أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-02-2015
2091
التاريخ: 19/10/2022
1375
التاريخ: 18-11-2020
1713
التاريخ: 14-11-2014
4701
|
حبر الأمّة وترجمان القرآن وأعلم الناس بالتفسير تنزيله وتأويله تلميذ الإمام عليّ عليه السلام ، وقد بلغ من العلم مبلغاً قال في حقّه الإمام عليّ عليه السلام : "كأنّما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق" (1). ولا غرو في ذلك فإنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد دعا له بقوله : "اللهم فقّهه في الدِّين وعلّمه التأويل" (2) وقال صلى الله عليه وآله وسلم : "ولكلّ شيء فارس ، وفارس القرآن ابن عباس" (3).
ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ، وتربّى في حِجر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ الإمام عليّ عليه السلام ، ومن ثمّ كان من المتفانين في ولاء الإمام عليه السلام.
وكان يراجع سائر الاصحاب ممّن يحتمل عنده شيء من أحاديث الرسول وسُننه ، فكان يأتي أبواب الأنصار ممّن عنده علم من الرسول ، ويستطرق الأبواب لكبار الصحابة ليسأل عمّا يريد. قيل لطاووس (4) : لزمْتَ هذا الغلام يعني ابن عباس لكونه أصغر الصحابة يومذاك وتركْتَ الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قال : "إنّي رأيت سبعين رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا تدارؤوا في أمر صاروا إلى قول ابن عباس" (5).
وله في فضائل أهل البيت ولا سيّما الإمام عليّ عليه السلام أقوال وآثار باقية ، إلى جنب مواقفه الحاسمة ، ويكفيك أنّه من رواة حديث الغدير ، مفسِّراً له بالخلافة والوصاية بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان الإمام الباقر عليه السلام يحبّه حبّاً شديداً ، وقد كُفّ بصره بعد واقعة الطّف ، لكثرة بكائه على مصائب أهل البيت عليهم السلام ، وكانت وفاته سنة (68هـ) (6).
أ- توسّعه في التفسير
لم تمض العشرة الأولى من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلّا ونرى ابن عبّاس قد تفرّغ للتفسير واستنباط معاني القرآن. بينما سائر الصحابة كانت قد أشغلتهم شؤون شتّى ، نراه صارفاً همّته في فهم القرآن وتعليمه واستنباط معانيه وبيانه ، فكان يستطرق أبواب العلماء من الصحابة الكبار ولا سيّما من الإمام عليّ عليه السلام باب علم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وكان يعقد الحلقات القرآنية في مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بأمر من الإمام عليّ عليه السلام.
لكن بموازاة انتشار العلم منه في الآفاق ، راج الوضع على لسانه ونسبت إليه الكثير من الروايات ، لمكان شهرته ومعرفته في التفسير. ومن ثمّ فإنّ التشكيك في أكثر المأثور عنه أمر محتمل.
ب- منهجه في التفسير
أخذ ابن عباس العلم عن الإمام عليّ عليه السلام وتتلمذ على يديه وتلقّى التفسير عنه سواء في أصول مبانيه أم في فروع معانيه. وسار على منهج مستقيم في استنباط معاني القرآن ، ولم يَحد عن منهج السلف الصالح في تفسير القرآن وفهم معانيه.
وحدّد ابن عباس معالم منهجه في التفسير بقوله : "التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ، وتفسير لا يُعذَر أحد بجهالته ، وتفسير يعلمه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلّا الله " (7).
فالقرآن فيه مواعظ وتكاليف يجب على المسلمين معرفتها والعمل بها ، وفيه غريب اللغة ومشكلها ، ممّا يمكن فهمها وحلّ مُعضلِها ، بمراجعة الفصيح من كلام العرب ، وفيه مسائل عن المبدأ والمعاد وفلسفة الوجود لا بدّ من الرجوع في تفسيرها إلى أهل العلم والمعرفة ، وبقي المتشابه ما لا يعلمه إلّا الله أو من أطلعهم الله عليها وهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والصفوة من أهل بيته عليهم السلام.
وعلى ضوء هذا التقسيم الرباعي يمكننا الوقوف على مباني التفسير الّتي استند إليها ابن عباس في تفسيره للقرآن الكريم :
1- مراجعة ذات القرآن في فهم مراداته
إذ خير دليل على مراد أيّ متكلّم ، هي القرائن اللفظيّة الّتي تحفّ كلامه ، والّتي جعلها مسانيد نطقه وبيانه ، وهكذا بالنسبة إلى القرائن المنفصلة (من دلائل العقل..) ، والقرآن فيه من العموم ما كان تخصيصه في بيان آخر ، أو تقييد لمطلقاته ، وليس لأيّ مفسِّر أن يأخذ بظاهر آية ما لم يفحص عن صوارفها وسائر بيانات القرآن الّتي جاءت في غير آية.
ومن هذا القبيل ما رواه السيوطي عن ابن عباس ، في قوله تعالى : {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر : 11] قال : " كنتم أمواتاً قبل أن يخلقكم ؛ فهذه ميتة ، ثمّ أحياكم؛ فهذه حياة ، ثمّ يميتكم فترجعون إلى القبور؛ فهذه ميتة أخرى ، ثم يبعثكم يوم القيامة؛ فهذه حياة. فهما ميتتان وحياتان ، فهو قوله تعالى : {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة : 28] (8).
2- رعايته لأسباب النزول
والّتي لها دورها الخطير في فهم معاني القرآن؛ حيث الآيات والسور نزلت نجوماً ، وفي فترات وشؤون يختلف بعضها عن بعض ، ولولا الوقوف على تلك الأسباب الواردة في شأن النزول لما أمكن فهم مرامي الآيات. ولهذا اهتمّ ابن عباس واعتمد لفهم معاني القرآن على معرفة أسباب النزول ، وكان يسأل ويستقصي عن الأسباب والأشخاص الّذين نزل فيهم قرآن وسائر ما يمسّ شأن النزول.
عن ابن عباس قال : لم أزل حريصاً أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اللّتين قال الله تعالى بشأنهما : { إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا...} [التحريم : 4] حتّى حجّ عمر وحججت معه... فقال : واعجباً لك يا ابن عباس! هما : عائشة وحفصة (9).
وبلغ به الأمر في تقصّيه لأسباب النزول أن يعرف الحضريّ من السفريّ ، والنهاريّ من الليليّ ، وفيم أُنزل ، وفيمن أُنزل ، ومتى أُنزل ، وأين أُنزل ، وأوّل ما نزل ، وآخر ما نزل... (10)
3- اعتماده المأثور من التفسير المرويّ
وهذا واضح من خلال تتبّعه آثار الرسول وأحاديثه ، واستطراقه لأبواب الصحابة العلماء ، ليأخذ منهم ما حفظوه من سنّة النبيّ وسيرته الكريمة ، وقوله : "ما أخذت من تفسير القرآن فعن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام " ، إنّما يعني اعتماد المأثور من التفسير (11).
4- اضطلاعه بالأدب الرفيع
فقد نزل القرآن بالفصحى من لغة العرب ، فما أشكل من فهم معاني كلماته ، لا بدّ لحلّها من مراجعة الفصيح من كلام العرب المعاصر لنزول القرآن.
وكان ابن عباس صاحب ذوق أدبي رفيع وثقافة لغويّة عالية ، فكان يقول : الشعر ديوان العرب ، فإذا خفي علينا الحرف من القرآن ، الّذي أنزله الله بلغة العرب ، رجعنا إلى ديوانها ، فالتمسنا معرفة ذلك منه (12). فقد سُئِل ابن عباس عن قوله تعالى : {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج : 37].
قال : العزون : الحِلَق الرقاق ، وعن قوله تعالى : {إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} [الأنعام : 99] قال : نُضجه وبلاغه ، وعن { الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الشعراء : 119] ، قال : السفينة الموقرة الممتلئة ، وعن {جَدُّ رَبِّنَا } [الجن : 3] ، قال : عظمة ربّنا ، وفي كلّ ذلك استشهد بقول الشعراء (13).
تفسير ابن عباس
هناك تفاسير منسوبة إلى ابن عباس ، منها : ما رواه مجاهد بن جبر برواية حميد بن قيس ، وأبي نجيع يسار الثقفي ، وقد طُبع أخيراً باهتمام مجمع البحوث الإسلامية بباكستان سنة (1367هـ) ، والثاني : تفسير ابن عباس عن الصحابة ، لأبي أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلوديّ المتوفى سنة (332هـ) ، والثالث : تفسير ابن عباس الموسوم بـ " تنوير المقباس " من تفسير عبد الله بن عباس ، في أربعة أجزاء ، من تأليف محمّد بن يعقوب الفيروز آباديّ صاحب القاموس (729 817هـ) (14).
____________________________
1- خلاصة الأقوال ، العلّامة الحلّي ، ج 3 ، ص 19.
2- م. ن.
3- بحار الأنوار ، العلّامة المجلسيّ ، ج 22 ، ص 343.
4- هو طاووس بن كيسان اليماني ، وروي أنّه أدرك خمسين من الصحابة. عدّة الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب السجّاد عليه السلام ، مات رحمه الله تعالى سنة 106 هـ. أنظر : رجال الطوسي ، ج3 ، ص 94.
5- أنظر : الإصابة في تمييز الصحابة ، ابن حجر العسقلاني ، ج 2 ، ص 330 334 رقم : 4781.
6- أنظر : التفسير والمفسّرون ، الشيخ محمّد هادي معرفة ، ج 1 ، ص 198ـ 203.
7- تفسير الطبري ، أبو جعفر بن جرير الطبري ، ج 1 ، ص 26.
8- سورة البقرة ، الآية : 28 ، وراجع الدّر المنثور في التفسير بالمأثور ، جلال الدين السيوطي : ج5 ، ص347 ، دار الفكر ، ط1 ، 1403هـ.
9- الدّر المنثور ، جلال الدين السيوطي ، ج 6 ، ص 242.
10- أنظر : الإتقان في علوم القرآن ، السيوطي ، ج 1 ، ص 51ـ 57 و60ـ 64 ، و68ـ 76 وغير ذلك.
11- أنظر : التفسير والمفسّرون ، الشيخ محمّد هادي معرفة ، ج 1 ، ص 210.
12- م. ن ، ص 212.
13- أنظر : الإتقان في علوم القرآن ، السيوطي ، ج 2 ، ص 56ـ 88.
14- أنظر : التفسير والمفسّرون ، الشيخ محمّد هادي معرفة ، ج 1 ، ص 254ـ 256.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|