المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27
لا تعطِ الآخرين عذراً جاهزاً
2024-04-27
الإمام علي (عليه السلام) والصراط
2024-04-27
تقديم طلب شطب العلامة التجارية لمخالفتها شروط التسجيل
2024-04-27
تعريف الشطب في الاصطلاح القانوني
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الطفل بحاجة الى المعاشرة والرفقة  
  
873   11:21 صباحاً   التاريخ: 13-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص387ــ400
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

من ميول الانسان الاجتماعية انه يريد ان يقيم مع الآخرين الارتباط ويجعل حياته مرتبطة ومتعلقة بالآخرين. ومهما يكن الانسان منزوياً ومنطوياً على نفسه إلا انه مع ذلك بحاجة الى الاختلاط والمعاشرة لغرض تأمين حوائجه ويقيم العلاقة مع مجموعة من الناس.

وبالإضافة الى تأمين احتياجاته الفردية والاجتماعية فانه يحتاج في حياته الاجتماعية الى ان يحب الآخرين ويحبونه، ويعتبر هذا الامر بحد ذاته عاملاً وسبباً لتقوية هذه الارضية ومن أهم ضرورات الحياة وعدمه يمثل نوعاً من الحرمان للإنسان.

حاجة الطفل الى الحياة الاجتماعية:

ان مطالعة حياة الطفل تشير أيضاً الى انه يميل ومنذ الشهر الرابع من العمر الى الاستئناس بالآخرين ، والارتباط بهم ويجد لنفسه صاحباً وأنيساً. ويلعب مع الآخرين ويمتلك فرداً أو افراداً كأصدقاء ومعاشرين له. إذا ان الوحدة مؤلمة بالنسبة له لدرجة انه إذا لم يجد والدته الى جانبه يلجأ الى البكاء والنحيب.

ان حاجة الطفل الى الأنيس والمعاشر تصل الى الحد الذي لو كان في حالة البكاء وأخذ بأحضان الآخرين سيسكت ويهدأ أو عندما يرى الطفل والدته في حال وحدته فانه يتهيج ويظهر سروره وفرحه. ويطلق الاصوات، ويضحك، ويرفرف بيديه لكي يجد نفسه الى جوارهم.

ويسعى فيما بعد ومن اجل ان يكون مقبولاً وسط الجماعة ويستأنس بهم من خلال اتباعه ضوابط الجماعة الى ان يكسب موافقة ورضا الجميع ويبقي علاقاته معهم على أساس الضوابط المتعارف عليها. وهذا الامر سببه ان الطفل يبدو وكأنه يحب ان يكون دائماً مع الجماعة وفي وسطها، ويهرب من الوحدة، ويرى ان المعاشرة والارتباط مع الآخرين يعد عاملاً من عوامل نموه وصيانة نفسه وتحقيق سعادته.

جذور ومنشأ هذه الحاجة :

وفيما يتعلق بجذور ومنشأ هذه الحاجة لا بد من القول بوجود آراء مختلفة يمكن الاشارة لها بهذه الشأن، إذ ان طائفة عظيمة من الفلاسفة واصحاب الرأي، ومن يليهم من علماء النفس، وبالاستناد الى نظرية افلاطون يقولون ان الانسان اجتماعي الطبع بذاته ويرى ان يكون وسط الجمع والمجتمع. وينظم حياته على هذا الاساس، ويقولون ايضا ان الانسان مدني الطبع.

ويقف بازاء هذه الطائفة علماء الاجتماع إذ يقولون ان الانسان بذاته ليس اجتماعياً ، بل بالاكتساب وعن طريق تعلم العادات وادراك مسائل حياته يصبح اجتماعياً فيما بعد ، وللأسباب التالية يميل الى الحياة الاجتماعية:

ـ ويشعر بالسعادة من العيش مع الآخرين.

ـ وله احتياجات معينة ليس قادراً على تأمينها بمفرده .

ـ ويجعل حياته اكثر غنى ورفاهية.

ـ اعتاد على ذلك الوضع وتلك الحالة.

ـ يريد ان يخرج نفسه من الوحدة.

ـ وبحاجة الى المواساة والرفيق والمدافع عن مصالحه.

وخلاصة القول، سواء قبلنا بالنظرية الثانية تبقى المسألة الوحيدة التي لا يمكن انكارها ان الانسان يجب ان يرى نفسه وسط الجماعة ويتعاون معهم ويصاحبهم، ويتفاعل مع الآخرين. ويشعر باللذة والسرور بمصاحبته للغير وهذه الحالة موجودة لدى جميع الافراد.

فوائدها وأهميتها :

الحياة الاجتماعية ضرورية للطفل، ولها أهمية وفوائد كثيرة. منها انها تخرجه من حالة العزلة والانزواء وتهيىء له موجبات النمو والحياة الانسانية. ويتمكن في ظل الحياة الاجتماعية ان يوافق نفسه مع الظروف والعوامل المختلفة، ويدرك أهمية المعاشرة مع الآخرين ويفهم كيف يحيا.

ان المحيط الذي يتسم بوجود العلاقات الانسانية فيه يعد محيطاً مناسباً وجيداً للنمو. إذ تتفجر القابليات فيه، وتتوفر فيه الارضية المناسبة لتحمل المسؤوليات الاجتماعية ، وتنتظم فيه العلاقات الاجتماعية بين افراده ، وتتضح فيه مفاهيم المواساة، والتعاون، والتقليد، والمنافسة بجميع جوانبها وابعادها للطفل.

وفي ظل الحياة الاجتماعية يكتشف الانسان اسلوب الحياة اللائقة، ويبعد نفسه عن السلبيات الاخلاقية ، كالضغينة ، والحسد ، وبذاءة اللسان ، وسوء الظن ، وينقذ نفسه من الكثير من المخاطر والاعراض كالحياء، واستصغار شأنه ، والانزواء ويصبح قادراً على ان يشعر بشخصيته وسط الجماعة، وان يعطى شيئاً للآخرين أو يأخذ عنهم شيئاً، حسناً كان أم سيئاً.

المخاطر الناجمة عن فقدانه :

ان قيمة وأهمية المعاشرة والحياة الاجتماعية تتضح اكثر عندما يزول هذا الوضع عن الانسان. ونعلم أن أكبر صور التعذيب للمسيئين هي الحياة في السجن وبخاصة في الزنزانات الفردية. وهناك لا يفقد الانسان اي شيء، سوى انه يفقد حياته الاجتماعية ومعاشرته للآخرين فقط .

وقد اظهرت التحقيقات التي اجريت بشأن الافراد المتوحشين والذين حرموا من الحياة الاجتماعية والمعاشرين من البشر انهم لم يكونوا قادرين حتى على التكلم والنطق، ولم يمتلكوا اسلوب البشر في الاكل والشرب، حتى ان دفاعهم لم يأخذ طابعاً انسانياً .

ان الافراد المحرومون من المعاشرة والحياة مع الجماعة ينكفؤون وينزوون تدريجاً ويحرمون عن انماط وآداب وتقاليد الحياة الانسانية بل وينسون الحياة الانسانية. وتعتبر الكآبة والحزن من الموارد التي تلاحظ بكثرة في حياة هؤلاء الافراد.

ظهور هذه الحاجة ومراحلها :

مشغول بنفسه حتى ان الهمهمات واصوات الجماعة والعيش وسط الناس بالنسبة لهم امر مزعج. وعملياً يتسم بحالة الهروب من الجماعة وحتى انه غير مستعد ان يرى والده الى جواره أو ان يشعر بدفىء حنانه.

وبحدود نهاية الشهر الثالث يظهر عليه شعور الحاجة الى الانيس والمعاشر المواسي ويريد أن يتفاعل معهم بنحو آو آخر ويكشف عن مشاعره في هذا المجال وتتسم هذه الحالة بأن لها صفة تدريجية، وكلما ازداد عمر الطفل ازدادت ملامح هذه الحاجة وضوحاً فيه واتسعت دائرة الأنس والتعارف لديها كثر.

وبحدود السنة الثانية من عمره وعندما يصبح قادراً على السير والتكلم بشكل أو آخر. تلوح فيه ظاهرة أخرى إذ يسعى الى الانفصال عن أحضان والدته ويقبل نحو مباشرة ومعاشرة الآخرين. والمجموعة التي يختارها الطفل بعنوان معاشريه محدودة جداً وقليلون بحيث لا يتجاوز عددهم الاثنين أو ثلاثة اشخاص وتستمر هذه الحالة الى السنة الخامسة من العمر.

وفي سنوات العمر من ٦و٧ سنوات يشغل نفسه تدريجياً مع عدد اكبر من رفاقه ويقل شعوره بالحاجة الى معاشرة والديه. وحتى انه يحاول في السنوات من ٦- ١٢ ان يقلل من تقليده لأنماط السلوك لدى والديه ويجعل من اقرانه ومعاشريه اسوة له. حتى في سني الشباب يمكن القول بان اهتمامه بأصدقائه ومعاشريه اكثر من اهتمامه بأبويه ومربيه بعدة مرات.

ويستمر هذا الامر الى آخر العمر بهذه الوتيرة وكلما تقدم الفرد بالعمر يزداد استئناسه بالأصدقاء وتزداد حاجته الى الرفيق والصاحب تبعاً لذلك. لدرجة تتولد لدى الاطفال معها أواصر راسخة من المحبة تربطهم الى بعضهم البعض واحياناً تبقى هذه الاواصر ظاهرة للعيان الى آخر العمر.

العوامل المؤثرة في المعاشرة :

هناك عوامل انسانية كثيرة تؤثر في معاشرة الاطفال ، وبشكل عام في انسجامهم وتأقلمهم مع المجتمع وعلى النحو التالي :

١- الأسرة:

إذ ان لها دوراً اساسياً ومصيرياً في هذا المجال. والبيت هو المكان الذي يتعلم فيه الطفل كيفية معاشرة الافراد ويختار لنفسه في هذا السبيل طريقة واسلوباً خاصين. كما أن لتحمل الوالدين ومزاجهم، والتحدث مع الطفل، ومقدار انسجامهم ورفقتهم تأثير كبير في هذا المجال.

2- المدرسة:

العلاقات الانسانية في المدرسة تساعد على نضوج المعاشرة من جهة والى ايجاد التوازن الفكري لدى الاطفال أيضاً. إذ ان الرغبة في العيش مع الآخرين تشكل جزء من الحياة المدرسية وتنقذ الانسان من حالة الفردية والانزواء، وتحرك الاطفال وتعلمهم الاسلوب السليم في المعاشرة. كما تعلم الطفل كيف يمارس حياته مع الآخرين ويكون رفيقاً وصاحباً لهم.

٣- المجتمع والرفاق المتعاشرين:

قلنا ان الطفل ومنذ أن يقوى على المسير يعرض تدريجياً عن والدته ويتجه نحو أصدقائه ومعاشريه. انه يلعب مع الآخرين وفي هذه الملاعبة يتعلم نمط معاشرة الآخرين والعيش معهم. وتترسخ علاقاتهم الاجتماعية تدريجياً وان اي تغيير يطرأ عليها يصبح سبباً لعدم الاستقرار والتأزم.

٤- مستويات الادراك :

لا بد من القول ان الامكانيات الادراكية للشخص وكذلك مستوى وعيه وادراكه يلعبان دوراً استثنائياً في معاشرة وصحبة الاطفال ونضوج هذا الجانب في شخصية الاطفال. إذ ان ادراك الطفل يعمل على توجيه وارشاد. عواطفه ومشاعره.

ومن الممكن ان يجعل الطفل اسيراً لعواطفه أو يجعله غير آبهاً بها. أو ان يحمل الطفل على استخدام المعاشرة لصياغة وبلورة شخصيته ونموه أو لتدمير نفسه.

الحاجة الى المعاشرة من سنه :

ان ما يمكن ذكره بشأن الاطفال الصغار في مجال معاشرتهم ان الاطفال وحسب سنهم ونموهم بحاجة الى افراد مساوين لهم في العمر ومقارنين لهم في المزاج والمشاعر والحاجة لكي يصبح بمقدورهم توليف حياتهم معهم ومواصلة مسيرتهم. ويشعر الاطفال بالسرور والسعادة نتيجة عثورهم على افراد من سنهم لغرض معاشرتهم ومصاحبتهم. والسبب في ذلك يعود بشكل خاص الى ان الطفل يجب ان يطلع فرداً من سنه على مستوى ادراكه وفهمه ويحصل بالتالي من خلال هذا الاسلوب على نوع من الهدوء والسكينة. كما يريد أيضاً ان يرتب محيطاً مأنوساً تسوده المحبة من خلال هذه المعاشرة. ويحاول ان يفهم صاحبه بما يريد ويفهم هو أيضاً كلام صاحبه. وخلاصة القول ان يعيش معه طفولته.

ومن هذا المنطق فان وجود الطفل الوحيد للعائلة ينظر اليه على أنه خسارة كبرى ويمكن تجاوز هذه الحالة ومعالجتها بولادة الطفل الثاني والثالث. وفي حالة عدم وجود اطفال آخرين مقارنين له في العمر فان مسؤوليته ستتضاعف ويزداد عبئها ويجب عليهم أن يتفاعلوا اكثر مع الطفل ، ويتحدثون معه ، ويلاعبونه ، ويبدون من انفسهم معاملة مناسبة مع الطفل تتناسب مع مستوى ادراكه وفهمه . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من كان له صبي فليتصاب» .

ان علاقة الطفل مع المسنين بالرغم مما تحمله من فوائد ومنافع للطفل وتتسبب في نمو مستوى وعيه إلا أنها تحرمه من حالة ممارسة الطفولة، إذ يمثل ذلك خسارة كبرى لنمو مشاعر الطفل العاطفية. ولو تمكن الابوان ان يكونا صديقين حميمين للطفل ويكلمونه بلغته التي يفهمها ويؤدون حركات تنسجم مع مستوى ادراكه ورغبته فان الطفل سيشعر بالرضا والارتياح.

التعليمات اللازمة في مجال المعاشرة :

وفيما يتعلق بمعاشرة الطفل ورفقته هناك مجموعة من الضوابط والاصول التي يجب ان يتعلمها الاطفال، كما يجب على الآباء اليقظة والحذر في هذا المجال وان ينتهزوا الفرص المناسبة المتوفرة لديهم :

١- تعلم آداب المعاشرة التي لها نمط معين في كل ثقافة ومجتمع وبما يتناسب مع فلسفة الحياة والمذهب الحاكم في ذلك المجتمع. كمسألة السلام والتحية قبل الكلام، ومسألة الاستفسار عن الاحوال، والوفاء بالعهد والقول، المجاملات، الامتناع عن توجيه الاهانة اثناء الكلام، حسن الاصغاء، العلاقات المحدودة، عدم مدح النفس، الامتناع عن المجاملة.

٢- التفاهم والاتفاق عندما يكون هناك مجال للاتفاق، وكذلك امتلاك علاقات ودية مع الآخرين، إذ انها ضرورية للحياة الاجتماعية وتحمل احاديثهم وانتقاداتهم ووجهات نظرهم لك لأنها تمثل ركناً اساسياً في الانسجام والتعايش المدروس بين الافراد. وهناك موارد كثيرة في حياة الفرد نضطر معها الى التنازل للآخرين والانسجام معهم وان نبني مواقفنا في هذا المجال على اساس من الحذر والوعي والطفل مضطر والحال هذه الى تعلم اسلوب و نمط ذلك.

٣- مراعاة حقوق الآخرين وهذه مسألة مهمة، إذ على الطفل ان يدرك طيلة مدة مباشرته ومعاشرته مع الآخرين بان الافراد وفي جميع الظروف والاحوال التي هم عليها لهم واجبات معينة تجاه بعضهم البعض ولا بد لهم من مراعاة ظروف الأخذ والعطاء وبدون مراعاة الأمر فان الحياة الجماعية السليمة غير ممكنة ولا بد للطفل ان يتعلم ذلك.

٤- احترام الانسانية ويمثل هو الآخر مظهراً آخر من مراعاة حقوق وآداب المعاشرة . إذ عليه ان يتخذ موقفه بشكل يستحق معه الحب والاحترام، ويدرك أيضاً بانه في أي الظروف يحصل الافراد على هذا الاستحقاق. ومن موارد الاحترام ان يتحمل افكار ومعتقدات الآخرين، وان يكون ملماً بمسؤولياته وواجباته في هذا المجال.

٥- الاهتمام بمشاعر واحاسيس الآخرين عند المعاشرة واخذها بعين الاعتبار اذ يعد ركناً مهماً في هذا المجال. وبهذا الخصوص هناك موازين معينة تختلف في كل مجتمع عن سواه ونحن مضطرون الى احترام ميول الآخرين، وان نعترف بحقهم في الكلام وابداء آرائهم، وان نراعي ضوابط واصول التعامل ولا بد من تلقين هذه الضوابط للأطفال.

٦- تحمل المسؤولية في الحياة الجماعية وفي التعايش مع الاصدقاء والمعاشرين يمثل ركناً آخر بحد ذاته، حيث قلنا ان الحياة عبارة عن نوع من الأخذ والعطاء ، وكما أننا نستفيد من حصيلة اعمال الآخرين يتوجب علينا أيضاً أن نعطيهم شيئاً من اتعابنا ، ومن هذا المنطق فان الحياة الجماعية والمعاشرة والتآلف بدون تحمل المسؤولية على اساس المحافظة على مصالح الآخرين يعد امراً ناقصاً ولابد ان يفهم ذلك تدريجياً.

٧- وهناك كلام كثير في مسالة التابع والمتبوع. إذ يتوجب على الافراد خلال علاقات المعاشرة والرفقة احياناً ان يكونوا خاضعين لحقٍ مُعترفٍ به للجماعة، واحياناً اخرى يجب عليهم أيضاً ان يدافعوا عن حق معين ويرتقوا به الى مرحلة القبول والتأييد، فأحياناً هم الاعلون والأفضل واخرى هم الادنون والتابعون وقبول هذين الأمرين ضروري للحياة الجماعية ومن شروط الرفقة والمعاشرة.

٨- وهناك موارد اخرى جديرة بالذكر في هذا المجال ايضا منها اعتبار الاصالة للمعاشرة الحسنة ومراعاة الحقوق في الاسرة، امتلاك صفة اللطف والادب في التعامل، الاعتذار وطلب الصفح عن ارتكاب الخطأ. الانسجام والتآلف المدروس والهادف ، مراعاة شؤون الآخرين اضافة الى مراعاة حقوقهم، اعطاء الاهمية للتآلف والمعاشرة و...

الأبوين وانتخاب المعاشر :

ينطوي دور المعاشرين في بناء أو تخريب البناء الاخلاقي والسلوكي لدى الاطفال على أهمية استثنائية جداً ومسؤولية الابوين بهذا الشأن ثقيلة. وما اكثر الاطفال الذين انحرفوا وتعرضوا للفساد والتلوث بسبب معاشرتهم لأفراد سيئين، وعلى العكس من ذلك لدينا افراداً سلموا من المفاسد والخبائث بسبب معاشرة الافراد الصالحين .

من هنا يتوجب على الآباء ان يكونوا حذرين في هذا المجال ويراقبون علاقات الطفل. ويراقبوا اصدقائه، ذهابه وايابه، وسلوكياته واعماله أيضاً. وعلى الأب ان يحذر الطفل عندما تستدعي الحاجة ذلك في اختيار الصديق والصاحب بل وعليه في بعض الموارد ان يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر لدى اختيار الطفل لصديق غير مناسب. وعلى سبيل المثال عليه ان يختار الافراد الذين يرى فيهم الصلاح ويشجع طفله على مصاحبتهم ومعاشرتهم.

ويلعب الآباء دوراً متميزاً في ايجاد العلاقات الانسانية والسيطرة عليها والتوازن في سلوك الاطفال. ومن الاجدر بهم في مجال اختيار الاصدقاء ان يختاروا لأطفالهم الأصدقاء المقارنين لأبنائهم من حيث الظروف الانسانية والعائلية والثقافية والتربية. وعليهم الوقوف على القيمة المعنوية لعلاقات ابنائهم، وان لا يقبلوا باستمرار علاقة ابنائهم مع الاشخاص المجهولين والغير موثوقين بالصلاح، إذ ان الوحدة افضل بعدة مراتب من المعاشرة المقرونة بالفساد.

العمل على توسيع الميول الاجتماعية :

وللآباء وظيفة أخرى أيضاً في مجال ابعاد وجوانب معاشرة الاطفال وصحبتهم، فيجب عليهم العمل على توسيع الميول الاجتماعية للأطفال عن طريق توضيح بعض الطرق له، ومن خلال الملاحظات والايحاءات، وارائة السبل العملية لتوسيع ميولهم الاجتماعية. والاساس في هذه القضية هو ضرورة تشجيعهم على اقامة علاقات الصداقة والرفقة، والتعاون، والمصاحبة والمواساة مع الافراد الآخرين وان ينظروا الى الحياة مع الجماعة كامتيازٍ لهم.

حتى ان الآباء باستطاعتهم تشجيع ابنائهم بأن يختار كل منهم عدة اصدقاء لنفسه، وطبعاً وفق الضوابط التي يحددها الآباء وان لا يكونوا مرغمين على اختيار صديق واحد فقط. وعليهم ان يفهّموا الطفل بأن يكون محباً ليقول الآخرون كلمتهم أيضاً ويدافعون عن حقوقهم وكرامتهم. وان يبتعد عن الاستبداد ، والتزمت بالرأي ، والتكبر.

وهذه الملاحظة مهمة أيضاً في توسيع الميول الاجتماعية ، إذ لابد من الأخذ بنظر الاعتبار التوقعات المشروعة للجماعة ولا بد من الاهتمام بتشريك المساعي والتعاون كركن اساسي. وعلى الطفل ان يدرك ان الشعبية والمحبوبية الاجتماعية انما تتحقق عندما يتسم بالهدوء ، الشرف ، والطاعة وفق منهج الاحترام المتبادل واحترام ومراعاة حقوق الآخرين.

بعض التوصيات والملاحظات :

وفي ختام هذا البحث لا أرى ضيراً من الاشارة الى بعض المسائل الجديرة بالذكر في بناء الطفل عن طريق المعاشرة والرفقة وبشكل مختصر :

١- يجب ان تكون علاقة الطفل ومعاشرته للآخرين في محيط آمن وبعيد عن كل الوان الخوف والفزع وان لا تتسبب في الحاق الضرر بالنفس به.

٢- احياناً تطفو على السطح بعض النزاعات خلال المعاشرة وعلى الوالدين ان يلعبوا دور المصلح الموجه وليس المدافع عن طفله حتى ولو على حساب الآخر.

٣- اعملوا على خلق موجبات التآلف والمعاشرة السليمة لأبنائكم واجتنبوا انفصالهم وانزوائهم ذلك ان الطفل يتعرض للصدمات العاطفية بسبب الوحدة.

٤- هناك بعض الاطفال يتهربون من الجماعة بسبب النقص العضوي لديهم. فاعملوا على فسح المجال امامهم ودفعهم الى المعاشرة من خلال منحهم الجرأة والجسارة وقوة الشخصية.

٥ـ المعاشرة في المحيط المختلط لا بأس به لحين سن التمييز. وبعد ان يصل الطفل الى هذه المرحلة ويبدأ بالتمييز بين عالم الرجل والمرأة المختلف فامنعوا ذلك او على الاقل راقبوا ذلك بشدة.

٦- ان ظروف المحيط الاجتماعي اما ان تكون بنّاءة أو مخربة فأن ظهرت في المحيط الخارجي مشكلة معينة اطلبوا من ابنائكم ان يلعبوا مع الآخرين ويعاشرونهم داخل البيت.

٧- لو اقترنت معاشرة ابنائكم مع الآخرين بالمشاكل والامور المخجلة امنعوهم عن الاستمرار في تلك الصحبة .

٨- واخيراً تصرفوا مع اصدقاء ابنائكم بنفس النوع من التعامل مع ابنائكم وامتنعوا عن التصرفات والاوامر التي تسبب في إهانتهم وتحقيرهم. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف