

مقدمات ايجاد الاعتماد على النفس :

من العناصر المهمة التي تلعب دوراً في خلق الاعتماد على النفس الادراك والمهارة في الأمور، قدرة التغلب على الجهل والضعف، والاساس في ذلك ان يعرف نفسه وقدرته العملية، ويقبل بنفسه كما هو، وتترسخ شخصيته وثنائه على اعماله وثقته مردها أنه قد أدى اعماله بشكل صحيح.

وفي هذا المجال من الضروري ان نقلل قدر المستطاع من الكشف عن عيوب الطفل على الملأ وان كان هناك نقص أو خطأ في عمله فيجب ان لا نعيره بذلك بل يجب أن نحاول سراً ومن خلال التوجيهات الاصلاحية والنصائح الخيرة ان نقول له بأنك قد ارتكبت خطأ وانحرافاً .

ومن المقدمات الأخرى للاعتماد على النفس امتلاك البرنامج في الحياة والنظم في الأمور بأن تكون جميع اعماله في الحياة منظمة، وتتم على اساس ضوابط معينة. احملوا الطفل قدر المستطاع على الكشف عن قابلياته وقدراته ومعرفتها بحيث يقدم على اتخاذ المواقف بناء على هذا الاساس. وعليه ان يدرك موجبات نجاحه، ويندفع الى الامام بوعي واقتدار إذ ان الاعتماد على النفس سيتحقق في ظل ذلك فقط.

وفي بعض الموارد تجدون في البيت ان احد الاطفال يريد أن يقول لوالديه كلاماً معيناً ويظهر وجوداً معيناً لنفسه. إلا ان الوالدين يكبحونه بلا تأني وفوراً، ولا يعطوه الفرصة ليبدي وجهة نظره. وبالنتيجة سيصبح فرداً جباناً وخجولاً ويشرع بإخفاء اعماله وممارساته، والأهم من كل ذلك انه سيفقد اعتماده على نفسه.

مسؤوليات الابوين :

يتحمل الآباء مسؤوليات استثنائية فيما يتعلق بخلق الثقة بالنفس وبناء الطفل وقد تبدو بعض الامور أحياناً بانها تافهة ولا أثر لها إذ ان الغفلة عنها تتسبب في الحاق الضرر بشخصية الطفل وبالتالي علاقته بنفسه، ولدينا حالات كثيرة في هذا المجال؛ منها عدم قبول الطفل، والاهمال في حمايته ومساندته.

ان طريقة التعامل مع الطفل في البيت تعتبر من العوامل التي تخدش اعتماد الطفل وثقته بنفسه. كما في حالة اقفال جميع الدواليب والصناديق في البيت؛ إذ تعبر هذه الاعمال بحد ذاتها عن فقدان الثقة أو عدم السماح لمشاركة الطفل في أمور البيت يسبب الخطأ والزلل الذي ارتكبه الطفل احياناً اثناء اداء واجبه فقط.

وينبغي لكل تصرف يقوم به الأبوين تجاه الطفل ان يصب في مسار خلق الثقة بالنفس وتقويتها، وتساعد على توفير موجبات نموه واستقلاله أكثر فأكثر. ويجب ان لا يراودنا الخوف من تصرفات الطفل البريئة وحالات سقوطه على الأرض وان لا يخلق ذلك الخوف والقلق لدى الطفل لان ذلك يؤدي الى الحاق الضرر بثقته بنفسه. ولا تضطروا الطفل مطلقاً الى التوسل بالكذب لكي يحصل على ثنائكم ومدحكم له؛ إذ ان ذلك يعتبر من العوامل المهمة جداً في الحاق الضرر بالثقة بالنفس. واعملوا دائماً على خلق هذه الاجواء لدى الطفل بأن يقوم بوزن قدراته، ويقيم نقاط ضعفه وقوته دون تحيز، ويقدم بالتالي على اتخاذ المواقف والعمل على قدر قدراته وامكانياته.

ان التدخل في شؤون الطفل واخضاعه للمراقبة ليس أمراً غير مطلوباً، ولكن - أن يكون بالحد الذي لا يؤدي الى الاستبداد أولاً، ولا يزيل ثقة الطفل بنفسه ثانيا .

علامة الثقة بالنفس لدى الطفل :

الاطفال الذين يمتلكون الثقة بأنفسهم يتسمون بصفات وخصائص معينة ، منها :

* يحرصون على انجاز اعمالهم بأنفسهم ويحاولون التقليل من طلب المساعدة من الآخرين.

* لا يعانون من الترديد والتلكؤ في انجاز اعمالهم وبرامجهم، إذ يلجأون فيها مباشرة وبكل جرأة.

* لو تعرضوا للهزيمة والفشل خلال مسيرة حياتهم لن ييأسوا، ويحاولون استئناف مسيرتهم ويحققون النجاح.

* ولا يحاولوا مطلقاً ان ينالوا السعادة عن طريق مدح النفس والتظاهر، والفخر والتكبر.

* ولغرض اثبات شخصيتهم ومكانتهم لا يلجأون الى اسلوب اهانة وتحقير وذم الآخرين.

* لا يصرون كثيراً على ضرورة تبعيتهم للآخرين، ولو اطلقنا ايديهم لن يضروا انفسهم.

* يتقبل شخصيته كما هي ويتجنب النزاع والجدال مع نفسه .

* ولو اسندت اليه مسؤولية معينة في حدود مقدرته، لن يهرب منها ويحاول بجهده وقدرته ان يتقبل ذلك ويوصلها الى هدفها.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.