أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/12/2022
1364
التاريخ: 5-4-2016
1879
التاريخ: 19-12-2021
5390
التاريخ: 16/11/2022
1432
|
إن معاملة القانون الأجنبي من مسائل القانون اتضح جلية فيما تقدم بما تقطع به نصوص القانون المدني العراقي بان القانون الأجنبي هو قانون يلزم القاضي العراقي تطبيقه طالما اشارت لذلك قاعدة الإسناد ولا يتوقف في ذلك على طلب الخصوم ، وهو اتجاه ص حيح بتقديرنا وينبغي أن يتم العمل به خصوصا وأن الحجج التي اقيم على اساسها مبدأ معاملة القانون الأجنبي معاملة الواقع ، غير منطقية ولا تخرج عن كونها تمسك أعمى بالإقليمية والسيادة فمجرد عبور هذا القانون حدود دولته لا يفقد ص فته الاصلية القانونية ، ويضيف الفقه إلى ما سبق بيانه بان السبب المنطقي من وراء هذه المعاملة غير المنطقية هو الهروب من صعوبة البحث والتحليل للقانون الأجنبي واجب التطبيق من قبل قاضي محكمة دولة قواعد الاسناد(2) . ورغم منطقية معاملة القانون الأجنبي معاملة قانونية الا أن قيام القاضي الوطني بالبحث عن القانون الأجنبي والتثبت منه عملية صعبة وأن العديد من الدول لا تزال تعطي القاضي الوطني سلطة تقديرية تجاه القانون الأجنبي بالبحث عنه وعدم اعتباره ملزم بذلك (2)، خلافا لصراحة تشريعات دول اخرى بالزام القاضي الوطني من اثبات القانون الأجنبي (3).
كما أن الزام القاضي بالبحث عن القانون الأجنبي واجب التطبيق استند في أحد قرارات محكمة النقض الفرنسية على فكرة العدالة باعتبارها الأساس في تطبيق القانون الأجنبي إذ لا يجوز ترك تطبيقه معلقا على ارادة الأطراف من خلال عدم بحثهم عن القانون الأجنبي واجب التطبيق (4) ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى استند على عدم منطقية الحجج التي اسس عليها معاملة القانون الأجنبي معاملة واقع كما اتضح سابقة ونظيف إلى ذلك رد الفقه على أساس اعتبار قواعد الإسناد في قانون القاضي ليست من النظام العام بالقول أن هذه القواعد جزء من القانون وهي ملزمة وعلى القاضي تطبيقها وأن القانون الأجنبي يحتفظ بصفته القانونية طالما صدر من سلطة مختصة ويعامل كقانون في دولته، ولا يجوز قبول فكرة الاقتراض في تمائل القوانين بين الدول من اجل تطبيق قانون القاضي دون القانون الأجنبي كما رأينا في إنكلترا أي يتفوق على الأخير بأسس واهية لان قانون كل دولة يعبر عن نسيج متجانس مكون من حاجات اجتماعية وموروث ثقافي ديني ، وانه ليس من العسير رغم الزمن اللازم للقاضي الوطني لدولة ما التعرف على قوانين اغلب الدول الاخرى وليس جميعها خاصة بعد التقدم العلمي والتكنلوجي , ومن ثم الا يعني أن معاملة القانون الأجنبي واجب التطبيق باعتباره واقعة يتم اثباته من الخصوم من أجل أن يطبق على الوقائع المادية الخاصة بهؤلاء الخصوم الدوران في حلقة فارغة ونتيجة غير منطقية في تطبيق الواقعة على مجموعة الوقائع.
وهذا هو التحول الذي اشرنا اليه والملاحظ في موقف القضاء المصري فقد تبنت محكمة النقض المصري في 6 شباط من عام 1984، معاملة القانون الأجنبي باعتباره قانونا وأن كان غير حاسم كما لاحظناه فيما تقدم وقد سبقتها في ذلك محكمة النقض الفرنسية في عام 1960 والتي وسعت من صلاحية المحاكم بان لها سلطة تقديرية في بحث واثبات القانون الأجنبي واكثر من ذلك إذ عادت محكة التمييز الفرنسية عام 1988 بتوجيه محكمة الموضوع على الحكم بمقتضى نصوص القانون الأجنبي واجب التطبيق والمحددة بموجب قواعد الإسناد وعدم تطبيق القانون الفرنسي بدلا عن ذلك (5) وانضم لذلك قضاء عدد من البلدان بضرورة التزام المحاكم بتطبيق القانون الأجنبي وتبني البحث عنه واثباته طالما اشارت اليه قواعد الإسناد الوطنية (6) ولا يقدح من الأصل القانوني للقانون الأجنبي واجب التطبيق عدم إلمام القاضي به ويبقى علية تطبيقه على ما يثبت الخصوم من وقائع بينهم وفي حال عدم قدرتهم على الاثبات تلك ترد دعواهم ، فالقاضي في كل ذلك يمكنه الاستعانة بالخصوم لا ثبات مضمون القانون الأجنبي، ويشبه بعض الفقه هذه الاستعانة كما الحال بالحكم بالقواعد العرفية إذا يقتضي ذلك اثباتها من قبل الخصوم ولإ يجرد ذلك العرف من صفته القانونية (7) وخلاصة موقف القضاء والفقه أن القانون الأجنبي يعامل على انه قانون وأن المحاكم ملزمة بتطبيق القانون الأجنبي من تلقاء نفسها ولا يتوقف ذلك التطبيق على الخصوم لان ذلك كما حددنا يعطي للأطراف ( الخصوم) حرية اختيار القانون الذي يحكم اهليتهم أو اثار زواجهم أو طلاقهم من خلال السكوت عن المطالبة بتطبيق قانونهم واجب التطبيق لأجل الخضوع لقانون أخر والذي يكون على الأغلب قانون القاضي وينطوي هذا كما توضح على التحايل من قبل الاطراف بنفس الوقت ، ومع هذه الخلاصة يفترض بنا حل المشكلة ونعتقد يتوقف ذلك على مدى افتراض العلم بالقانون من قبل قاضي الموضوع فمن غير الممكن افتراض علم القاضي بالقانون الأجنبي كما هو عليه بقانونه الوطني فان كان العلم الافتراضي للقاضي بقانونه يتحقق من خلال قاعدة نشر القانون بالجريدة الرسمية ، فان هذا الاقتراض بعيدا كل البعد عن العلم بالقانون الأجنبي (8) حتى مع التقدم العلمي والتكنلوجي واتساع دور النشر ووسائل التواصل حيث يبقى للتباعد والتقارب الحضاري والثقافي للدول دورة في ذلك فالمعروف تأثير القانون والقضاء الفرنسي على القانون والقضاء في العراق ومصر تحقق ذلك فرصة للعلم بالقوانين الفرنسية وكذلك الحال بين الدولة العربية (9) ، لكن ذلك لا ينسجم مع الدول ذات التباعد والاختلاف الحضاري والثقافي إذ أن التباعد الحضاري يؤثر سلبا على تحقيق التناسق الدولي فمن العسير على القاضي العراقي أو المصري العلم أو معرفة القانون الياباني أو الصيني مثلا كونها قوانين تنتمي لشريعة قانونية بعيده عن شريعة كل منهما (10) لذلك فان قوانين بعض الدول ادركت هذه الصعوبات وتباينت مواقفها من حيث دور القاضي في الحكم بمقتضى القانون الأجنبي في البحث عنة واثباته، فبينما يلزم القانون الالماني القاضي الوطني بالبحث عن القانون الأجنبي، يمنع القانون الانكليزي القاضي عن ذلك في حين أن القانون الفرنسي يمنح القاضي سلطة تقديرية في اثباته ويقع عليه بيان الأسباب التي دفعته لتطبيق القانون الأجنبي (11) ولا غبار في أن ذلك يعيق تطبيق العدالة ويهية الفرصة لتحايل الخصوم حتى مع فرض تفوق قانون القاضي المصطنع له الاختصاص بالامتناع السلبي عن التمسك بالقانون الأجنبي واجب التطبيق أو أثباته.
_________
1- د. مصطفی کمال ياسين ، كيف يطبق القانون الأجنبي ، مطبعة العاني ، مجلة القضاء ، العدد الثاني ، بغداد، 1957 ، ص 6، ود. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008 ، ص 511 .
2- نص حكم لمحكمة النقض الفرنسية (لا يؤخذ على قضاة الموضوع بهم نزاعة متعلقة بعقد ينطوي على عناصر خارجية دون أن يحتدوا بالاستناد إلى أي قانون أصدروا حكمهم طالما لم يتذرع الأطراف بأي قانون غير القانون الفرنسي في مادة لا تخضع لأي اتفاقية دولية وكانوا يتمتعون بحرية التصرف بحقوقهم في ما يتعلق بهذه المادة اللوز ، مصدر سابق ، ص (14) الفقرة .(2)
3- نص المادة (5) من قانون الدولي الخاص المجري (على المحكمة أو أية سلطة الاستعلام من تلقاء ذاتها عن القانون الأجنبي الذي تجهله .... ويمكنها أيضا أن تأخذ في الاعتبار الأدلة التي يقدمها الأطراف) ونص المادة (5) من قانون الدولي الخاص النمساوي (يجب أن يبحث عن القانون الأجنبي تلقائية) ينظر في تفصيل ذلك د. احمد عبد الكريم سلامة ، الأصول ، المصدر السابق ، ص 513.
4- Cour de cassation, lère Chambre civile, Arrêt n° 140 du 31 janvier 2006, Pourvoi no 04 50.093.
5- التعليق على حكمي الغرفة المدنية في 18، 11 أكتوبر 1988، المجلة الانتقادية ، 1989، ص 277 وما بعدها، نقلا د. عكاشة عبد العال تنازع القوانين دراسة مقارنة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2004 ، ص 376 وينظر في ذلك د. أحمد عبد الكريم سلامه، مصدر سابق ، ص 511، وما بعدها
6- تمثل هذا الاتجاه في المانيا وهولندا وانكلترا وللاستزادة ينظر د. مصطفى كمال ياسين، مصدر سابق ص 7.
7- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، مصدر سابق ، ص 378. ود. أحمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 512.
8- د. عكاشة محمد عبد العال، تنازع القوانين، المصدر السابق، ص 375.
9- المصدر السابق نفسه ، ص 383.
10- د. أحمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، المصدر السابق ، ص 516.
11- حكم محكمة النقض المدنية الفرنسية (يتعين على القاضي الذي يطبق القانون الأجنبي أن يبين الأسباب التي تحمله على . 466 أخ 2006 د 40 ،رقم 1، النشرة المدنية 2006 كانون الثاني يناير 13 ،lتطبيق هذا القانون ) نقض مدنية داللوز ، ، ص (15) آخر الفقرة (2) ، وبنفس السياق ينظر د. سامي بديع منصور ود. عكاشة عبد العال، القانون الدولي الخاص، الدار الجامعية، بيروت، بلا سنة، طبعة 435ود. احمد عبد الكريم سلامه ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 511.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|