أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-7-2017
2483
التاريخ: 5-9-2016
2446
التاريخ: 29-7-2017
2134
التاريخ: 17-10-2017
2024
|
عمر بن حنظلة:
اختلف المتأخّرون في توثيق عمر بن حنظلة الكوفيّ العجليّ "أبو صخر" وتضعيفه، فذهب الشهيد الثاني في الدراية والسيد الجزائريّ في غاية المرام والسيد علي الفاني في بحوثه إلى وثاقته بينما قال السيد الداماد في حاشية الاستبصار والشيخ الوحيد والشيخ حسن في المنتقى وولده الشيخ محمد والسيد الخوئي في المعجم بضعفه.
أمّا المتقدّمون فلم يذكره أيّ منهم بجرح ولا تعديل، بل لم يترجمه النجاشيّ ولا الشيخ في الفهرست ولا ابن الغضائريّ ولا الكشّي من قبلهم، ولا العلّامة من بعدهم.
نعم، ترجمه الشيخ في رجاله من أصحاب الباقر (عليه السلام)؟ فقال عمر يُكنّى أبا صخر وعلي ابنا حنظلة كوفيّان عجلیّان" وشبهه قاله في أصحاب الصادق (عليه السلام)، وكان قد سبقه إلى ترجمته البرقيّ في رجاله قائلاً كما قال الشيخ في رجاله.
وممّا تقدم يُعلم أنّ توثيقه يعتمد على قرائن أخرى غير كتب التراجم المعدّة لذلك، ولهذا قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في الدراية: "لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل، لكنّ أمره عندي سهل؛ لأنّي حقّقت توثيقه من محلّ آخر وإن كانوا قد أغفلوه".
وقد نقل عنه ولده الشيخ حسن في المنتقى قوله: "ولكنّ الأقوى عندي أنّه ثقة لقول الصادق (عليه السلام) في حديث الوقت - إذن لا يكذب علينا ـ ".
ثمّ عقّبه بقوله - أي الشيخ حسن -:"والحال أنّ الحديث الذي أشار إليه ضعيف الطريق، فتعلّقه به في هذا الحكم مع ما عُلمَ من انفراده به غريب، ولولا الوقوف على الكلام الأخير لم يختلج في الخاطر أنّ الاعتماد في ذلك على هذه الحجّة" (1).
وقد تبيّنت لك أمور.
منها: أنّ عمر بن حنظلة لم يُوثَّق، كما أنّه لم يُضعَّف.
ومنها: أنّ توثيقه معتمد على الخبر القائل "إذن لا يكذب علينا".
ومنها: أنّ الأصحاب منهم مَن اعتمد الخبر سنداً ودلالةً، ومنهم من أنكره كذلك، وكذا اعتمده بعضٌ سنداً دون الدلالة وآخرون بالعكس، وهذا هو الدليل الأول المعتمد للقول بالوثاقة، ولبيان المطلب لا بأس بشيء من التفصيل فنقول:
روى الشيخ الكليني (رحمه الله) ما عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن يزيد بن خليفة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إذن لا يكذب علينا، قلت: ذكر أنّك قلت: إنّ أوّل صلاة افترضها الله على نبيّه الظهر، وهو قول الله (عزّ وجلّ): {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] فإذا زالت الشمس لم يمنعك إلا سبحتك، ثم لا تزال في وقت إلى أن يصير الظلّ قامة، وهو آخر الوقت، فإذا صار الظل قامّة دخل وق العصر، فلم تزل في وقت العصر حتّى يصير الظل قامتين، وذلك المساء، فقال: صدق (2).
والسند إلى يونس لا إشكال فيه، حيث أنّ محمد بن عيسى اليقطينيّ ثقة بلا إشكال عندنا، وإن كان قد استثناه ابن الوليد من نوادر محمد بن أحمد بن يحيى، حيثما يروي عن يونس والذي هو بن عبد الرحمن الذي لا إشكال في وثاقته، فالسند عندي إلى يونس صحيح، لكنّ الكلام يبقى في يزيد بن خليفة إذ لم يوثّقه أيّ من القدماء، إنّما قال الشيخ في رجاله: إنّه واقفيّ، وقد قيل بوثاقته لرواية أصحاب الإجماع عنه، وليس بتامٍّ، إذ رواية أحدهم عن أيّ من الرواة لا تكشف عن الوثاقة كما بيّنا ذلك في مبحث أصحاب الإجماع.
وأمّا ما قيل من أنّ رواية الكشّي مادحة له فهو صحيح لكنّها ضعيفة بالرفع، وعليه فالسند ضعيف من جهة يزيد بن خليفة.
أمّا دلالة الخبر فقد ذهب بعضهم إلى دلالته على وثاقة بن حنظلة لقوله (عليه السلام): " إذن لا يكذب علينا" وذلك لأنّ التنوين بدل عن جملة أي: إن كان عمر هو الآتي بالخبر فهو لا يكذب علينا، فالخبر دال فضلا عن وثاقته على علوّ مرتبته أيضا.
لكنّه قيل في جوابه: إنّ التنوين وإن كان بدلا عن الجملة إلا أنّه لا يدلّ على عدم الكذب عليهم مطلقا، وإنّما في خصوص هذا المورد، أي "إذن لا يكذب علينا في خصوص الوقت".
وممّا يزيد قوة الاحتمال الثاني هو المورد، فيكون البدل عن جملة "عدم كذبه على المعصومين في الوقت الذي حدّده للصلاة".
فإن تمّ هذا الاحتمال، أو بقي الاحتمال قائما سقط الاستدلال بالخبر لعدم دلالته حينئذٍ على وثاقة عمر مطلقا.
بل قال الوحيد (رحمه الله): "إنّها على الذم أدلّ" وقد يُستفاد ذلك من أمرين، الأول: قوله (عليه السلام) "إذن لا يكذب" فإنّ فيها تعريضا بأنّ عمر كان معروفاً بالكذب، وإلا لماذا نفى (عليه السلام) عنه الكذب إن لم يكن محل تهمة وقدح!
الثاني: تبيان السائل أنّ الجنائيّ بالخبر هو عمر بن حنظلة، وأنّه أتانا عنك بوقت، ثم قال: ذكر أنّك قلت.. "فلو لم يكن عمر محلّ اتّهام لِمَ سأل الإمام (عليه السلام) عمّا أفاده عمر بن حنظلة؟ أي: لو كان عمر محلّ اعتماد كزرارة بن أعين أو محمد بن مسلم لِمَ سأل الإمام (عليه السلام) عنه لأنّه مورد وثوق واطمئنان؟ فالسؤال عادة مع ذكر الاسم إنما يكون لتهمة قائمة فيسأل السائل الإمام (عليه السلام) لدفع التهمة أو إثباتها كما سأل بعضهم الإمام (عليه السلام) عن يونس بن عبد الرحمن، حيث كان محلّ تهمة بالغلو بالمعصومين (عليهم السلام) حيث قال: أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ ولهذا أسقط البعض القول بوثاقة عمر بن حنظلة اعتماداً على الخبر.
والحق يُقال: إنّ الاعتراض على القول باستفادة الوثاقة من الخبر في محلّه، ولا أقلّ من القول بأنّه احتمال قائم فلا يمكن بعد الاستدلال.
الدليل الثاني:
وممّا استدلّ به للدلالة على وثاقته رواية أصحاب الإجماع عنه، فقد روى عنه زرارة بن أعين وعبد الله بن بُكير وعبد الله بن مسكان وصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن، وقد تقرّر عند بعض الرجاليّين أنّ رواية أصحاب الإجماع دليل وثاقة المرويّ عنه، أو لا أقلّ من القول بأنّ رواية محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى والبزنطيّ - هؤلاء الثلاثة - دليل على وثاقة المرويّ عنه وذلك لما أفاده الشيخ في العدّة من قوله: ".. ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلا عمّن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم" (3).
وبغض النظر عن صحّة الدلالة من عدمها يُقال بأنّ أيّا من هؤلاء الثلاثة لم يروِ عن عمر بن حنظلة مباشرة، إنّما روي عنه بواسطة كعبد الله بن مسكان وداود بن الحصين وغيرهما، فيما قيل من رواية صفوان أو يونس عنه في غير محله.
اللّهُمّ إلا أن يُقال: إنّ وجود أحد هؤلاء في السند كافٍ للقول بوثاقة من تقدّمهم كعمر بن حنظلة، لكنّه قول أبعد من البعيد...
الدليل الثالث:
رواية الأجلّاء عنه - ومنهم أصحاب الإجماع – كرواية زرارة وابن مسكان وابن بكير والخزاز وإسماعيل بن مهران وعلي بن رئاب وهشام بن سالم وحريز وغيرهم، فإنه من الصعوبة القول بأن أجلاء الطائفة وفقهاءها يعتمدون الرواية عن الفاسق، وأخذ معالم الدين عنه، ولازم ذلك كون ابن حنظلة ثقة.
ويُقال في جوابه: الأصحّ أن يُقال: بأنّ الطائفة قد أعرضت فعلاً عن عمر بن حنظلة، وأنّ مَن روى عنه من هؤلاء إنّما روى عنه الرواية أو الروايتين، إذ أنّ كلّ تراث عمر بن حنظلة - على ما وصلنا - لا يتجاوز الثلاثين رواية، وما ذكره السيد الخوئيّ من أنّ أخباره تقارب السبعين رواية، إنّما هو مع المكرّر في الكتب الأربعة، وإلا فهي قليلة لا تصل إلى الثلاثين رواية، وقد تتبّعت أخباره منذ ما يُقارب خمسة وعشرين سنة فتبيّن أنّها سبعة وعشرون خبراً لا أكثر - على ما أذكر - وهذا زرارة قد روى عنه رواية واحدة في الوسائل كلّها، وأمّا ابن مسكان فقد روى عنه ثلاثة أخبار، وهكذا، فكيف يُقال معها أنّ الأجلّاء قد رووا عنه، في حين أنّ الرواية قد تحفّ بقرائن الصدور، وكذا يُقال: بأنّه ليس كلّها روى الجليل عن أحدٍ فهو دليل وثاقته، بل من المعلوم أنّ الأجلّاء هؤلاء قد رووا عن الضعاف بل من نصّ الأصحاب على ضعفهم، وما ذلك إلا للقرائن كشهرة الكتاب، أو تعدّد أخباره في مصادر أخرى، أو لكونه خبراً مشهوراً وهكذا، فلو كان ابن حنظلة مقبولاً عند الطائفة لوصلنا تراثه وأخباره كزرارة وابن مسلم وأبي بصير وغيرهم الكثير، فوصول بضع وعشرين رواية دليل الإعراض، والرواية عنه للقرائن لا للوثاقة.
الدليل الرابع:
تلقّي الأصحاب أخباره بالقبول، ولهذا عرفت روايته بمقبولة عمر بن حنظلة، وما قبول الرواية إلا لوثاقة عمر بن حنظلة وليس شيء آخر.
ويُقال في جوابه: إنّ الملازمة ممنوعة كما هو واضح، وقبول أخباره الواصلة إلينا قد يكون لعمل الأصحاب بها وقوّة متنها ودلالتها، لا لمقبوليّة ابن حنظلة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّه ليس لعمر بن حنظلة إلا رواية واحدة عُرفت بالمقبولة وليست كلّ أخباره مقبولة ليُقال: "بتلقي الأصحاب أخباره بالقبول".
قوله (عليه السلام): "اعرفوا منازل النّاس على قدر رواياتهم عنّا" ولمّا كان ابن حنظلة له قدر من الروايات، أو أنّ أخباره ذات قدر وعلوّ شأن كان ثقة. لكنّه يُقال: إنّ الخبر ضعيف بطريقيه - علي بن حنظلة ومحمد بن سنان - إضافة إلى ضعف الدلالة.
وقد تلخّص وتبيّن لك أنّ عمر بن حنظلة قليل الرواية، وقد أعرض القدماء عن تراثه، فلم يصل منه إلا النادر، بل لم يوثّقه أيّ من القدماء، وخبر الإمام (عليه السلام) يشعر بضعفه ومعه لا يمكن القول بوثاقته، والله أعلم بحاله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) منتقى الجمان، ج1، ص37.
(2) وسائل الشيعة، ج4، ص133.
(3) عدّة الأصول، ص 231.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|